عروض مسرح الدولة.. هل تحتاج إلى دعاية وإعلان؟

عروض مسرح الدولة..  هل تحتاج إلى دعاية وإعلان؟

العدد 721 صدر بتاريخ 21يونيو2021

تسويق المنتج المسرحى يعد من أهم المراحل في عملية الإنتاج ومع ذلك  نجده  الحلقة الأضعف في الميزانيات والمخصصات المالية، فبند الدعاية والإعلان هو أقل البنود في المنتج المسرحى. لذلك  من أبرز المشكلات التي تواجه إنتاجنا المسرحى هى التسويق، وقديما كان التلفزيون والجرائد وسائل هامة وذات تأثير كبير في عمليات التسويق، ومع التطور التكنولوجي أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي أحد أهم وسائل الدعاية والتسويق للعروض المسرحية ولكن هل تعد كافيه؟
حول هذه الإشكالية نتساءل: هل ما يقدم من دعاية للعروض المسرحية كاف لاستقطاب الشرائح المختلفة من الجمهور؟ وهل يتوقف الأمر على وجود خطة واستراتيجية واضحة للدعاية والتسويق أم أن جودة المنتج المسرحى وحدها كافية لترويجه؟
قال المخرج سعيد سليمان: مع التطور التكنولوجي أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي أهم الوسائل الرئيسية للدعاية والإعلان عن العروض المسرحية بخلاف الوسائل التي كانت تستخدم قديما مثل الجرائد والتلفزيون وهو تطور زمني من الطبيعي أن يحدث، ولكن: هل هذا كاف للترويج لعروض مسرح الدولة؟ أجاب: لا أجد إجابة شافيه لهذا التساؤل، ولكن كما نعلم المنتج الثقافي لا يقل أهمية عن أي منتج آخر وله رواده، ولدى مقترح مهم وهو توسيع رقعه الدعاية والتسويق الخاصة بالعروض لتشمل قطاعات أكبر منها الشركات والنوادي والأماكن العامة، على أن تكون الدعاية لهذه العروض ليس باسم ممثل أو نجم بعينه، الأمر يعتمد في المقام الأول والأخير على جودة العمل ككل، فهناك عروض أبطالها نجوم ولكنها أقل جودة فنية من عروض شبابية متميزة.
أقل بنود المنتج الفني
الفنان محمد الشافعي مدير دار العرض الأسبق لمسرح العرائس أوضح أن بند الدعاية والإعلان أقل بنود الميزانية، وأنه  يكاد يكون  معدوما. أضاف: قديما كانت تجرى عدة تعاقدات مع مجموعة من شركات الدعاية التابعة للأهرام والإخبار، ويتم توفير مساحات فى المواقع والشوارع، ثم ألغيت إعلانات الجرائد والشوارع، وأسعار إعلانات التلفزيون تعد باهظة لا تستطيع هيئة المسرح ووزارة الثقافة دفعها.
وتابع: هناك تضارب فى مفهوم الإنتاج والدعاية والتسويق في الإدارات المعنية التي يسيطر عليها الموظفون وليس المبدعين، وهو ما يؤدى إلى انهيار العمل الفني الذي أصبح يعتمد فى المقام الأول على الدعاية الداخلية لفريق العمل على وسائل التواصل الاجتماعي.
السلام له جمهوره
فيما أشار الفنان خالد النجدي مدير فرقة المسرح الحديث إلى أن لكل مسرح رواده وأنه فى الدول الأوربية يستمر تقديم العرض المسرحي حتى 500 ليلة، وأن هذا ضمن منظومة عمل متخصصة،  تشارك فيها وسائل الإعلام بشكل مكثف، وأشار النجدي إلي افتقادنا للفضائيات كوسائل للدعاية المهمة بجانب السوشيال ميديا،
وقال: «لا نستطيع أن ننكر أن الدعاية عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي تأتى بنتيجة مثمرة، فعلى الرغم من جائحة كورونا فهناك إقبال كبير على عروض فرقة المسرح الحديث، ومازال هناك قطاع عريض من الجماهير يتابع بشغف واهتمام عروض المسرح، مؤكدا أن مجهودا كبيرا يبذل من قبل القائمين على المركز الإعلامي الذي يغطي جزءا كبيرا من دعاية العروض، وتمنى استمرار العروض لفترات طويلة وهو ما يتطلب تكاتف المتخصصين .
العرائس هي الأقل تضررا
فيما أوضح محمد نور الدين مدير مسرح القاهرة للعرائس أن الفترة الماضية شهدت ترشيدا فى الميزانيات نظرا للظروف الاقتصادية للبلاد وظروف الجائحة. أضاف: ولكن كان مسرح العرائس بعيد بشكل كبير عن هذه المشكلة نظرا لخصوصية هذا المسرح ولأن العروسة هى البطل الذي يستقطب الجمهور، مشيرا إلى أن الجمهور يحفظ مواعيد العروض الصيفية والشتوية، وأن الأمر مستقر فيما يخص الدعاية. تابع:  ولكن هذا ليس كاف على مستوى الحقوق الأدبية لمبدعي العروض الذين يبذلون قصارى جهدهم لتقديم عروض متميزة، ومع ذلك فمسرح العرائس يعد الأقل ضررا في مشكلة الدعاية
استطرد «هناك ضرورة كبيرة لعمل إعلانات في أماكن التجمعات ليعرف الجمهور ما يقدم بمسرح الدولة. وأشاد بفكرة  وجود دعاية داخل مترو الإنفاق، ورأى  أن الأمر ليس كاف، وأن هناك ضرورة لتوزيع الدعاية فى مناطق جغرافية كثيرة تستهدف الجمهور من جميع الشرائح المجتمعية. وأشار إلى أن نسبة إشغال المسارح 50 % نسبة معقولة للغاية للحفاظ على سلامة الجمهور وتغطية تكلفة إنتاج العروض.
الأون لاين لا غنى عنها
وأكد محمود حسن مدير فرقة المسرح القومي للطفل أن الدعاية «أون لاين« تعد أهم الوسائل الدعائية الهامة، نظرا لوصولها لعدد كبير من الجماهير في مختلف الأماكن، موضحا أن فرقة المسرح القومي للطفل قامت بعدة وسائل للدعاية لعروضها تتمثل في وجود صفحة مخصصة للفرقة بعنوان «أصدقاء المسرح القومي للطفل« التى تحظى بعدد كبير من الزائرين بشكل يومي، كذلك وجود بطاقات تحوى جميع البيانات المهمة عن المتفرجين فهي تساعد بشكل كبير فى التواصل معهم وإرسال معلومات حول عروض المسرح، بالإضافة لجولات عروض المسرح القومى للطفل التى ساهمت فى استهداف شرائح مختلفة من الجماهير.
وأضاف: قيامنا بعمل ورشة بالمسرح القومي للطفل أسهم بشكل كبير فى الدعاية للعروض، ولكننا نفتقد بشكل عام البرامج المسرحية التى كانت تحقق رواجا كبيرا، تابع: هناك عدة طرق مبتكرة للترويج للعروض المسرحية منها الصفحات الخاصة بأماكن الترفيه، على سبيل المثال «أين تذهب« التي يصل زائروها إلى 2 مليون زائر، كما أن هناك ضرورة ملحه لتطوير شكل دعاية المسارح «البانرات« وهو ما يجذب الجمهور للذهاب إلى المسرح.
تحديد الشرائح المستهدفة
ورأى المخرج ناصر عبد المنعم أن المنتج المسرحى تخصص له تكلفة إنتاج كبيرة و لا يجد الدعاية التي تسوق له، وهو ما اعتبره مشكلة عامة، ، تتطلب خبراء فى التسويق الإلكتروني، وخاصة شبكة الإنترنت الضخمة التي لها طريقتها فى استهداف الشرائح المختلفة.
أضاف «من المهم عند الدعاية والترويج للمنتج الفني تحديد الشرائح المستهدفة التى يتم التوجه إليها، وهو ما يترتب عليه تحديد المنصات داخل الشبكة الإلكترونية حتى تصل إلي الشريحة المستهدفة، وهو أمر يتطلب وجود خبراء ومنظومة متكاملة تعمل على فكرة تسويق المنتج المسرحى.
ورأى عبد المنعم أيضا ضرورة الترويج للمنتج المسرحى من خلال «الدعاية الجماعية« فى الجامعات والمدارس والشركات والنوادي وأماكن التجمعات، وشدد على ضرورة زيادة الميزانيات الخاصة بالدعاية لأنها لا تقل عن أهمية الإنتاج نفسه، حيث تضع عملية الإنتاج على المسار الصحيح.
واستطرد: «جزء أساسي من تسويق المنتج الفني أن يكون مدروسا ويلبى احتياجا معينا لدى الجماهير، فمن الممكن أن تكون هذه الاحتياجات مجموعة من الجماليات فكلما مس المنتج الجمهور ولبى احتياجه كلما أقبل عليه بشكل كثيف، والأمر قائم على جودة المنتج نفسه، وهو ما يجب أن يضعه في الاعتبار القائمون على المواسم المسرحية. وأشار عبد المنعم  إلى أن هناك جمهور لكل مسرح، يذهب إليه لثقته فيه وليس للعرض فقط،
وأشاد عبد المنعم بفكرة الدعاية عن طريق الأفيشات في المترو حيث تستهدف عددا كبيرا من مختلف الشرائح ويتم مشاهدتها بشكل جيد يحقق آثرا كبيرا بخلاف الأفيشات التي يتم وضعها فى الميادين لأنها باهظة التكاليف و مردودها مساو لوسائل أخرى أقل تكلفة.
قاعدة بيانات
محمد فاضل خبير التسويق الإلكتروني قال: «هناك أربعة نقاط يجب العمل عليها لضمان نجاح الدعاية والتسويق الخاص بالعروض وهي: زيادة المخصصات المالية وميزانية الدعاية، ضرورة تحديد مواعيد العروض منذ بداية العام «خطة طويلة المدى«، عمل قاعدة بيانات لجمهور المسارح، ووجود حجز أون لاين.
وفيما يخص المخصصات المالية للدعاية قال إن هناك ضرورة بالغة لزيادتها خاصة  للعروض التي لا تتخطى 10 آلاف جنيه، وهو ما يحتاج إلى تغيير اللوائح والبنود الخاصة بالدعاية في الميزانية حتى تصبح المعادلة 50 % إنتاج 50 % تسويق،
أما عن تحديد مواعيد فتح العروض فقال إنه يشكل أهمية بالغه فى الفترة الزمنية الخاصة بالدعاية للعرض المسرحى، حيث إن مردود أى دعاية يستغرق مدة لا تقل عن أسبوع أو أسبوعين بأقصى تقدير، وعلى الصعيد الإداري أكد على ضرورة الحصول على الموافقات الخاصة بالعرض  قبل بدء الدعاية بفترة كافية. ورأى ضرورة توفير حجز «أون لاين« على صفحات البيت الفني خاصة أن هناك جمهورا من محافظات و أماكن سكنية بعيدة لا يجد مكانا في المسارح وهو ما يتسبب فى عزوف بعض الجماهير عن مشاهدة العروض المسرحية، أما عن النقطة الرابعة وهو عمل قاعدة بيانات لجمهور المسارح فقال: كنت أول من بادر بهذا الأمر لما يمثله من أهمية كبرى فى تحديد الشرائح المستهدفة من الجمهور.
بينما قالت هدى صبحي مدير عام العلاقات العامة بالبيت الفني للمسرح: «الجرائد وسيلة غير مجديه للدعاية في وجود وسائل التواصل الاجتماعي التي تعد أقل كلفة، وقد أصبحت الصفحات الممولة من الوسائل الهامة في الدعاية والترويج للعروض المسرحية التى تستهدف شرائح مختلفة من الجماهير. وأشارت إلى أهمية  جودة العرض المسرحى نفسه كعنصر فى استقطاب الجماهير، واعتبرتها الأساس فى الترويج له، حتى وإن خصصت دعاية بمئات الجنيهات .
وقال «إن الدعاية في مترو الإنفاق ساهمت فى جذب العديد من الجماهير للمسرح، لأن هناك ملايين يتواجدون بمحطاته لذلك فهى تعد وسيلة أفضل من دعاية الشارع، ودائما أحرص على العمل بالإمكانيات المتاحة، فمن الصعب عمل دعاية على القنوات الفضائية لأنها باهظة التكلفة ولا تتعدى بضع ثوان لا تمكن الجمهور من التعرف على العروض بشكل كاف.  
 وعن كيفية تطوير وسائل الدعاية الخاصة بالعروض قالت: «الاهتمام بالعروض وتخصيص ميزانية جيدة لها مع وجود نجوم  ذلك يسهم بشكل كبير فى الترويج والدعاية لهاكما يجب، وعلينا تحديد ذائقه الجمهور وتلبيتها. فعلى سبيل المثال عرض «قواعد العشق الأربعون «يعد من أكثر العروض التي حققت إقبالا جماهيريا واسعا على الرغم من إن الدعاية الخاصة به هى نفسها في كل العروض، إذن فليست الدعاية هى العنصر الوحيد فى الترويج للعروض، وعندما أقوم بعمل الدعاية عليّ أن أحدد الشريحة الخاصة المستهدفة والمرحلة العمرية .


رنا رأفت