في ندوة المركز القومي للمسرح فى «سيلفي مع الموت» .. مفاجآت كثيرة أهمها نشوى مصطفى

في ندوة المركز القومي للمسرح فى «سيلفي مع الموت» .. مفاجآت كثيرة أهمها نشوى مصطفى

العدد 537 صدر بتاريخ 11ديسمبر2017

أقيمت الأسبوع الماضي على خشبة مسرح ميامي ندوة نقدية حول العرض المسرحي «سيلفي مع الموت» ضمن الندوات التطبيقية التي ينظمها المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، حضر لمناقشة العرض الناقد محمد الروبي رئيس تحرير جريدة “مسرحنا” والناقد جلال الهجرسي، كما حضر من صناع العرض الفنانة نشوى مصطفى والمخرج محمد علام، وحنان مهدي وعدد من النقاد والإعلاميين. أدار الندوة الباحث علي داود.
الناقد جلال الهجرسي وصف العرض بأنه حالة مسرحية مختلفة عما عهدناه من عروض مسرحية، موضحا: في بداية العرض لاحظنا في أن صالة العرض منقسمة إلى قسمين، وكل قسم له طعم مختلف، مع وجود ستارة من اللون الأبيض، وتوقف الهجرسي أمام مجموعة من المفاهيم، منها مفهوم «البرزخ» مشيرا إلى أنه يعني المسافة بين شيئين، هو العالم الوسيط بين عالمي الحياة والموت، وتوقف أمام مفهوم «النفس» مشيرا إلى أن أبسط تعريف لها أنها شأن إلهي، وانها المدبر للجسد والملازم له، هي النور الإلهي. قال إن هذين المصطلحين هما المدخل الأساسي للعرض، الذي يبدأ من التساؤل «أنا مين أنا فين أنا مش عارفني» وهو ما يعبر عن غياب الوعي بكينونة الزمان والمكان، والانتقال من عالم الحياة إلى عالم البرزخ وهو العالم المناسب للمسرح. وفي المقابل، نرى في الخلفية الشاشة التي يتم من خلالها استرجاع عالم المادة وتقوم بتجسيد عدة حالات مختلفة للبطلة، وهي طالبة ثم وهي مذيعة، ومن خلال ذلك يوضح عالم البرزخ، بالإضافة إلى توضيح حالة الحب والتجرد من المادة، لنصل في النهاية إلى الاستنارة، حيث عالم الحياة زائل، بينما عالم الحياة الحقيقي هو ما بعد الموت. أضاف: نلاحظ نداء البطلة «سيدي الموت» وقد تم التعبير عن هذا ببناء محسوب. أشار إلى دور البطلة نشوى مصطفى في هذا البناء، كما أشار إلى دلالة الملابس السوداء الممتصة للضوء، والكتلة المتحركة في تنوع وتضاد، أدائي مع الصور، أشار أيضا حالة التزامن مع صورة الفنانة نشوى مصطفى، معتبرا أن هذا التزامن مفردة من مفردات عالم البرزخ، من حيث هو التفكير في الحاضر والماضي والمستقبل. أما بالنسبة لخطاب سيدي الموت، فقال إن المقصود به مخاطبة خالق الموت والحياة، حيث تقتضي الحكمة الإلهية أن تأتي من الخير إلى اللا خير ثم تعود إليه مرة أخرى، هي بمثابة رسالة إلى المتلقي أن الحياة ليست حياة ولكن الموت هو الحياة الحقيقية، تابع: العرض يوضح فكرة الموت تجريديا والحب تجريديا، ولكن في النهاية يأخذنا العرض من الموت المجرد إلى موت عدد من المشاهير والفنانين الدكتور مصطفى محمود وبعض الشهداء ومن الفنانين النجم محمود عبد العزيز والنجم أحمد ذكي وآخرون، وأنهى حديثه بأن العرض يقوم بعمل حوار بين عالمي الموت والحياة.
اما الناقد محمد الروبي فقد استهل كلمته بالقول إنه من عشاق التفاصيل، موضحا أن ميزة النقد أنه يشير للمبدع ويوجهه، أضاف: كتبت في مقالي في جريدة “مسرحنا” عنوانا يختصر الحديث عن العرض وهو «سيلفي مع الموت بوح شخصي لنشوى مصطفى» وأود أن أقول إن العرض قدم لي مفاجئتين وهما أن نشوى مصطفى تقدم مسرحا، مشيرا إلى أنه على الرغم من كونها خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية، فإننا لم نرها كثيرا في المسرح، أما المفاجأة الثانية فهي أن نشوى مصطفى تكتب للمسرح، وتكتب مونودراما أيضا، وهي أصعب أنواع التمثيل حيث يؤديها شخص واحد، عليه أن يقنعني بأن هناك صراعا وهناك آخرين، قال لذلك أكاد أجزم أنها ليست التجربة الأولى، فمن الممكن أن تكون هناك محاولات سابقة، أشار الروبي إلى مفاجأة ثالثة وهي المخرج محمد علام، موضحا: لم أرَ له عروضا من قبل، ولكن من حسن حظي أني شاهدت له هذا العرض وقد اكتشفت أنه مخرج يمتلك حرفية شديدة (حرفجي)، استطاع أن يملأ فراغات النص، فالنص مليء بالفراغات والارتباكات، ولكن علام نجح في إمتاعنا لمدة ساعة من الزمن، وقد نجح المخرج في استخدام حليات إخراجية وهو ما جعلنا نصدق ما تفعله البطلة، إضافة إلى أن نشوى مصطفى ممثلة صادقة وجيدة تنتقل من حالة إلى أخرى بحرفية. تابع الروبي: من أول لحظة قرر صناع العرض أن يتحدثوا عن الموت، فقد تم تشخيصه بالتقاط صورة معه وبعرضها، مشيرا إلى أن أهم ما في النص هو خطاب البطلة مع الموت وهي الركيزة الأساسية في العرض، مضيفا: ومن وجهة نظر تحتمل الخطأ والصواب أرى أنه كان لا بد من الاهتمام بشكل أكبر بهذا الخطاب وبهذه «السلفية» وبتجسيد الموت. وأكد رئيس تحرير “مسرحنا” أن محمد علام ومصطفى التهامي قد نجحا في صياغة سينوغرافيا العرض باستخدام لونين، هما الأبيض الذي يمثل لون الكفن والحياة، والأسود الذي يناقض هذه الحالة وقد لمسنا هذا التناقض منذ اللحظة الأولى وهو ما يؤكد على مقولة إن الحياة أبيض وأسود. ثم أبدى محمد الروبي ملاحظة حيث قال: كان من الممكن أن تظهر بطلة العرض من شاشة العرض، ولكن حالت الظروف الإنتاجية دون ذلك، مشيرا إلى أن مأزق النص كان في البوح الشخصي لنشوى مصطفى كإنسانة، حيث يمزج النص بين حالة نشوى مصطفى وحالات عامة تخص الشخصية الدرامية، وكما سبق وقلت فإن المخرج محمد علام قام بعمل حليات في النص لأنه يشعر بمأزقه، وقد نجح ببراعة شديدة أن يغلف الفضفضة والبوح أو ما نستطيع أن نسميه التداعي الحر الطليق، فيأخذنا من منطقة الملل إلى التشويق، وختم بالقول: سعيد للغاية بالمخرج محمد علام وبالفنانة نشوى مصطفى لأنهما قدما حالة مسرحية جميلة رغم كل تحفظاتي على النص.
نشوى مصطفى بطلة العرض قالت: العرض نجح بوجود المخرج محمد علام، وقد حاولت التواصل مع الكثير من المخرجين لتقديم العرض ولكننا لم نصل إلى وجهة نظر واحدة، ولكن مع أول جلسة لي مع علام استطعنا أن نتفق. أضافت: إنها ليست المرة الأولى لها في الكتابة ولها الكثير من المحاولات في الشعر، مضيفة: عدت إلى الكتابة مرة أخرى بفضل الدكتور ياسر أيوب الذي شجعني على الكتابة، فهو كاتب درامي من الطراز الرفيع وقد التقيت به في السودان في أحد المؤتمرات، وطلب مني أن أحاور الفنان محسن محيي الدين، وبالفعل قمت بعمل الحوار معه بطريقة السيناريو والحوار. تابعت: عرضت على د. ياسر أيوب أن يكتب نصا يناقش فكرة الموت، فكانت نصيحته أن أقوم بالكتابة بنفسي، وأني أكثر من يستطيع الكتابة عن هذه الفكرة، وعرضت النص على الفنانة إسعاد يونس فاندهشت وانجذبت كثيرا إلى الفكرة، كما تناقشت حول النص مع الأستاذ جلال الهجرسي.
قالت نشوى مصطفى: أناقش في النص فكرة إنسانية، وحتى أستطيع أن أصل إلى الحالة فقد كان يجب أن يكون مدخلها إنسانيا، وقد قام المخرج بتكثيف الأفكار، واستطاع أن يفعل ذلك ببراعة شديدة، لأنه ممثل قبل أن يكون مخرجا ذكيا فاستطاع أن يصل إلى لب الموضوع، وهو ما يجعل هناك فرقا بينه وبين أي مخرج آخر لم يمثل، وما يميز المخرج محمد علام أنه يعي جيدا قدرات الممثل الذي يقدم العمل، بالإضافة إلى أنه استطاع أن يقوم بنقل الحالات من حالة إلى حالة أخرى.
وأعرب المخرج محمد علام عن سعادته برأي النقاد، وملاحظاتهم التي وصفها بشديدة الدقة والتفاصيل الهامة، وقام بالشكر للمركز القومي للمسرح على تنظيمه لمثل هذه الندوات التطبيقية، أضاف: الفنانة نشوى مصطفى هي سيدة المونودراما القادمة، ويجب الاستفادة من موهبتها، وقال إنه بصدد تقديم حملة إعلانية ضد الإرهاب، يشارك بها نجوم مصر، وأضاف أن العرض يبعث برسالة هامة وهي أننا إذا كنا على وعي بالموت بشكل صحيح فسوف نجد أنفسنا سعداء، بينما قالت الأستاذة حنان مهدي إن المخرج محمد علام مخرج مجتهد ودءوب وإن الفنان أحمد السيد يملك الجرأة والحس الفني العالي الذي يجعله يقبل على إنتاج مثل هذا العرض. مضيفة أن النقد مكمل للإبداع، حيث ينور مناطق هامة قد لا يراها المبدع، مؤكدة أن النقد إبداع من نوع آخر وأن كتابة الفنانة نشوى مصطفى توضح صورة أضاف المخرج إليها صورة أخرى والناتج صورة إبداعية مختلفة. وأضافت: الفنانة نشوى مصطفى اكتشاف رائع وإضافة للمسرح.


رنا رأفت