مظاهرة حب في وداع «مصطفى سليم»: وداعا يا طيب

مظاهرة حب في وداع  «مصطفى سليم»: وداعا يا طيب

العدد 799 صدر بتاريخ 19ديسمبر2022

في السادس من ديسمبر الحالي انتقل إلى رحمة الله تعالى المبدع الخلوق، الملقب بعاشق المسرح، د. مصطفى سليم، بعد صراع قصير مع المرض، وقد شهدت لحظة الإعلان عن وفاته مظاهرة حزن عمت الأوساط الفنية والمسرحية، وغطت صفحات المواقع الاجتماعي، التي لا تزال تنعيه، وتبكيه، وقد عكست هذه التظاهرة مدى الحب الذي كان يكنه كل من يعرفه له، الأمر الذي يكاد يكون بالإجماع.  
 في هذه المساحة رصدنا الكثير من  تلك المشاعر، وحاولنا أن نقترب أكثر من عاشق المسرح من خلال شهادات أصدقائه وطلابه وكثيرين مما تعاملوا معه وعرفوه عن قرب و صدمهم خبر رحيله، وكان لابد أن نعود أولا لمؤرخ المسرح والمسرحيين، د. عمرو دواره ليمنحنا صورة أكثر قربا وشمولا ...
ثلاثون عامًا من الأخوة والصداقة والزمالة
قال الناقد والمؤرخ المسرحي د. عمرو دوارة: ما أقسى اللحظات التي أمر بها الآن والكلمات والعبارات تأبى أن تتكامل والقلم يعجز عن التعبير عن مشاعر الحزن أثناء محاولتي المشاركة في نعي وتأبين أخي الحبيب وصديقي الغالي وزميلي المحترم د. مصطفى سليم الذي جمعتني معه كثير من المواقف المشرفة والأعمال المشتركة، والأهم منهما الكثير من الطموحات الكبيرة والآمال النبيلة والأحلام السامية التي ارتبطت أغلبها بمجالات الفنون بصفة عامة وبعالم المسرح بصفة خاصة ... وللأسف فقد انتهت جميع تلك الطموحات برحيله المبكر الذي لم يتوقعه أحد ولا رد ولا اعتراض على قضاء الله. إنني أشعر الآن - وككل المسرحيين - بمدى الفراغ الذي تركه هذا المبدع المتميز (كاتب وناقد وشاعر) وأستاذ أكاديمي وأيضا الناشط الثقافي والقيادي والرئيس لبعض المؤسسات والهيئات الثقافية المهمة (رئيس قسم النقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية، مستشار وزير الثقافة لشئون الأنشطة الثقافية والمؤتمرات والمهرجانات، رئيس المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية).
أضاف «دوارة»: أكثر من ثلاثين عاما هي عمر الأخوة والصداقة والزمالة التي جمعتنا، وبالتحديد منذ بداية تسعينيات القرن الماضي حينما حرص بدأبه واجتهاده ونبل سلوكياته على حضور مناقشة رسالة «الماجستير» التي قدمتها بأكاديمية الفنون، وهو نفس الحرص الذي استمر معه لمتابعة مناقشة رسالتي لنيل درجة الدكتوراه مع بدايات الألفية الجديدة، ولكن الفرق خلال تلك السنوات العشر هو نجاحه في الفوز بتلك المكانة بقلبي وبذلك التقدير والاحترام لمنجزه الإبداعي المتميز. ولتستمر بعد ذلك رحلة العمل المشترك من خلال العمل التطوعي بأنشطة وفعاليات ومهرجانات «الجمعية المصرية لهواة المسرح»، ثم من خلال التجوال مع نخبة من الزملاء بمختلف أقاليم مصر للمشاركة بلجان المشاهدة والتحكيم والندوات بالمهرجانات المسرحية التي تنظمها هيئة قصور الثقافة (الثقافة الجماهيرية)، وأيضا ببعض المهرجانات الأخرى للهواة بالمسرح المدرسي والجامعي ومراكز الشباب والفنون وأيضا بعض مهرجانات المراكز الثقافية الأجنبية، وكانت آخر اسهاماتنا معا هي المشاركة باللجنة العليا لملتقي الميكروتياترو الثالث خلال شهري سبتمبر وأكتوبر الماضيين (2022).
خلال تلك السنوات الطويلة لم نختلف على الإطلاق في وجهات النظر وذلك ليس بغريب بل ومتوقع أيضا، وذلك ليس فقط لتقارب الذائقة الفنية بيننا ولكن نظرا للتشابه في التوجهات الفكرية لكل منا، حيث جمع بيننا العشق لقيم الحق والخير والجمال، والإحساس بالمسئولية الاجتماعية وبالدور المنوط بكل منا، وقبل هذا وذاك روح الانتماء لهذا الوطن الغالي، هذا مع ميل كل منا إلى اتجاه اليسار دون تطرف أو تعصب، وذلك بالإضافة إلى التشابه الكبير في كثير من الصفات ولعل من أهمها: العشق الجنوني للمسرح، الجدية والالتزام، الحرص على تحقيق العدالة ومنح كل ذي حق حقه، وتجنب الخلافات الشخصية والمهاترات الجانبية. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن جميع كتاباته النقدية عن أعمالي كانت والحمد لله بالإشادة والتقدير، وذلك بالرغم من اضطراري إلى توجيه بعض الانتقادات الفنية لنص من نصوصه، ذلك النص الذي كتبه سريعا للمشاركة بإحدى المناسبات، وطالبته آنذاك بألا يخضع للمجاملات أو الضغوط مهما كانت لأنها سوف تقلل أو تنحدر بمستوى أعماله ولو بقدر قليل، ونظرا لتأكده من موضوعيتي وإيمانه بأنني قد كتبت ذلك من واقع حرصي على ضرورة احترامه وتقديره لموهبته الكبيرة ومحافظته على المستوى الذي سبق له تحقيقه لم يغضب ولم يعاتبني بل تواصل معي هاتفيا ليشكرني على هذا الإخلاص والحرص والتقدير.
وتابع «دوارة»: الذكريات بيننا كثيرة جدا ومن أهمها: المشاركة بفعاليات الدورات المختلفة لمهرجان المسرح العربي (الذي نظمته الجمعية المصرية لهواة المسرح)، وكذلك المشاركة بندوات عدد كبير من المهرجانات ومن بينها: دورات المهرجان التجريبي، القومي للمسرح المصري، مهرجان شرم الشيخ، بالإضافة إلى التكريم المشترك من عدة جهات ومن أهمها أسقفية الشباب برئاسة نيافة الأنبا/ موسى. وتبقى ذكريات كثيرة عزيزة وغالية تتكامل معا لتؤكد نبل سلوكياته ودماثة خلقه وموضوعيته الشديدة وأمانته العلمية، ومن بينها حرصه على استمرار عضويتي بمجلس إدارة «المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية» طوال فترة رئاسته للمجلس، وإصراره على تكليفي بعمل عدد كبير من الكتب والكتيبات الخاصة برواد المسرح حيث كان يصرح دائما بأنني «المؤرخ المعتمد لدى المثقفين والأدباء للمسرح المصري»، ومن المواقف التي تؤكد أيضا أمانته العلمية أنه بعدما قدمت له بعض المعلومات المهمة أثناء إعداده لكتاب «سناء جميل البصمة المتفردة» قام بذكر ذلك أربعة مرات وتوجيه الشكر لي كمرجع بالمقدمة حيث كتب: «في مقدمة من يجب توجيه الشكر لهم الدكتور/ عمرو دوارة المؤرخ المصري الكبير والمعتمد لدينا، فقد منحني القائمة الكاملة والموثقة لأعمال الفنانة/ سناء جميل المسرحية علاوة على عدد من الصور المسرحية النادرة والمقالات والمقولات الهامة على لسانها وعلى لسان أشهر نقاد المسرح المصري»، وتتوالى مواقفه المشرفة ففي العام التالي يصر على قيامي بكتابة الكتاب التذكاري الخاص بسيدة المسرح العربي/ سميحة أيوب، ويعلنها للجميع: لقد تعددت الإصدارات عن هذه الفنانة الكبيرة ولا يمكنني المغامرة أو تقديم الجديد، والناقد الوحيد الجدير بهذه المسئولية هو د. دوارة خاصة بعدما رشحته بإصرار الفنانة/ سميحة أيوب.
رحم الله الصديق الغالي المبدع مصطفى سليم وغفر له وأسكنه فسيح جناته إن شاء الله جزاء ما أخلص في عمله وسعيه الدائم على الارتقاء بمستوي الوعي والثقافة، وجهاده المستمر لنشر قيم الحق والخير والجمال، والارتقاء بمستويات التذوق الفني والجمالي.
د. عمرو دوارة، اختصنا  أيضا بمعلومات تفصيلية عن المنجز العلمي والفني والإبداعي  لعاشق المسرح د. مصطفى سليم، ومنها:   
د. مصطفى أحمد سليم، أستاذ أكاديمي وشاعر ومؤلف ودراماتورج ، مواليد عام 1970، حصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية – قسم الدراما والنقد المسرحي- عام 1991، كما حصل على دبلوم الدراسات العليا في الدراما والنقد المسرحي عام 1994، حصل على درجة الماجستير في فلسفة المسرح بتقدير إمتياز عام 2002، وذلك برسالة بعنوان «خصائص البنية الدرامية لنص الأوبريت في المسرح المصري»، كما حصل على درجة دكتوراه الفلسفة في الدراما والنقد المسرحي بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى عام 2006، وكان عنوان رسالته «الدلالات الدرامية للنظم الطقسية في الدراما التجريبية”.
وخلال مسيرته الأدبية والفنية شغل عدة مناصب قيادية مهمة من بينها: أستاذ الدراما بقسم النقد، ثم رئيس قسم النقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وكذلك منصب مستشار وزير الثقافة لشئون الأنشطة الثقافية والمؤتمرات والمهرجانات عام 2015، ومن بعده شغل منصب رئيس المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية بوزارة الثقافة عام 2016، ورأس تحرير مجموعة إصدارات المهرجان القومي للمسرح المصري (2018).
له العديد من الإسهامات الإيجابية المهمة والمتعددة لإثراء الفنون المسرحية، ومن أهمها بخلاف مشاركاته الأكاديمية بالتدريس بالمعهد العالي للفنون المسرحية، مجموعة أعماله المتميزة في مجالات الدراسات والأبحاث النقدية والأشعار والتأليف والإعداد المسرحي (الدراماتورج)، وذلك بالإضافة إلى مشاركاته المتعددة كمنشط مسرحي بالندوات ولجان المشاهدة والتحكيم وبعدد من المهرجانات المسرحية.
تضم قائمة إبداعاته كمؤلف مسرحي 55 عملًا مسرحيًّا ما بين تأليف ودراماتورج وأشعار من أبرزها في مجال التأليف: بانوراما فرعونية قدمت بفرقة مسرح الغد من إخراج/ شريف صبحي (1996)، تياترو للبيع للفرقة الغنائية الاستعراضية من إخراج/ سيد خطاب (1996)، لحظات الحب والحرب لفرقة مسرح الشباب من إخراج / خالد جلال (1998)، حلم ليلة نغم لفرقة تحت 18 من إخراج/ سمير الليثي (2000)، أدهم الشرقاوي من إخراج/ مصطفى عبد الخالق (2008)، سلطان الغلابة لفرقة مسرح الغد ومن إخراج/ محمد متولي (2011)، صيف ولادنا من إخراج/ شادي سرور (2015)، ولاد البلد لفرقة المسرح الحديث( شعبة مسرح المواجهة والتجوال) ومن إخراج محمد الشرقاوي (2017)، ألمظ وسي عبده الحامولي لقطاع الفنون الشعبية والاستعراضية من إخراج/ مازن الغرباوي (2021)، وحاليا يتم إجراء البروفات النهائية لمسرحية شفيقة المصرية بالفرقة القومية للموسيقى الشعبية من إخراج/ محمد صابر وبطولة/ محسن صبري وعلا رامي ومنة جلال، وكان آخر أعماله أوبريت «لأن الحلم عاش» الذي افتتحت به الدورة السابعة لمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي.
في مجال عمله كدراماتورج وكتابة الأشعار فقد أبدع في مسرحيات: البخيل لموليير لفرقة المسرح الكوميدي إخراج/ خالد جلال (1999)، محطة هاملت عن وليم شكسبير لفرقة المسرح القومي إخراج / خالد جلال (2001)، ، مغامرات في أعماق البحار لفرقة المسرح القومي للطفل (2001)، هاملت المليون إخراج خالد جلال (2015)، حلم ليلة صيف لفرقة المسرح الحديث إخراج مازن الغرباوي (2015)،  أحمس (2018).
كشاعر وكاتب للأغاني شارك في مسرحيات: الإسكافي ملكا لفرقة المسرح القومي تأليف/ يسري الجندي وإخراج خالد جلال (2008)، يا دنيا يا حرامي لفرقة المسرح الكوميدي تأليف/ متولي حامد وإخراج/ هشام عطوة (2009)،  حمام روماني لفرقة مسرح الطليعة تأليف/ ستانسلاف ستراتيف وإخراج/ هشام جمعة (2009)، السلطان الحائر لفرقة المسرح الحديث تأليف/ توفيق الحكيم وإخراج/ عاصم نجاتي (2010) ، بلقيس لفرقة المسرح القومي تأليف/ محفوظ عبد الرحمن وإخراج/ أحمد عبد الحليم (2011)، روميو وجوليت لفرقة جامعة المستقبل من تأليف/ وليم شكسبير وإخراج خالد جلال (2013).
شارك بإنتاجه الغزير في إثراء المكتبة المسرحية العربية بعدد من الدراسات والأبحاث النقدية  ومن بينها: المسرح والطقوس، أحمد زكي سندباد المسرح المصري، محمد صبحي فارس الفن والفكر، سمير عبد الباقي فارس الكلمة، إمبراطورية نجم، كتاب سناء جميل (مهرجان شرم الشيخ – 2020)، كتاب المسرح المصري 1926 ضمن سلسلة تراث المسرح المصري (2021). مراد منير ضمن مطبوعات الدورة الخامسة عشر للمهرجان القومي للمسرح (2022).

الجوائز
حصل خلال مسيرته الإبداعية على عدة جوائز مهمة من بينها: جائزة الأدباء الشبان عام 1986، درع الأديب الراحل/ محمد تيمور للتفوق في مجالات الإبداع المسرحي عام 1993، كما فاز بجائزة أفضل نص – مركز ثاني - للأطفال عام 2010 بمهرجان الطفل بالفيوم (عن نص قمر الحواديت)، وكذلك على جائزة أفضل أشعار في المهرجان القومي للمسرح الدورة 8 عام 2015 عن أشعار حلم ليلة صيف، وكانت آخر مظاهر التكريم التي حظى بها تكريمه عن مجمل أعماله بمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فى دورته السابعة (2022)،

صديقي وزميلي وابني
وقال د. محمد شيحة، أستاذ بالمعهد العالي للفنون المسرحية قسم الدراما والنقد: كان زميلي وصديقي وابني، كنت أُدرّس له في المعهد أربع سنوات، واتتبعه منذ تخرجه ثم حصوله على الماجستير ثم الدكتوراه، ثم ترقيته في مراحل السلك الأكاديمي من مدرس إلى أستاذ مساعد ثم استاذ ثم رئيس قسم إلى نشاط واسع وكبير جدًا، لم يكن مجرد طالب يدرس في المعهد العالي للفنون المسرحية، ولكنه كان شاعرا في الأساس، اتضحت موهبته في الشعر منذ سنوات عدة واستمر في هذا المجال حتى أصبح يشارك في تأليف عروض ومسرحيات وكتابة أشعار وأغاني للعروض والمسرحيات.
وأضاف «شيحة»: حسب طبيعة دراسته كان مهتما جدًا بالمسرح الغنائي والمسرح المصري بشكل خاص، وساهم بشكل كبير في أعمال الفرقة الاستعراضية وكتابة أغاني وأشعار لها، إلى جانب مشاركاته في العديد من المهرجانات المسرحية، ولجان تحكيم عدة في الجامعات وعلى مستوى الثقافة الجماهيرية، إلى جانب إشرافه على المدرسة الجديدة التي تم إنشاؤها في أكاديمية الفنون، كان متعدد المواهب والأنشطة وطاقة كبيرة .

أحد أعضاء لجنة ترقيته لدرجة «أستاذ»
فيما قال د. عصام الدين حسن أبو العلا أستاذ ورئيس قسم الدراما الأسبق بالمعهد العالي للفنون المسرحية: علاقتي بـه تمتد لسنوات ما قبل التخرج، لقد كنت معيده وهو في الفرقة الثالثة، ثم تزاملنا معًا بعد تعيينه معيدا في القسم، وسرنا معًا على المستويين الأكاديمي الداخلي والمستوى النقدي الخارجي، وكان لي شرف أن كنت أحد أعضاء لجنة ترقيته لدرجة أستاذ.
وأضاف «أبو العلا»: كان طالبا ومعيدا «شاطر» متدينا وخلوقا، أسرارنا كلها نحكيها لبعضنا البعض بحكم صداقتنا، آخر لقاء جمعني به كان  في مستشفى المعادي العسكري، قمت بزيارته أنا وزوجتي، وكان بصحة أفضل عما كان قبل سفره لمهرجان شرم الشيخ، ولم نكن نتصور هذه النهاية السريعة (الحمد الله).

عاش ليعطي دون مقابل
كذلك قالت د نبيلة حسن عميد المعهد العالي للفنون المسرحية بالإسكندرية: علاقتي به بدأت منذ كان طالبا وأنا معيدة، كنا نتعاون معًا، ساعدني كثيرا في امتحانات الدراسات العليا كمساعد إخراج، طوال عمره يعطي طاقة تفاؤل وعلم وتخصص و هو شديد الحساسية في التعامل مع زملائه، مظاهرة الحب التي بدت بعد رحيله  ناتجه من سلوكياته، عمره بأكمله أعطاه للفن والعلم، إخلاصه لعمله وصدقه في كل ما يقدمه كان يميزه بشده، لم يبخل على أي شخص بمساعدة أو فكرة، الكلام عنه لن ينته وإنسانيته وأعماله باقية بيننا.
وأضافت «حسن»: هناك حالة حزن شديدة تسيطر على طلبة المعهد العالي للفنون المسرحية بالإسكندرية، فعند وفاة الأشخاص تتكشف حقيقة المشاعر والعلاقات، والحمد الله مشاعر الحب من زملائه وتلاميذه ومحبيه جميعها مشاعر صادقه، وهي انعكاس لأخلاقه وتفانيه في العمل.
وتابعت «حسن»: بالرغم من حرصي الشديد على متابعة أحوال الطلبة بنفسي، فقد كان  كثيرًا ما  يخبرني بأشياء أشكره عليها ل لفت نظري إليها، فقد كان سط انشغالاته الشديدة يهتم بكل التفاصيل الفنية والدراسية والإنسانية، أما فيمما يتعلق بالميكروتياترو، من 2016 و منذ أن أدخلته مصر، كان د. مصطفى سليم من الأيادي القوية وقد ساعدنا بشدة منذ الدورة الأولى للمهرجان، على مستوى لجان التحكيم والإشراف على اللجان وأيضًا قدم الكثير لمهرجان القراءة المسرحية، كان صديقا ومساندا لكل الفاعليات الجديدة التي تفيد الطلبة، وكان آخر ما يفكر فيه هو استفادته الشخصية .. دائمًا يفكر في ما يفيد الآخرين أولًا.

خلفية والديه الدينية
وقال د. محمد زعيمة أستاذ الدراما والنقد بأكاديمية الفنون: د. مصطفى لم يكن مجرد زميل هو صديقي وجاري، أعرفه منذ أن كان عمره أربع سنوات، أسرتي وأسرته كانوا كأنهم أسرة واحدة، أسرته بسيطة وجميلة لديها خلفية دينية كبيرة، والده الأستاذ أحمد سليم ووالدته كانا نعم الجيرة، وعندما دخل المعهد العالي للفنون المسرحية تعاونا، كنت أسبقه بسنتين، وعندما أصبحنا في مجال واحد أصبحنا أكثر قربًا، حتى عندما سافرت كُنا دائمي التواصل، على المستوى الفني هو فنان مهم، ليس مجرد ناقد أو أستاذ في الأكاديمية، عندما كُنا في مهرجان شرم الشيخ قلت إن المسرح جمعنا أنا ومصطفى على الحب ووحدنا بشكل أكبر، وجعلنا أكثر ترابطا.
وتابع «زعيمة»: مصطفى فنان متعدد المواهب، وما لا يعرفه الناس أننا في «المنطقة» أغلبنا يلعب كرة القدم، وكان هو يلعب مُلاكمة عكس شخصيته تمامًا، فهو رياضي منذ الصغر، وتركها عندما التحق بالأكاديمية، ومنذ المرحلة الثانوية كان شاعرًا، وشرفت بأشعاره في عرض من إخراجي وتأليفي هو «مدد يا عالم»، تم عرضه على مسرح قصر ثقافة قويسنا بالمنوفية في الثقافة الجماهيرية، وهو شاعر مهم جدًا، وكان مغرما بفكرة الأوبريت، من ذلك  عرض «حلم ليلة صيف»، جميعنا تقريبًا تعاونا مع مصطفى، هو متعدد المواهب ودقيق وسريع ومتقن لما يقدمه، وأعماله تحمل لمسات إبداعية مميزة.

أكاديمية الفنون.. ثلاثة أيام «حداد»
د. غادة جبارة رئيس أكاديمية الفنون قالت: نحن في صدمة كبيرة على الرغم من أننا كُنا على علم بأن حالته الصحية كانت سيئة، أكاديمية الفنون والساحة المسرحية والفنية والثقافية فقدت رمزا كبيرا جدًا من رموزها على المستوى الأكاديمي، كما كان محترما وإنسانا راقيا، وكان صاحب أكبر جدول في أكاديمية الفنون، يُدرس في جميع معاهد الأكاديمية، بداية من المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة والإسكندرية ومعهد السينما بالقاهرة والإسكندرية ومعهد الفنون الشعبية، لم يبخل أو يمتنع يومًا عن أي طلب نطلبه منه رغم انشغالاته، إلى جانب رعايته لوالده المريض، وكتاباته النقدية وكونه كان شاعرا مهما.
وتابعت «جبارة»: عندما تم تكريمه في مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي وكأنها كانت حفلة وداع، تحدثنا هاتفيًّا وقال لي: بعد عودتي إن شاء الله سوف اتواجد في الأكاديمية من جديد على كرسي متحرك حتى أستكمل محاضراتي وأكون وسط الطلبة، ولكن المرض اللعين تمكن منه.
وأضافت «جبارة»: الأكاديمية أعلنت الحداد لمدة  ثلاثة أيام على روحه وتم إلغاء كل الفاعليات الفنية خلالها وتفكر الأكاديمية كيف يتم تكريمه عمليًّا، كأن يتم وضع اسمه على إحدى قاعات الأكاديمية أو عمل جائزة تحمل اسمه في المهرجانات التي تقيمها الأكاديمية ، لم نستقر بعد على شكل .

أنجز كتاب «نبيل الألفي» وهو على فراش المرض
قال المخرج مازن الغرباوي رئيس مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي: هو من الشخصيات العظيمة التي كان لها أثر كبير في حياتي على المستوى الفني والإنساني، بداية معرفتي به كانت في مراحل الدراسات العليا وربما قبل ذلك مرورًا بعملنا الاحترافي ومهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي، طوال كل هذه الرحلة لم أجد منه إلا كل خير واحترام وتقدير وإبداع، لقد كان يدعم الكبير والصغير ، تعاونا معًا في أكثر من عمل آخرها العرض المسرحي «ألمظ وسي عبده» تأليفه وأشعاره، وقبله العرض المسرحي «حلم ليلة صيف» الذي حصل من خلاله على جائزة أفضل أشعار في المهرجان القومي للمسرح المصري وكثير من الأعمال الأخرى، آخر لقاء بيني وبينه كان في مهرجان شرم الشيخ، وتكريمه كان أمرا واجبا، وهذا أقل ما نستطيع تقديمه له.
وتابع «الغرباوي»: كان لآخر لحظة يُعلمنا دروسا، أنك تستطيع أن تعطي حتى وأنت على فراش المرض، ناك دروس كثيرة مستفادة من رحلته، خاصة في الفترة الأخيرة من حياته، لقد كان على فراش الموت والمرض ورغم ذلك أنجز كتاب «نبيل الألفي» بامتياز، وعلى الرغم من إنه كان يسير على كرسي متحرك في فترة مرضه الأخيرة، إلا أنه كان لديه إصرار على حضور فاعليات مهرجان شرم الشيخ الدولي، والتواجد في الندوات ويتابعها، كان مخلصا إلى أبعد الحدود ورغم مرضه كتب أشعار الافتتاح والختام، كل ذلك دون أن يسأل أو يفكر في المقابل.

يصعب تكراره
كذلك قالت مدير مهرجان شرم الشيخ الدولي د. أنجي البستاوي المدرس بقسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية بأكاديمية الفنون: هو أستاذ بقسم النقد والدراما بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وأنا دكتورة في قسم التمثيل بالمعهد، علاقتنا كانت منذ أن كُنت طالبة و كان هو أستاذ، طوال الوقت كان داعما ومُحبا لجميع من حوله، الأكاديمية فقدت ضلعا أساسيا وأستاذا كبيرا صعب تكراره، علاقتنا زادت أكثر منذ الدورة الأولى لمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي «وقف» معنا واسمه الكبير وشغله العظيم الإبداعي كان داعما لنا، وكان يتولى رئاسة لجنة الإصدارات، كل عام كان يقدم لنا كتابا عن حامل اسم الدورة ويُشرف على باقي الكتب والإصدارات، وكان متعاونا جدًا، وحتى العام الماضي، كان يحمل على عاتقه مهام الندوات وكان عنصرا هاما وفعالا في المهرجان، وكان مثقفًا واعيًّا.
وتابعت «البستاوي»: لقد شرفت بأنني كنت في لجنة شئون طلاب في المعهد العالي للفنون المسرحية، وكُنا نجتمع كل أسبوعين تقريبًا ونتقابل ونتناقش في ما يخص المعهد، في شهر سبتمبر الماضي بدأ يشعر بألم، وعلى اساس ذلك قام بعمل عملية، اكتشفت شيئا مهما جدًا، لم أرى من هذا «الرجل» أي شيء به سوء، ويشهد الله أنه لم يظلم أحدًا ولم يتخلى عن أحد، العكس صحيح كان دائم العون والمساعدة لجميع من يعرفهم ومن لا يعرفهم، وعندما اقترب موعد مهرجان شرم الشيخ، قبل موعده بشهر تقريبًا بدأ يضغط على الأطباء حتى ينتهي من جلسات العلاج الطبيعي بأسرع وقت ممكن، حتى يستطيع أن يتواجد معنا ، وكان لديه إصرار شديد على تواجده في هذه الدورة، وكأنه يصفعنا جميعًا ويعطينا درسا في الحياة، أن حتى إن كان المتبقي من عمرك ساعات، يجب أن تعيش وتستمتع بهذه الساعات بنفس الشغف والحماس للعمل والحياة.
وأضافت «البستاوي»: إن شاء الله سوف ننشر آخر ما كتب «مصطفى سليم»، وحتى لا يشعر بأي ألم وإرهاق تم نقله في سيارة إسعاف للمطار، وعند وصوله لشرم الشيخ، قمنا بعمل كل الاستعدادات التي توفر له الراحة التامة، حضر الافتتاح والندوات، وقام بعمل مداخلات، ويشهد الله أننا لم نطلب منه ذلك وراحته كانت في المقام الأول، لكن كان لديه إصرار شديد على التواجد والتفاعل رغم مرضه الشديد الأخير، عندما كان يُسلم على أي شخص في شرم الشيخ كان يقول له عبارة واحدة «مبسوط إني شفتك وسلمت عليك قبل ما أمشي».
أول وآخر لقاء بعد 30 عامًا
وقالت د. دعاء عامر أستاذ الدراما والنقد ورئيس قسم علوم المسرح بكلية الآداب جامعة حلوان: علاقتي بـه تعود إلى سنوات عدة، عندما كنت طالبة في المعهد العالي للفنون المسرحية، وكان يسبقني بدفعة، عندما كنت في الفرقة الرابعة تم تعيينه معيدا، وفي هذا العام كنت أقوم بإعداد مشروع تخرجي، ولم يكن هو معيد هذه المادة ومع ذلك كلما كنت أكتب صفحة، كان حريصا أن اقرأها عليه في مكتبة المعهد ونتناقش فيها ويراجعها لي بدقة شديدة، ومشروع تخرجي كتبت له فيه إهداء خاص، لأنه كان له فضل كبير في ذلك، عندما أصبح معيدا، لعب دورا كبيرا كأنه أستاذ كبير يُدرّس منذ سنوات، نصائحه وملاحظاته جميعها كانت في محلها، بعد ذلك سافرت خارج البلاد ولم أره لمدة 30 عامًا، وبالصدفة في سبتمبر الماضي في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، كان لدي كتاب «من الميكرودراما إلى المسرح المضاد» نصوص مسرحية مترجمة من المسرح الألماني، وكانت مفاجأة سارة عندما وجدته في الصفوف الأولى في ندوتي التي ناقشت فيها الكتاب، وبالصدفة علمت أنه من يمنح المحاضرين شهادات التكريم والمشاركة، ونده اسمي لتكريمي وقال «إنها تلميذتي ولكن اليوم تعلمت منها الكثير والكثير»، كان فخورا وسعيدا بما قدمته .. كان متواضعا إلى أقصى درجة.

الفارس النبيل
قال المخرج المسرحي محمد صابر: لقد خسرنا قامة فنية وإنسانية وعلمية، مصطفى سليم على المستوى الشخصي صديق هو (الفارس النبيل)، و على المستوى الإبداعي هو كاتب وشاعر غنائي، احترف طريقا نادرا جدًا، المسرح الغنائي الشعبي، فعند قراءة أو مشاهدة أحد أعماله، تستشعر أنك أمام قيمة كبيرة كـ»بيرم التونسي» أعماله خالدة في الذاكرة، يذكرنا بتيمور وسيد درويش وبيرم، الأعمال ذات القيمة الإبداعية العالية.
وأضاف «صابر»: أكون في مهمة صعبة جدًا عندما اتحدث عن د. مصطفى سليم، وأتشرف بأن آخر عمل من إبداعه سوف يكون من إخراجي، وهو نص «شفيقة المصرية» من تأليفه و سوف يُعلن عن افتتاحه قريبًا، وأسعى جاهدًا وأبذل قصارى جهدي لأصل بهذا العمل إلى أكبر درجات النجاح، حتى يليق لأن يكون آخر أعمال «مصطفى سليم» الإبداعية الذي سيظل باقيا في قلوبنا وفي ذاكرتنا وذاكرة الفن، فإن كان رحل بالجسد فإبداعه باق.
وتابع «صابر»: من سنتين ذهبت لدكتور مصطفى لأني كنت أرغب في أن أُقدم شفيقة القبطية، رحمة الله عليه رحب جدًا بالفكرة، وبدأنا في جلسات العمل، والحقيقة أني أرهقته فنيًّا جدًا، وكعادته كان بشوشًا عاشقا للفن لا يكل ولا يمل، كان مستنيرا ومتسع الصدر ومستمع جيد جدًا، كان مُعيدا وأنا طالب في المعهد، ونشأت بيننا صداقة كبيرة منذ هذا اليوم، ورغم ذلك كان شديد الحياء في التعامل معي، وطوال فترة مناقشتنا للعرض المسرحي، كان يرسل لي رسالة أولًا على الواتساب  قبل أن الاتصال والرسالة تتضمن: «هل الوقت مناسب للاتصال بحضرتك»، يعجز لساني حقًا من مدى إنسانية وأخلاق هذا الرجل الذي يفوقني درجات علمية وإبداعية فهو إنسان بمعنى الكلمة، ومع كل ذلك متواضع إلى أقصى درجة.

رجل المهام الصعبة
فيما قال د. محمد الشافعي مدير مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي: د. مصطفى سليم كان قريبا جدًا من كل الناس، متصالح جدًا مع نفسه، وأعتقد أنه لا يوجد أحد حدث بينه وبين د. مصطفى موقف سلبي، فهو شخص خلوق ومُسالم جدًا، على المستوى المهني كان رجل المهام الصعبة واللحظات الأخيرة، كُنا دائمًا نستعين به في المهرجان التجريبي، في الأشياء التي تحتاج إلى المجهود الذهني وبها ضغط كبير، كُنا نطلب منه أشياء في اللحظات الأخيرة، ونكلفه بمهام تحتاج وقتا ومجهودا كبيرا جدًا، ومع ذلك ينجزها بشكل دقيق جدًا في أسرع وقت، وبدقة شديدة، له بصمات في ندوات المسرح التجريبي، وهو عضو اللجنة التي كانت تختار الأبحاث المُقدّمة في المهرجان، وكُنا نستعين به كثيرًا في كتابة كُتب المُكرّمين، والعام الماضي قدم كتابًا هامًا عن د. فوزي فهمي، وعندما كان في المركز القومي للمسرح كان يُقدم ذلك بشكل دائم ومستمر.
وأضاف «الشافعي»: بعض الأساتذة كانوا يستعينون به في بعض المهام الإدارية السريعة، وكان على المستوى الإداري شخصا سريعا ودقيقا ومتحضرا، وعلى المستوى العلمي له طلبة (تلاميذه) في كل مكان، وعلاقته بالطلبة طيبة وبها أبوة، وعلى المستوى الفني له العديد من الأعمال المسرحية المهمة.
وتابع «الشافعي»: جمعتنا العديد من لجان تحكيم الهيئة العامة لقصور الثقافة، سافرنا معًا أكثر من مرة، وكان دائمًا أخا كبيرا للمجموعة كلها، يرعانا ويهتم بنا، وكان حريصا جدًا على راحة كل من حوله، إلى جانب تشجيعه المستمر للفنانين في العروض، على الرغم أنه من كونه عضو لجنة التحكيم، ولكنه كان يفصل تمامًا ما بين حيادية التحكيم وتشجيعه للشباب دائمًا.

«خالد جلال» جمعنا
وقالت مصممة الأزياء د. مروة عودة: لقد جمعتنا العديد من الأعمال منذ بداية عملي في المسرح، كان دائمًا يتعاون مع ا. خالد جلال، وأنا أيضًا، ومعرفتي به كانت منذ سنوات عديدة، وكنت معه في مهرجان شرم الشيخ، غرفته تكاد تكون في ساحة استقبال الفندق، حتى تكون حركته سهلة ولا يشعر بالإرهاق والتعب، وبالتالي كل الناس تقريبًا كانوا يتحدثون معه ويسألون عليه دائمًا، وفور وصولي ذهبت للاطمئنان عليه، وكان يقول للجميع أنني مجتهدة وأننا كُنا نعمل معًا منذ سنوات عدة، وقلت له ستكون بخير، وسوف نسافر معًا إن شاء الله العام القادم للمهرجان، ونضحك على كل هذه الفترة الصعبة، فنظر لي نظرة لن أنساها، تحمل عبارة واحدة «هل سوف أعيش للعام القادم؟!»، وكأنه كان يودعنا.

رحيلة صدمة كبيرة
وقال الكاتب المسرحي بكري عبد الحميد: صدمة كبيرة، لا رد لقضاء الله، ولكن فقد دُعامة قوية وأساسية في الحراك الفني المصري شيء مؤثر جدًا، و د. مصطفى سليم لم يكن شخصا عاديا، أراه عالما من علماء المسرح الأجلاء، كان مخلصا حقيقيا لعمله ولخدمة الناس، التقينا كثيرًا ولكن أكبر فترة كانت العام الماضي، عندما كان يُشارك في إحدى ورش المهرجان المسرحي الدولي لشباب الجنوب، الذي تُنظمه مؤسسة «سين» للثقافة والإبداع، وكان د. مصطفى شعلة حماس ونشاط، وهو رجل ذو علم وخُلق.
وتابع «عبد الحميد»: كان يتعامل مع طلبة الورشة بكل حب وتقدير، لم يبخل عليهم يومًا بمعلوماته ووقته، كان إنسانا عظيما ومبدعا ومنفردا.
في جنة الرحمن يا صديقي
وكتب المخرج الكبير خالد جلال رئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافي والقائم بأعمال رئيس البيت الفني للمسرح على صفحته الشخصية عبر الفيسبوك: «يا مصطفى يا رفيق الدرب.. الحزن عميق.. رحمك الله وأسكنك فسيح جناته، في جنة الرحمن يا صديقي»، كما نعى رئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافي من خلال المركز الإعلامي للبيت الفني للمسرح، قائلًا: فقدنا صديقا وأخًا مخلصًا وأستاذًا وناقدًا فنيًّا متميزًا، وترك لنا إرثًا فنيًّا ناجحًا، مضيفًا، وقد شاركني بالكتابة والأشعار في العديد من الأعمال التي قمت بإخراجها.
مع السلامة يا صاحبي
كما كتب المخرج د. أسامة رؤوف رئيس مهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما على صفحته الشخصية على الفيسبوك:  «كل الكلمات الطيبات قالوها.. ولم يبق في صدري سوى ما لا تستطيع الكلمات وصفه.. مع السلامة يا دكتور.. مع السلامة يا صاحبي»، كما نعاه مهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما على صفحته على الفيسبوك .
أخي الأكبر وصديقي ومُعلمي
وقال المخرج المسرحي محمد سليم: د. مصطفى سليم هو ابن عمي وابن خالتي في نفس الوقت، وهو بمثابة أخي الكبير، ومن خلاله التحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية، كنت أذهب لحضور عروض مسرحية وهو في المعهد العالي للفنون المسرحية، كنت طفلا صغيرا، عندما أحببت المسرح من خلاله، ومن خلال وجوده في الأكاديمية، بعد حصولي على الثانوية العامة ساعدني في التقديم للمعهد، وكان يُذاكر لي، وتخرجت في المعهد ثم أصبحت مخرجا في البيت الفني للمسرح، «مصطفى» أستاذي وأخي الأكبر، لأنني تربيت في بيته مع عمي وذلك بسبب سفر والدي للعمل في الخارج، وكنت مُقيما معه.
وأضاف «سليم»: أول إخراج لي في البيت الفني للمسرح على مسرح الغد كان من أشعاره و هو «ضحكة أراجوز» تأليف سليم كتشنر وكان دائمًا داعما لي.

الزوج والأب والحبيب.. والده يحسبه عند الله «شهيد»
وختامًا قالت زوجته شيماء الورداني مدير دار عرض المسرح العائم الصغير: هو إنسان معنى الكلمة، شخص لا يمكن وصفه، من النادر أن نُقابل في حياتنا مثله ، كان الأب والزوج والصديق والحبيب، كان دائم الدعم لي ، لم يكن يفكر في نفسه بقدر اهتمامه بنجاحي ودعمي، بكل ما تحمله كلمة «الإنسان» من معان تتلخص في كلمة «مصطفى سليم».
وتابعت «الورداني»: لم أفارقه لحظة واحدة طوال فترة مرضه، أقول لكل الناس «مصطفى» ذهب لمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي حتى يُودع كل محبيه وأصدقائه، ولسبب آخر هو أني فزت بالمركز الأول في مسابقة أبو الحسن سلام للبحث العلمي في المهرجان، فكان هذا سببًا قويًّا لسفره من أجل أن يراني وأنا أتسلم جائزتي ، قال لي نصيًّا «أنا حابب أسافر بيكي علشان أعرفك على الوطن العربي كله وأشوفك وأنتِ على المسرح.. لو مت أكون وصلت بيكي لبر الأمان».
وأضافت: كانت علاقته بي كعلاقة الطفل بأمه، يرغب في وجودي طوال الوقت، الوقت الوحيد الذي طلب أن لا أكون بجانبه، هو وقت احتضاره، قبل وفاته بما يقرب من ثلاث ساعات، كان وداعه لي بكلمات غير مباشرة، طلب أن أتركه حتى لا أرى رهبة هذه اللحظة الصعبة، لقد عاش طوال حياته لإرضاء الآخرين ومساعدة الناس، كان يقول دائمًا «سعادتكم هي سعادتي الحقيقية».
وتابعت «الورداني»: والده «أحمد سليم» متماسك ومؤمن جدًا أن فترة مرض «مصطفى» هي فترة جهاد، وأنه «شهيد»، وهو مقتنع تمام الاقتناع أن ابنه مصطفى «شهيد».


إيناس العيسوي