العدد 705 صدر بتاريخ 1مارس2021
إذا تركنا صنوعاً يعيش حياته في فرنسا بعد إبعاده من مصر، واستمراره في إصدار صحيفته «أبو نظارة»، ومتاجرته بمظلوميته في فرنسا من خلال غلق مسرحه، وإيقاف صحيفته، ونفيه من مصر كما زعم في مذكراته المنشورة في صحفه بفرنسا، وهي الصحف التي صورتها من الدكتورة نجوى عانوس - وكتبت ذلك في كتبي وشكرتها كثيراً على ذلك منذ عشرين سنة - وعندما قرأت هذه الصحف، اكتشفت فيها العديد من الصفحات التي تُعدّ مذكرات صريحة لصنوع، فقمت بتجميعها ونشرتها «كلها» في ملحق كتاب «محاكمة مسرح يعقوب صنوع» في سابقة لم يسبقني فيها أي باحث حتى الآن!! وتتمثل هذه المذكرات في الآتي:
مقالة كتبها صنوع عام 1879 بعد عزل الخديوي إسماعيل. وثلاث محاورات جاءت تحت عنوان «ترجمة حال أبي نظارة بالمخاطبة بينه وبين أبي خليل» عام 1887. وديباجة مدير مطبعة جريدة «أبو نظارة» لسنة 1890 كتبها «غاستون لفبفر»!! وهذه عادة صنوع بأن يجعل عمال مطبعة جريدته وبعض أصدقائه يكتبون عنه، ثم ينشر ما يكتبونه في صحفه! وللأسف الشديد هذا الأمر استغله بعض الدارسين المحدثين فنقلوا ما كتبه هذا المدير «غاستون لفبفر»؛ بوصفه مرجعاً جديداً يُعتمد عليه خارج مذكرات صنوع؛ دون أن يذكروا إن الكاتب أحد أتباع صنوع، وأن ما كتبه عن صنوع، كتبه صنوع بنفسه، ونشره صنوع بنفسه عن نفسه من قبل في صحفه!!
واستكمالاً لصفحات مذكرات صنوع، وجدت مقالة كتبها صنوع بعد وفاة الخديوي توفيق عام 1892 تحدث فيها عن حياته في مصر. ثم وجدت مقالة نشرتها جريدة «الحاضرة التونسية» عن صنوع عام 1896، حيث قامت بنقل أغلب ما كتبه صنوع عن نفسه في صحفه ونشرت هذا في تونس! فقام صنوع بنقلها من «الحاضرة التونسية» ونشرها في صحفه وتفاخر بأن جريدة تونسية كتبت عنه؛ لذلك عدّها الدارسون المحدثون أيضاً «مرجعاً جديداً» خارج مذكرات صنوع، رغم أنها منقولة من مذكرات صنوع المنشورة في صحفه!! وأخيراً وجدت سلسلة مقالات كتبها صنوع تحت عنوان «زهرة من تاريخ وطني الغالي ونبذة من ترجمة حالي» عام 1899 وهي تكرار لمذكراته السابقة مع بعض التفاصيل. وسيلاحظ الباحث الجاد عندما يقرأ مذكرات صنوع في ملحق كتابي «محاكمة مسرح يعقوب صنوع» إنها «كل شيء» عن صنوع معروف ومنشور في «جميع» الكتابات المكتوبة عن صنوع في مختلف أرجاء العالم!! أي أن «يعقوب صنوع» هو «المصدر الوحيد» لكافة المعلومات الواردة عنه في هذه الكتابات!!
إذا تركنا صنوعاً ومذكراته المنشورة في صحفه بفرنسا، ونظرنا إلى ما يحدث في مصر مسرحياً، سنجد الواقع المسرحي يتحدث عن فرقة سليم خليل النقاش التي أدخلت المسرح العربي إلى مصر لأول مرة عام 1876، ثم الحديث عن يوسف الخياط الذي تولى إدارة فرقة النقاش بعد ذلك عام 1877، ثم ظهور فرقة سليمان القرداحي عام 1879، ثم ظهور فرقة سليمان الحداد عام 1881. وعندما شعر «عبد الله النديم» أن أغلب هذه الفرق المسرحية شامية، ولا يوجد بينها فرقة مصرية تعرض مسرحياتها باللهجة العامية المصرية، فكّر في تكرار محاولته المدرسية - عندما عرض مع طلاب المدرسة الإسلامية في الإسكندرية مسرحيتي «الوطن» و«العرب» بالعامية المصرية – وذلك بتكوين فرقة مسرحية مصرية لعرض المسرحيات باللهجة المصرية، وذلك بالاشتراك مع يوسف الخياط، فكتب النديم مع الخياط خطاباً رسمياً إلى الوزير المختص في «نظارة الأشغال العمومية» يوم 13 إبريل 1882. وهذا الخطاب اكتشفته الباحثة «إيمان النمر» عام 2012، ونشرت صورته في ملحق رسالتها للماجستير، وهذا نص الخطاب:
«.. في علم سعادتكم أن فن تشخيص الوقائع التاريخية، وغيرها المسمى بالتياتر من الأسباب المنورة للأفكار المروحة للنفوس. وقد اعتنت به الدول العظيمة سعياً في إحياء أفكار الأمة وتصوير عبارات المواعظ والإرشاد بصورة مشهد الأحوال إلا أن كل أمة اجتهدت في وضع روايات من تاريخها بلغة قومها مع بعض وقائع الأمم المغايرة لها لسهولة الفهم وتمكن الأمة من فهم المقصود من الرواية وإلى الآن لم تشكل فرقة مصرية تتقدم بين الأمة المصرية بلغتها المألوفة واصطلاحاتها المعروفة ولهذا عزمنا على تقديم أربعين ليلة في هذا العام نشخص فيها روايات تناسب الزمان وأهل المكان بالعبارة العربية المصرية في التياترو الفرنساوي الصغير، فإذا وافق تصدر لنا الرخصة من الآن للاستعداد في هذه المدة».
وقبل التعليق على هذا الخطاب، أقول: إن «عبد الله النديم» قدّم في عام 1881 مسرحيتي «العرب» و«الوطن» باللهجة العامية المصرية مع طلابه في الإسكندرية على مسرح زيزينيا، وأن المسرحيتين مفقودتان – إلا من بعض الصفحات المنشورة في كتاب «سلافة النديم» لإحداهما - ورغم ذلك الصحافة سجلت الحدث وكتبت عنه، ولم تكتب عن صنوع الذي قدم مسرحيات باللهجة العامية المصرية كما قال في مذكراته، ورغم ذلك لم تكتب عنه الصحافة ولم نجد توثيقاً لنشاطه المسرحي، سوى ما نقله «كستلي» في جريدة الجوائب!!
وهذه المعلومة أكررها هنا لسبب آخر، وهو أن الخطاب – السابق - الذي كتبه بيده «عبد الله النديم» هو خطاب رسمي إلى «الوزير» المختص بإدارة شئون المسرح في مصر!! أي لا مجال للكذب أو المراوغة من قبل النديم!! ومن هنا تأتي أهمية الخطاب، لأن النديم قال بوضوح: إن مصر حتى تاريخ الخطاب عام 1882 لم تتشكل فيها فرقة مسرحية مصرية تقدم أعمالها باللهجة العامية المصرية! وهذا يعني أن صنوعاً لو كان شكلّ فرقة مسرحية مصرية تعرض أعمالها باللهجة العامية لذكرها النديم في خطابه، لأنه يخاطب «الوزير المختص»!! إلا إذا كان النديم يعلم جيداً – كما يعلم الوزير المختص أيضاً – أن صنوعاً أجنبي، وأن فرقته مكونة من شباب الجاليات الأجنبية، مما يعني أن الفرقة غير مصرية، وأن صاحبها غير مصري، لذلك أراد النديم أن يكون له السبق في تكوين أول فرقة مسرحية مصرية تعرض أعمالها باللهجة العامية!! وما يؤكد هذا الرأي أن عبد الله النديم على معرفة تامة بيعقوب صنوع، وكان معاصراً له، وصنوع كتب عن النديم في صحفه بفرنسا، فلماذا لم يذكر النديم صنوعاً وفرقته المسرحية؛ كونها فرقة مسرحية مصرية كما قال صنوع في مذكراته؟! عموماً وجود هذه «الوثيقة»، أو هذا الخطاب حتى الآن في دار الوثائق القومية، يجدد الأمل أمام الباحثين الجادين لاحتمالية وجود وثائق أخرى تفتح للجميع آفاقاً جديدة في مجال البحث العلمي والتاريخي في هذا الموضوع.
وجهة نظر
هناك رأي يقول إن النديم – وغير النديم من أعلام القرن التاسع عشر – تجاهلوا صنوعاً خوفاً من الخديوي إسماعيل والخديوي توفيق؛ لأن صنوعاً كان يهاجمهما في صحفه المنشورة في باريس! لذلك تجاهلته الصحافة المصرية، وتجاهله جميع من في مصر!! هذه وجهة نظر مقبولة شكلاً ومردود عليها موضوعاً! لأن لو صدقنا صنوعاً بأنه كان على وفاق مع الخديوي إسماعيل في بعض الأوقات والأعوام، ومثال على ذلك فترة مسرحه التي دامت عامين، ورغم ذلك لم نجد «شخصاً واحداً» تحدث أو كتب أو نشر عن صنوع كلمة واحدة، سوى «كستلي» في جريدة «الجوائب» التي تصدر في الأستانة، ولم تتحدث عن صنوع أية جريدة مصرية، رغم أن الموضوع يتعلق بالخديوي نفسه وتنفيذ مشروعه بإنشاء المسرح المصري!!
وإذا تركت فترتي حكم إسماعيل وتوفيق، ووصلنا إلى فترة حكم الخديوي «عباس حلمي الثاني» التي بدأت في يناير 1892، سنجد صحف صنوع تنقلب تماماً من النقيض إلى النقيض، وبدأ صنوع يمدح في مصر وفي الخديوي وينشر صوره في صحيفته، ويقابله عندما زار فرنسا، لدرجة أن صنوعاً قال في صحفه إن الخديوي عباس طلب منه أن يعود إلى مصر!! ومن أمثلة ذلك ما نشره صنوع في صحفه بتاريخ إبريل 1892، قائلاً: «لا ريب من أن الناس قد لاحظت تغيير اعتبار أبي نظارة للأحوال المصرية الحالية. ولا يُقال إن هذا تحويل مشرب أو خروج عن مذهب. بل أحوال الخديوي هي التي أرادته وأملته على ما ينطق به. والذي كان عليه قبل ما كان إلا غيرة منه على وطنه لما كان يراه عليه من أن الوالي آلة في أيدي الغائرين على بلاده. لكن لما رأى أن الوالي الجديد مؤدي ما يجب عليه، ومُجدّ في تحكيم الأمور وإصلاح القطر، قام الآخر بأداء الواجب في تشجيعه حتى يستمر على هذا العزم ويداوم على هذا السداد الذي به، لا شك يصل إلى المقاصد والنجاح». ثم نجد صنوعاً ينشر في صحفه محاورة بعنوان «شهامة عباس»، وينشر لعبة تياترية بعنوان «الخديوي عباس الثاني والنسر الأسود الألماني»، ثم ينشر صورة الخديوي في صدر جريدته أكثر من مرة، ويكتب وصفاً لرحلة الخديوي عباس إلى صعيد مصر، ويخصص عدداً كاملاً من صحيفته لوصف رحلة الخديوي إلى الأستانة .. إلخ ما رصدته وكتبت تفاصيله في كتابي «محاكمة مسرح يعقوب صنوع».
وبناء على هذا الوفاق بين صنوع وبين الخديو عباس، من المؤكد أن الصحف المصرية ستتحدث عن صنوع وريادته المسرحية، عندما تؤرخ للمسرح في مصر في هذه الفترة!! علماً بأن صنوعاً منذ أن تولى الخديوي عباس الحكم عام 1892 ظل موجوداً في فرنساً حتى وفاته 1912!! مما يعني أن أية مقالة ستُنشر في مصر – في تلك الفترة - وتتعلق بتاريخ المسرح المصري، لابد أن تذكر نشاط صنوع المسرحي، بل وتذكر ريادته وتؤكد عليها إن كانت حقيقية!!
أول إشارة وجدناها تؤرخ لبدايات المسرح المصري، كتبها «عبد الله النديم» في مجلته «الأستاذ» مؤرخة في يناير 1893، وبدأها بالحديث عن أولاد رابية وخلبوص العرب، مروراً بالشوام أمثال إسكندر فرح، حتى وصل إلى الشيخ سلامة حجازي؛ دون أية إشارة تُذكر عن صنوع أو مسرحه. وفي هذا المقام لا ننسى أن النديم على معرفة بصنوع منذ عام 1882، عندما تبادلا الأحاديث الصحفية في صحف صنوع نفسه، كما أوضحنا من قبل!! وإن كان مقبولاً تجاهل النديم لصنوع أيام الخديوي توفيق بحجة مهاجمة صنوع له، فغير مقبول أن ينكر النديم صنوعاً ومسرحه أثناء الوفاق بين صنوع والخديوي عباس، إلا إذا كان النديم لا يعرف مسرح صنوع ولم يسمع عنه، أو لا يعده مسرحاً مصرياً لأن من قام به «أجنبي» وفرقته من «الجاليات الأجنبية»!!
وعندما نشرت مجلة «الفرائد» كلمة عن «التشخيص» في يناير 1894، قالت جملة صريحة، وهي: إن «أول من أدخل التشخيص في مصر الشوام»!! وهي جملة واضحة تُشير إلى ريادة «سليم خليل النقاش»، دون أية إشارة إلى صنوع أو مسرحه!! كذلك فعلت جريدة «السرور» في مارس 1894، عندما تحدثت عن بدايات المسرح في مصر من خلال جهود الشوام أمثال سليم النقاش وإسكندر فرح وسليمان القرداحي وميخائيل جرجس، دون أي تصريح أو تلميح لصنوع ومسرحه!
وفي عام 1895 نشر «محمود واصف» مسرحيته «عجائب الأقدار»، وفى مقدمتها قال: «.. إن فن التشخيص بلغتنا العربية لم يدخل إلى بلادنا المصرية إلا منذ عهد قريب على يد طيب الذكر سليم أفندي النقاش صاحب جرائد مصر والتجارة والعصر الجديد والمحروسة، ويد شريكه ورفيقه المأسوف عليه أديب إسحاق. وبعد أن تركاه وانقطعا إلى تحرير جرائدهما تنبهت إليه الأفكار وتحركت الخواطر فقام حضرة الأديب يوسف أفندي الخياط وألف جوقة لتشخيص الروايات بالإسكندرية والمحروسة».
وهذا القول هو أول قول واضح وصريح وقاطع بريادة «سليم النقاش» دون أي ذكر لصنوع أو مسرحه!! علماً بأن قائل هذا الكلام أقرب شخص لنشاط صنوع، وأعرف الناس به وفقاً للمنطق!! فمحمود واصف من مواليد 1849 أي عاصر صنوع ونشاطه، وكان صحافياً مثل صنوع، حيث أصدر جريدة «البريد» عام 1895، ومجلة «الإمام» عام 1903، وكان معارضاً ويكتب ضد السلطة – مثل صنوع – والأهم إنه كان كاتباً مسرحياً مرموقاً، له أربع مسرحيات منشورة، هي: «الأمير حسن، وعجائب الأقدار، ومحاسن الصدف، وهارون الرشيد»! ورغم كل ذلك لم يذكر صنوعاً بكلمة في موضوع المسرح المصري وبداياته!
وفي عام 1896 قال «جرجي زيدان» في مجلته «الهلال» صراحة: «لم يدخل فن التمثيل العربي إلى هذه الديار إلا في أواخر حكم المغفور له الخديوي إسماعيل باشا. وأول من مثّل رواية تشخيصية فيها المرحومان أديب إسحاق وسليم نقاش». وقائل هذا الكلام لا يحتاج مني أن أبين قيمته أو مكانته في الأدب والتاريخ والفن، ولا أشكك في إنه ضد صنوع، لو كان لصنوع أي نشاط مسرحي يذكر، إلا إذا كان زيدان يعلم جيداً بأنه أجنبي ونشاطه يُحسب على نشاط الأجانب والجاليات الأجنبية في مصر. وتأكيداً على ذلك، نشر زيدان في مجلته عام 1905 - أي بعد عشر سنوات - مقالة عنوانها «التمثيل العربي: أصل التمثيل وتاريخه»، قال فيها: «قدم مصر جماعة من أدباء السوريين وكُتابهم وشعرائهم. ومن جملتهم المرحومان سليم النقاش وأديب إسحق وجوقهما فنزلوا الإسكندرية سنة 1876 ومثلوا فيها عدة روايات بمرسح زيزينيا. فسليم النقاش أول من مثل الروايات العربية في القطر المصري».
ومن الطرائف أن مجلة «الشتاء» عام 1906 قامت بتحقيق حول ريادة المسرح في مصر، ومن يكون صاحبها، هل هو سليم النقاش أم يوسف الخيــاط، وأيهما أسبق من الآخر! وهذا التحقيق كان من خلال الاستعانة بأقوال عدة صحف ومجلات في هذا الشأن، مثل: «مرآة الشرق، والهلال، والمقتبس»! وعلى الرغم مما أثير في هذا التحقيق حول الأسبقية في ريادة المسرح في مصر: هل هي لسليم النقاش، أم ليوسف خياط؟ إلا أن أهميتها الكبرى تمثلت في عدم ذكر صنوع؛ بوصفه مسرحياً أو بوصفه رائداً!
وفى عام 1912 نشر «سليمان حسن القباني» كتاباً بعنوان «بُغية الممثلين»، أرّخ فيه للحركة المسرحية في مصر، فتحدث عن نابليون ومسرحه في الأزبكية وهو «مسرح الجمهورية والفنون»، ثم تحدث عن جهود الخديوي إسماعيل في بناء الأوبرا، وهكذا حتى وصل في تأريخه إلى «سليم النقـاش» وما بعد النقاش مثل حديثه عن: سلامة حجازي، وجورج أبيض، وسليم عطا الله، وأحمد الشامي، ومحمود وهبي، وإبراهيم حجازي .. إلخ، دون أن يذكر صنوعاً ومسرحه!! وأخيراً وجدنا جريدة «الأخبار» تنشر مقالة في يناير 1912 عنوانها «حول التمثيل» تحدثت فيها عن نهضة المسرح التي بدأت تظهر في مصر، وعلقت على هذه النهضة بقولها: «... وهيهات أن ننسى الأديبين الكبيرين المرحومين «سليم النقاش» و«أديب إسحاق» اللذين أخرجا فن التمثيل إلى عالم الوجود في مصر، وهما اللذان لا تزال الروايات التي عرباها ومثلاها تمثل إلى الآن».
وسنتوقف مؤقتاً عند عام 1912، لأنه عام وفاة «يعقوب صنوع»، لنقول: إن جميع الأقوال المنشورة – التي حصلنا عليها - والتي أرخت للمسرح المصري في فترة الوفاق بين صنوع والخديوي عباس، لم تذكر صنوعاً – لا تصريحاً ولا تلميحاً – ولم تذكر مسرحه أو أي نشاط يتعلق بهذا المسرح حتى عام وفاة صنوع!! وهذا الأمر يثبت أن صنوعاً أجنبياً وفرقته أجنبية، أو أن ما قدمه يُعدّ نشاطاً بسيطاً لم يسمع به أحد، ولم يره أحد، ولم يكتب عنه أحد، ولم ينشر عنه أحد سوى رجل واحد هو «كستلي» في جريدة الجوائب التي تصدر في الأستانة!!
وبناء على ما سبق، أتمنى أن يجتهد الباحثون في الحصول على أخبار عن مسرح صنوع في الصحف الأجنبية التي كانت تصدر في مصر في فترة الوفاق بين صنوع والخديوي عباس من عام 1893 وحتى عام وفاة صنوع 1912، لعلهم يجدوا شيئاً منشوراً عن صنوع بوصفه أجنبياً! ولا مانع من البحث أيضاً في الصحف والمجلات العربية التي صدرت في العالم العربي – في الفترة نفسها – لأنني لم أبحث في «جميع الدوريات»، ولم أجد الدوريات «كاملة الأعداد».