العدد 704 صدر بتاريخ 22فبراير2021
من خلال «كل» ما سبق سيلاحظ الباحث الجاد أنني أكدت - مراراً وتكراراً – على أن صنوعاً هو مصدر «كل» المعلومات عن نشاطه المسرحي وريادته المسرحية، وأسهم في ذلك بعض أصدقائه وداعميه وبالأخص عائلة «كاستلي»؛ حيث إنني لم أجد مصدراً أو مرجعاً يتحدث عن صنوع ومسرحه خارج كتابات صنوع وأصدقائه!! وربما سيجد الباحث – في الكتابات الحديثة - مرجعين تحدثا عن مسرح «يعقوب صنوع» أثناء وجوده في مصر، الأول «جريدة الأزبكية» عام 1873 والتي لم يصل إليها أي باحث حتى الآن! وقد أثبت عدم مصداقية هذه الجريدة – إن كانت موجودة أصلاً – لأن من نقل منها، ذكر بأنها قالت عن صنوع إنه «أبو نظارة»، علماً بأن هذا اللقب اشتهر به صنوع ابتداء من عام 1878 عندما أصدر صحيفته «أبو نظارة زرقا» في القاهرة! فكيف تذكر الجريدة هذا اللقب وقد صدرت الجريدة عام 1873؟! وهذا الأمر ذكرت تفاصيله في كتابي «محاكمة مسرح يعقوب صنوع» فلا داعي لتكراره!
والمرجع الآخر عدد جريدة «الساترداي ريفيو» الذي صدر عام 1876 في إنجلترا وتحدث عن صنوع ونشاطه المسرحي، أثناء وجود صنوع في مصر! وهذا المرجع الذي لم يطلع عليه أحد، أثبت بالدليل القاطع أنه يتحدث عن صنوع بوصفه صحافياً من خلال رسوماته! وربما سيتعجب القارئ الآن ويسألني: كيف كتبت جريدة إنجليزية عام 1876 عن صحف صنوع، التي سوف تصدر بعد عامين من تاريخ عدد الجريدة؟ سأجيبه وأقول: لأن عدد جريدة «الساتروداي ريفيو» صدر عام 1879 وليس عام 1876، مما يثبت أن كل من اعتمد على هذا المرجع اعتمد على خطأ السابقين!! وحتى أقطع الشك باليقين عند الجميع، حصلت على الجريدة ونشرت صورة للمقالة وتاريخها، مع كتابة جميع التفاصيل المتعلقة بهذا المرجع في كتاب «ألبوم أبو نظارة»، ويمكن للباحثين الرجوع إليه.
وبناء على ما سبق، يتضح لجميع الباحثين أن «كل» المعلومات الخاصة بمسرح صنوع مشكوك فيها، لأنها نابعة من مصدر واحد وهو صاحبها «يعقوب صنوع»، أو من أصدقاء صنوع وداعميه مثل «كستلي»، دون أن نجد «دليلاً» واحداً صريحاً على نشاط صنوع، بعكس ما وجدنا عن «سليم خليل النقاش» من وثائق، ونصوص مطبوعة، ومقالات منشورة، ومتابعات صحفية للعروض، وهذه الأمور تؤكد بلا شك أن «سليم خليل النقاش» هو رائد المسرح العربي في مصر، وواضع أساس المسرح المصري! هذه رؤيتي وأدلتي، والأمر الآن بين يد الباحثين للبحث في الأمر، ربما يجد أحدهم أدلة على نشاط صنوع المسرحي وريادته – لم أجدها - أو يكتشف باحث ثالث أدلة تُقلل من مجهود سليم النقاش، وثبت أنه ليس رائد المسرح العربي في مصر، وليس واضع أساس المسرح المصري عام 1876.
اللعبات التياترية
ربما يُصاب الباحث المقتنع بريادة صنوع المسرحية بصدمة، عندما يبحث ويجتهد ولا يجد دليلاً على هذه الريادة، ويجد نفسه مضطراً للاعتراف بريادة سليم النقاش، أو على الأقل سيلتزم الصمت دون إبداء رأي حاسم!! وفي هذه الحالة سيشحذ ذهنه ويفكر خارج الصندوق كما يُقال، ويبدأ في إيجاد مهرب من هذه الورطة! لذلك من الممكن أن نجد رأياً يقول إن صنوعاً كان يُمثل في الحواري والمقاهي والحدائق لعامة الشعب فقط، ولا يُمثل على المسارح للنخبة مثل سليم النقاش! وصاحب هذا الرأي سيراجع نفسه، لأننا أثبتنا أن النخبة كانت تشاهد كل أنواع الفنون الشعبية، لدرجة أن الجريدة الرسمية «الوقائع المصرية» كانت تُعلن للنخبة عن عروض: «أولاد رابية، والقراقوز، وخيال الظل»!! هذا بالإضافة إلى ما ذكره «كاستلي» إن صنوعاً مثّل أمام الخديوي والوزراء ورجال الدولة، أي مثل أمام نخبة النخب وفي مسرح قصر الخديوي!! ورغم ذلك فباب الاجتهاد البحثي مفتوح على مصراعيه أمام الباحثين!!
فكرة أخرى بدأت تلوح في أفق البعض، وهي أن سليم النقاش هو رائد المسرح العربي في مصر؛ ويعقوب صنوع هو رائد المسرح المصري في مصر!! مما يعني وجود فرق بين المسرح المصري والمسرح العربي في هذا الوقت!! وبمعنى أوضح أن المسرح العربي الخاص بسليم النقاش، يتمثل في المسرحيات الكبيرة الكلاسيكية التي تُعرض داخل المسارح الحديثة المعروفة بالعلبة الإيطالية!! أما المسرح المصري الخاص بصنوع فهو المسرح الشعبي – شبيه بأولاد رابية أو هو من أولاد رابية – الذي كان يُعرض في المقاهي والحواري والحدائق، والذي يتجسد في النصوص المسرحية التي تؤكده - والتي كتبها صنوع ونشرها في صحفه تحت اسم – وهي «اللعبات التياترية»!!
هذه الفكرة ربما تكون مقبولة، وسيعمل عليها بعض الباحثين، ومن سيتبناها يجب أن يحتاط إلى بعض العوائق العلمية والمنهجية، ومنها: أن صنوعاً نشر في صحفه حوالي «43» لعبة تياترية!! وهذا كم كبير وهائل ويمثل إنتاجاً مسرحياً لا شك فيه وفي قيمته، ويستحق بالفعل الدراسة؛ بوصفه أدباً منشوراً غير مُمثل ولا نملك دليلاً واحداً على تمثيل أية لعبة تياترية سوى كلام صنوع عنها وعن نفسه كالعادة!! ورغم ذلك فاللعبات التياترية نوع أدبي وفني لا يجب إهماله أو التغافل عنه، شريطة أن نتحقق من مصرية صنوع، حتى ننسب إليه هذا الأدب ونطلق عليه «أدباً مصرياً»، لأن لو كان صنوع إيطالياً أو إنجليزياً، فسنطلق على اللعبات التياترية «أدب المستعربين»! ولو أثبتنا أن صنوعاً مصري فسنطلق على اللعبات التياترية «أدب المهجر»، لأن صنوعاً كتب «38» لعبة تياترية وهو في فرنسا، وكتب «خمس لعبات فقط» في مصر!! وهذه اللعبات الخمس هي الشيء الموثق الذي يمكن أن نعتمد عليه في أية دراسة للعبات التياترية المتعلقة بصنوع داخل مصر، وهذا سيكون في حالة واحدة فقط، وهي أن نتأكد أن هذه اللعبات كتبها بالفعل يعقوب صنوع بنفسه، ولم يكتبها غيره!!
أعلم جيداً أن الباحثين الآن يتعجبون من أسئلتي الأخيرة، ويظنون بي الظنون!! لذلك سأوضح الأمر حتى يهتموا بهذه النقطة تحديداً في بحوثهم، وأقول: إن يعقوب صنوع بعد نشاطه المسرحي الذي نشره لنا «كستلي» في جريدة الجوائب عام 1872، لم نسمع عن أي نشاط مسرحي آخر لصنوع سوى نشره لنصين مسرحيين هما «الأميرة الإسكندرانية» و«الزوج الخائن»، ونشرهما صنوع باللغة الإيطالية لأنه «مصري ابن مصري»!! بعد ذلك لم نسمع عن صنوع إلا إنه أصبح صاحب محافل وجمعيات ماسونية تأكدت منها بنفسي عندما وجدت أخبارها منشورة في جريدة الأهرام، فنقلتها وأعطيتها للباحثة «ريهام عبده»، التي سجلتها في رسالتها للماجستير. ومن يرغب في الاطلاع على النشاط الماسوني لصنوع وأخبار جمعياته ومحافله الماسونية فليذهب ويقرأ رسالة الباحثة.
وبناء على ذلك أقول: إن صنوعاً عاد إلى المسرح في صورة أدبية، عندما بدأ يكتب وينشر لعباته التياترية، عندما بدأ في إصدار جريدته «أبو نظارة زرقا»، التي أصدرها في مصر أسبوعياً طوال شهري إبريل ومايو 1878 وأطلق عليها تعريفاً هو «جريدة فكاهات ومسليات ومضحكات»، وأصدر منها خمسة عشر عدداً، ونشر فيها «خمس» لعبات تياترية «فقط» لا أظن أن صنوعاً كتبها بنسبة 100%، بسبب وجود إعلان «واضح وظاهر» تم نشره أعلى رأس الجريدة، وهو الإعلان الوحيد المنشور، والذي تكرر في جميع الأعداد عدا العدد الأول! ونص الإعلان يقول: «كل من يوجد عنده شيء من الحكايات أو الأخبار اللطيفة الحاوية للنكات والمعاني الجميلة المفيدة فليكتب بها إلى إدارة أبي نظارة زرقا»!!
وهذا الإعلان يثبت أن الجريدة كانت تتلقى موادها المنشورة – ومنها اللعبات التياترية – من آخرين دون أن تذكر أسماء أصحابها، أو بالاتفاق بين إدارة الجريدة وبين أصحاب الكتابات المنشورة! والدليل على ذلك أن الإعلان كان ثابتاً في جميع الأعداد، مما يعني إنه فعّال ونتيجته واضحة ومضمونة! وما جعلني أشك في الكتابات المنشورة – وبالأخص اللعبات التياترية – أن الجريدة تُطبع في «المطبعة الكاستلية» كما جاء في نهاية كل عدد من الجريدة!! وأن الأعمال المرسلة من آخرين لنشرها؛ وفقاً للإعلان المنشور كانت تُرسل إلى إدارة الجريدة، وعنوان هذه الإدارة التي تدير الجريدة هي «المطبعة الكاستلية» كما جاء في الإعلان المنشور في جميع أعداد الجريدة!! أما الأماكن التي تبيع جريدة «يعقوب صنوع» كما جاء في ترويسة جريدة «أبو نظارة زرقا» في أغلب أعدادها، فمنها: محل الخواجا «أنجلة كاستلي» بشارع سيدنا الحسين، وعند الخواجا «جاكموا كاستلي» بحارة الشمرلي، وفي «المطبعة الكاستلية».
أظن المعنى واضح، ولا يحتاج إلى تأكيد بأن أسرة «كاستلي» هي السر في معرفة حقيقة صنوع ومسرحه!! فمن غير المعقول أن أحد أفراد أسرة «كاستلي» يعمل مدرساً في مدرسة المهندسخانة، فنقرأ في مذكرات صنوع أنه كان أستاذاً في المهندسخانة!! ومن غير المعقول أيضاً أن أحد أفراد أسرة «كاستلي» يكون مراسلاً لجريدة الجوائب، فنقرأ فيها الأخبار الوحيدة عن مسرح يعقوب صنوع!! ومن غير المعقول كذلك أن أفراد أسرة «كاستلي» يطبعون ويديرون وينشرون ويبيعون جريدة صنوع «أبو نظارة زرقا»، ولا نشك في أن أسرة «كاستلي» هي التي صنعت صنوعاً وزرعت أخباره وتاريخه في مصر – في تلك الفترة - لغرض ما، ربما يكون غرضاً سياسياً أو ماسونياً – أو الاثنين معاً – وذلك في حالة إثبات أن أسرة «كاستلي» ماسونية؛ لأننا متأكدون من ماسونية صنوع بوصفه صاحب رتبة «ماهر ماسوني» منذ عام 1868، بناء على شهادة رسمية تحدثنا عنها ونشرنا صورتها من قبل!!
والثابت تاريخياً أن يعقوب صنوع تمّ إبعاده من مصر إلى فرنسا عام 1878 بسبب ما نشرته جريدته «أبو نظارة زرقا»، وليس بسبب مسرحه أو موضوعات مسرحياته، كما يقول البعض!! وهنا يجب أن نوضح كيف خرج صنوع من مصر إلى فرنسا نهائياً!! فأغلب من كتب عن صنوع قال إن الخديوي إسماعيل نفى صنوعاً من مصر!! وفكرة النفي هذه روّج لها صنوع كثيراً بعد سفره في مذكراته وصحفه، ولاقت ترحيباً من كل المتعاطفين معه ممن كتبوا عنه؛ بوصفه مقهوراً ومظلوماً، لذلك عاش صنوع طوال حياته في فرنسا يتاجر بهذا النفي الكاذب، وذلك وفقاً لكتاباته وكتابات أصدقائه في فرنسا!! والحقيقة أن صنوعاً لم يُنف من مصر، وقد أثبت ذلك في كتاب «المحاكمة»، ولكن الجديد الذي ظهر بعد كتاب المحاكمة أن صنوعاً لم يُنف من مصر بل أُبعد من مصر!! والفرق كبير بين المعنيين رغم أن النتيجة واحدة!!
فالنفي في مصر لا يتم إلا على المصريين فقطـ وبأمر من الحاكم أي الخديوي، وفقاً للدستور ولجميع الدساتير في العالم!! أما الإبعاد فلا يتم إلا على «المُقيمين» من الأجانب!! لذلك لن نجد وثيقة من الخديوي إسماعيل بنفي صنوع لأن صنوعاً ليس مصرياً!! ولكن من الممكن أن نجد تصرفاً ما من الخديوي لإبعاد صنوع من مصر بوصفه إيطالياً!! وهذا ما حدث بالفعل – كما ذكرنا من قبل! وهذه الحقيقة نشرها الكاتب الإنجليزي «Blanchard Jerrold» في كتابه «مصر تحت حكم إسماعيل باشا Egypt Under Ismail Pacha» الصادر عام 1879، أي بعد عام واحد من خروج صنوع من مصر وبعد أقلّ من عامين من عزل الخديوي إسماعيل!! ففي هذا الكتاب نقرأ أن الخديوي إسماعيل طلب من «القنصل الإيطالي» إبعاد «جيمس سنوا» من مصر، وإغلاق «المطبعة الكاستلية» التي تدير وتطبع وتوزع صحيفة صنوع!! وهكذا نتأكد أن صنوعاً إيطالي، وأن علاقة سياسية أو ماسونية تربطه بأسرة «كاستلي»، وهذه العلاقة كانت السبب في إبعاده من مصر وغلق المطبعة الكاستلية!!
ولنترك السياسة ونعود إلى المسرح، لأنني ألاحظ الآن سؤالاً يتردد في أذهان الباحثين يقول: إذا شككنا في اللعبات التياترية الخمس المنشورة «فقط» في جريدة «أبو نظارة زرقا» الصادرة في مصر، بأن آخرين كتبوها من المصريين، فماذا لو سألنا عن اللعبات التياترية الـ«38» المنشورة في صحف صنوع في فرنسا طوال أكثر من ثلاثين سنة؟! هل كتبها له آخرون؟ وهل كانوا مصريين أيضاً؟!
إجابتي تتمثل في الآتي: لو تأكدنا أن صنوعاً مصري - رغم تأكدنا أنه أُبعد من مصر بواسطة القنصل الإيطالي؛ بوصفه إيطالياً - هو الكاتب الحقيقي للعبات التياترية المنشورة في صحفه بفرنسا، فيجب أن ننظر إليها بوصفها من «أدب المهجر» كما ذكرنا من قبل! أما إذا كان صنوع إيطالياً، فيجب أن ننظر إليها بوصفها «أدب مستعرب» لإيطالي يعرف العربية!! أما إذا وجدنا ما يجعلنا نشك أنها مكتوبة بيد صنوع – سواء كان مصرياً أو إيطالياً – فيجب ألا نهتم بها ولا نعدها أدباً من أي نوع، لعدم معرفة كاتبها!! أما سبب الشك فيتمثل في إعلان - شبيه بالإعلان الذي نُشر في صحيفة «أبو نظارة زرقا» الصادرة في مصر – نشره أكثر من مرة صنوع في صحفه في فرنسا، وبالتالي استمرت اللعبات التياترية تأتيه من مصر ومن جهات أخرى؛ مع ملاحظة تغيير في صياغة الإعلان لا يفوت على عقل اللبيب، وهذا نص الإعلان:
««إعلان»: المرجو من حضرات المطلعين على صحيفتنا من إخواننا أهل القطر المصري الكرام وأصحابنا أهل سورية والعراق والجزائر والهند وتونس وساير البلاد العربية أن من يرغب نشر نبذة مفيدة أو نادرة لطيفة بأي معنى كانت فليرسل بها إلينا إلى عنواننا المحرر بذيله فإننا نبادر بإدراجها في الصحيفة ونتشكر فضل من يكرموا علينا بها وإن شاء ذكر اسمه أو أخفاه فله الخيار في ذلك فإننا نصنع كمراده على شرط إظهار إرادته إما بكتم اسمه أو بإشهاره».
والمعنى واضح جداً، وبالأخص في مسألة ذكر اسم الراسل أو إخفائه!! لأن الجريدة تُعد معارضة للخديوي، وتصدر في فرنسا، لذلك كثرت فيها التجاوزات وذكر ألفاظ أرق ما توصف بها إنها ألفاظ «قذرة»، ومواد كثيرة نُشرت – في صحف صنوع بفرنسا - بها كلمات وإيحاءات جنسية كثيرة، ولكن الأهم أن هناك موضوعات ونوادر وحوارات ولعبات تياترية تحكي عن أمور وأحداث تدور في مصر وقتذاك، وغير معروفة إعلامياً، مما يعني أن كاتبها لا بد أن يكون من داخل مصر!! وهذا ما يؤكد الشك في أغلب المواد المنشورة في صحف صنوع الصادرة في فرنسا، وبالأخص اللعبات التياترية! وهذه مهمة بحثية جديدة أتمنى أن يهتم بها الباحثون مستقبلاً، لا سيما وأن اللعبات التياترية اهتم بها بعض الدارسين وأصدروا عنها بعض الكتب، وهم محقون في ذلك ولا غضاضة في دراسة هذه اللعبات نظرياً، حيث إنها لم تُمثل، حتى ولو كانت مصحوبة برسومات كاريكاتورية، إلا بعد أن نتأكد أنها مكتوبة بيد صنوع، وأن صنوعاً مصري، وأن لعباته تمثل الأدب المصري في المهجر، أو أنه إيطالي ولعباته تمثل أدب المستعربين، أو أن آخرين كتبوها، فتدرس دراسة نصية وفقاً لمقولة «موت المؤلف» لأنها نصوص لا نعلم كاتبها!!
إلى هنا ينتهي تتبعنا وبحثنا عن نشاط صنوع المسرحي وريادته للمسرح في مصر، وذلك لخروجه من مصر إلى فرنسا. وأتمنى من الباحثين أن يبحثوا عن صنوع وأخباره ومسرحه منذ عام 1868 وحتى 1878، أي طوال عشرة أعوام!! ربما نجد جديداً في الصحف الأجنبية المنشورة في هذه السنوات، لعلها تحدثت عنه؛ بوصفه إيطالياً أو إنجليزياً! وربما نجد في مذكرات ويوميات المشاهير ممن عاشوا في هذه الفترة، ربما نجد أحدهم كتب عن صنوع ومسرحه ومحافله الماسونية، وصحيفته المنشورة، لأن من غير المعقول أن صنوعاً كان يعيش خارج نطاق أحداث مصر وأعلامها؛ لأنه «مصري ابن مصري»!! ولعلنا نجد بعض «النخبة» رأوه وشاهدوه وسمعوا منه وتحدثوا إليه وتناقشوا معه، لا سيما وأنه عرض أعماله المسرحية أمام الخديوي والوزراء والأعيان كما قال «كاستلي»! ولعل أحد الباحثين ينجح في الحصول على معلومات عنه من مسئولي الطائفة اليهودية في مصر، أو يحصل على ملفه الوظيفي في «دار المحفوظات العمومية بالقلعة» أو ملف «كاستلي»!! أو يجد باحث آخر وثائق تخصه وتخص مشروعه بإنشاء المسرح المصري ضمن وثائق «دار الوثائق القومية»!! فمن يجد شيئاً من هذا سيقترب كثيراً من معرفة حقيقة «جيمس سنوا»، وهي الحقيقة التي نبحث عنها جميعاً!!