فرقة «الضواحي».. التراث وأقنعة الحداثة

فرقة «الضواحي»..  التراث وأقنعة الحداثة

العدد 702 صدر بتاريخ 8فبراير2021

تأسست فرقة “الضواحي” المسرحية عام 1992، وقد شارك في تأسيسها إبراهيم الباز مخرج ومدير الفرقة ونشأت ملاك ـ مؤلف، وسناء المصري ـ مؤلفة وممثلة، وقد رحل الأخيران عن الحياة عام 2000.
وتعتمد الرؤية الفنية للفرقة على الاقتباس من الأعمال الأدبية العربية القديمة والحديثة مع وضعها في سياق واقعي آني يرتبط باللحظة الراهنة، عن طريق مسرحة الأدب من خلال اكتشاف وتفجير دلالات جديدة تؤكد على أن المسرح ليس أداة تنوير بالمعنى التعليمي ـ رغم أهمية دور هذا المسرح ـ  وإنما بإيجاد مشتركات رؤيوية بين ما يطرحه العرض والجمهور، والخوض في تجربة مشتركة، فليس هناك يقين جاهز في طرح الأمور.
وقد قدمت الفرقة عبر مسيرتها الفنية عشرة عروض بدأت بـ”دهشور” عام 1992 والتي قدمته لأول مرة على خشبة مسرح مركز شباب السلام بالهرم أمام ضحايا الزلزال، كما عرض في معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 1993، وهي من تأليف نشأت ملاك.
أما العرض الثاني “كونكان” 1993 فمأخوذ عن قصة ليحيى حقي بنفس الاسم نشرت في عام 1944، وقد ناقشت قضية الجبر والاختيار لدى الإنسان وهي قضية وجودية في المقام الأول، ناقشها الفكر الإنساني منذ بداية التكوين البشري وتعني في مفهوم الفلسفة الغربية “الوجود والعدم”.
وقد تم تناول أحداث القصة عبر إشكاليتين: الأولى ترتبط بفعل الكينونة والثانية “لعبة الكوتشينة” بما في الأولى من تحول وجودي والثانية من التحول عن طريق الخطأ والجبر أحيانا.
وقد تم التكوين السينوغرافي عن طريق رسومات لأوراق الكوتشينة، في الديكور المسرحي والملابس من خلال تعدد أدوات اللعب والألوان، وقام ببطولة العرض سناء المصري ومريم ملاك وصابر فوزي وإعداد وإخراج إبراهيم الباز.
أما عرض “المرأة والقطة” فمأخوذ عن رواية “مذكرات غير واقعية” للروائية الفلسطينية سحر خليفة من خلال طرح العلاقة بين المرأة وقطتها، وهي علاقة مركبة تم تكثيفها في العرض لدرجة أنه لم تزد مدته عن 16 دقيقة، تم التركيز فيها على الجانب التكثيفي للأداء المسرحي باستخدام حركات الجسد والإيماء، وقد لاقى ترحيبا جماهيريا ونقديا وحصل على عدة جوائز منها المركز الأول في الإخراج والتمثيل من مهرجان زفتى المسرحي عام 1996، كما تم عرضه في مهرجان “الديالوج” بمسرح الشباب عام 1993، معرض القاهرة للكتاب عامي 1994 و1995، والمسرح القومي قاعة الزرقاني يناير 1999.
أربع مقامات
أما عرض “المقامات” فتم من خلال مسرحة أربع مقامات من كتاب “المقامات” لبيرم التونسي ناقشت نفسية ودواخل المجاورين وطلبة الأزهر الذين كانوا يشاركون في الحياة العامة ـ في بداية القرن الماضي ـ وقد تم توظيفها مسرحيا من خلال تطوير أدوات الفن الشعبي القديم في إطار فكرة “خيال الظل” و”الأراجوز” و”صندوق الدنيا” و”المولد” حيث لعب الممثلون الدور الأكبر عوضا عن الأدوات القديمة من عرائس وغيرها.
ويشارك في بطولته صابر فوزي وهشام لويس ومها العويضي وسناء المصري، وعلاء هارون وقد حصل العرض على عدة جوائز من المهرجان الضاحك عام 1994 وتم عرضه في المركز الفنزويلي ومسرح الهناجر في الاحتفال بيوم المسرح العالمي، وكذلك في مهرجان المركز الثقافي الفرنسي في يناير 2003.
طوق الحمامة
أما عرض الصديقتان فهو عبارة عن احتفالي مهدى إلى روح الكاتبة أروى صالح عرض بمناسبة ذكرى الأربعين في 30/7/1997، كما عرض في معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 1998.
طوق الحمامة
وجاء عرض “الطموح المقتبس عن كتاب “المجنون” لجبران خليل جبران، والذي تم تقديمه من خلال التقاطع بين المونولوج والديالوج، وتم عرضه بقاعة عبد الرحيم الزرقاني بالمسرح القومي يناير 1999، ومهرجان زفتي في نفس العام حيث فاز بخمس جوائز من ضمنها المركز الأول في الإخراج لإبراهيم الباز.
أما عرض “طوق الحمامة” فمأخوذ عن كتاب “ابن حزم” وجاءت فكرته بطرح إقامة معارضة عربية للأوبريت الأوروبي وتم تقديمه بديكور عربي في قصر الغوري للتراث، بالاتكاء على الشكل الغنائي الاستعراضي كبديل عن الحوار الأوبريتي والاستعاضة بمعارضة غنائية من أشعار الكتاب نفسه وبالتيمة الاستعراضية.
ورغم أن الكتاب في نصه الأصلي كان يناقش ثلاثية “الحب ـ الموت ـ السلوى” التي تلخص دراما الحياة في قرطبة الأندلسية في شكل أقرب إلى المرثية.
بالإضافة إلى ذلك تعددت المشاهد التي ناقشت المسكوت عنه في الجانب الذاتي من حياة ابن حزم وقرطبة بشكل أعم، وقد لعبت موسيقى عادل الجمل دورا كبيرا في تكثيف الحالة الدرامية التي جاءت في إطار أقرب إلى الملحمية.
شارك في بطولة العرض سناء المصري وشادي الدالي ومها العوضي وهبة محمد ونجلاء يونس ومها أبو بكر وأحمد عبد النعيم.
الموت عشقا
أما عرض “الموت عشقا” فهو عبارة عن قصة لها طابع غريب تستمد آليات الحكي الأسطوري من كتاب “الف ليلة وليلة” حيث تتعدد الأصوات الدرامية التي تقدم الحكاية من وجهات نظر مختلفة بإبراز نسبية الرؤية.
وقد قام ببطولتها مها العوضي ومروة حسين ونجلاء يونس ومها أبو بكر وهبة محمد وصابر فوزي وأيمن صبحي وأحمد عبد النعيم، ألحان عادل الجمل وغناء إلهام عبد العظيم وتم عرضه على مسرح الهناجر ديسمبر 2000.
وقد خرجت الفرقة في عرض “المتحذلقات” عن إطارها الفني المعتمد على تقديم رؤية مصرية جديدة النص الأصلي لموليير تعكس وضع المثقفين في مصر وعرض بالمركز الثقافي الفرنسي عام 2001، وقد قام ببطولة العرض مها العويضي ومروة حسين وعلاء هارون وأحمد عبد النعيم وأيمن صبحي.


عيد عبد الحليم