الثورة العرابية.. وتأثيرها على المسرح المصرى (1881 - 1882)

الثورة العرابية.. وتأثيرها على المسرح المصرى (1881 - 1882)

العدد 659 صدر بتاريخ 13أبريل2020

الحركة المسرحية فى مصر قبيل الثورة العرابية: اقترنت بدايات النشاط الحقيقى للحركة المسرحية فى مصر (1876) مع بدايات الثورة العرابية (1881 - 1882)، مع اعتبار أن وقفة عرابى هي البداية الفاعلة للثورة العرابية، لن الثورة العرابية، كان لها تمهيدات بدأت بتذمر الضباط المصريين فى الجيش عام 1879 ضد الضباط الأتراك.
لغز مُحير  وبالنظر لحال المسرح أبان الثورة العرابية، فسنقف أمام سؤال محير حقاً، رغم أن الخديوى إسماعيل كان قد هيئ كل الأجواء فى مصر لنهضه مسرحية وفنية شاملة تضمنت بناء مسارح الأوبرا والكوميدى فرانسيس ومسرح حديقة الأزبكية، التى كانت وقتها، ولا زالت، أكبر الصروح الثقافية فى عالمنا العربى، إلا أن المصريين ظلوا قابعين متفرجين لا مشاركين فى التجربة المسرحية التى كانت مهيأة لهم، اللهم إلا تجربة عبد الله النديم، التى قدمها على استحياء، بأغراض تعليمية، وهى التجربة التى سنتحدث عنها فيما بعد، ربما هذا التأخير، لقلة خبرة المصريين بكيفية إدارة وتقديم هذا الشكل الفنى المستحدث عليهم، وربما لأنهم عشقوا النماذج الأخرى مثل الأراجوز وخيال الظل، وأغانى السيرة، وغيرها من الأشكال شبه المسرحية التى كانت منتشرة وقتذاك، وربما كان السبب فى هذا واعز دينى، كان يرى أن ظهور المرأة على خشبة المسرح أو حتى الصبية المتشبهين بزى ومكياج المرأة حرام، ولكن يسبق كل هذا، عامل مهم، وهو خبرة الشوام وتمرسهم على الإدارة المسرحية، ودرايتهم بعناصر الإخراج المسرحى، والتى كانوا يسمونها إدارة مسرحية، أضف لهذا تقبل المصريين لفكرة القومية العربية، وعدم تعنتهم العرقى، فكانوا ينظرون إلى أن الشوام والمصريين ما هم إلا نسيج واحد، وأضف سبباً آخر وليس أخير، أن قوانين الدولة العثمانية كانت تعتبر أن الشام بأقطاره المختلفة مع مصر دوله واحدة وكيان واحد تحت الولاية العثمانية، مما أتاح حرية الحركة والانتقال بين بلاد الشام ومصر، كذلك كان الخديوى يشجع الشوام على دفع الحركة المسرحية، بدليل إرسال جورج أبيض اللبنانى الجنسية، لدراسة المسرح فى الخارج على حساب الدولة المصرية.
وربما يفسر علم الاجتماع عدم اقتحام المصريين للمجال المسرحى، وترك التفاعل الأساسى للشوام، بتمسك المصريين بالقيم الاجتماعية والأخلاقية والإنسانية، منذ العصور الفرعونية، لارتباط مصر بالبيئة الزراعية، التى يغذيها نهر النيل، الذى يأتى كل عام بالماء والخير، ليروى الزرع مصدر الغذاء، لهذا كان الأيمان بالقيم الدينية والأخلاقية، والخوف من غضب الله، الذى يأتى بالخير والماء الزرع، من أجل المحافظة على بنية المجتمع، لهذا ففى الغالب لا يتقبل المجتمع فكرة الآخر أو الجديد، ويطمئنون له إن وجدوا لديه عدداً من القيم الأخلاقية، أو الدينية، مما يجعلهم يطمئنون أليه.
سبب آخر يدعوا للحيرة وهو أن القاهرة رغم هذه الصروح الفنية والثقافية العديدة التى أنشأها الخديوى إسماعيل بحى الأزبكية، فالقاهرة، لم تكن هى القبلة الأولى للفرق الشامية الوافدة، بل كان مسرح زيزينيا، بمدينة الأسكندرية، هى القبلة الأولى للفرق الشامية التى قدمت عروضها على أرض مصر، بعيداً عن مسارح الأزبكية، وحتى ظهور أول ممثل ومؤلف مصرى، وهو عبد الله النديم، وكان ظهوره وأفوله مسرحياً هو الآخر فى الأسكندرية.  
مسارح الأزبكية: لم تحظى مسارح الأزبكية بأى نشاط ملحوظ، فى البدايات، فمسرح حديقة الأزبكية تحول وقتها إلى مسرح هامشى يؤجر للفرق الزائرة وللجاليات الأجنبية، وللاحتفاليات الخاصة، بجانب عدداً من الصالات التى كانت منتشره بالقرب منه وقتذاك، ثم مسرح الكوميدى فرانسيس (مكتب بريد العتبة الآن) وكان مخصصاً للاحتفاليات الخديوية، أما مسرح الأوبرا، فقد أقتصر نشاطه على تقديم بعض الأوبريتات الأجنبية، الإيطالية  إلا من بعض فرق الأوبرا الإيطالية، وبنشاط محدود للغاية، وغير ملحوظ.  
الثورة العرابية: يمكن أن نصنف الثورة العرابية بأنها كانت ثورة حقيقية نابعه من الشعب، الراغب فى التطوير بيد أبنائه، والغريب أنها من أكثر الثورات، التى صاحبها محاولات عديدة لتشويهها، وتشويه رموزها، فهى ثورة استقرأت نية الإنجليز فى احتلال مصر، وتواطؤ تركيا وفرنسا معها، لم يكن الغرض منها مناصرة أشخاص بعينهم، بقدر ما كان غرضها مناصرة أفكار ومبادئ، سعى أليها الخديوى إسماعيل، و روجت لها أفكار جمال الدين الأفغانى، وتعنت الإنجليز والأتراك بإصرارهم على التدخل فى الشئون المصرية، ومحاربة رغبة الخديوى إسماعيل فى بناء مصر حضارية جديدة قد ولد شعور وطنى قوى، فلأول مرة يطالب المصريين بنظارة (وزارة) وطنية بدون وزراء أجانب، فكانت وزارة شريف باشا عام 1879 وعهد لها بوضع دستور يخلص مصر من النفوذ الأجنبى، وهذا ما لم يرضى حلفاء الشر وقتذاك، وأقصد بهما إنجلترا وفرنسا، فعملوا على أسقاط مجلس النواب، وتوريط الخديوى إسماعيل فى ديون جديدة، فبعد أن دفع ثلاثة ملايين ونصف للتخلص من الشروط المجحفة لاستغلال قناة السويس، عادو ليقنعوه بقبول قرض قيمته ثمانية ملايين جنيه، ليكتشف مصادرته لتسديد جزء من ديون مصر، وكان إسماعيل يأمل أن يسدد ديونه من دخل قناة السويس، لتدخل فرنسا وإنجلترا، وحاصرة إسماعيل بالديون تمهيداً للاستيلاء على أسهم القناه، وحرمان مصر منها، أو من معظمها، فى وقت عجزت الخزانة المصرية على الدخول فى التنافس على هذه الأسهم، ويقع إسماعيل ضحية محور الشر، وكان من أول قرارات توفيق عقب عزل إسماعيل وتوليه الحكم، تشكيل وزارة من رياض باشا، وبها وزيرين من الإنجليز، مما آثار الحركة الوطنية المصرية، وذهب مشروع الدستور الجديد فى مهب الريح، لتكون المشكلة الكبرى هى، محاولة الضباط الأتراك تهميش الضباط المصريين، بإصدار أوامر تطالب بعدم أطاعتهم، ثم تقليص عدد ضباط الجيش المصرى من خمسة عشر ضابطاً إلى سبعة آلاف، منهم ألفان وخمسمائة، يعملون بنصف الأجر، ومنهم أحمد عرابى نفسه، وتم خلع معظم المصريين من المناصب القيادية، وحل محلهم موظفين أجانب، مما ساعد على تصاعد السخط الشعبى ضد الخديوى توفيق، مما أسهم فى نجاح وقفة عرابى بعابدين، التى أنضم لها الشعب مع الجيش، مما أجبر توفيق على إعادة تكوين وزارة جديدة بقيادة شريف باشا، لكنه سرعان ما أستقال احتجاجا على التدخلات الأجنبية، ثم تولى شاعر الثورة محمود سامى البارودى رئاسة الحكومة الجديدة، وشغل عرابى بها منصب وزيرا للحربية، وسرعان ما يقدم البارودى استقالته هو الآخر احتجاجا على التدخلات الأجنبية الفجة، حتى نسج الاستعمار حججه لاحتلال مصر، ونفى عرابى والبارودى، وأتباعهم، ومن قبلهم جمال الدين الأفغانى، ويبقى عبد الله النديم مطارداً من قبل قوات الاحتلال.
تأثير الثورة العرابية على بدايات المسرح المصرى: هل كان تأثير هذا التأثير سلبى أم أيجابى، للإجابة على هذا السؤال نستعرض نشاط أربعة أشخاص، كانوا هم محور التأثيرات وقتذاك وهم
- جمال الدين الأفغانى
- عبد الله النديم
- سليم النقاش
- أديب أسحاق
وجميعهم فيما عدا الأول ارتبطوا بالمسرح ارتباط وثيق ، بينما أرتبط الأفغانى وأثر تأثيراً فكرياً.
بينما بقى القرداحى ويوسف الخياط على الساحة وحدهما، مع بعض الفرق الزائرة.
جمال الأفغانى ودوره الإيجابى فى الثورة السلبى فى المسرح: شاعت أفكاره عن التحرر، ومحاربة الديكتاتورية، وأيمانه بالقومية العربية، بين جموع الشعب بكافة طوائفه، وباختلاف الإنتماءات الدينية، والسياسية، والاجتماعية، خاصة شعاره الذى رفعه، وتوارثه من بعده وفى حقبة تاريخية أخرى الزعيم مصطفى كامل «مصر للمصريين» تلك الأفكار والشعارات التى مهدت لقيام الثورة العرابية، فكان الأفغانى هو القائد المتوارى للثورة العرابية، وقائداً ومعلماً فكرياً لباقى الأسماء التى تم ذكرها، سياسياً أو مسرحياً، وبجانب هذه الأسماء، فقد كانت هُناك آثار عامة على المسرح بشكل عام، وهو تراجع النشاط المسرحى، لسببين الأول هو انشغال الفكر المصرى العام متأثرين بما يحدث، وبما يدور حولهم، خاصة الأطماع التى سيطرت على إنجلترا وفرنسا بعد افتتاح قناة السويس، وأوجد هذا مناخ سياسى عام، ليس من أولوياته المسرح، خاصة أنه كان فن وليد، لم يتمكن من أفئدة المصريين بعد، كذلك تراجع الإقبال على المسرح بشكل كبير، مما شجع رواد المسرح أنفسهم وفى هذه الفترة إلى الاتجاه للصحافة عل حساب المسرح، نتيجة انصراف الجماهير عن المسرح، وهذا الاتجاه هو ما كان ينادى به الأفغانى، فهجر معظمهم المسرح من أجل الصحافة، متأثرين بتعاليم الأفغانى، وفى هذا يبرز سليم النقاش وأديب أسحاق، ثم عبد الله النديم.   
وقد ذكر أحمد شفيق باشا فى مذكراته «حضر جمال الدين الأفغانى إلى مصر فى أواخر عهد إسماعيل، وأقام فى منزل بجهة كوم الشيخ سلامة بالقاهرة، وكان قد تقابل مع رياض باشا فى الأستانة، وتعرف به، فرغبه فى السفر إلى مصر، ولما حضر قررت له الحكومة بقيادة الخديوى إسماعيل مرتباً (ألف قرش شهرياً) على أن يلقى بضعة دروس فى الأزهر، ولكن حدث بينه وبين الشيوخ سؤ تفاهم، أدى إلى انقطاعه فى مسكنه مع بقاء مرتبه»، ويذكر شفيق أن كثير من المفكرين قد أتصل به وتحمس له أمثال، محمد عبده، سعد زغلول، إبراهيم الهلباوى، وإبراهيم اللقانى، كذلك سليم النقاش وأديب أسحاق، ومن بعدهم عبد الله النديم خطيب الثورة، والغريب أن الخديوى إسماعيل، الذى أحضره، بعد أن أشتد عليه الحصار، وقف الأفغانى ضدة، وطالب بعزله، وطالب بتولى الخديوى توفيق مكانه.
الملاحظ هنا أن شخص مثل محمد عبده وهو من أئمة الإسلام، سعى للأفغانى وتضامن معه سليم النقاش وأديب أسحاق، وكلاهما مسيحى كاثوليكى، لكن كلاهما كان هدفه واحد وهو مصر، والحرية، وأنصهر الجميع بدون أى حساسيات دينية.
ولما تولى توفيق، قرب إليه الأفغانى أول الأمر، حتى أنه كان يقول له «أنت موضع أملى فى مصر» لكن الحاشية الخديوية، وأغلبها كان من الأجانب، وكان الأفغانى يطالب بعزلهم استطاعت الوقيعة بينهما، وأنتهى الأمر بنفيه من البلاد.
سليم النقاش: حمل سليم النقاش ريادة مارون النقاش المسرحية من صيدا بلبنان إلى الأسكندرية، لتتشابك رسالته، مع الأوضاع السياسية والاقتصادية فى مصر، ليتحول بعد ذلك لريادة صحفية لا لريادة مسرحية، وتعتبر فرقة سليم النقاش هى أول فرقة مسرحية عربية حضرت إلى مصر، لتقدم أعمالاً تمثيلية باللغة العربية على خشبة المسرح المصرى بالأسكندرية وبالقاهرة، ويقول فيليب سادجروف فى كتابه المسرح المصرى فى القرن التاسع عشر، «بعد إغلاق مسرح صنوع عام 1872م، أعادت فرق سورية إحياء المسرح بعد ما يقرب من أربع سنوات، وكان سليم النقاش، وأديب أسحاق، قائدى الفرقة السورية الأولى، التى ظهرت فى مصر، (معظم المراجع الأجنبية تتحدث عن الشام بصفتها سوريه الكبرى)، وكان سليم حكيماً عندما حصل على موافقة درانيت (أبرز رجال الخديوى) قبل أن يحضر إلى القاهرة، ساعده على هذا ترجمته لأوبرا عايدة بجانب القصيدة التى كتبها لتحية الخديوى، واهداء الترجمة له، وقد أعجب الخديوى إسماعيل بتعريبة لمسرحيتى، عائده ومى الأمر الذى عجل بمنحه ترخيص بالتمثيل فى مصر، بجانب منحه مادية (بعد حضوره إلى مصر)، وقد صرح لفرقته بالتمثيل بالأوبرا فى أكتوبر من عام 1875، لكن حضور الفرقة لمصر تأخر بسبب وباء الكوليرا الذى أنتشر فى لبنان وقتذاك، لكنه حضر إلى مصر فى ديسمبر من عام 1876، وقد نشرت جريدة الأهرام بتاريخ 16 ديسمبر من عام 1876 خبراً يقول «لأمر غنى عن البيان أن تشخص الروايات، يعد فى الوسائل الأولى التى بها أُدمجت الهيئة الاجتماعية، وأحكم نظامها، وما ثم هذا المبدأ الحسن من الفوائد الجلية، يقصدنا عن الإسهاب فى الشرح لتثبت ما وردناه فصلاً عن أن جميع البلاد المتمدنة توالى هذا العمل، أتم مراعاة، وتسهل السبل لأتقانه، وبناء على ذلك يسرنا أن نرى وابنائنا نحن العرب شباباً أقدموا إلى ساحة هذا المضمار وخاضوا فى جوانبه، وتعلموا جميع أبوابه، وأدركوا ما أدركوا بحزم أقرن بالثبات وأحكموا ما أحكموا بجهاد قومته الفطنة، فرجعوا ألينا فوارس محنكين، وكان عن نبغ فيهم وحاز قصب السبق بينهم ذلك الفتى اللبيب والحاذق الأديب سليم أفندى نقاش، الذى تلقى هذا الفن عن عمه مارون النقاش، المبدع هذا العلم فى الأقطار السورية، ويسرنا أن نعلن بأنه حضر فى هذه الأثناء إلى مدينتنا الأسكندرية، مع رفقته المؤلفة من رجال ونساء، ليقدم للجمهور فترة تعبه، مؤملاً أن يكون سعيه مشكوراً»، يوم السبت القادم 23 الحالى الساعة 8،30 أفرنجية ليلاً، وينسب لسليم النقاش وصديقه أديب إسحاق الفضل فى إعداد هذه الأعمال، وبعثا الحياة فيها بالأغانى، وكان يساعده في إعداد النصوص، الصحفي السوري أديب إسحاق، وكان يقدم أعماله على مسرح «زيزنيا» بالإسكندرية، الذى بدأ بالطبع فى تقديم أعمال مارون النقاش.
ونلاحظ من هذا الخبر الذى ورد فى الأهرام أن الخبر يتحدث عن سليم النقاش كواحد من أبناء الوطن، لا كشخص متغرب عنها.
وبقدر الترحيب الحار الذى لاقاه سليم النقاش من الصحافة المصرية ومن الخديوى إسماعيل، بقدر ما هبط نشاطه وحماسه، فترك شئون الفرقة التى لم تقدم سوى أعمال بسيطه، إلى صديقه يوسف الخياط، وجذبته محاورات وأراء جمال الدين الأفغانى، وألف كتاب بعنوان مصر للمصريين، متأثراً بالشعار الذى أطلقه جمال الدين الأفغانى، مصر للمصرين.
سليم النقاش والصحافة: نتيجة احتكاك سليم النقاش الشديد بجمال الأفغانى ومعه قائد فرقته أديب أسحاق، ورغم إعجاب الخديوى إسماعيل، وتدعيمه للفرقة، إلا أنهما سرعان ما تحولا معاً من المسرح إلى الصحافة، بعد فترة قصيرة من بداية عملهم بالفرقة، وتركا الفرقة بيد يوسف الخياط، فأسس سليم النقاش عدداً من الصحف منها جريدة مصر بالأسكندرية، التجارة مع أديب أسحاق عام 1887 بالقاهرة، كذلك المحروسة، والعصر الجديد، ولسليم النقاش كتاب باسم «مصر للمصريين أو حوادث الفتنة العرابية» في تسعة أجزاء، وسنلاحظ مدى تأثر سليم النقاش بجمال الأفغانى من عنوان الكتاب، المستمد من شعار الأفغانى «مصر للمصريين».  
صنوع وجريدة أبو نضارة: لم يكن سليم النقاش وأديب أسحاق وحدهما من ترك المسرح من أجال الصحافة، بل نضيف لهذه القائمه كلاً من يعقوب صنوع أو يعقوب روفائيل أو جون سانوا الذى أنشأ جريدة أبو نضارة زرقا ثم أطلق عليها اسم أبو صفارة كذلك وعبد الله النديم الذى أنشأ مجلتى التنكيد والتبكيد ومجلة الأستاذ، وقد صدرت كل هذه الصحف والمجلات باللغة العامية.    
ثورة الوطنيين على الشوام: حاول بعض الشوام التقرب من السلطة، خوفاً من الترحيل إلى الشام، فأعلنوا من خلال جريدة مصر وقوفهم ضد الثورة العرابية، فأصدرت الحكومة قراراً بإغلاقها، وكان هذا مصاحباً لبدايات للثورة، بل وتأييد التدخل الأجنبى الأنجليزى، مما أثار الوطنيين عليهم العام، ومنهم أديب أسحاق الذى غادر القاهرة إلى الإسكندرية، ومنها إلى باريس، سنة 1880، حيث أعاد نشر جريدة مصر، وسماها القاهرة، وفى العام التالى عاد إلى القاهرة، حيث وجد فيها الترحاب، لكن المرض يشتد عليه، ليعود إلى بيروت ويتوفى فيها عام 1885،  بينما تمسك سليم النقاش ببقاءه فى مصر، حتى وفاته عام 1884
ولكى يتم الحديث عن تأثير الثورة العرابية على المسرح لابد من استعراض مسيرة أول ممثل وكاتب مصرى، وهل هو يعقوب صنوع أو هو عبد الله النديم، وهذا سيأتى بعد ذلك تفصيلياً، بعون الله. 


سمير حنفى محمود