قضية يعقوب صنوع .. ما زالت مستمرة (2) بين الإيطالية والإنجليزية والمهندسخانة

قضية يعقوب صنوع .. ما زالت مستمرة (2) بين الإيطالية والإنجليزية والمهندسخانة

العدد 700 صدر بتاريخ 25يناير2021

عزيزي الباحث .. إذا نجحت – بمشيئة الله – في إثبات مصرية صنوع من خلال الاحتمالات التي ذكرتها في المقالة السابقة، فسيكون هذا إنجازاً كبيراً، وإلا ستكون مضطراً لأن تعترف بأن يعقوب صنوع ليس مصرياً، وإنه «إيطالي»؛ لأنه كتب ونشر أربعة كتب كاملة باللغة الإيطالية أثناء وجوده في مصر، ولم يكتب كتاباً واحداً باللغة العربية – بوصفه مصرياً ابن مصري - طوال الأعوام التي عاشها في مصر!! والكتب هي: كتاب مفقود نُشر باللغة الإيطالية عام 1868 أهداه إلى ثري إيطالي صاحب بنك يعيش في القاهرة! والكتاب الثاني موجود وعنوانه «العربي العجوز L’arabo anziano» نُشر باللغة الإيطالية عام 1869 في 48 صفحة، وأهداه صنوع للثري الإيطالي أيضاً الكوماندتور «ماركو دي موربورجو دي نيلما Marco de Morpurgo di Nilma» كبير عائلة «موربورجو» الشهيرة في مصر بثرائها وأعمالها التجارية والبنكية الواسعة! وقد اكتشفت هذا الكتاب وأعادت نشره منذ عامين الدكتورة وفاء رؤوف بقسم اللغة الإيطالية بكلية الآداب جامعة حلوان. والكتاب الثالث مسرحية «الأميرة الإسكندرانية» نشرها صنوع عام 1875 باللغة الإيطالية، والكتاب الرابع والأخير مسرحية «الزوج الخائن» نشرها أيضاً صنوع باللغة الإيطالية عام 1876!! وهذه المسرحية قمت بتصويرها من الأصل الموجود عند الدكتورة نجوى عانوس قبل عام 2001، فلها مني جزيل الشكر.
وبناء على ذلك أقول للباحث: في حالة عدم اقتناعك بإيطالية صنوع، اذهب إلى قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، ستجد رسالة ماجستير بعنوان «دور الصحافة الساخرة في الحركة الوطنية المصرية .. دراسة تطبيقية على صحف يعقوب صنوع» للباحثة «ريهام عبده إبراهيم»، واقرأ فيها أن حفيد صنوع «Joseph Sanua» - الذي يعيش في إسرائيل - أرسل رسالة إلى الباحثة الأمريكية «Irene Gendzier» عام 1958 يقول فيها إن أسرة صنوع من ليفورنو في إيطاليا! كما أرسل إليها ابن عم صنوع «Victor D. Sanua» - الذي يعيش في أمريكا – رسالة أخرى يقول فيها: «إن أسرة صنوع مسجلون أنهم أصلاً من ليفورنو». وهذا الكلام منشور في كتاب «الرؤى العملية ليعقوب صنوع» «THE PRACTICAL VISIONS OF YA’QUB SANU» المنشور عام 1966 في جامعة هارفارد الأمريكية للمؤلفة «Irene Gendzier».
وإن لم تكن مقتنعاً عزيزي الباحث بجنسية صنوع الإيطالية بناء على ما سبق، سأطرح عليك سؤالاً مهماً، وهو: إذا كان صنوع مصرياً، فلماذا لجأ الخديوي إسماعيل «بنفسه» إلى «القنصل الإيطالي» ليطرد صنوعاً من مصر؟! فهل يحتاج الخديوي – حاكم مصر - إلى واسطة القنصل الإيطالي لطرد مصري من مصر، أم لأن صنوعاً إيطالي ويجب إبعاده من مصر بواسطة القنصل الإيطالي؟! وهذه المعلومة منشورة في كتاب «مصر تحت حكم إسماعيل باشا Egypt Under Ismail Pacha» لمؤلفه «Blanchard Jerrold» والكتاب منشور عام 1879، أي بعد عامين من طرد صنوع من مصر، وبعد عام واحد من عزل الخديوي إسماعيل، أي أن معلومات الكتاب معاصرة ومتزامنة مع الأحداث، مما يجعلها معلومات صحيحة وذات مصداقية!
إنجليزية صنوع!
معضلة جنسية صنوع بين المصرية والإيطالية ليست المعضلة الوحيدة، لأن صنوعاً ربما يكون إنجليزياً وهي الجنسية التي جاءت في أخبار «جريدة الجوائب» عام 1871، عندما وصفته هكذا: «الخواجة مستر جيمس سنوا الإنجليزي»! وصفة «الخواجة» غالباً ما تُطلق على «الأجانب»، مما يعني أن صنوعاً ليس مصرياً! وكلمة «مستر» لا تُقال إلا على الإنجليزي أو الأجنبي ولا تُطلق على المصري، مما يعني أن صنوعاً إنجليزياً أو أجنبياً! أما اسم «جيمس سنوا» فهو اسم إنجليزي أو أجنبي بصورة واضحة! مع ملاحظة إنه الاسم المعتمد والمنشور والمعروف عن صنوع طوال حياته منذ ظهور اسمه عام 1868 وحتى وفاته عام 1912 ووضع اسم «جيمس سنوا» على شاهد قبره!!
ولعلك عزيزي الباحث غير مقتنع أيضاً بإنجليزية صنوع، لأن جريدة الجوائب قالت بذلك دون أي سند مقنع، لا سيما وأن الجريدة تصدر في الأستانة، وأن أخبار صنوع المنشورة فيها جاءتها من خلال مراسلها ومحررها وبائعها في مصر، مما يعني أن صاحب الجريدة «أحمد فارس الشدياق» لا يعرف صنوعاً ولم يشاهد له أي نشاط، ولا يعرف عنه أي شيء، والعهدة هنا تقع على مراسل الجريدة في مصر، وهو الإيطالي «كاستلي» - الذي سنتحدث عنه كثيراً فيما بعد – لأنه يعرف جيداً أن صنوعاً يحمل الجنسية الإنجليزية؛ بوصفه أحد قادة الماسونية في مصر!! وربما تسألني ما علاقة الماسونية بجنسية صنوع الإنجليزية؟! سأرد عليك وأقول: إن إيطالية صنوع واضحة وجلية – في حالة عدم إثبات مصريته – ورغم ذلك لم يذكر مراسل الجوائب «كاستلي» إيطالية صنوع، وأصرّ أن يذكر إنجليزيته! وذلك لسببين:
الأول: أن الإيطالي «كاستلي» - الذي يعرف صنوعاً جيداً وناشر بعض كتبه وجريدته فيما بعد في مصر – يعلم أن صنوعاً من أبرز الماسونيين المصريين، وأنه حصل على شهادة ماسونية برتبة «ماهر» عام 1868 - وهي درجة راقية من درجات الماسونية - وأنه بهذه الشهادة يتمتع برعاية الدولة الأم للمحفل الماسوني الذي ينتمي إليه صنوع وهي «إنجلترا» والذي يتمتع بجنسيتها ورعايتها أيضاً وفقاً للإجراءات الماسونية المتبعة في هذه الفترة!
واضح عزيزي الباحث أنك غير مقتنع بهذا التفسير أيضاً؛ لذلك سأدعمه لك بجهود الباحثة «ريهام عبده» في رسالتها للماجستير، عندما تحدثت عن انضمام صنوع للمحفل الماسوني الإنجليزي، الذي يمنح أعضاءه امتيازات نتيجة للأخوية الماسونية، مثل: الإنقاذ من المواقف الصعبة إن وقع فيها أحد الأعضاء الماسون، والحماية من عصف الحكومات، وتسهيل الدخول لبلاد كثيرة وتسهيل معيشتهم فيها ورعاية أسرهم في حالة الوفاة! وبناءً على ذلك كتب «كاستلي» في الجوائب أن صنوعاً رجل إنجليزي!
وإن لم تقتنع بهذا التفسير عزيزي الباحث، فإليك تفسير آخر لإنجليزية صنوع الذي تعمد ذكرها «كاستلي»، حتى يبعد الجنسية الإيطالية نهائياً عن صنوع في هذا الوقت! حيث إنها الفترة التي تواصل فيها صنوع مع الخديوي إسماعيل، وعرض أمامه بعض مسرحياته القصيرة كما قال ذلك صنوع بنفسه!! ومن المؤكد عزيزي الباحث أنك تشعر بأنني أسير بك في متاهات ودهاليز حتى أشتت انتباهك، وأقنعك بأن صنوعاً أجنبي وليس مصرياً!! فإن شعرت بذلك لن ألومك، ولكني أريد أن أضع أمامك كل الاحتمالات حتى تكون حُراً في قناعاتك، غير مقيد بفكرة واحدة! وحتى تقتنع بأن «كاستلي» أكد على إنجليزية صنوع، ولم يذكر إيطاليته بصورة متعمدة عام 1871، إليك هذه الحقيقة:
أغلب الصحف المصرية والعربية ابتداء من إبريل 1869، نشرت تفاصيل وقائع محاولة اغتيال فاشلة للخديوي إسماعيل، قام بها الإيطالي «ميناس» مدير مسرح الكوميدي الفرنسي بالقاهرة – ومكانه الآن مبنى مكتب بريد العتبة - وهذا المدير الإيطالي قام بمحاولته الفاشلة بالتعاون مع مساعديه في المسرح بصنع قنبلة بدائية، ووضعها أسفل مقعد الخديوي إسماعيل في البنوار الخاص به داخل المسرح! وتم اكتشاف القنبلة قبل قدوم الخديوي إلى المسرح، وتم القبض على المدير الإيطالي ومعاونيه، وشكل مأمور الضبطية لجنة تحقيق حصرت الشبهة في المدير الإيطالي ومعاونيه «فاربوني، وأنريقو أتاسي، وفرانسوا أكسانتاكي». وتشكلت لهم محاكمة تحت رئاسة علي باشا مبارك، وتمّ الحكم على المدير الإيطالي بالإبعاد عن مصر؛ بوصفه إيطالياً! هذه الحادثة كانت شؤماً على هذا المسرح؛ فتم إغلاقه ولم يُستكمل موسمه الأول! ولم نسمع ولم نقرأ أن الخديوي إسماعيل حضر عرضاً مسرحياً فيه بعد ذلك!! وتفاصيل هذه القصة بوثائقها ومصادرها منشورة في كتابي ««هيلانة الجميلة» .. أول مسرحية منشورة بالعربية في مصر سنة 1868 .. أثر أدبي مجهول للشيخ رفاعة الطهطاوي» الصادر عام 2015 من هيئة الكتاب.
ووجهة نظري أن «كاستلي» تعمد ذكر إنجليزية صنوع في أخبار الجوائب، حتى لا يحدث أي نفور تجاهه من قبل الخديوي إسماعيل، بسبب أوجه التشابه بين صنوع وميناس كونهما إيطاليين ويعملان في مجال المسرح ولهما علاقات بالخديوي إسماعيل!!
مصري بالإقامة
عزيزي الباحث: أرجو ألا تنزعج من إصراري على مطالبتك بإثبات مصرية صنوع؛ لأن من غير المعقول أن يكون رائد المسرح المصري أجنبياً وليس مصرياً!! لذلك سأخفف الأمر عليك، وأقول فرضاً: إنني على استعداد لأن أقبل مصرية صنوع دون وجود أية وثيقة، لأنني سأقبلها بمبدأ الإقامة في مصر، أي إنني سأقبل أي أقوال أو حكايات أو قصص منشورة - في الصحف أو الكتب أو المذكرات أو السير الذاتية – تكون قد تحدثت عن صنوع طوال فترة وجوده في مصر وقبل إبعاده إلى فرنسا، شريطة عدم الاعتماد على أقوال صنوع عن نفسه في مذكراته وصحفه، وبعيداً عن كتابات أصدقائه!! أي أنني أريد أية كتابات عن صنوع منذ عام 1869 إلى 1878!!
ويستطيع أي باحث أن يحقق ذلك لو اجتهد قليلاً؛ لأن من غير المعقول أنه لن يجد في «جميع» الصحف والكتب والمذكرات والسير الذاتية المنشورة طوال عشر سنوات أي شيء عن يعقوب صنوع «المصري ابن المصري»!! وأخشى أن يُصاب الباحث بالإحباط عندما يكتشف عدم وجود أي شيء عن صنوع «نهائياً» خارج كتاباته هو شخصياً في مذكراته وفي صحفه، وفي كتابات أصدقائه!! لذلك أنصح الباحثين بالبحث عن صنوع في «جميع» الكتب التي أرخت للخديوي إسماعيل، أو التي أرخت للمسرح المصري قبل عام 1953، أو التي أرخت لليهود في مصر، أو التي تحدثت عن القرن التاسع عشر في مصر!! وأخشى أن يكتشف الباحثون أن هذه الكتابات «جميعها» تحدثت بالفعل عن صنوع؛ ولكن من خلال مذكراته وصحفه؛ كونها المصدر الوحيد عن صنوع!! ولو حدث هذا الأمر، أرجو أن يطرح الباحثون على أنفسهم هذا السؤال: هل هذا وضع طبيعي ليعقوب صنوع «المصري ابن مصري» بما له من إسهامات ثقافية ومسرحية وفكرية .. كما هو مذكور في الدراسات الحديثة؟!
أكبر دليل على هذه الإشكالية علاقة صنوع بالشيخين «جمال الدين الأفغاني» و«محمد عبده»! فجميع الكتابات – حتى الآن - تتحدث عن علاقة قوية بينهم وتعاملات فكرية وصحافية وماسونية .. إلخ، وكل هذه الكتابات تعتمد على مذكرات صنوع وصحفه «فقط»!! ولو حاولت أن تقرأ «جميع» كتابات الشيخين «جمال الدين الأفغاني» و«محمد عبده» لن تجد أي شيء عن علاقتهما بصنوع!! والحق يُقال: كان لي شرف اكتشاف الدليل الوحيد الذي ربط بين الشيخين وصنوع - في كتاب المحاكمة - وهو دليل منشور في جريدتي «التجارة ومصر» عام 1879، ويتمثل في «محاضرة» ألقاها «جمال الدين الأفغاني» ونشرها «محمد عبده»، قائلاً: «.. ولقد وقفت على مغزى كلامه وحقيقة مرامه فأيقنت أنه عني بذلك جرنال «أبى نظارة»، ذاك الجرنال الهزأة، الذي لم يدع قبيحة من القبائح إلا احتواها، ولا رذيلة من الرذائل إلا أحصاها. أتى من العبارات ما لا يستطيع السوقة وأدنياء الناس أن يأتوا به. وجعل ديدنه السب والثلب وثلم الأعراض، وتمزيق حجاب الإنسانية، والقدح في السير الشخصية بما لا يليق أن يتفوه به الصبيان، مما يفسد الأخلاق، ويذيب ماء الوجوه خجلاً وحياء. على أن ليس فيه نكتة مضحكة، ولا لطيفة مسلية. مع أنه لا يحتوي على سياسة، ولا أخبار، ولا مضحكات، ولا فكاهات. بل هو محض الشتم واللطم. ولم يكن ذلك من «محرر هذا الجرنال الهزء البارد» إلاّ لدناءة الطبع، والميل إلى كسب الدنانير والدراهم. إذ ينال بهذيانه هذا من زيد أربعين جنيهاً في الشهر، ومن عُمر أقل. ولقد تغالى «منشئه في الوقاحة» حتى أشار في كتاباته وخزعبلاته، أن أبناء المجامع المقدسة ذات المقاصد العالية المبنية على محض الأدب والإنسانية هم مشاركوه في عمله هذا. حاشاهم حاشاهم أن تتدانى هممهم لهذه المقاصد السافلة، فقد كذب وافترى، واعتسف واعتدى».
هذا هو الدليل الوحيد الذي اكتشفته، ولم يكتشف غيري أي دليل آخر يثبت علاقة صنوع بالشيخين!! لذلك أتمنى من أي باحث جاد أن يجد أدلة أخرى لهذه العلاقة، ربما ما جاء في المقالة السابقة كان ظلماً وافتراء من الشيخين ضد صنوع، أو أن الشيخ «جمال الدين الأفغاني» ألقى درسه ضد صنوع إرضاء للخديوي إسماعيل، وكذلك الشيخ «محمد عبده» قام بتفسير كلام الأفغاني إرضاء للخديوي .. فكل الاحتمالات واردة!!
وثائق قلم الوزرات
علاقة صنوع بالشيخين أوحت إليّ بفكرة، يُمكن أن يتبناها الباحثون، وتتمثل في: مراجعة مذكرات صنوع والبحث في الأسماء الواردة فيها، أمثال: خيري باشا، وعلي باشا مبارك، وشريف باشا، ودرانيت باشا .. إلخ، ومن ثم يبحث الباحث في كتابات هؤلاء – إن كانت لهم كتابات - أو يطلع على ملفاتهم الوثائقية ربما يجد شيئاً يتعلق بصنوع! ومن ناحيتي أقدم للباحث الجاد نصيحتي في هذا الأمر، وأقول له: يجب أن تذهب إلى «دار المحفوظات العمومية بالقلعة»، وتطلب الدخول إلى «قلم الوزارات» الذي يجمع ملفات الموظفين الحكوميين منذ محمد علي باشا! ولك أن تتخيل المعلومات والحقائق والوثائق الموجودة في كل ملف وظيفي تبعاً لأهمية الموظف! وبالنسبة لي أنا اطلعت بالفعل على ملفات «علي باشا مبارك» و«درانيت باشا» وكتبت عنهما في كتاباتي من واقع ملفاتهما! لذلك أريد من الباحثين الاجتهاد في هذا المكان الذي أعتقد سيحسم أموراً كثيراً في قضية صنوع!
وطالما استطعت أيها الباحث الوصول إلى «قلم الوزارات» فلا مانع أن تبحث عن الملف الوظيفي ليعقوب صنوع؛ بوصفه مدرساً في المهندسخانة كما قال صنوع في مذكراته وكتاباته وكتابات أصدقائه، ربما تجده!! ولو وجدته ستختصر كثيراً من وقت والجهد؛ لأن الملف الوظيفي به كل شيء عن صاحبه منذ ميلاده، ولو كان صنوع مدرساً بالفعل – حتى ولو كان أجنبياً – ستجد له ملفاً وظيفياً في قلم الوزارات! وما يدعم هذا الاحتمال أن أول أثر منشور باسم «James Sanua»، كان كتابه «العربي العجوز L’arabo anziano» عام 1869، وجاء على غلافة صفة المؤلف هكذا «PROFESSORE DI LINGUE» أي «أستاذ لغة»!! ولكنه لم يكتب أين يعمل كأستاذ؟ ولا أظن أن «المهندسخانة» مكان وظيفي متواضع حتى لا يكتب صنوع أنه «أستاذ لغة في مدرسة المهندسخانة»!!عموماً ملفات قلم الوزارات ستحسم هذا الأمر!
أما العقبة الوحيدة التي سيجدها الباحث أمامه، فتتمثل في المعلومات المنشورة في كتاب «تاريخ التعليم في مصر» - من عصر محمد علي باشا إلى عصر الخديوي إسماعيل - للدكتور أحمد عزت عبد الكريم الصادر في أربعة أجزاء عام 1938، لأن المؤلف ذكر جميع العاملين في مدرسة المهندسخانة في عصر الخديوي إسماعيل – وهي فترة وجود صنوع في مصر وعمله في المهندسخانة كما قال صنوع – وأعضاء هيئة التدريس في مدرسة المهندسخانة، كما ذكرهم مؤلف الكتاب في الجزء الرابع منذ إنشاء المدرسة حتى إغلاقها عام 1872، هم: محمد زهدي، محمد قدري، محمد حكيم، علي أحمد، أحمد كمال، فرنس بك، صادق سليم، مسيو تراوب، أحمد ذهني، علي عزت، حسن فريد، سيد أحمد خليل، إسماعيل بك الفلكي، محمد خفاجي، علي الدرندلي، يوسف عياد، عبد العزيز الهراوي (منتدب)، منصور أحمد، موري، صالح مجدي، مسيو شارل باربه، جرجس ملطي، أحمد قطة العدوي، عمر فايق، عبد الله سكوتي!!
وهذا يعني أن المؤلف لم يذكر اسم «يعقوب صنوع أو جيمس سنوا» نهائياً، ضمن أساتذة مدرسة المهندسخانة!! وفي المقابل لاحظت أن المؤلف ذكر اسم مدرس مهم جداً – من وجهة نظري – وهو «مسيو كاستلي» مدرس اللغة الفرنسية! لأن «كاستلي» هو مراسل جريدة الجوائب الذي تحدثنا عنه، أو على الأقل من أسرة «كاستلي» الإيطالية التي لها علاقة قوية بصنوع – كما ذكرنا سابقاً، وكما سنذكر لاحقاً – ومن المحتمل أن «مسيو كاستلي» كان وراء القول بأن صنوعاً كان مدرساً في المهندسخانة!! والجدير بالذكر إن «مسيو كاستلي» كان مدرساً منتدباً للغة الإيطالية في مدرسة «الإدارة والألسن» بجانب عمله مدرساً للغة الفرنسية في المهندسخانة. ولعل البعض يظن أن صنوعاً كان منتدباً أيضاً، ونسى مؤلف الكتاب ذكر اسمه، لذلك أرجو أن يجتهد الباحثون في إيجاد اسم صنوع ضمن ملفات مدرسي أو موظفي المهندسخانة!! علماً بأنني وجدت في قلم الوزارات بدار المحفوظات ملفاً تحت رقم «7744» داخل محفظة رقم «292» باسم «إبراهيم يوسف» ووظيفته «فرّاش» في مدرسة المهندسخانة!!


سيد علي إسماعيل