ما قبل تاريخ المسرح بعد الدرامي (2-2)

ما قبل تاريخ المسرح بعد الدرامي (2-2)

العدد 689 صدر بتاريخ 9نوفمبر2020

المرحلة الثالثة: الطليعة الجديدة 
بالنسبة لأصول المسرح بعد الدرامي , كان رحيل الطليعة الجديدة مهما . ففي ألمانيا , شجعت مرحلة ما يسمى إعادة البناء بعد الحرب العالمية الثانية علي تحديد مشكوك فيه للثقافة والمسرح في النزعة الإنسانية غير السياسية . فمن ناحية تم بناء ما لا يقل عن مائة مسرح جديد خلال فترة الازدهار الاقتصادي في خمسينيات القرن الماضي , ولكن من الناحية الأخرى , تضاءل المشهد بسبب نزعة (جوستاف جروندنج) المحافظة , ومحاولة نسيان الماضي السياسي , والعودة بدلا من ذلك الى الثقافة . ففي الوقت الذي كانت فيه بدت فيه المحاولات التجريبية الألمانية خجولة , نشأت مسارات جديدة في الولايات المتحدة الأمريكية في كلية بلاك ماونتين , وجون كيج , و ميرس كانينجهام والآن كابرو وآخرين . 
     وأثناء أواخر الخمسينيات , بدأت المغادرة الدولية . ولم تميز فقط بداية الطليعة, بل ميزت الثقافة الشعبية التي حولت كل مجالات الحياة العامة والخاصة . فقد وجهت موسيقى الروك ( عند تشاك بيري و الفيس بريسلي) لأول مرة وبشكل بشكل متعمد وحصري الي الشباب . وبدأ انطلاق المسيرة الغامرة لثقافة الشباب . وفي ألمانيا , والتي اتبعت عن طيب خاطر الاتجاهات الأمريكية في الفنون البصرية والثقافة اليومية , بدأ الاستقبال المتحمس لمسرحيات بيكيت ويونسكو وسارتر وكامو كرد فعل لمسرح بيلدوج (المسرح التعليمي الثقافي  المتعالي) . وقد وجد التقاء الفلسفة مع مسرح العبث والوجودية صدى قويا في ألمانيا بسبب الإدراك المتأخر لتطورات فنية مثل السيريالية والتجريدية التعبيرية . وقد بدأ تلقي كافكا وأصبح علم الفن والموسيقى المسلسلة محسوسين . وبينما بدت جماليات بريخت , في جمهورية ألمانيا الديموقراطية – ولاسيما بعد الجولة الدولية الناجحة لفرقة “برلينر انسامبل» – تضبط النغمة (علي الرغم من أنه يتم التعامل معه يوميا علي أنه مشكوك فيه وتتم معارضته بما يسمى الواقعية الاجتماعية) , في العالم الغربي ولاسيما في ألمانيا الغربية , تطور مسرح في الاحتجاج والإثارة حوالي عام 1965. وأصبحت مسرحية بيتر فايس “ مارا /صاد “ ( إخراج كونراد سوينارسكي و بيتر بروك علي التوالي ) رمزا لهذه الثورة المسرحية . ومع بلوغ هذه الثورة المسرحية ذروتها في عام 1968 , شهدت الستينيات تطور روح جديدة من التجريب في كل الفنون . ويؤدي أسلوب بريمن الجديد الي إثارة ضجة تحت إشراف كورت هوبنر , إذ ظهر مسرح سياسي شاب جديد , تميز بأعمال بيتر زاديك و ويلفرد مينكس و بيترشتاين . وقد رحل هذا الأخير إلى برلين عام 1969 وصنع لعدة عقود مسرح برلينر شاوبوني وهو مسرح دولي رائد . وفي الولايات المتحدة , تعمل الطليعة الإبداعية متعددة الأنواع مع الفنون البصرية والمسرح والرقص والسينما والتصوير الفوتوغرافي والأدب لكي تصبح جماعة إبداعية تحول تجاوز الحدود الفنية إلى معيار يجعل المسرح التقليدي يبدو قديما . ويقترب فن البيئة ( الذي كان متوقعا في عرض « ميرسبوتين « إخراج كورت شفايتر ) من مشهد المسرح من خلال تكامله المفاهيمي مع الحضور الحقيقي للمشاهد في داخل العمل . وتتفاعل مشاريع  الإجراءات عند كريستو باعتبارها أعمال تتفاعل مع الزوار الذين يتدفقون عليها . ان رسم الحركة هو بالفعل تناغم الرسم مع أصداء الموقف المسرحي , علي الرغم من أنه , بعد الفعل الفني , الذي تم التأكيد عليه في حد ذاته , فانه لا يزال موجودا لذاته كموضوع مرتبط في فكرته بمشهد نشأته . ويقوم ايف كلاين بتوجيه المؤدين لقياساته البشرية الخاصة باعتبارها عروض فنية مع الموسيقى أمام الجمهور . ومع مسرح الوقائع , وأكثر من ذلك مع نشطاء فيينا , يتخذ الفعل سمات الطقوس . وفي عام 1969, عرض ريتشارد شيشنر «ديونيسيوس 69» , والذي دُعي فيه المتفرجون الي الدخول في اتصال مادي مع المؤدين . 
 وفي الستينيات أيضا كان مسرح العبث في بؤرة الاهتمام . إذ تخلى عن المعنى البصري من أجل الفعل الدرامي , ولكنه في خضم تفكك المعنى يتلاحم بشكل مدهش وصارم مع الوحدات الدرامية الكلاسيكية . ان ما يزال يربط  يونسيكو وأداموف والمتغيرات الأخرى في هذا المسرح الذي يوصف بأنه عبثي أو شاعري بالنسبة للتقاليد  الكلاسيكية هي هيمنة الكلام . فبينما تصبح الكلمات بالنسبة ليونسكو قذائف رنانة بلا معنى , فمن خلال هذه الخاصية بالتحديد , التي تؤدي مثل “المغنية الصلعاء “ , معنية في النهاية بالتعبير عن العالم الحقيقي في ضوء جديد , أو الحقيقة , وكما يقول يونسكو “ في ضوءها الحقيقي فيما وراء التفسيرات والعشوائية السببية “ . وحتى مسرح النقد الصارم للمعنى الذي يفهم نفسه كإعداد للعالم , والمؤلف كمبدع له . وحتى كلعبة للعبث , فقد ظل المسرح تمثيلا للعالم . ومثل المسرح السياسي المتمثل في الاستفزاز , يظل مسرح العبث مرهونا بتسلسل الوسائل الذي يُخضع في نهاية المطاف الوسائل المسرحية للنص في المسرح الدرامي . وتظل ضفيرة هيمنة النص , وصراع الشخصيات , ووحدة الحبكة , وتمثيل العالم ( مهما كانت مغايرة ) , التي تميز المسرح الدرامي كما هي . 
     وبمراجعة مسرح العبث كما وصفه (مارتن ايسلين ) , ربما نشعر في البداية أنه قد تحول إلى مسرح بعد درامي في الثمانينيات . فلا توجد قصة ولا حبكة يمكن التحدث عنها هنا ؛ فالمسرحيات غالبا بدون شخصيات مميزة , ولكن بدلا من ذلك بها دمي آلية , وغالبا بلا بداية ولا نهاية  , وبدلا من أن تكون مرآة للواقع فإنها تبدو كانعكاسات للأحلام والكوابيس , وتتكون من ثرثرة مفككة بدلا من التكرار البارع والحوار حاد . فهل يصنف مسرح روبرت ويلسون هنا ؟ وبما أنه يمكننا بالفعل تشخيص شيء مثل “ غياب المعنى “ في المسرح بعد الدرامي , فان مقارنته بمسرح العبث تفرض نفسها هنا , الذي يحمل في اسمه التخلي عن المعنى . اذ يعتمد جو مسرح العبث علي نظرية كونية  , ويقوم علي أسس سياسية وفلسفية : البربرية في القرن العشرين , والاحتمال الواقعي لنهاية التاريخ , البيروقراطية التي لا معنى لها والاعتزال السياسي . فالتراجع الوجودي الي الفردي والعبثي مرتبطان ارتباطا وثيقا . وأصبح اليأس الهزلي هو المزاج الأساسي في نصوص (فريش ) و (دورينمات) و(هيلدشايمر) وآخرين . ويعبر شعار «الكوميديا فقط هي التي يمكن أن تصل الينا» ( الذي أطلقه دورينمات) عن فقدان امكانية التفسير التراجيدي للعالم . ومع أفلام الوجودي الفرنسي (ستانلي كوبريك) «دكتور سترانجلف : كيف تعلمت عدم القلق وأحب القنبلة Dr. Strangelove :or How I learnt to stop Worrying and Love the Bomb “ عام 1964 يظل الترجمة السينمائية لهذه التجربة . ورغم ذلك تقدم النظرية الكونية المختلفة سردا مختلفا تماما لكل دوافع الانقطاع والكولاج والمونتاج وتفكك السرد , والصمت وانسحاب المعنى المشترك بين مسرح العبث والمسرح بعد الدرامي . وبينما ركز (ايسلين) بحق علي العناصر العبثية الشكلية في سياق الموضوعات التي تحددها النظرية الكونية , ولاسيما أنه أكد علي الشعور بالضيق الميتافيزيقي من عبثية الحالة الانسانية , وبالنسبة للمسرح بعد الدرامي في الثمانينيات والتسعينيات فان تفكك التأكيدات الأيدلوجية لم يعد يمثل مشكلة للمعاناة الميتافيزيقية بل انه معطى ثقافي . 
     يتوافق المسرح العبثي مع الدراما الغنائية التي تنتمي الي نشأة المسرح بعد الدرامي . ويشير عنوان مجموعة المسرحيات الثانية ل (تارديو Tardieu ) “ قصيدة للعب Poeme a Jouer “ (1960) إلى هذا الاتجاه . ومسرحية مثل “ محادثة سيمفونية Conversation Sinfonietta “ تبني تركيبة موسيقية من أجزاء اللغة العادية . وفي مسرحية “ أبجديات حياتنا L’ABC de notre vie” ( المكتوبة عام 1958 والمعروضة عام 1959) فإننا نجد وصف النوع “ قصيدة للمسرح” للصوت الفردي والكورال . واستخدم العرض الأول موسيقى (أنطون ويبرن) . وهناك أيضا مسرحية بدون شخصيات حيث الأصوات فقط في غرفة خالية ( أصوات بدون شخصيات) . وبالمقارنة الي المسرح بعد الدرامي , فان المسرح الشعري  الذي أراد ( ايسلين ) أن يميزه عن مسرح العبث , لا يختلف عنه كثيرا . المسرح الشعري هو نوع من المسرح الأدبي في تقاليد المسرح الدرامي , بينما تفصله فجوة عن المسرح بعد الدرامي . باختصار , نستطيع أن نقرر بأن مسرح العبث , مثل مسرح بريخت , ينتمي الي تقاليد المسرح الدرامي , علي الرغم من أن بعض نصوصه تكسر اطار المنطق الدرامي والسردي . ومع ذلك لم يتم اتخاذ خطوة الانتقال الي المسرح ما بعد الدرامي الاعندما وضعت الوسائل المسرحية التي تتجاوز اللغة بشكل متساو بجانب النص ويمكن التفكير بشكل منهجي بدونها . وبالتالي لا يمكننا أن نتحدث عن استمرارية الملحمي أو العبثي في المسرح الجديد , بل يجب أن نسمي التمزق : بأن الملحمي بقدر المسرح العبثي , رغم اختلاف وسائلهما , يتشبث بتقديم النص الخيالي المحاكي للعالم , في حين أن المسرح بعد الدرامي لم يعد يفعل ذلك . 
     ويشير نوع المسرح الوثائقي الذي تطور في الستينيات بشكل ما الي تقاليد المسرح الدرامي . ففي مكان التمثيل الدرامي للأحداث نفسها نجد مشاهد من مسارات محاكمة الأحداث , واستجوابات وأقوال الشهود . ويمكننا الاعتراض بأن مشاهد المحكمة و استجواب الشهود هي أيضا وسيلة المسرح التقليدي لخلق التشويق . وفي حين أن هذا صحيح بالنسبة لكثير من المسرحيات الدرامي , الا أنه ليس وثيق الصلة هنا لأن المسرح الوثائقي أقل اعتمادا علي نتائج التحقيق أو الوصول إلى الحكم . فما هو موضوعيا علي المحك هنا سواء كان ذنبا سياسيا أو أخلاقيا ( في أبحاث الأسلحة النووية وحرب فيتنام والامبريالية والمسئولية عن فظائع معسكرات الاعتقال ) قد تم تقريره منذ فترة طويلة تاريخيا وسياسيا خارج خشبة المسرح . وفي هذا السياق تواجه المسرحية الوثائقية صعوبة مماثلة مثل كل دراما تاريخية تحاول المستحيل : وهو تحديدا و كيف تمثل الأحداث المعروفة تاريخيا باعتبارها غامضة وملتبسة ولا بد من إقرارها في مسار الإجراء الدرامي فقط . ولا يحدث التشويق مع تطور الأحداث , ولكنه تشويق موضوعي وفكري وأخلاقي في الغالب : فالأمر لا يتعلق بعالم يتم سرده ومناقشته دراميا . ومن ناحية أخرى , لم يستطع المؤلفون الأقل اتساقا مثل ( رولف هوكوث) الذي تجنب إغراء التغيير في المواد الوثائقية للتناول الدرامي , مما أثار انتقادات حادة , علي سبيل المثال من أدورنو . 
      المشكوك فيه سواء كان من الممكن دعم الادعاء السياسي المتعلق بالمسرح الوثائقي من خلال موائمته شكليا مع المعيار الدرامي . وزعم (بيتر أيدين) في عام 1980 أن مسرحية ( رولف هوكوث) « النائب» ظلت غير واعية تجاه شكلها الدرامي , وبالتالي لم تكن في الحقيقة مسرحا سياسيا , بينما مسرحية ( بيتر شتاين) « تاسو Tasso” , بالمقارنة , مسرحا سياسيا . وقد صار واضحا أن معالجة المسرحيات الكلاسيكية في المسرح تترجم بشكل ممتع الدرامي داخل المادة في دراما هدم كل الوسائل التقليدية ( علي الرغم من أن استعار الدراما لفقدان وسيلة التمثيل عتيقة الطراز ربما استعارة غير ملائمة) . فقد انتقلت مادة الصراع الدرامي الي الطريقة التي كانت تعالج بها . تجسد هذه الملاحظة المعارضة الشديدة للتقاليد الدرامية , ومحاولات ممارسة جديدة مختلفة للمسرح في مسرحية (بيتر شتاين ) «تاسو». بالطبع قرر (شتاين) نفسه التوقف عن ترك المسرح أو تفكيكه . وبدلا من ذلك بدعم من (ديتر ستروم) سرعان ما طور (جماليات مرحلة العرض التي تم الإشادة بها بحق , والتي كانت في بعض الأحيان واحدة من أكثر الانجازات الرائعة في المسرح الدرامي , عندما تم الاستفسار عنه ) . فما يتطلع إلى الأمام بشأن المسرح الوثائقي ليس الرغبة في العمل السياسي المباشر , ولا أقل من التمثيل الدرامي التقليدي , بل هو سمة من المرجح أن تثير الرفض والنقد . وأثناء تقديم الوثائق بشكل درامي , تظهر في نفس الوقت ميلا واضحا أشبة بالخطابة , ونحو الطقوس , حيث يقدم أيضا الاستجواب والتقرير والمحكمة أنفسهم . ويصبح هذا واضحا في مسرحية (بيتر فايس ) “ التحقيق The Investigation “ , والتي لم تنشأ بالمصادفة من قراءة دانتي وخطته لكتابة نوع من الجحيم هو أيضا . اذ يقدم أهوال معسكرات الموت في أوشفيتز في مقاطع الأناشيد , مما يزيد من مادة التقارير في تلاوة طقسية . 
     يمكننا أن نقول ان النصوص البارزة في تلك السنوات تستجوب نموذج الاتصال الدرامي بشكل أوضح من ممارسة الإخراج . وبالتالي تتضمن أصول المسرح بعد الدرامي مسرحية ( هاندكه ) « قطعة ناطقة Sprechstucke” . فالمسرح هنا يضاعف نفسه , ويقتبس كلامه . فمن خلال التفاف التآكل الداخلي للعلامات المسرحية عن طريق الخاصية ذاتية الإشارة , تحدث الإشارة إلى الواقع . وتصبح اشكالية الواقع كواقع للعلامات المسرحية استعارة للاستنزاف , والدائرية الفارغة لأكثر أشكال الكلام شيوعا . وإذا  لم يعد من الممكن قراءة العلامات كمرجع لمدلول معين , فان الجمهور يواجه , بلا حول ولا قوة , اما البديل المتمثل عدم التفكير في مواجهة هذا الغياب , أو قراءة الأشكال نفسها , والألعاب اللغوية , والمؤدين “هنا والآن”  “ الوجود بما هو كذلك “ (الجوهر Sosein – وفقا لهيدجر). نظرا لأن نصا مثل “ اهانة الجمهور Offending the Audience” ,   يحتوي علي جميع معايير المسرح الدرامي كموضوع له يظل بطريقة ما مرتبط بهذه المعايير باعتباره دراما شارحة metadrama أو مسرح شارح metatheater , كما يقول (مانفريد فيستر Manfred Pfester) ( مع التردد الكلاسيكي) . وفي نفس الوقت , رغم ذلك , فانه يشير أيضا إلى مستقبل المسرح بعد الدراما . 
     تضحي كل المتغيرات المذكورة في المسرح الطليعي الجديد بأجزاء من معينة من التمثيل الدرامي ولكنها في النهاية تحافظ علي الوحدة الحاسمة : الارتباط الوثيق بين نص الفعل , و التقرير أو العملية , والتمثيل المسرحي الموجه نحوه . وقد تمزق هذا الارتباط في المسرح بعد الدرامي في العقود الماضية . إذ تفسد بين الوسائطية , وحضارة الصور والتشكيك في النظريات الكبرى والسرديات الشارحة التي لم تضمن فقط في السابق عدم خضوع جميع الوسائل المسرحية للنص , بل أيضا التماسك فيما بينها . فلم يعد الأمر مجرد تأكيد واعتراف بالانجاز المستقل للمسرح كصميم فني . وبدلا من ذلك تنقلب العلاقات المكونة للمسرح الدرامي , أولا بطريقة خفية ثم علانية . ولم يعد هذا التركيز علي أسئلة حول ما إذا كان المسرح يتطابق مع النص الذي يتفوق علي كل شيء آخر , وكيف يتطابق , بل كانت الأسئلة هي هل النصوص مادة مناسبة لتحقيق مشروع مسرحي وكيف . ولم يعد الهدف إجمالي تكوين المسرح الجمالي من الكلمات , والمعنى , والصوت , والإيماءة .. الخ , الذين يقدموا أنفسهم للإدراك باعتبارها بنية شاملة . وبدلا من ذلك اتخذ المسرح طابعا متشظيا وجزئيا .  اذ يتخلى المسرح عن معايير الوحدة والتركيب طويلة الأمد , ويتخلى عن الاختيار والمخاطرة بالثقة في الدوافع الفردية والشظايا والبنيات الدقيقة للنصوص من أجل أن يصبح نوعا جديدا من الممارسة . وفي هذه العملية يكتشف المسرح قارة جديدة الأداء , ونوعا جديدا من فناني الأداء الذي تحول اليه الممثلون ويؤسس مشهدا مسرحيا متعدد الأشكال يتجاوز الأشكال التي تركز علي الدراما . 
............................................................................................
هذه المقالة هي جزء من الفصل الثاني من كتاب “ المسرح بعد الدرامي Postdramatic Theater” ـ تأليف هانز سيز ليمان الصفحات من 47-57 وقد سبق أن قدمت جريدة مسرحا عددا من الدراسات النقدية في أعدادها السابقة  . 


ترجمة أحمد عبد الفتاح