نعيمة عاكف.. الفنانة الشاملة ملكة الاستعراض

نعيمة عاكف.. الفنانة الشاملة ملكة الاستعراض

العدد 687 صدر بتاريخ 26أكتوبر2020

القوام الممشوق المتناغم بانسجام، والعيون المعبرة الواسعة التي تشع بالحيوية والشقاوة والانطلاق، وخفة الظل والدلال الأنثوي الطبيعي بدون تكلف ولا افتعال، ومهارات التميز في الرقص الشرقي والغربي (وخاصة رقصة الكلاكيت) بالإضافة إلى حركات الأكروبات جميعها سمات انفردت وتميزت بها الراقصة والممثلة والمطربة أو بتعبير آخر الفنانة الشاملة والنجمة الاستعراضية المتألقة/ نعيمة عاكف والشهيرة باسم «لهاليبو»، وهي من مواليد 7 أكتوبر عام 1929 بمدينة «طنطا» التابعة لمحافظة الغربية، وقد قضت طفولتها وشطر كبير من حياتها في السيرك الذي تمتلكه عائلتها، وهي عائلة «عاكف» أكبر العائلات التي ظلت لسنوات طويلة تقدم ألعاب السيرك وخاصة ألعاب الأكروبات، ولا ينافسها في هذا المجال سوى عائلة «الحلو» التي تميزت عنها ربما في ترويض الوحوش. وكان «سيرك عاكف» الذي تمتلكه عائلتها قد ورثه والدها عن جده إسماعيل عاكف مدرب الجمباز في مدرسة الشرطة، والذي بعدما أغرم بأجواء السيرك وعالم ترويض الوحوش قدم استقالته من الشرطة وقرر التفرغ تماما لممارسة هوايته، ثم ورث كل ابن من ابنائه الموهبة والسيرك عن والده. وكانت فقرات السيرك تضم بالإضافة إلى تقديم ألعاب الأكروبات وترويض الوحوش فقرات لأشهر فرقة في عالم الاستعراض. ويذكر أن والدها كان حريصا جدا على توظيف موهبة بناته وتلقينهم فنون السيرك والاستعراضات لمشاركته في تقديم فقرات البرنامج اليومي للسيرك. ومما يدعو للدهشة أن محاولاته الأولى مع ابنته نعيمة قد باءت بالفشل حيث لم تبدى اهتماما أو حماسا لتعلم الرقص أو تقديم الاستعراض - وكانت لم تتم عامها الرابع بعد - لكنه أخذ يثير غيرتها من شقيقتها الأكبر التى أظهرت مهارات في التعلم بسرعة واتقان الحركات، وبالفعل نجحت خطته وتعلمت نعيمة وتفوقت على شقيقتها، لتصبح هى نجمة فرقة السيرك. فتألقت منذ طفولتها المبكرة ولفتت الأنظار إلى موهبتها بل وأبهرت الجميع لدرجة أنها صارت البطلة الأولى لفريق السيرك وهى لم تتجاوز بعد الرابعة من عمرها، وذلك بعدما تعلمت الألعاب الاكروباتية والمشي على الحبال والقفز من المرتفعات (الترابيز)، وقد ظلت تعمل في السيرك حتى بلغت الرابعة عشر، ولكن للأسف خسر والدها فجأة كل أمواله بعدما تزوج من راقصة السيرك وأدمن لعب القمار مما دفعه إلى رهن السيرك. فاضطرت أمها إلى الانتقال مع أسرتها (بناتها الثلاث) إلى القاهرة، واستقرت بالإقامة بشقة متواضعة في «شارع محمد علي»، وهو شارع الفن (أو شارع العوالم) كما كانوا يطلقون عليه، وهناك تعلمت الموهوبة نعيمة عاكف أصول فنون الرقص الشعبي (البلدي) والغناء لتتقنهما بنفس جودة اتقانها السابق لفنون الأكروبات والاستعراضات، وتصبح بذلك الفنانة الشاملة. 
ونظرا لأن والدتها أشفقت على بناتها وصغر عمرهن أصرت على حمايتهن برفض ابتزاز أصحاب الصالات والكباريهات ومحاولاتهم لاستغلال أنوثة بناتها، فقررت تكوين فرقة صغيرة منهن لتقديم الاستعراضات بالشوارع أو بمسارح «روض الفرج» أو ببعض الأفراح الشعبية نظير بعض القروش القليلة التي توفر لهم لقمة العيش وتكفيهم متطلبات الحياة الضرورية. ولكن سرعان ما ابتسم الحظ لهن وذلك حينما علم الفنان الكبير على الكسار مصادفة بحكاية البنات اللاتى يقدمن الاستعراضات فى الشوارع، فذهب لمشاهدتهن وعندما أعجب بما يقدمونه اتفق معهن على الانضمام لفرقته المسرحية، وبالفعل بدأت «نعيمة» تشق طريقها إلى أول خطوات الاحتراف الحقيقي لعالم الفن.
وبفرقة «الكسار» اكتسبت بعض خبرات التعامل فانطلقت بعد فترة وجيزة للعمل في بعض الملاهي الليلية الكبيرة وبالتحديد بملهى كل من: النجمتين «ببا عز الدين» و»بديعة مصابني»، حيث تعلمت رقصة «الكلاكيت» بملهى بديعة مصابني، كما شاركت في تقديم بعض الاستعراضات وبعض الأوبريتات بصورة جماعية ولكن لم يتح لها فرصة تقديم استعراضات منفردة، ولذلك لم تستمر في العمل بكل منهما طويلا والتحقت بملهى «الكيت كات» لتحقق حلمها وتتألق باستعراضات وبطولات فردية، وبالفعل نجحت في لفت أنظار عدد من مخرجي السينما المصرية إلى تميزها خاصة وهي ترقص على غناء الفنان محمد الكحلاوي (بالفقرة التي يقدمها بفرقته التي كونها آنذاك)، فسارعوا إلى اتاحة الفرصة لها للعمل في مجال السينما وصقل موهبتها في التمثيل بدءا من أواخر حقبة الأربعينات. كانت بدايتها السينمائية حينما التقطتها عيني المخرج الكبير أحمد كامل موسى خلال تواجده بملهى «الكيت كات» - الذي كان يرتاده معظم مخرجي السينما - وقدمها كراقصة فقط في فيلم «ست البيت» الذي عرض عام 1949 بطولة عماد حمدي وفاتن حمامة، وإن كان قد سبقه في تاريخ العرض فيلم آخر وهو «حب لا يموت» الذي يعد أول فيلم عرض لها عام 1948 من إخراج محمد كريم وبطولة فريد الأطرش وراقية إبراهيم، ثم كانت انطلاقتها الكبرى بعد ذلك حينما اختارها المخرج حسين فوزي لتشارك في بطولة فيلم «العيش والملح» عام 1949، وقد شجعه نجاح الفيلم على التعاقد معها لاحتكار مشاركاتها في الأفلام التي يخرجها، وبالفعل قامت بأول بطولة سينمائية لها في فيلم «لهاليبو». ورغم فارق السن الكبير بينهما إلا أنهما تزوجا، لتنتقل بهذا الزواج اجتماعيا من شقة متواضعة بشارع محمد علي إلى فيلا بحي مصر الجديدة، وذلك بالإضافة إلى أنه قد خصص لها أساتدة لتعليم اللغات، والارتقاء بمستواها الثقافى ووعيها الفنى. وبالفعل عاشت حياة جديدة تعرفت من خلالها على عدد كبير من النجوم أصدقاء زوجها وفي مقدمتهم الفنانين فريد الأطرش، ومحمد فوزي. ولكن للأسف مع ارتفاع رصيد «نعيمة» فى الأفلام التى قدمتها وسطوع شهرتها فى سماء الفن والنجومية بدأت الغيرة تتسلل إلى قلب زوجها، وبعد عشرة أعوام من الزواج (وبعدما أخرج لها 15 فيلما) لم تستطع تحمل غيرته الشديدة وعصبيته واصراره على احتكار موهبتها فقررت الانفصال عنه فى هدوء تام وبعيدا عن أى مشكلات. ثم تزوجت بعد ذلك من زوجها الثانى المحامى صلاح الدين عبد العليم (الذى كان مستشارا قانونيا لها كفنانة قبل الزواج)، وبزواجها منه تغيرت حياتها كثيرا وعاشت حياة مستقرة خاصة بعدما قبلت بعض شروطه، ومن أهمها رفضه الشديد لارتدائها بدلة الرقص الشرقي، أو تقديم أى مشاهد جريئة، وبالفعل شعرت معه بالسعادة الحقيقة بعدما أنجبت منه ابنها الوحيد محمد. 
وتجدر الإشارة إلى أنها خلال مسيرتها الفنية القصيرة والثرية في نفس الوقت شاركت في بطولة عدد من الأفلام المهمة - والتي تعد علامات في السينما المصرية - ليصل رصيدها الإجمالي إلى ستة وعشرين فيلما وحتى تاريخ رحيلها أواسط الستينات من أهمها: فتاة السيرك، تمر حنة، أربع بنات وضابط، و»مدرسة البنات»، و»عزيزة»، و»خلخال حبيبى»، و»مليون جنيه»، بياعة الجرايد، و»أمير الدهاء». اعتزلت نعيمة عاكف الفن في عام 1964 لكي تهتم بإبنها الوحيد، وبعدها بعامين وبالتحديد في 23 أبريل عام 1966 رحلت عن عالمنا بسبب مضاعفات مرضها بالسرطان عن عمر يناهز 37 عاما. وتجدر الإشارة إلى أنها بالرغم من عمرها الفني القصير إلا أنها قد وفقت في ترك بصمة مميزة لا يمكن إغفالها، وأعمال خالدة تبقى في الذاكرة، ويكفي أن نذكر لها حصولها على لقب أفضل راقصة في العالم من «مهرجان الشباب العالمي» بموسكو عام 1958.
ويمكن تصنيف مجموعة أعمالها الفنية طبقا لاختلاف القنوات الفنية (المسرح السينما) وطبقا للتسلسل الزمني كما يلي:
أولا - المسرح:
ظل المسرح منذ بدايات الفنانة نعيمة عاكف وحتى تاريخ اعتزالها هو المجال المحبب لها ومجال إبداعها وتميزها الأساسي، فهو المجال الذي تفجرت وصقلت من خلاله موهبتها الكبيرة، ومن خلاله أيضا لفتت أنظار كبار مخرجي السينما، وبالتالي فقد قضىت في العمل به كممثلة شاملة تشارك بالتمثيل والرقص والغناء ما يقرب من عشرين عاما، وبخلاف عروضها الاستعراضية والأبريتات التي شاركت بها في منتصف أربعينيات القرن الماضي بصالات «بديعة مصابني»، «ببا عز الدين»، و»الكيت كات» وكذلك بفرقة «الكسار» يمكن تصنيف مجموعة أعمالها المسرحية طبقا لاختلاف الفرق المسرحية وطبيعة الإنتاج وطبقا للتسلسل الزمني كما يلي:
- وزارة الثقافة»: يا ليل يا عين»: يا ليل يا عين تأليف علي أحمد باكثير، زكريا الحجاوي (1956).
- «الفرقة الإستعراضية»: موكب التاريخ (1962)، بدلة التشريفة (1963)، الليلة العظيمة، البخيلة (1964).
وقد تعاونت من خلال تلك الأعمال مع المخرجين: زكي طليمات، فؤاد الجزايرلي.
ثانيا – مشاركاتها السينمائية:
نجحت السينما وبصورة متميزة جدا في توظيف موهبة ومهارات الفنانة متعددة المواهب نعيمة عاكف، فمنحتها الفرصة كاملة لإظهار مختلف مواهبها وتأكيد مهاراتها الاستعراضية في الرقص والغناء، وذلك بفضل مجموعة من المنتجين وكبار المخرجين الذين مهدوا لها طريق تكوين عدة ثنائيات غنائية مع نخبة من المبدعين وفي مقدمتهم المطربين محمد فوزي، عبد العزيز محمود، سعد عبد الوهاب، كارم محمود، ومحمود شكوكو. كذلك أتاحت لها السينما ومن خلال مجموعة أفلامها فرصة تقديم مجموعة من الشخصيات الدرامية المتنوعة، فقدمت شخصيات الفتاة الفقيرة ابنة الحارة المصرية (فيلم مليون جنيه)، الفتاة اليتيمة بملجأ الأيتام (أربعة بنات وضابط)، والطالبة أو الفتاة المراهقة التي تنتمي إلى الطبقات المتوسطة (فيلمي: بابا عريس، مدرسة البنات)، وكذلك شخصيات المرأة العاملة المكافحة، أو الراقصة بالملهى (أفلام: نور عيوني، عزيزة، بحر الغرام)، أو الراقصة بفرقة عوالم (أحبك يا حسن)، الفتاة الغجرية (فيلم تمر حنة)، وكذلك المرأة الارستقراطية. 
هذا وتضم قائمة مشاركاتها السينمائية والتي تضمنت مجموعة من الأفلام الإستعراضية (التي شاركت خلالها بالرقص فقط أو بالرقص والتمثيل والغناء) ومجموعة أخرى من الأفلام الدرامية (التي لم تشارك خلالها لا بالرقص ولا الغناء) الأفلام التالية:
آه يا حرامي، حب لا يموت (1948)، ست البيت، العيش والملح، لهاليبو (1949)، بابا عريس،  بلدي وخفة (1950)، فرجت، فتاة السيرك (1951)، جنة ونار، النمر، يا حلاوة الحب (1952)، مليون جنيه (1953)، نور عيوني، أربع بنات وضابط، عزيزة (1954)، بحر الغرام، مدرسة البنات (1955)، تمر حنة (1957)، أحبك يا حسن (1958)، فاطمة، خلخال حبيبي (1960)، الحقيبة السوداء (1962)، بياعة الجرايد (1963)، أمير الدهاء، من أجل حنفي (1964).
وجدير بالذكر أنها قد تعاونت من خلال مجموعة الافلام السابق ذكرها مع نخبة من كبار المخرجين ومن بينهم الأساتذة: محمد كريم، أحمد كامل مرسي، هنري بركات، حسين فوزي، كامل التلمساني، أنور وجدي، حسن الإمام، حسن الصيفي، حسن رضا.
نعيمة عاكف واستعراضاتها المبهرة:
ساهمت الفنانة الاستعراضية القديرة نعيمة عاكف في إثراء الفن المصري بتقديمها لعدد كبير من الاستعراضات وخاصة من خلال السينما المصرية (خلال الفترة من 1948 إلى 1964 وذلك بمشاركتها في (26) ستة وعشرين فيلما)، ولكن تجدر الإشارة إلى عدم مشاركتها فيها جميعا بالتمثيل والرقص والغناء، حيث شاركت بتقديم اللوحات والتابلوهات الراقصة ببعض الأفلام فقط، خاصة وأنها كانت ترقص أحيانا فقط على أغاني بعض المطربين (ومثال لها أفلام: آه يا حرامي، ست البيت، من أجل حنفي)، كما شاركت بالتمثيل فقط ببعض الأفلام الأخرى، ولكن يظل تميزها الأساسي بمشاركتها كفنانة شاملة بالتمثيل والغناء والاستعراض. ويمكن من خلال مشاهدة مجموعة الأفلام التي شاركت بها والتركيز على مجموعة الاستعراضات التي قدمتها بها رصد وتوثيق تميزها بالأفلام التالية.
- فيلم «العيش والملح» الذي قدمت من خلاله مجموعة من الاستعراضات البديعة ومن بينها: «بسبس بسابيسو» (الذي عبرت من خلاله عن حبها للفن ومواهبها المتعددة)، واستعراض بغداد (والذي شاركت خلاله المطرب محمد قنديل الغناء)، وكذلك استعراض «حوش أوعى حوش» الذي قامت بتقديمه في صالة القصر (واستعرضت مهاراتها في رقص الكلاكيت والرقص البلدي).
- فيلم «لهاليبو» الذي قدمت خلاله مجموعة من الاستعراضات البديعة والمبتكرة، ومن أهمها حوارها مع خيال ظلها، ومن أهم استعراضاتها بالفيلم: «البلياتشو» (الذي قدمته في إطار السيرك)، وكذلك «لهاليبو» (والذي من خلاله قدمت شخصية الراقصة كما تقمصت أيضا شخصية ابن البلد)، واستعراض «نحن وهن» (عن علاقة الرجال والنساء وقدمته في صالة القصر وهي متنكرة في زي رجل)، وكذلك استعراض «فاكهة سوريا ولبنان» (والذي قدمت من خلاله صورة لفنون الشام في الرقص والغناء).
- فيلم «بابا عريس» الذي تضمن تقديم مجموعة من الاستعراضات المبهرة ومن بينها: استعراض «عسكر لعب» (قدمته في المدرسة)، ثم استعراض «أنت يا عمة وأنت يا عم» الذي قدم في الشارع بين المارة، وكذلك استعراض «الهوايين» والذي قدم ضمن فقرات الملهى الليلي في إطار جو طقسي بجزر مثل هاواي، وأخيرا استعراض «آه من العجوز» (الذي قدم بصالة القصر).
- فيلم «بلدي وخفة» والذي قدمت من خلاله أربعة استعراضات ومن بينها الأوله آه مع الفنان محمود شكوكو، والثاني أنا استويت الذي أظهرت من خلاله مواهبها المتعددة في القصر أمام كل من الباشا والمنتج، والثالث وهو الأهم بمجال الاستعراض وهو عبارة عن أوبريت صغير بعنوان «الدنيا بترقص» وقدمت من خلاله رقصات وأغاني من مصر وتونس ولبنان وأسبانيا وفرنسا وهوليود، أما الاستعراض الرابع بعنوان «يا ككاكا كوكو» فقد قدمته بعشة الفراخ فوق السطوح.
ويجب التنويه إلى أن أغاني جميع الاستعراضات السابقة من تأليف حسن توفيق (الذي كان يعمل مساعدا للإخراج مع المخرج الكبير حسين فوزي)، وأغلبها من ألحان علي فراج.
- فيلم «فرجت» وقدمت من خلاله خمسة استعراضات متميزة وهي: «فرجت» (في المنزل لاستقبال والدها)، «الحب» (في بهو القصر لإبراز مواهبها)، «أنا رقاصة» (قدمته في المسرح) والذي قدمت من خلاله رقصات هولندية ويونانية، «البحارة» (قدمته في المسرح) وتضمن رقصة شرقية، «كليوباتره» (حيث تدخل في الأوبريت الفرعوني وتفسده).  
- فيلم «فتاة السيرك» والذي قدمت من خلاله ثنائي غنائي مع المطرب إبراهيم حموده في كل من استعراض «سيبني أروح» من تأليف مصطفى السيد وألحان عبد العزيز محمود، و»السباق» من تأليف فتحي قورة وألحان علي فراج، كما قدمت بمفردها أكثر من استعراض بديع مثل «الخيل»، «البلياتشو»، و»سوق الجواري». 
- فيلم «جنة ونار» والذي قدمت من خلاله ثنائي غنائي مع المطرب عبد العزيز محمود حيث قدما معا أربعة استعراضات هي: «الاستعراض الكبير»، و»البكا والحزن ليه؟» وهما من تأليف جليل البنداري، واستعراض «الفول» من تأليف مصطفى السيد، وأيضا «أقدر على قلبي» من تأليف صالح جودت، وجميعهم من ألحان عبد العزيز محمود.
- فيلم «النمر» والذي من خلاله قامت بالغناء والرقص على موسيقى وألحان محمد عبد الوهاب، كما قدمت أكثر من استعراض بديع مثل استعراض «الفتوات» التي جسدت من خلاله شخصيتي العروسة والعريس، وقدمت عدة شخصيات مثل ابن البلد والشامي والكاوبوي، والاستعراض «البدوي» واستعراض «طازة الأهرام» عن بيع الصحف، والذي من خلاله قامت بتجسيد الشخصيات من أغلفة المجلات وأبرزت موهبتها في رقصة الكلاكيت وجسدت أيضا شخصية البلياتشو.
- فيلم «يا حلاوة الحب» والذي قدمت من خلاله ثنائي رائع مع الفنان محمد فوزي، وقدمت أغاني واستعراضات من أهمها: «بيقولوا الفنون بتجيب الجنون»، «قالوا فين الجمال؟»، أوبريت «علاء الدين» (حلاوة الحب).
وتجدر الإشارة إلى أن عددا كبير من الاستعراضات السابقة أو أفكارها قد سبق لها تقديمها أو المشاركة بها في صالات: «بديعة مصابني»، «ببا عز الدين»، والكيت كات»، خاصة تلك الاستعراضات التي تقدم فنون ورقصات بعض الدول العربية (وخاصة العراق والشام وتونس) أو تقدم بعض رقصات الدول الأجنبية (الرقصات الفرنسة والأسبانية واليونانية والأمريكية)، كذلك تلك الاستعراضات التي تقدم الجو البدوي أو عالم السيرك أو عالم البحر والصيادين.    
وأخيرا تجدر الإشارة إلى أن السنوات الأخيرة في حياة النجمة الراحلة نعيمة عاكف كانت شديدة المأساوية وتختلف تماما عن حياة البهجة التي كانت تصنعتها على الشاشة. فمن يشاهد أعمالها ويتابع إشعاعها وبريق عينيها واستعراضاتها المبهرة لا يمكنه تخيل أن هذه الفتاة الجميلة المشرقة قد عاشت حياة مأساوية، وتحملت الألام منذ طفولتها، وحتى المراحل الأخيرة من عمرها، حيث تعرضت لصدمة كبيرة هي وزوجها عندما تم تشخيص مرضها والكشف لهم عن أسباب الآلام الشديدة التي كانت تعاني منها، حيث اضطر الطبيب المعالج بأن يصارحهما بأنها مريضة بسرطان الأمعاء والذي وصل إلى الرحم أيضا، فأمضت ليلتها بالمستشفى في بكاء مستمر حتى غادرتها في صباح اليوم التالي لتعود للمنزل وتحتضن ابنها الوحيد محمد. كانت «نعيمة عاكف» قد انهت عملها في آخر فيلمين لها وهما: «من أجل حنفي»، و»أمير الدهاء» فأخبرت زوجها بقرارها لاعتزال الفن والتفرغ لابنها الذي شعرت بأنها ستفارقه قريبا، ورغبتها في أن تقضي ما تبقى من حياتها إلى جواره. وقد حاول زوجها أن يثنيها عن اتخاذ هذا القرار اعتقادا منه بأن مناخ العمل من الممكن أن يخرجها من حالة اليأس والإحباط التي تمكنت منها، ولكنها أصرت على قرارها، وبالفعل تفرغت لمصاحبة ابنها والالتزام بجلسات العلاج الكيماوي التي كانت قد بدأتها وسط حالة نفسية سيئة وإحساس بأن العمر قد أوشك على الانتهاء. ولكنها كانت على موعد جديد مع الأمل حينما أخبرها طبيبها المعالج بوصول رسالة له من ألمانيا تفيد بإمكانية إجراء عملية جراحية لها والشفاء من مرضها، فاستعدت سريعا لانهاء إجراءات السفر بعدما تحدد لها يوم 11 أبريل لإجراء العملية، كما سعدت جدا عندما علمت أن الدولة ستتكفل بالمصاريف ما اعتبرته تقديرا لمشوارها الفني. ولكنه القدر وقضاء الله فقد عاودتها الآلام بشدة قبل سفرها بأيام، وكانت هذه المرة هي موعد النهاية حيث توفيت يوم 23 ابريل عام 1966، وظلت تردد آخر كلمة قبل أن تلفظ أنفاسها وهي اسم ابنها «محمد» (كما أكد المقربون منها فى ذلك الوقت). وبرحيلها فقد الفن المصرى واحدة من ألمع نجماته، فقد الفنانة الاستعراضية صاحبة الوجه الجميل والظل الخفيف، اللهلوبة الشقية ذات الروح المرحة المتفردة، والتي تعشق الحركة والنشاط، وتشع طاقة إيجابية وتخلق جوا من البهجة والسرور طوال الوقت.


د.عمرو دوارة

esota82@yahoo.com‏