سيدتي الجميلة.. نهى برادة: أحب أن يكون الفنان «جوكر»

سيدتي الجميلة.. نهى برادة: أحب أن يكون الفنان «جوكر»

العدد 683 صدر بتاريخ 28سبتمبر2020

لمهندسة الديكور الكبيرة نهى برادة تاريخ حافل من الأعمال المسرحية والفنية التي التي تميزت وحققت الكثير من النجاح.. هي مهندسة ديكور مصرية ولدت عام 1942 في القاهرة تخرجت في كلية الفنون الجميلة قسم الزخرفة الداخلية عام 1962 تم التحقت بفرق التلفزيون المسرحية عام 1963 ما أتاح لها فرصة كبيرة في تصميم الديكورات لهذه الفرق. واصلت العمل في فرق مؤسسة المسرح. ثلاثون عاما من العمل والإبداع صممت خلالها ديكورات أكتر من 160 مسرحية لمسارح الدولة، كما عملت  مع معظم الفرق التجارية، الفنانين المتحدين، فرقة أمين الهنيدي، والريحاني.كذلك صممت الديكور لعدد كبير من الأعمال التليفزيونية. من أعمالها في المسرح: سيدتي الجميلة، خان الخليلي، ومدرسة المشاغبين، قصر الأحلام وحتى يعود القمر، وشارع محمد علي، ومن أشهر المسلسلات التي عملت فيها: زينب والعرش وأوراق الورد. عن هذه الرحلة كان معها هذا الحوار.
- حدثينا عن بدايات علاقتك بالمسرح والديكور؟
أنا ابنة وحيدة لأبوي، التحقت بمدرسة من مدارس الراهبات، منذ صغري كنت أحب الرسم، وشجعني على ذلك جدي لوالدي ووالدي، وكانا يمداني بالكتب المرسومة كي ألونها. وجدتي لوالدتي  كانت جميلة جدًا ، وكنا نذهب إلى البحر يوميا، ونقضي الوقت ما بين قراءة كتب الأطفال، و مشاهد كتب الكوميكس، باللغة الانجليزية، و ميكي ماوس، بلوتو، دانل داك، لا أعرف إذا كانت موجودة الآن  أم لا.. القراءة محاولة مستمرة لتنمية الذاكرة، أحب الأشياء التي تنمي الذاكرة والتفكير، لم يكن للمدرسة دور في ذلك ، لم تكن هناك حصة رسم، الراهبات جادات جدًا، والجو العام كان جادا والدراسة أغلب الوقت، و كانت المدرسة في ذلك الوقت خارج سيطرة رقابة الحكومة، المدرسة كان بها أجانب كثير من الأرمن واليونان، كان هذا قبل عام 56، و كان لي  صديقة إيطالية جميلة الصوت كنت أقول لها: «أنت هتكوني مغنية أوبرا، وأنا هأكون زي فان جوخ، ولكني مش هأقطع ودني طبعا». حصلت على الثانوية العامة، والتحقت بالفنون الجميلة، فنصحوني بدخول قسم الديكور لا قسم التصوير الزيتي، في ذلك الوقت كان الأستاذ ناجي شاكر يقوم بعمل مشروع عرائس، و هو من قام بعمل الليلة الكبيرة، وحمار شهاب الدين، و وقد ساهم كان حاضرا في مشروعي للبكالوريوس في العرائس، ولم يكن مجال العرائس، موجودًا وقتها، فكانت أعمال الأستاذ ناجي شاكر هي الأولى. 
- ماذا عن ذكرياتك في مرحلة الدراسة في فنون جميلة؟
وقتها كان قسم الديكور اسمه الفنون الزخرفية، وهو يضم كل الفنون الأخرى، مثل الإعلانات وطوابع البريد، والرسم بالرصاص. في آخر عامين كنا نقوم بعمل مناظر خارجية، و تصميم فرش وقاعات، وهو ما يسمى الآن عمارة داخلية. الآن التخصص أكبر، هناك الديكور والعمارة الداخلية، لم يكن في وقتنا علم المسرح، ولكني دخلت المسرح لأنهم طلبوا أن يدخل أوائل الكليات، حيث أنشأ أستاذ سيد بدير عشرة فرق تقدم رواية جديدة كل أسبوع ، و بالطبع كانوا يريدون مهندسين ديكور، لم يكن هناك معهد فنون مسرحية وقتها، بعدها تم إنشاء فرع الديكور في معهد فنون مسرحية وأصبح أساتذتنا و منهم صلاح عبد الكريم، و عبد الفتاح البيلي مدرسين في هذا القسم.
- من هم أساتذتك الذين تعلمتِ على أيديهم فن الديكور؟ 
تأثرت جدًا بالأستاذ صلاح عبد الكريم فهو أستاذ شامل، معطاء، تشربت الفن على يديه، وهو أيضا مهندس ديكور لديه مكتب يعمل على مستوى عالٍ جدًا ، صمم ديكورات العديد من الفنادق، وكذلك لوحات جدارية في مبنى التلفزيون ، أدخل شغل الحديد الخردة في التماثيل، وهو فنان عالمي. أحب هذه الطريقة، أنا يكون الفنان مثل الجوكر، لا أحب الشخص الذي ينتمي لمجال واحد فقط، وهذا أفادني كثيرا حينما عملت في المسرح، حيث ساعدني على إدخال تكنيك الرسم والعمارة الداخلية التي تعلمتها، أغلبية دفعتي تتلمذوا على يدي  الأستاذ صلاح عبد الكريم ، فهو محب للتدريس، لذلك فقد أعطى هذه المهنة كل ما عنده.
- أيهما أفضل، أن يتبع  قسم الديكور الفنون الجميلة، أم معهد الفنون المسرحية؟
اعتقد أنه كلما كان الشخص ملمًا بأبعاد وتكنيك المسرح، إضافة إلى المعلومات عن العمارة والديكور و الرسم كان ذلك أفضل، فمثلا حينما صممت مسرحية سيدتي الجميلة رسمتها ولونتها على مقاس 50 في 70 (الرسم المصغر) قبل تنفيذ الماكيت بألوانه، فكلما كنت ملما بكل هذه الفنون تستطيع العمل بإتقان، ولكن إذا انقسم العمل بين شخصين أحدهما يرسم الاسكتش والآخر يصنع الماكيت، فلن يخرج العمل بنفس القوة.. كان معي منفذين جيدين جدًا، لكني كنت معهم طوال الوقت، لا أحد يلون لي بطريقته، أو يضع مقاسات غير التي أريدها. كل شيء كان يتم كما أريد. 
- ما المواصفات الواجب توافرها في مهندس الديكور المسرحي؟ وما الفرق بين عمله قديمًا وحديثًا؟
بصفة عامة، لابد أن يكون لديه دراية بالبيئة العامة بالمسرحية، هل هو أرستقراطي، تاريخي، بيئة شعبية؟ فالإلمام بالجو العام مهم جدًا، وقوة التخيل أيضًا، المهندسون الآن يعملون بطريقة لم تكن معروفة قديمًا، حيث لم يكن لدينا إمكانيات. لم يكن هناك ورق حائط، فأضطر أن أرسم. مثلا رواية زهرة الصبار، أو رواية مطار الحب.. كانتا عبارة  عن منظر واحد مرسوم يدوي. كان العمل يمر من خلال التخيل ويتم تنفيذه  بشكل جميل وجديد.الآن أصبحت الإمكانيات موجودة ومتاحة: البانر والتصوير، و الإضاءات، لاشك تقدم أشياء مبهرة وجميلة وأفكار جيدة، لكنها تخلو من لمسة يد الفنان، فقط صور، إبهار جميل واستعراض يخلو من  روح الفنان الحقيقية.. فلعمل حديقة مثلا أو غابة كنت استخدم مناظر عبارة عن: قماش دمور، ورق جرائد، قصاصات من ورق الشجر، مثلا رواية «بشويش» صنعنا الغابة ، لكن الآن يستخدمون التصوير الفوتوغرافي.. اليدوي يعطي عمقا للعمل.
- أيهما تفضلين، العمل على رواية بطابع أرستقراطي أم بطابع شعبي؟
أحب الأعمال الشعبية أكثر، لأنها تعطي مهندس الديكور فرصة أكبر للعمل، ولصنع الملامس الخاصة بالبيئة الشعبية، فهي ليست مجرد صور. اعتقد الآن الأرستقراطي أيضا يتم عمله بسهولة ، فببضعة صور وورق مذهب يمكن صنعه، لذلك أرى أن الديكورات الآن غير مطابقة للواقع الذي تمثله. هناك استسهال، وتعبير غير واقعي عن البيئات المختلفة.
لماذا يحدث هذا من وجهة نظرك؟ 
الناس يرون البيئات المختلفة في المسلسلات وفيها تشابهت الطبقات، بالتالي أصبحت البيوت متشابهة، لأن الأقل يريد أن يصبح شبه الأعلى. 
- حدثينا عن طريقتك في التحضير للمسرحيات؟
أول شيء أفعله هو قراءة الرواية ووضع الملاحظات، ثم تخيل المناظر والمشاهد، وتجزئة المناظر، تحريك الديكور. ثم البدء في الرسم .. مثلا في رواية شارع محمد علي لشريهان وفريد شوقي هناك تفاصيل مثل فيلا سهير الباروني، وحمام الثلاثاء، كل هذه التفاصيل موجودة على المسرح طوال الوقت، تركيبة هندسية محسوبة، وهذا كله شغل يدوي، حمام الثلاثاء بالفوم، هناك مشهد (كهف) بورق جرائد ومذهب، ثم تأتي مرحلة الاسكتشات، والمناقشة مع المخرج، وفي البروفات يكون الديكور جاهز تقريبا.
- ماذا عن مشاركاتك في المهرجانات  المصرية: القومي والتجريبي ؟ 
كنت ضمن لجنة تحكيم المهرجان القومي للمسرح في 2017 وكانت رئيسة المهرجان في هذه السنة أستاذة سميحة أيوب. وقد أعجبتني مسرحية قواعد العشق الأربعين. وكانت هناك أيضا مسرحيات أخرى جميلة، كنا نشاهد روايتين في اليوم. وكانت تجربة شاقة بالنسبة لي، لم أعتد الحكم على أعمال الآخرين.     


شيماء عبد الناصر