هدى وصفي: تكريمي من التجريبي لفتة جميلة.. والمهرجان يحتل مكانة كبيرة في الوسط المسرحي الدولي

هدى وصفي: تكريمي من التجريبي لفتة جميلة.. والمهرجان يحتل مكانة كبيرة في الوسط المسرحي الدولي

العدد 579 صدر بتاريخ 1أكتوبر2018

في لفتة فنية من إدارة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي في دورته الخامسة والعشرين، جاء تكريم كوكبة من رموز الفن والمسرح المصري والعربي، وعلى رأسهم الدكتورة هدى وصفي، أستاذ الأدب المصري، ومديرة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي السابقة، وأحد مؤسسي فكرة المهرجان في مصر، التي ارتبطت بعلاقة وطيدة بالمهرجان حيث تعاونت مع إدارته في دورته الأولى من خلال ندوات المهرجان، ثم عملت مديرا للمهرجان لأربع دورات متتالية، وهي واحدة من الشخصيات الهامة في مجالات الفكر والثقافة والنقد الأكاديمي، كما أنها درست المسرح والنقد المقارن كأستاذ بأكاديمية الفنون لخمسة عشر عاما، وفي كلية الآداب بجامعة عين شمس، كما تمتلك خبرات كبيرة في الإدارة، حيث تولت إدارة المسرح القومي ومسرح الهناجر الذي استطاعت أن تنهض به حتى إن اليونيسكو اختاره عام 2000 كأفضل مركز ثقافي في دول البحر المتوسط، وكانت مديرة المسرح القومي ومسرح الهناجر السابقة، ولها علامات بارزة في المواقع الفنية والمسرحية التي تولتها.
«مسرحنا» حوارت الدكتورة هدى وصفي بصفتها مديرة سابقة لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي، وتعرفت منها على ما مثله لها تكريمها بالمهرجان في يوبيله الفضي، وأسس نشأة المهرجان وأهدافه وتطوره وكيفية إدارتها للمهرجان، وما مرت به من تطورات، وكيفية اختيار العروض المصرية والعربية والأوروبية التي تشارك بالمهرجان، ورؤيتها بشكل عام عن أداء المهرجان خلال الفترة السابقة، والكثير من النقاط الهامة في الحوار التالي.
في البدابة نود التعرف على ما مثله لكِ التكريم في حفل الختام الخاص بمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والمعاصر؟
سعدت جدا بالتكريم في اليوبيل الفضي للمهرجان، ومنحي ميدالية الدورة الخامسة والعشرين في حفل ختام المهرجان، الذي يعد أهم مهرجان مسرحي عربي خلال دورته السابقة، وخصوصا أنه يحتل مكانة كبيرة في الوسط الفني والمسرحي الدولي، وأتمنى للمهرجان أن يقاوم بعض الأقلام الصحفية التي لا تعي معنى المهرجان التجريبي وتهاجمه بلا وعي حتى إن بعضهم أسماه «التخريبي» وهذا خطأ كبير، لأن أي إبداع فني هو تجربة أولا وأخيرا بغض النظر عن مسماه، وأرجو عندما يكون هناك تراجع في الإنتاج المسرحي ألا يتم اتهام المهرجان التجريبي بأنه السبب وراء ذلك، فهذا به سوء نية غير مقبول. إن فكرة التكريم هي مسألة جميلة محبوبة من قبل إدارة المهرجان بتكريم من قام بعمل جيد وساهم في عمل شيء جيد للمهرجان والفن والمسرح، حيث يشعر أكثر بأهمية ما قدمه وقيمة هذا العمل. 
إن استمرار المهرجان من الأمور الجيدة والمفرحة رغم الحروب التي واجهها في الماضي والإساءة لأشخاص نتيجة إشاعة أطلقها البعض بأن مسرح الكلمة مات واكتفوا بالحركات والرقصات ولغة الجسد، وهذا غير صحيح.

حدثيني عن فترة إدارتك للمهرجان وكيف كنتِ تديرينها؟
أنا مؤمنة بأنه لا يوجد عمل جماعي لا توجه إليه انتقادات، وكانت إدارته 4 دورات، وبالطبع لم تخلُ من الملاحظات، خاصة أن مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والمعاصر يعد نافذة على ما يحدث في العالم، وقد قدم فرصة كبيرة للشباب للخروج والاطلاع والانفتاح على ثقافات أخرى ومشاهدة عروض جيدة ويتعرفون من خلاله على ما يدور حولهم في العالم، مما يجعلهم يحصدونه بعلاقات جديدة ولقاءات مع فنانين آخرين، وتبادل الخبرات والمعرفة مع مسرحي العالم، وأن استمرارية المهرجان واحتفاله باليوبيل الفضي شيء جيد، وأتمنى أن يصل لليوبيل الذهبي، ويجب وضع أي توصيات أو ملاحظات نصب الأعين لتلافيها في الدورات المقبلة.

وماذا عن آلية اختيارك للعروض المسرحية التي كانت تشارك في المهرجان؟
إنني حينما كنت مديرة للمهرجان كنت دائما ما أتلاشى أزمة اختيار العروض بسفري لمشاهدة الأعمال قبل اختيارها حتى يكون الاختيار بشكل دقيق، وهناك أساليب كثيرة لاختيار المشاركين دون تحمل المهرجان أي أعباء مالية بأن تتحمل كل دولة نفقات فرقها وعروضها، وهو تفعيل البنود المتفق عليها من الدول التي وقعت على بروتوكولات المهرجانات، وخصوصا أن المهرجان التجريبي، حين يكون الاختيار جيدا‏، يتيح‏ تبادل الأفكار الجديدة فيما بينهم وتزيد الخبرات لتصنع نوعا من الثراء في طريقة التناول والإخراج ويحدث تبادل وانفتاح وتعددية‏، وهي رافد مهم جدا للمسرح والدليل أنه لم يستطع أحد الاستمرار‏85‏ ليلة عرض وأكثر‏.‏

وكيف ترى دور المهرجان الحقيقي وتأثيره في الحركة المسرحية وما يحققه من تطور في المسرح المصري؟
استطاع المهرجان أن يقدم خدمات كبيرة للشباب وأطلعهم على أحدث ما يتم إنتاجه في العالم ومثّل فرصة ونوافذ مفتوحة على العالم لأن ليس كل الشباب متاحا لهم السفر للاطلاع على تجارب الآخرين، فكان المهرجان بالنسبة للكثيرين فرصة جيدة وسبب إلهام في تطوير أعمالهم على خشبة المسرح، فالمهرجان التجريبي كان له دور حقيقي في تطوير أداء المخرجين وأستطيع الحكم على ذلك جيدا بحكم أنني متخصصة ودارسة وعملت لسنوات في مجال المسرح ولدي القدرة في الحكم على الأشياء بطريقة علمية.

وهل ترين عودة نظام التسابق أفضل لإعطاء حيوية ومنافسة للمهرجان؟
هناك من يحبذ فكرة عدم وجود تسابق وهناك من يرى في الجوائز والمسابقة فرصة لشحذ الهمم، والجانبان لهما وجهات نظر تحترم.

وكيف كنتِ تتعاملين مع العروض المشاركة في المهرجان؟
إنني تعاملت مع المهرجان منذ الدورة الأولى مع المخرج الراحل سعد أردش وكنت مسئولة عن الندوات، ثم بعد ذلك تعاونت مع الدكتور فوزي فهمي كمديرة للمهرجان، وقضيت أكثر من أربع دورات أشاد بها الجميع، وقد كنت أسافر لمشاهدة العروض على الطبيعة وشاهدت الكثير من العروض في الدول الأوروبية واطلعت على التقنيات الحديثة في مسارح كثيرة بالعالم.

وماذا عن تطور المهرجان بعد أن شهد تطورا مسرحيا؟
الهدف الأساسي لتأسيس المهرجان هو محاولة تجديد الوضع المسرحي الذي كان مهتما بمسرح الكلمة فقط في بداية التسعينات، وكان هناك أفق وتوقع وانتظار لشكل المسرح مستقبلا، وكان وقتها هناك تيارات في أوروبا تدعو إلى التجريب، مستلهمة التجارب العلمية والتجارب المعملية في أوروبا، ثم جاءت بعده فكرة المهرجان التجريبي في مصر.

وكيف نقلتِ خبرتك المسرحية خلال إدارتك للمهرجان؟
من الأشياء التي أسعدتني أنني كنت مديرة لهذا المهرجان لأربع دورات وكان حقيقة محاولة باستمرار من الفنان فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق – بحكم أنه كان فنانا تشكليا متسع الثقافة وعاش في أوروبا وخصوصا في فرنسا وإيطاليا وهي بلاد النهضة الأوروبية التي بدأت في إيطاليا، ورأى الكثير من التجارب الفنية - كان هو وراء رؤية للتجديد في المسرح ويجدد الفن عموما لأنه متبنٍ فكرة الفن التشكيلي التجريدي، وبالتالي فالفنون التشكيلية التجريدية هي أكثر ارتباطا بفن التجريد، وكان هناك اعتراض على ذلك في البدابة ولكن عندما أتت هذه الفرق إلى مصر كان هناك أفق في التطور لدى شباب الفنانين، وأصبح هناك عروض تجريدية كثيرة استطاعت أن تواكب تطور الحركة المسرحية.

حدثيني عن تجربتك في مركز الهناجر للفنون وبصمتك التي قدمتيها للحركة المسرحية من خلاله؟
مركز الهناجر للفنون استوعب تجارب تجريدية كثيرة وناجحة وكانت هناك ألوان مسرحية كثيرة استطاع من خلالها الشباب التعرف على تجارب مسرحية عالمية من خلال ورش أدارها كبار المسرحيين في مصر وأوروبا والعالم العربي؛ مما أدى إلى وجود تيار مسرحي مستمر واستمرار أيضا فكرة المسرح المستقل الذي استطاع أن يزدهر في فترة بداية المهرجان التجريبي؛ مما أتاح الفرصة للشباب في مصاحبة الفرق التي كانت تأتي أيام المهرجان، بالإضافة إلى مساعدة الفنانين والمخرجين لتقديم عروضهم على خشبات المسارح في القاهرة والإسكندرية وبعض الأقاليم، وبالتالي فوجود المهرجان أدى إلى الاهتمام بالورش المسرحية في الإخراج والإضاءة والصوت والتدريبات المتميزة في الإضاءة والديكور، واستحدام تكنولوجيا الأبعاد الثلاثية التي تطورت بشكل كبير وسابقة لعصرها وصدرت منها تجارب جديدة انتشرت في المسرح المصري الآن، وسمحت هذه التجارب للشباب على التعرف على كل تطورات الحركة المسرحية في العالم من خلال المعرفة والفكرة الجديدة في المسرح المصري.

وبخبرتك المسرحية ماهية التجريبي من وجهة نظرك؟
تجريبي لأنه أخذ من فكرة التجريبية الموجودة في أوروبا، ولكن هناك فارقا كبيرا جدا بين التجريبية الأوروبية والمهرجان التجريبي في مصر، لأن التجريبية في أوروبا كانت ناتجة عن فلسفة سبقت وجود المهرجان وكما يحدث عادة في الغرب قبل الثورة الفرنسية كان هناك قرن كامل من الكتابات ضد الملكية قبل التجارب العلمية والمعملية التي اقتحمت عوامل فلسفية، ولكن نتبنى تجارب جديدة، ولكنها مرحلة جديدة ومتميزة، وأتاحت الفرصة للفنون التجريبية التي تطورت فيها الحركة والإضاءة والرقص ولغة الجسد ولغة الكتابة وغيرها من تطورات عميقة وثرية في المسرح المصري.
 


محمد خضير