العدد 676 صدر بتاريخ 10أغسطس2020
علمنا مما سبق الظروف التي أدت إلى عدم اكتمال بعثة المعهد الثانية إلى إنجلترا! كما علمنا أن البعثة الأولى كانت بعثة صيفية إلى إنجلترا أيضاً وكانت ناجحة! كما قرأنا ما كتبه الطلاب وهم في الخارج، وقرأنا ما أدلوا به في المقابلات الصحافية بعد عودتهم! وبناءً على ذلك أقول: إن الهدف من سفر الطلاب في البعثتين، هو تكوين أول نواة لأعضاء هيئة التدريس بمعهد التمثيل!! ولولا عدم إتمام البعثة الثانية – ثلاث سنوات – لكنا قرأنا عن محاضرات يلقيها في معهد التمثيل «الدكتورة سامية فهمي، والدكتور محمد توفيق، والدكتور حسن حلمي»! فهل فعلاً هؤلاء الطلاب حينها، كانوا مؤهلين لذلك؟! ولو كانت الإجابة بنعم، فهل نستطيع أن نقول إن الطلاب الآخرين – ممن لم يتم اختيارهم في البعثة الثانية - لا يستحقون شرف الانضمام للبعثة؟! وهل فعلاً كانوا غير مؤهلين علمياً أو فنياً ليكونوا ضمن النواة الأولى لأعضاء هيئة التدريس بالمعهد!! أقول هذا، لأنني وجدت مجموعة كتابات، كتبها هؤلاء الطلاب، تُجيب على الأسئلة المطروحة، وفي الوقت نفسه، تُعد إنتاجاً علمياً مجهولاً لهؤلاء الطلاب – حينها – من الواجب عليّ أن أوثقها، وأحفظها؛ كونها جزءاً من تاريخ أول معهد مسرحي تابع للفرقة القومية، ومقره كلية الآداب بالجامعة المصرية.
بحث لمحمد توفيق
أول عمل علمي وجدته منشوراً، كان لمحمد توفيق، ونشره في أبريل 1937 بجريدة «البلاغ»، تحت عنوان «المسرحية ذات الفصل الواحد». ووصفه الكاتب بأنه «بحث»!! والأهم من ذلك – من وجهة نظري – إنه يُعد أول منشور باللغة العربية في الصحف المصرية حول هذا الموضوع، مما يعكس لنا قدرة هذا الطالب في ذلك الوقت، وقبل أن يسافر إلى إنجلترا!! وقد مهد صاحب الجريدة للموضوع بمقدمة، قال فيها: “ أقدم هذا البحث لجمهور المسرح وهواته، وهو للأديب محمد حسن توفيق الطالب بمعهد التمثيل، والمرشح للبعثة التمثيلية التي ستوفد قريباً إلى إنجلترا لدراسة فنون الثقافات المسرحية. ويمهد الأديب توفيق لبحثه بكلمة قصيرة عن الشروط التي يجب أن تراعى في كتابة المسرحية ذات الفصل الواحد، وسيتبعها ببحوث أرجو أن تكون قيمة في كيفية كتابة هذا النوع من المسرحيات”
قال الطالب «محمد توفيق»: تختلف المسرحية ذات الفصل الواحد عن المسرحية الكبيرة، في مثل ما تختلف فيه القصة الصغيرة عن الرواية القصصية الكاملة. وليس هذا الاختلاف مجرد اختلاف في الكم والطول، فالمسرحية ذات الفصل الواحد التي روعي في وضعها أصول وقواعد الكتابة في هذه المسرحيات، ليست إلا مسرحية كاملة متعددة الفصول اتخذت شكلها الأخير بعد الضغط الشديد وتركيز الحوادث. كما أنه لا يمكن أن تتوسع في مسرحية ذات فصل واحد، فتعمل منها مسرحية متعددة الفصول بطريق الحشو والتطويل. والعامل في التفرقة بين المسرحية ذات الفصل الواحد والمسرحية الكبيرة، يرجع إلى طبيعة المسرحية ذاتها، والطريقة التي تتبع في بناء المسرحية ذات الفصل الواحد وتكوينها. وبهذه المسرحية تعالج موضوعاً واحداً يشترط فيه أن يكون مستحقاً للمعالجة بطريق المسرح. وهدف المسرحية ذات الفصل الواحد، هو التأثير المباشر في جهة واحدة وإن كان الأثر الذي تتركه المسرحية يختلف باختلاف نوع المسرحية نفسها، تراجيديا كانت أم كوميدية. وللأولى الأثر المحزن وللثانية الأثر المفرح، والمؤلف حر فيما يريد تركه في نفوس النظارة من أثر. والمفروض في المسرحية ذات الفصل الواحد أنها لا تستغرق في تمثيلها إلا القليل من الزمن، ولذلك أصبح لزاماً أن يراعى فيها ما يأتي: أولاً – الدقة المتناهية في جعل المسرحية مرتبطة ببعضها ارتباطاً فنياً دقيقاً «Artistic unity» [أي الوحدة الفنية]. ثانياً – مراعاة الاقتصاد بقدر الإمكان «Ecanomy»، فليس من المستحسن إرهاق الفرق التمثيلية بمسرحيات ذات فصل واحد، تحتاج إلى مصاريف طائلة في إعدادها للمسرح، ولا تتناسب مع الوقت القصير الذي تستغرقه المسرحية في تمثيلها. فإذا توفر هذان الشرطان في المسرحية ذات الفصل الواحد، كان نجاحها كبيراً. ومن الضروري جداً ملاحظة السرعة المتناهية في اجتذاب انتباه الجمهور، كما أنه لا بد والمحافظة على تيقظ ذهن الجمهور وتتبعه لحوادث المسرحية ويكون هذا بطريقين: أولاً - هجوم المؤلف بفكرته منذ البداية في المسرحية. ثانياً – خلق المواقف الجذابة المتمشية مع موضوع مسرحيته. فليس هناك في المسرحية ذات الفصل الواحد مجال للعرض الطويل، ولا للديالوج الممل، ولا للبحث السطحي. كما أنه لا يجوز مطلقاً تنوع الموضوعات وتعدد الغرض الذي ترمي إليه المسرحية ذات الفصل الواحد، فهي أقصر من أن تتسع لمثل هذا النقص الذي قد تسمح به مرغمة المسرحية متعددة الفصول. وتحتاج المسرحية ذات الفصل الواحد إلى توفر عاملين يسببان نجاحها: أولاً - الدقة المتناهية في بناء المسرحية. ثانياً - الدقة المتناهية في اختيار الحوار. أما الطرق العملية التي يجب على الأديب المسرحي اتباعها في كتابة مسرحية من هذا النوع، لتكون ذات قيمة أدبية وفنية، فيجب أن يراعي ما يأتي: أولاً - المادة «Material» التي تغذي المسرحية. أول ما يجب على الكاتب مراعاته أن يتناول مادة مسرحية من صميم الحياة، التي يعيش فيها. وحياة كل إنسان ينبوع فياض، يستطيع أن يستقي منه مادته، وهي مصدر إيحاء «Suggestion» خليق بأن يمد الكاتب بأروع المسرحيات وأدقها، بشرط أن يكون للكاتب من اللباقة والمهارة ما يمكنه من استغلال هذا الينبوع في صالح الأدب المسرحي. وأنا أحذر الكاتب المبتدئ من طرق الموضوعات الشاذة، التي تتنافر مع طبيعة الحياة وخصائصها. فخلق الشخصيات التي يصعب الاعتراف بوجودها، وابتداع الحوادث، التي لا يحتمل وقوعها وابتداع الحوادث، التي لا يحتمل وقوعها لتنافرها مع حقائق الحياة العادية، يسئ إلى المسرحية بقدر ما يتعب الكاتب في تصويرها. فإذا استطاع المؤلف أن يستقي موضوعات مسرحياته من الحياة المألوفة، وأن يصبغها في قالب من عنده تتوفر فيه الحبكة، وأن يخلق الشخصيات في مسرحيته على هذا الاعتبار، يكون له النصيب الأوفر من النجاح. على أنني لست في حاجة إلى تذكير المؤلف بأن الملاحظة الدقيقة «Accurate abyervation»، هي الأساس في وضع القصص بوجه عام، والمسرحيات بوجه خاص. ولا يفوتني وأنا في صدد الحديث عن المسرحية ذات الفصل الواحد، أن أذكّر الكاتب الذي اختار موضوع مسرحيته على الأساس السابق، أن يراعي ما ذكرناه من قبل فيما يختص بوحدة الغرض والتركيز، أي مهاجمة المتفرج بالفكرة والسرعة المتناهية في اجتذاب انتباهه والمحافظة على هذا الانتباه بخلق المواقف الجذابة منذ عرض المسرحية وتعقيدها إلى ساعة الحل. ثانياً - في المسرحية التاريخية «Historical» ذات الفصل الواحد إذا كانت المسرحية ذات موضوع تاريخي، فهنا قواعد يجب مراعاتها تتلخص فيما يلي: أ - الدراسة التاريخية، ب - حسن الاختيار. أما الدراسة التاريخية «للموضوع» الذي تعالجه المسرحية أو «الشخصيات»، التي تمسها فهذا أمر ضروري. وكلما كانت الدراسة عميقة والمصدر موثوق بصحته، فكل التوفيق في كتابة مسرحية أسهل مثالاً وأعظم أثراً. ومن العبث أن يحاول الإنسان كتابة مسرحية تاريخية دون دراسة وافية للموضوع الذي يبغي الكتابة فيه. ولما كان الإنسان أدرى بتاريخ بلاده وعادات أهلها وتقاليدها، فإني أرى أن من صالح الكاتب المبتدئ أن يبعد بقدر الإمكان عن طرق الموضوعات التاريخية الأجنبية. إلا إذا نضجت دراسته، واستطاع تحقيق أبحاثه، والجزم بصحتها، والإيمان بصدق المرجع الذي استقى منه فكرته. أما حُسن الاختيار فالمرجع فيه إلى الذوق وحده، على أن هناك عوامل أخرى تؤثر بدورها على الذوق، أهمها هدف المسرحية؛ فقد لا يكون من الذوق في شيء أن يختار الكاتب لمسرحيته موضوعاً تاريخياً عن هزيمة منكرة أو فضيحة مكشوفة في تاريخ أمته وعشيرته؛ ولكني ربما اغتفر له هذا النبوّ عن الذوق إذا كان الغرض مثلاً إصلاحياً اجتماعياً، بواسطة المقارنة والقياس التاريخي! ويجب في المسرحية ذات الفصل الواحد أن يكون موضوعها مثيراً جذاباً، ويشترط في هذا النوع من المسرحيات العناية التامة بالأسلوب والتأنق في اللفظ والسمو بالمسرحية إلى مراتب الأدب العالمي. ثالثاً - «Dramatising» أي تحويل القصص إلى روايات مسرحية، بأن نصب الرواية القصصية في قالب مسرحي. ولهذا النوع في وضع المسرحيات مزايا أهمها. أ- أن الكاتب لن يبذل مجهوداً كبيراً في تكوين هيكل مسرحيته ولا في خلق شخصياتها. ب- ربما استعمل الكاتب جزءاً كبيراً من حوار الموضوع في الرواية القصصية. ولا بد للكاتب أن يحدث تغييراً محسوساً في الرواية القصصية. لأن هناك اختلافاً شاسعاً بين القصة والمسرحية، كما أن الكاتب يجد نفسه أمام موضوع ناضج يأخذ منه مسرحيته. وهذه الطريقة في كتابة المسرحيات تلائم الكاتب المبتدئ لسهولتها. وكُتّاب الإنجليز يفضلونها ويعتقدون أن لها قيمتها الأدبية والفنية، وأرى أن المسرحية في هذه الحالة لا تكون حقاً مكتسباً للكاتب، ولا يحق له بأية حال نسبتها إليه! فالعملية في نظري هي اشتراك في مجهود أدبي لا تتجلى فيه فضيلة الاستقلال.
في الهواء الطلق
قرأنا في مقالة سابقة، ما كتبه «عباس يونس» عن «مسرح الخلاء» كما شاهده في إنجلترا، عندما كان ضمن أعضاء البعثة الصيفية. هذا المسرح، كتب عنه الطالب «حسن علي سالم»، لأنه شاهده في إنجلترا أيضاً – كونه أحد أعضاء البعثة نفسها – ولكنه لم يكتب عن المسرح الذي شاهده، بقدر ما كتب عنه من أجل إنشاء مثيل له في مصر!! كما أنه لم يوافق على اسمه «مسرح الخلاء»، وأطلق عليه اسم «مسرح الهواء الطلق»!! والجدير بالذكر إن مجلة «الصباح»، نشرت الموضوع تحت عنوان «آراء حرة للشباب المسرحي الجديد: مسرح الهواء الطلق» في سبتمبر 1938!! أي قبل سفر البعثة الثانية بأيام قليلة، وهي البعثة التي لم يكن بها حسن سالم – كاتب الموضوع - وكأن المجلة تريد أن تقول: إن كاتب هذا الموضوع هو الأجدر بالسفر والابتعاث إلى إنجلترا، ليكون أستاذاً في المعهد التمثيلي عندما يعود!!
قال الطالب «علي حسن سالم»: “ ليس في بلادنا التي وهبها الله جمال الطبيعة - من سماء زرقاء صافية الأديم إلى طقس معتدل، يكاد يخيم على البلد ثلاثة أرباع العام – مسرح واحد للتمثيل في الهواء الطلق. ويخطئ من يظن مثلاً أن مسرح «الليدو» بالجيزة الذي يعمل عليه الآن الأستاذ يوسف وهبي وفرقته مسرحاً يصح أن يسمي كذلك .. فمسرح الهواء الطلق إنما يُتخذ لا لتكون جماهير النظارة تتمتع بالجلوس في مكان طلق لا يظله سقف؛ ولكنه سُمي بذلك إذ أن التمثيل نفسه يكون في الهواء الطلق .. أي أنه لا يوجد مسرح خشبي، ومناظر، وأستار ترفع وتسدل حين الحاجة، بل يعمل الممثل تحت السماء مباشرة، فلا يجوز حينئذ أن نسمي مسرح الليدو أو ما يشابهه مسارح الهواء الطلق. ولقد أتيحت لي الفرصة وأنا بإنجلترا في الصيف الماضي، أن أشهد بضع مسرحيات للشاعر الخالد شكسبير في مسرح الهواء الطلق بلندن. وقد اختير لإقامة هذا المسرح مكان تحفه الأشجار من جميع جهاته في حدائق «ريجنت» المشهورة، ونصبت أجهزة تكبير الصوت في عدة أشجار بحيث لا تظهر للجمهور، وصنعت المقاعد على شكل مدرج فذكرتنا بالمسرح الإغريقي القديم. هذا كل ما يتعلق بالصالة. أما المسرح ذاته، فهو مرتفع عن الأرض حفر في مقدمة مجرى على شكل قناة، حفت بها بعض الأزهار، واختفت بداخلها ثريات الكهرباء القوية التي تسلط ضوءها على الممثلين، إذا احتاج الأمر. وقد أنشئ طريقان: أحدهما على يمين المسرح، والآخر على يساره، ومنهما يدخل الممثل إلى المسرح أو يغادره. ولهذان الطريقان ممران ضيقان في جوف الأشجار، التي تخفي وراءها غرف الممثلين ومخزن الملابس. وهذه الغرف خيام نصبت مختفية عن العيون، وتشبه كثيراً خيام الكشافة. وأعد في مكان جانبي مقصف فاخر يرتاده النظارة في أوقات الاستراحة .. ولا يفوتنا أن نذكر إننا شاهدنا خيمة كبيرة للغاية، صُفت بها مقاعد كثيرة، وبها مسرح خشبي فراعنا رؤيتها وسألنا مدير الفرقة وهو المستر «إتكنز» عن هذه الخيمة العظيمة، فابتسم وقال: في حالات المطر ماذا نعمل؟ إننا مضطرون في بلادنا أن نعمل حساب الأمطار في كل لحظة! ذلك هو مسرح الهواء الطلق المحرومة منه مصر، وهي أجدر بلاد العالم بتشييده! فمتى نرى في بلادنا مسرحاً كهذا يكسب الصيف ثوب العمل الفني، حتى لا ينفرد الشتاء بلقب «صاحب الموسم التمثيلي»! إن أهالي الإسكندرية يشكون، ويطلبون من الأستاذ «نجيب الريحاني» أن يغادر مسرح «الهمبرا» الشتوي، ويعمل على مسرح آخر يكون أنسب في زمن القيظ .. ولكن أين هو المسرح الآخر في الإسكندرية، الذي يصح أن يشتغل عليه الأستاذ الريحاني؟ حقاً إن بلادنا فقيرة إلى المسارح فقراً يلفت نظر أصحاب النفوذ إلى تشييد عدد منها في العاصمتين. وها هي ذي الفرقة القومية، ستعمل لإنشاء مسرح خاص بها – كما صرح معالي وزير المعارف في البرلمان – وهي خطوة مشكورة، بل خطوة لها خطرها وأثرها في حياة المسرح المصري .. ونحن في انتظار الخطوة الثانية، ألا وهي تشييد مسرح في الهواء الطلق تعمل عليه الفرقة زمن الصيف إذ لا يتكلف هذا المسرح نفقات كثيرة”.
كتابات أخرى
سأكتفي بهذه المقالة من الطالب «حسن علي سالم»، وأشير إلى مقالاته الأخرى، لعل أحد الباحثين يهتم بها، ويقوم بجمعها ودراستها؛ حيث إنها أول مقالات تُنشر بالعربية في مصر حول موضوعاتها!! فحسب ما لدي من معلومات، لم أجد مصرياً كتب باللغة العربية، ونشر في الدوريات المصرية مجموعة مقالات عن أوليات علوم المسرح!! فهذا الطالب كتب خمس مقالات في مجلة «الصباح»: ثلاثاً منها تحت عنوان «مبادئ أولية في التمثيل المسرحي»، واثنتين تحت عنوان «مبادئ إدارية في الإخراج المسرحي»!! وهذه المقالات الخمس، منشورة في شهري نوفمبر وديسمبر عام 1938، أي بعد شهر أو شهرين من سفر زملائه إلى لندن؛ بوصفهم أعضاءً في البعثة الثانية لمعهد التمثيل!! وكأن الطالب «حسن سالم»، أراد أن يقول للجميع: ها أنا أكتب عن التمثيل والإخراج، دون أن أكون ضمن أعضاء البعثة، وأنا قادر أن أكون مثلهم، وربما أفضل منهم!!
والجدير بالذكر إن حسن سالم في هذه المقالات الخمس، قارن بين المسرح المصري والمسرح الإنجليزي وفقاً لما رآه في البعثة الأولى، فتحدث عن نُسخ المسرحية المطبوعة، التي تُوزع في البروفات الأولى على الجميع في إنجلترا، بينما في مصر، تعتمد الفرقة كلها على نسخة واحدة، تكون مع المخرج، ومكتوبة بخط اليد!! كما تحدث أيضاً عن «الكمبوشة» والتلقين، وكيف أن إنجلترا تخلصت من الكمبوشة، ولكنها لم تتخلص من الملقن!! فالملقن موجود ومختبئ في الكواليس أو في أي مكان غير الكمبوشة، التي لا وجود لها!! والملقن لا يتدخل إلا عند الضرورة القصوى، عندما – مثلاً - ينسى الممثل جملة ما، أو بداية لحوار ما!! كما ناقش الطالب حسن سالم - في مقالاته عن مبادئ التمثيل - موضوع اندماج الممثل، وكيف يؤدي الممثل الشخصية الفنية المطلوبة منه، وكيف ينسجم معها، وكيف يتعامل مع الشخصيات الأخرى من خلال العمل الجماعي. كما أشار حسن سالم إلى مدارس الإخراج، وإلى الديكور ورسم المناظر، وتحدث بالتفصيل عن بعض التدريبات، التي من الممكن أن يؤديها الممثل في بيته، وعلى خشبة المسرح وحده.
والحق يُقال: إنني وجدت رأياً منشوراً في جريدة «أبو الهول» - في أغسطس 1938 – كتبه الطالب «حسن سالم»، حول مقال نقدي عن الإخراج كتبه المخرج «عمر جميعي»!! فقام عمر جميعي بالرد على الطالب، وقد نشرته الجريدة في الشهر نفسه!! والحقيقة أن من يقرأ الموضوع والرد عليه، يقع في حيرة ويتساءل: من منهما الأستاذ ومن منهما التلميذ!!