أحد رموز حركة التنوير فى النقد الفنى والأدبى المعاصر

أحد رموز حركة التنوير فى النقد الفنى والأدبى المعاصر

العدد 675 صدر بتاريخ 3أغسطس2020

قد لا يكفي القول أنه برحيل د.حسن عطية فقدت الحركة النقدية المسرحية المصرية والعربية قيمة وعلامة بارزة وعلما من أعلامها، فهو رجل استثنائي الحضور في المشهد المسرحي بقلمه وفكره.
فهو ناقد مسرحى وأدبى وسينمائى بالعديد من المجلات المصرية والعربية والأسبانية منذ عام 1970 ، وقد عمل أستاذا لنظريات الدراما والنقد وعلوم المسرح بأكاديمية الفنون، ومديرا لتحرير مجلة (الفن المعاصر) الأكاديمية المحكمة، حاصل على دكتوراه فلسفة الفنون  عن (المنهجية السوسيولوجية في النقد) كلية الفلسفة والآدا- جامعة الأوتونوما - مدريد- أسبانيا, شغل العديد من المناصب منها عميدالمعهد العالى للفنون المسرحية الأسبق، و عميد المعهد العالى للفنون الشعبية الأسبق، رئيس المهرجان القومى للمسرح السابق، ورئيس الجمعية العربية لنقاد المسرح السابق، رئيس جمعية نقاد السينما المصريين الأسبق، وعضوا بالعديد من المجالس واللجان العلمية والمسابقات الفنية فى حقول المسرح والسينما والتليفزيون، وعضوا للجنة العليا للمهرجانات ولجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة، و عضو إتحاد الكتاب ونقابة المهن التمثيلية، عضو لجان قراءة الأعمال الدرامية التليفزيونية بقطاع الإنتاج بالتليفزيون المصرى، وقطاع الإنتاج بمدينة الإنتاج الإعلامى، وقطاع الإنتاج بشركة صوت القاهرة والإذاعة المصرية، المشرف العام على وحدة الإصدارات بأكاديمية الفنون.
 قدم للعديد من الأعمال الأدبية والمسرحية للكثير من كتاب المصريين والعرب، وأشرف على وناقش العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه بأكاديمية الفنون  والجامعات المصرية والعربية . بالاضافة لمشاركاته في العديد من الملتقيات والمهرجانات والمؤتمرات الدولية المسرحية والسينمائية والأدبية فى مصر والوطن العربى وأوروبا وأمريكا اللاتينية، وقد ترجم وراجع العديد من النصوص والكتب المترجمة عن الأسبانية ، وقدم أكثر من كتاب لمبدع مصري وعربي فى مجالات القصة والرواية والمسرح والسينما.
و نشر العديد من الكتب الخاصة بالمسرح والسينما والفنون الشعبية
و منها :  الثابت والمتغير : دراسات في المسرح والتراث- الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1989م
و فضاءات مسرحية : الهيئة العامة لقصور الثقافة - يناير 1996م
و سناء جميل - زهرة صبار قمرية : صندوق التنمية الثقافية 1998م
و الرومانسية - يوتوبيا السينما المصرية: مطبوعات مهرجان القاهرة الدولي للسينما – 2000م
و نجيب محفوظ في السينما المكسيكية : ط 1 مكتبة الإسكندرية – 2003 م ، ط 2 مكتبة الأسرة – الهيئة المصرية العامة للكتاب – عام 2009
و السينما فى مرآة الوعى : الهيئة العامة لقصور الثقافة – القاهرة - 2003م
و ألفريد فرج - صانع الأقنعة المسرحية : المجلس الأعلى للثقافة- 2003 م
و عزت العلايلى - ملح الأرض 00 وحلوها : صندوق التنمية - 2004 م
و سوسيولوجية الفنون المسرحية : الهيئة العامة لقصور الثقافة - القاهرة - 2004م
و أربعة زهور يانعة: المهرجان القومى الأول للمسرح المصرى - يوليو 2006 م
و سينما أمريكا اللاتينية : مهرجان القاهرة الدولى للسينما – نوفمبر 2006 م
و السينما الأسبانية : مهرجان القاهرة الدولى للسينما - 2008م
و بانوراما المسرح المصرى : الهيئة العربية للمسرح - الشارقة - 2009م
و المنهجية وحق الاختلاف : المهرجان القومى للمسرح المصرى -2009 م
و فاروق عبد القادر : صندوق التنمية – القاهرة  -2010 م
و مطاردة الإبداع وجدل الأزمنة : المهرجان القومى للمسرح المصرى -2013 م
 والدراما التليفزيونية : الهيئة العامة لقصور الثقافة – القاهرة – 2016
و زمن الدراما : الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة – القاهرة 2018
و دليل المتفرج الذكى إلى المسرح والمجتمع: الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة – 2018
و المؤسسة : مراجعة وتقديم ودراسة: سلسلة المسرح العالمى - العدد 393 - الكويت – مارس 2018
و نجيب محفوظ كاتبا مسرحيا وسينمائيا: الهيئة العربية للمسرح - الشارقة – 2019، بالاضافة إلى كتب ودراسات منشورة بالأسبانية
التقينا بعد رحليه ببعض من طلابه وزملائه و أصدقائه.. للتعرف على سيرته ومسيرته الانسانية و الفنية ,,
فقال د.أشرف زكي، رئيس أكاديمية الفنون: كان د. حسن عطية معيدا عليّ حينما كنت طالبا، تعلمت منه، وتتلمذت على يديه، وصرنا أصدقاء فقد كان - رحمه الله - يضرب نموذجا للاستاذ صديق تلميذه، فكنّا نأخذ رأيه في كل صغيره وكبيرة.
مضيفا: استقبلته بعد عودته من البعثة هو وزوجته د.عايدة علام، وقد فوضني في كثير من شئون  حياته  كشراء شقة وتجهيزها للسكن، فقد كان بيننا ثقة بلاحدود، فهو محب للناس ومعطاء بلا حدود، ونموذجا للاستاذ والإنسان والموهبة الخلاقة، فهو شخص نادر لا يعوض، وله أثره على كل الأجيال التي تتلمذت على يديه، وفي الحركة النقدية والمسرحية المصرية والعربية.
أما د. محمد شيحة- أستاذ الدراما والنقد بأكاديمية الفنون - يقول: حسن عطية تاريخ، منذ أن التقينا طلابا بالمعهد عام 1967 لم نفترق إلا مرتين،   المرة الأولى عام 1971 بعد تخرجنا ولم نكن قد تم تعيينا بالمعهد بعد لعدم وجود درجات وظيفية، فقضّينا الخدمة العسكرية كنت ضابطا وكان جنديا، وشاركنا في حرب أكتوبر 1973 ، ثم استطاع د.فوزي فهمي توفير درجات وظيفية، والتحقنا بالمعهد العالي للفنون المسرحية كمعيدين عام 1980، ثم كان علينا أن نذهب لبعثات، وكانت البعثة لحاملي الماجيستير أو طلاب الدراسات العليا، وبالفعل حصل كل منا على دبلومة، واختار د.حسن عطية دبلومة الاذاعة والتليفزيون، ثم فرقتنا البعثة فقد  سافر إلى اسبانيا وسافرت إلى النمسا، إلى أن عدنا ولم نفترق حتى وفاته.
ويضيف شيحة: هذه الأزمة الصحية ومعاناته المرضية التي مر بها قبل وفاته كانت منذ فترة طويلة لكنها لم توفقه عن الكتابة، فقد اصدر قبيل وفاته بقليل كتابه دليل المتفرج الذكي للمسرح والمجتمع، وغيرها من المقالات، علاوة على أنه ترجم بعض النصوص المسرحية من المسرح الأسباني، وشارك في سلسلة المسرح العالمي في الكويت، بالمراجعة والتقديم والدراسة المسرحية لمسرحية ( المؤسسة) للكاتب الاسباني انطونيو باييرو باييخو، لاطلاعه وقدرته على التعامل مع المسرح الأسباني،فقد أقم فترة طويلة في اسبانيا لأنه أحبّ أن ينهل من الحضارة الأسبانية أفضل ما فيها، ولعله أكثر اساتذة المعهد العالي للفنون المسرحية مناقشة واشرفا على رسائل الماجيستير والدكتوراة ليس في الاكاديمية وحدها بل العديد من كليات التربية النوعية، وكليات الاداب بالجامعات المصرية، وغيرها من الجامعات العربية.
ثم يؤكد: أنه تاريخ مرتبط بالمسرح المصري من السبعينيات والثمانينيات وحتى اليوم، أضف لذلك طابعه الانساني فبيته كان مفتوحا للجميع، لاصدقائه وطلابه من مصر والدول العربية.
أما د.رضا غالب، استاذ الدراما والنقد بأكاديمية الفنون: حسن عطية يعدّ عالما من علماء المسرح في النقد، كما أنه عمل مديرا لقطاع السينما في الثقافة الجماهيرية، وله العديد من الكتابات في النقد السينمائي، وكان من ضمن البعثة المسرحية الأولى التي ذهبت إلى اسبانيا، وحصل على الدكتوراة في الفنون من كلية الاداب بمدريد باسبانيا، وقد أثرى الحركة المسرحية في جميع المجالات التي ترأسها، فكان له باعا كبيرا في اظهار الحركة المسرحية بالأقاليم حين عمل مديرا لادارة المسرح بالثقافة الجماهيرية، كما اضطلع برئاسة العديد من المهرجانات المسرحية والعربية، فكان آخرها المهرجان العربي الذي قدمته وزارة الثقافة.
ويضيف غالب: بالاضافة إلى العديد من كتبه التي تعدّ في مجالها طليعة النقد المسرحي والتي لعبت دورا في تعبيد الطريق أمام الشبيبة النقدية في معرفة الأصول والقواعد الصحيحة التي تساعدهم على تقديم قراءة نقدية متوازنة ومحايدة وموضوعية للعمل الفني المطروح.
كما أنه كان استاذا نجيبا قريبا من طلابه، فلم يكن فقط استاذا ومعلما لهم بل كان أبا يوجههم نحو الأصوب في ممارسة الحياة، فله الكثير من الأبناء الذين دسوا لى يديه في مرحلة البكالوريوس  والدرسات العليا والماجيستير والدكتوراة، ولم ينحصر هذا على ابنائه وطلابه في اكاديمية الفنون بل امتد باعه في أرجاء الجمهورية بكلياتها المختلفة، بل وأيضا أبحر شرقا وغربا في ربوع الوطن العربي، فكان هناك طلابا له من العراق والمغرب العربي.
ووصفه د. مصطفى سليم قائلا “ لم يكن الدكتور حسن عطية مجرد أستاذ أكاديمي أو ناقد أو باحث كبير بل هو قبل كل هذا أحد رموز حركة التنوير في النقد الفني والأدبي المعاصر في مصر والوطن العربي فقد كان طاقة نور مشعة لكل من حوله أستاذا وناقدا وباحثا ومحررا وقائدا،  شغل الكثير من الناصب القيادية العلمية والإدارية فأجاد  وداخل قاعات الدرس رسخ في تلامذته عدة مداخل للنقد على رأسها النقد السيسيولوجي،  وفي كتاباته النقدية كان صاحب العلامة الكاملة في قراءة وتقييم الأعمال الأدبية والفنية في كل الوسائط الدرامية المختلفة, فكان أحد أهم كتاب النقد التطبيقي وكان رئيسا لتحرير العديد من الدوريات الناجحة والهامة, كما أدار عدة مهرجانات أهمها المهرجان القومي للمسرح،  كان إذن يؤمن في حياته بالتعدد والتنوع في النشاطات, وكان موسوعة تستطيع أن تعود إليها وأنت على ثقة من دقتها وعمقها,  وكانت له أفضال على عدد كبير جدا من الباحثين في مصر والوطن العربي, وكان تبنيه لهم يتأسس على العلاقة الحميمية التي تهدف للاحتواء الكامل لانجاز المهمة العلمية على أكمل وجه,
ويضيف سليم:  رحل الغالي في أيام مباركة لتصبح رحلته الأخير رحلة تطهر وغفران رحمه الله وأثابه على ما تركه فينا من أفضال وفضائل                                                           
  الناقد الإستثناء والأستاذ القيمة .
د.نبيل الحلوجى فقال “رحم الله روحا قد علمت فأحسنت، وأعطت مابخلت ؛ وكأن إسمه قد بشر بفعله.
مضيفا: إنه حسن عطية الناقد الإستثناء والأستاذ القيمة. والمثقف الذي أدرك ندرة تخصصه فلم يترفع به؛ بل تواضع له. تراه أمامك في أصغر حيز يمكن أن ينتج مسرحا في مصر مثل القرى والنجوع والمدن متفاعلا مع كل حراك إبداعي سواء كان مشاهدا؛ أو محكما وغيرهم من تفاعلات تخص المسرح وعلومه وفنونه، شخصية حاضرة في التفاعلات المصرية والعربية والدولية حاملة لواء المعرفة المتخصصة؛ بل والشمولية.
ويؤكد الحلوجي: لم يكن مجرد ناقد ؛أو أكاديمي قد أعجبته المكانة الإجتماعية فكان مجرد أستاذ فقط ؛بل تراه في المواقع الثقافية فاعلا مؤثرا كالثقافة الجماهيرية.والجامعات ؛ وكل ماتنتجه مصر من ثقافة معرفية تخص المسرح .كان قائدا ثقافيا وناقدا موسوعيا .إنسانا خلوقا جدا دائما تراه مبتسما.أحبه طلابه بشدة ؛ وأحبته كل الدوائر المختصة بالمسرح وعروضه في مصر قاطبة وكذلك خارج مصر إنه الأستاذ العالم الدكتور حسن عطية
وعلى جانب آخر قال المخرج الكبير فهمى الخولى عن الراحل “ تعرفت عليه عام 1968 فقد كان زميل دفعة وذلك فى قسم الدراما والنقد وأنا فى قسم التمثيل والإخراج وفى اول لقاء بيننا كان ينبىء أنه سيكون من الرعيل الكبير ومن رواد الأدب والنقد ودائما كان يناقش أفكار وقضايا وليس مجرد تدريس النقد الأكاديمى وهو يعد إمتداد لكبار الإساتذة على سبيل المثال د. محمد مندور، د. فوزى فهمى وعلى الراعى وكان من أوائل دفعته وفى سنة التخرج كان الاول على دفعته.
وتابع تزاملنا فى اللجنة العليا للمسرح والعديد من لجان التحكيم وعندما كان رئيس المهرجان القومى للمسرح طلب منى أن أكون رئيس لجنة التحكيم، ولكنى إعتذرت وذلك لأن اليوم الواحد فى المهرجان يضم ما بين ثلاثة أو اربعة عروض وهو ما يمثل مشقة كبيرة,  وقبل إعتذارى سافرنا إلى العديد من المهرجانات العربية وتشاركنا فى العديد من المناقشات المثرية لكل من شارك.
وأكد الخولي: كان من كبار القارئين والمثقفين وأكاد أجزم أنه موسوعة فى شتى العلوم والفنون وخاصة فى المسرح .
أوضح المخرج ناصر عبد المنعم أن رحيله خسارة كبيرة لمصر وللوطن العربى، وقال “ كان يتبع منهج إجتماعى سياسي فكان يضع إى عمل فى سياقه العام وقراءته لأى نص تكون مرهونة بشروط الواقع المحيط والحياة السياسية والإجتماعية المتواجدة، وإسهامه كبير فى هذة الجزئية، فلا يوجد نقاد كثيرين يمتلكون النقد الإجتماعى الذى يردنا للسياقات الإجتماعية والسياسية فى زمن العرض والنص وبالتالى يربط ما بين العمل الإبداعى وما بين الواقع بصورة مدهشة فيعمل بدقة على تحليل البنية الإجتماعية والسياق العام الذى تدور به الشخصيات والأحداث ويفعل ذلك ببراعة، فكان إمتدادا لجيل من النقاد الهامين أمثال د. على الراعى ،د. فؤاد دوارة ،د. عبد القادر قطب
وأضاف عبدالمنعم : على المستوى الإنسانى كان صديق وأخ وكان يتواجد بإستمرار فى كل العروض وعلى مدار تجربتى منذ أول عمل إحترافى لى عام 1988 وحتى هذة  اللحظة لم يفوته مشاهدة عروضى وكنا دائما نتناقش ونتبادل الآراء.
وإستطرد قائلا تشاركنا فى عدد كبير من  لجان تحكيم أواختيار لفترة طويلة للعديد من المهرجانات وكان بخبرته وحسه الفنى له دورا هاما فى الحركة المسرحية وقد عملنا سويا فى مجالس إدارات سواء التجريبى أو القومى وقد شارك معنا فى مرحلة هامة للغاية وهى إستعادة المهرجان التجريبى بعد توقفه بعد 2011 وقد لعب دورا هاما أيضا فى إستعادة المهرجان القومى وذلك لعمله فى لجنة المسرح، فدوره العام ليس ناقدا فقط ولكنه رجل مسرح يعينه الشأن المسرحى.                                                                                                                                        
كان ناقد موضوعيا
وصفه المخرج عصام السيد فقال “ كان على المستوى الإنسانى شخص طيب ورقيق التعامل ومجامل وعلى المستوى النقدى كان ناقدا موضوعيا للغاية بلا أغراض “نقد للنقد فقط “ وكان متمكنا فى مادته كأستاذ، وأذكر انه كان يستدعينى فى المعهد العالى للفنون المسرحية حتى يناقشنى الطلبة فى عمل قدمته وهى سنة لطيفه ولها العديد من الإسهامات، فقد ربى العديد من الإجيال الكثيرة، وقد تزاملنا  فى العديد من المهرجانات ولجان التحكيم وندوات وهو أحد قمم النقد فى مصر.                                                                                                                        
لديه منهج إجتماعى واضح فى تعامله مع الفن
ذكر  د.سيد الامام عنه قائلا “ أستاذ كبير وهو من جيل الوسط وما يتميز به هو أن لديه منهج إجتماعى واضح فى تعامله مع الفن وله رؤية سيسيولوجية، وله كتب هام للغاية بأسم “ الثابت المتغير فى المسرح العربى “ وهو أحد المهومين بعلاقة المسرح بالمجتمع، وكان من ضمن الكثيرين الذين كان لهم تحفظات على حركة المسرح التجريبى وخصوصا المسرح الحركى أو مسرح الصورة وذلك لأنه يفتقد للغة التى تعد الوعاء الوحيد الذى يحمل رسالة
الدكتور حسن عطية .. الناصع بالبياض
قال دكتور عامر مرزوك من العراق عرفتُه قبل أن أراه على أرض الواقع، من خلال مؤلفاته القيمة ودراساته ومقالاته النقدية التي ينشرها كلما شاهد عرض مسرحي، والقارئ لهذه المقالات يحسُ وكأنه جالس في قاعة العرض، فبدأت أتابعه عن كثب حتى التقيته في أحد المهرجانات المسرحية وتحدثت معه كثيراً وتقربت منه لانهل من علمه وعقليته المتفردة في التفكير النقدي، لاسيما أني أهتم بالجانب السيسيولوجي للمسرح الذي يتبناه عطية في أغلب دراسته النقدية.
شاءت الاقدار أن أقدم على بعثة دراسية لدراسة الدكتوراه في تخصص الدراما والنقد المسرحي، فاخترت أعظم صرح أكاديمي عربي ألا وهو المعهد العالي للفنون المسرحية بأكاديمية الفنون في القاهرة، وسجلت في قسم الدراما والنقد المسرحي، وكان الدكتور حسن أول من استقبلني وسهل لي جميع الأمور الإدارية ، وعندما سجلت موضوع الدكتوراه عن الكاتب المسرحي العراقي يوسف العاني (رحمه الله) اخترت الدكتور حسن وبإصرار شديد أن يكون مشرفاً على رسالتي، وساعدني في حينها الدكتور عصام الدين أبو العلا عندما كان رئيساً للقسم المذكور،
وفعلاً بدأنا بالرحلة العلمية التي تكللت بالنجاح والتفوق والحصول على الدكتوراه بدرجة مرتبة الشرف الأولى بداية عام 2014م، وتم طباعتها في كتاب صدر عن الهيئة العربية للمسرح بالشارقة.
استمرت علاقتي بالدكتور عطية بعد عودتي إلى العراق من خلال زياراتي لمنزله كلما أزور مصر، وبدأنا نقدم مشاريع إبداعية وتواصل علمي ومسرحي حتى وقت رحليه، فكان إنساناً نبيلاً ناصعاً بالبياض، وأستاذاً أكاديمياً قلّ نظيره، وناقداً فذاً مبصراً  رحمه الله واسكنه فسيح جناته
فقط الطيبون هم من يرحلوا بسرعة
 د. بشار عليوى: “ الحديث عن الشخصيات الاستثنائية في حياتنا , يتطلب توافر مُفردات وتراكيب نصيّة استثنائية , تُحايث أثرها الوجودي لدينا لأنهم قِلة قليلة قياساً لما هوَ مُتاح أمامنا من ذوات تتحرك  لكنها ليست بذات القدر والأثر البارز كالذي تتركهُ تلك الشخصيات الاستثنائية وعندما يُغادروننا الى اللا عودة , تكون فاجعة الفقد أليمة جداً , فكيف يكون الكلام والوصف حينما يتعلق بالناقد والاستاذ والمُعلم المسرحي والاستثنائي والأب والسند والداعم فقيدنا الغالي أ.د. حسن عطية . كلماتنا خجلى إزاء فقدَ هذا المُفكر والانسان الاستثنائي حينما فُجعنا برحليهِ فلا يُمكن على المدى المنظور تعويض خسارتنا برحيلهِ رحمة الله عليهِ . الحديث طويل جداً عن شخصيتهِ الفذة ودورهِ الفاعل في حياتنا الانسانية والمسرحية , ودعمهِ اللامحدود لنا في جميع المحطات . شفاف طيب  كريم  مُحب  نبيل  معطاء عصامي يفتخر بنا حيثما أنجزنا هذا النتاج أو ذاك , حينما يبث فينا كٌل ما لديهِ رحمة الله عليهِ من طاقة ايجابية تاركاً جسدهُ وقلبهُ يحترقان بُغية إنارة الطريق أمامنا معرفياً وانسانياً .
مضيفا: سأتجاوز الكثير من المحطات والمُلتقيات الطيبة التي جمعتني بهِ معرفتي السعيدة بهِ قبل 10 أعوام خَلَتْ لأنها تحتاج الى وقفات أُخرى مُطولة  وسأتكلم عن آخر مُكالمة هاتفية جرت بيننا قبل 7 أيام من رحيلهِ بعد خروجهِ من المُستشفى لأجدهُ يُكلمني رُغمَ صوتهِ المُتعب وحالتهِ الصحية المُتدهورة ليدعوني أنا وأخي د.عامر صباح المرزوك للمُشاركة في أحد ندوات مهرجان القاهرة التجريبي في دورتهِ القادمة  وهوَ بهذا يؤكد رحمة الله عليهِ كدأبهِ الدائم على حُبهِ للناس واخلاصهِ لعملهِ وتمسكهِ بالأمل في كُل شيء ،فهو لأخر لحظة في حياتهِ ، كان يُعطينا الدروس تلو الدروس , فالطيبون هُم فقط من يرحلوا بسرعة ..
أما الاعلامية والناقدة المغربية بشرى عمور، مؤسس موقع مجلة الفرجة( المغرب) افتتحت حديثها بالحديث الشريف عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ? قَالَ: إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. ثم اضافت:  الراحل د. حسن عطية باحث وناقد واكاديمي مسرحي ساهم في أثراء الساحة العربية والدولية الثقافية والفنية سواء من خلال إشرافه ومناقشته العديد من أطروحات ورسائل الدكتوراه والماجستير لطلبة مصريين وعرب، أو من خلال مقالاته في عدة مجلات وصحف محلية وعربية. إضافة إلى توليه مناصب علمية وإعلامية التي تولى مهام إدارة تحريرها أو عضوية لجنها وكان لموقع مجلة “الفرجة” شرف وفخر أن يضاف اسم الراحل إلى ثلة من الأسماء المسرحية العربية التي تسهر على الاشراف و الاستشارة.
تميز د. حسن بكونه شلالا لا ينضب عن العطاء، غدوقا في توجيهاته وإرشاداته ونصائحه، تمتع بصيت مشرف كالطود جعل من اسمه علامة الجودة والثقة والأمان، كان إنسان على درجة عالية من الفكر والثقافة حيث أجاد الإنصات واحترام المتكلم متحليا بالآداب ومهارة الحديث. وفي مبادئه التي اقتبس البعض منها لتكون له نبراسا. كان شخصا ودودا لا يمكن أن تتقرب إليه دون أن تحبه و إن لم يصل الود بينك وبينه فتأكد أنك ستحترمه و تقدره.
وتؤكد عمور: أنه كان و سيبقى قيمة مضافة وبصمة خالدة ساهمت بشكل كبير في ارتقاء الدرس النقدي سينمائيا و تليفيزيونيا و مسرحيا، تميز بكونه مشتلا خصبا لبروز أسماء تعتبر بعضها من خيرة  النقاد و المسرحيين الذين أبانوا عن كفاءاتهم و تجاربهم وخبراتهم الرصينة.
تعرفت عليه منذ 2007 (عبر العالم الافتراضي) كرئيس الجمعية العربية لنقاد المسرح، ليمر عام فقط ونلتقي بمهرجان المسرح الجامعي الدولي بفاس ـ المغرب ومن يومها أكرمني الله به صديقا و اخا كبيرا و استاذا و سندا كان و سيبقى له الفضل هو و مجموعة من الأصدقاء، بعد الله عز وجل، في تحفيزي وتشجيعي على الاستمرارية و الاحترافية.


عماد علواني - رنا رأفت