أثبتوا أنهم ليسوا «أوفر» فهل يحصلون على البراءة؟

أثبتوا أنهم ليسوا «أوفر»  فهل يحصلون على البراءة؟

العدد 664 صدر بتاريخ 18مايو2020

يعاني فنانو المسرح طيلة السنوات الماضية التجاهل، وعدم المشاركة في الدراما التليفزيونية،  باستثناء القليل منهم الذين استطاعوا المشاركة في بعض الأعمال بعد سنوات من الجهد والعمل في المسرح.  أما هذا العام و خلال الموسم الرمضاني ، فقد لفت الانتباه، بشكل كبير، عدد كبير من أسماء فناني المسرح يشاركون في الدراما التليفزيونية ، لفت الأنظار إليهم آداؤهم المميز الذي جعلهم يستحوذون على أعجاب الجمهور، وتصلهم رسائل الإعجاب  عبر  وسائل التواصل الاجتماعي،  ما جعل الجمهور العام يتساءل:  أين كان  هؤلاء قبل ذلك ، ومن أين جاءوا !! التقينا بعدد من المسرحيين الذين تألقوا  في دراما رمضان ،  لنتعرف على تجاربهم،  و كيف استطاعوا من خلال عملهم بالمسرح أن يطوروا أدواتهم، ويصقلوا موهبتهم، حتى يظهروا  بهذا الشكل المشرف لكل المسرحيين ويحصلوا على إعجاب الجمهور وهم يقفون  أمام الكاميرا ..
عن تأثير التأسيس المسرحي في الممثل، وتأهيله للتألق حين تتاح له الفرصة للمشاركة في الدراما التليفزيونية يقول الفنان ياسر عزت المشارك في مسلسل الاختيار: إن المسرح أبو الفنون،  و التمثيل المسرحي هو أصعب أنواع التمثيل، حيث يتطلب أداء خاص، وممثل المسرح يملك هذا الأداء ويملك الأساسيات السليمة من حيث  مخارج الحروف والحركة والتشخيص، لكن المشكلة تبقى في شكل التعامل أو طريقة التمثيل المسرحي التي تختلف عن الطرق المستخدمة في الفيديو، أضاف : الآداء المسرحي يتسم بالمبالغة والتضخيم بينما يختلف الأمر في الفيديو حسب المشهد ، والممثل الواعي فقط هو من  يدرك ذلك.
تابع «عزت»:  يختلف تكنيك الأداء في كل من المسرح والفيديو ، فالمسرح يمنح الممثل «الصبة» أي أساسيات الحركة والصوت ، ممثل المسرح صوته قوي  يملك  كل الإيقاعات والنبرات، التي تجعله يستطيع التعبير عن مختلف الانفعالات الإنسانية ، كما يملك النطق الواضح للحروف والكلمات والجمل، ولهذا يصعب وجود ممثل مسرح يفتقد وضوح الصوت في الحوار..  ممثلو المسرح «طعمهم مختلف» ، يؤهلهم تعدد التجارب المسرحية وتنوعها إلى العمل في أي وسيط أخر.
أضاف ياسر عزت: أعمل طيلة الوقت بشكل متوازي بين التليفزيون والمسرح ، وأعتبر أن الأعمال المسرحية التي قدمتها هي ما أكسبتني هذه الخبرات،  بالإضافة لممارستي التمثيل في المسرح الجامعي،  وكوني أحد خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية ،أما متعتي الحقيقية فهي ليست في الوسيط: فيديو أو مسرح ،  ولكن في الدور»الحلو». في المسرح قدمت أدوارا ممتعة وأعتبرها علامة من علامات المسرح الحديث والكلاسيكي، وأتمنى لعب أدوار مؤثرة تشكل علامة في التليفزيون.
التدريب
فيما أشار الفنان رامي الطمباري المشارك في مسلسل «فلانتينو»  إلى أن التمثيل في العالم كله يقوم على التدريب، وأن طرق التدريب في كل المناهج القديمة والحديثة مسرحية، ولذلك فممثل المسرح دائما جاهز وأدواته حية، حيث جسد العديد من الأدوار المركبة والمختلفة من التراجيديا والعبث واللامعقول بخلاف الاقتباسات من الروايات العالمية والقصص المعروفة لكتاب مثل باولو وماركيز ونجيب محفوظ ويوسف إدريس، يتعرف على الأدب العالمي والعربي والمحلي، يقرأ الشعر ، يفهم أبعاد النص وملابسات كتابته وشبكة العلاقات في النص ومكان الأحداث، بالإضافة لدراسة الشخصية وأبعادها وعلاقتها بالواقع التي كتبت فيه ، أيضا يتعرف على كيفية تحديث النص وعمل معادل منطقي للشخصية لتعبر عن نموذج معين يعيش بيننا في هذا العصر.
وأضاف «الطمباري»: الاحتكاك يكسب ثقافات مختلفة، خاصة وأن لدينا تنوع في المسارح، مسرح التربية والتعليم والمعهد العالي للفنون المسرحية والثقافة الجماهيرية زهو الصرح الهام لتفريغ الطاقات، وكل ذلك احتكاك ونقل خبرات، وإذا حصرنا الفنانين منذ أول فيلم سينمائي في مصر حتى اليوم سنجد أن  الذين رسخوا في وجدان الجمهور هم مسرحيون في الأساس أمثال عادل إمام ويحيى الفخراني والفنان نور الشريف الذي ظل يقدم مسرح حتى وفاته وآخرين غيرهم، وبالمناسبة فالمسرح الذي نعرفه عنهم أقل بكثير من المسرح الذي قدموه من خلال مسرح الجامعة.
أضاف الفنان رامي الطمباري:  كل مخرج له طريقته التي من خلالها نتعرف عليه، وعلى ثقافة ونص جديد، أيضا المسرح يصقل الموهبة حيث نتدرب على شتى المستويات فحين نقدم عرضا استعراضيا وغنائيا نتدرب على الرقص والغناء وأن يكون الجسد لينا وأدواتنا الخارجية والداخلية جاهزة، ولهذا حرص الفنانون الكبار على أن تظل علاقتهم بالمسرح قريبة،  باستثناء من خُطف بعيدا عنه مثل الفنان أحمد ذكي لكنه سحرنا في السينما، حيث استخدم كل ما قرأه وتدرب عليه في صناعة شخصية مختلفة يقدمها لأنه ممثل مسرح. المسرح سحر للممثل الذي يريد الخروج من عباءته وتجديد أدواره فيتجدد، وبقدر تأثير الجمهور يتأثر الفنان.
وتساءل الطمباري:  هل انعدام علاقة الممثل بالكاميرا شيء جيد؟  أجاب : هنا ستظهر موهبته،  إلا أن اختلاف الميديا هو الخبرة المكتسبة الجديدة.. أي كيف تتعامل مع الكاميرا وتوظف انفعالاتك وتخلق استمرارية للحالة.  لأنه قد يتم تصوير مشهد في أول الحلقة ثم يليه مشهد من أخر حلقة،  عكس المسرح الذي يقف  فيه الممثل أمام الجمهور منذ أول العرض حتى انتهاءه. وأؤكد أن  ممثلي المسرح هم الأكثر تميزا  في تخطي هذه  المسألة طيلة الوقت،  وليس معنى ذلك أن غير المسرحين ليسوا أكفاء،  ولكني أتحدث عن نماذج مثل سناء جميل ومحمود يس والريحاني ، بالإضافة لنجوم جيل التسعينيات محمد هنيدي وأحمد السقا وأحمد حلمي ومحمد سعد وخالد النبوي،  و محط الأنظار هذا العام في الدراما التليفزيونية هم مسرحيون أيضا مثل لبنى ونس وماجدة منير وعابد عناني وياسر عزت وضياء عبد الخالق وعبد الرحمن القليوبي ويوسف الأسدي وغيرهم، و أخيرا أرى أن البيت الفني هو المحك الأساسي للممثل المتخصص، وكل التجارب التي نمر بها لا تنتهي عند «السوكسية» بل هي محطة يستفاد  من مفرداتها وعناصرها، وأحب أن أضيف أيضا  أن صناعة العرض المسرحي مسألة معقدة جدا، هي نقاش وخلاف واتفاق واستفادة من الخبرات المتبادلة بين الأجيال.
أما الممثل الشاب يوسف الأسدي المشارك في مسلسل فلانتينو فقال: بدأت من خلال مسرح الجامعة حين كنت طالبا بكلية السياحة والفنادق، بالإضافة لمشاركتي  في مسرح الهواة والورش المتعددة ، وتجارب وسط البلد التي من خلالها تأكدت من موهبتي وحبي الشديد للتمثيل ومن هنا كان قراري الالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية الذي اعتبرته أول خطوة ونقلة حقيقية في حياتي حيث أصبح التمثيل دراستي وموهبتي وعملي.
وأضاف»الأسدي»:  أما عن تأثير المسرح في أدائي،  فهو يؤسس الممثل ويؤهله ليتقن أداءه حين يقف أمام الكاميرا، المسرح يبني كل العناصر لتجسيد الممثل للشخصيات المسرحية، المسرح دربنا على الصوت وحركة الجسد، والتواصل مع الجمهور وهو الأصعب لأنه يجعلنا في حالة وعي وانتباه دائمين، ويجبرنا على أن اعتبار اللحظة التي تخرج لابد أن تكون حقيقية وطبيعية وتلقائية، وتلك اللحظة من النادر حدوثها أمام الكاميرا، لأن المشهد أمام الكاميرا  يمكن إعادته أكثر من مرة بينما في المسرح لا مجال فيه للإعادة ،  وهذا ما يجعلنا أكثر وعيا حين نواجه الكاميرا ، المسرح خبرة وممارسة ، وأعتبره متعتي الخاصة، وهو الأهم بالنسبة لي.
أمّا الممثل الشاب أحمد مصطفى المشارك في مسلسل الاختيار فقال:
ممثل المسرح عاني لفترة طويلة من الظلم ، ورسخ السوق لفكرة أنهم لا يريدون فناني المسرح للمشاركة في أعمال تليفزيونية أو سينمائية، بالرغم من أن التمثيل هو المسرح ، وفي النهاية فالتمثيل هو التمثيل في أي وسيط، ولكن يختلف التكنيك، وكل ممثل يقدم الشخصية التي يشعر بها.
وأضاف «مصطفى»:  الموسم الرمضاني كان نصرة للمسرحين، فكل الأسماء التي لفتت الانتباه في الدراما التليفزيونية كانت لفناني المسرح، منهم شريف الدسوقي وأحمد الرافعي ورامي الطمباري وآخرين ، ومعظمهم عمل بالمسرح واجتهد لسنوات طويلة دون أن يلتفت إليه أحد وأرجو لفت الانتباه إلى أن معظم فنانينا الكبار مثل أحمد ذكي وعادل إمام وصلاح السعدني هم مسرحيون في الأساس، ولكننا  في الفترة الأخيرة أصبحنا نرغب في النموذج التركي بغض النظر عن الموهبة.
وعن مدى تأثير المسرح وتأهيله للممثل للوقوف أمام الكاميرا، فتكنيكيا ممثل المسرح يحفظ ويتحرك جيدا ، كما يوظف انفعاله ويحافظ عليه حين يحدث قطعا واستكمالا للمشهد فيستدعي نفس الحالة، كل ذلك اكتسبتاه من المسرح، بالإضافة لمواجهة الجمهور التي أعتبرها كارثة، حيث أعتقد أن  70% من نجوم مصر لا يمكنهم مواجهة الجمهور على خشبة المسرح، بينما ممثل المسرح يستطيع ذلك فهو يضحك الجمهور  ويبكيه» لايف»، وبالتالي فهو قادر على مواجهة الكاميرا، عكس بعض ممثلي الفيديو الذين لم يتدربوا ، فحتى ورش تدريب الكاميرا لن تعطي نتائج  مثل التي يعطيها المسرح الذي تستغرق بروفات العرض فيه ما يقرب من ستة أشهر لعرض ليلة واحدة  أو ليلتين، فالمسرح معلم جبار. وأخيرا فأنا أحب السينما أكثر لأنها أرشيف الفنان، فحين تبحث عن تاريخ الفنان ابحث عن السينما، بينما المسرح للأسف إبداع مهدر والإعجاب به لحظي.
فنان المسرح أكثر خبرة
فيما قالت الفنانة لبنى ونس المشاركة في مسلسلي «البرنس» و «ليالينا 80»  والتي تركت أثرا طيبا بظهورها على شاشة التليفزيون خلال الفترة الماضية:
المسرح أبو الفنون، وأعتبر فناني المسرح أعظم ممثلين، وأضافت :  كان هناك تبرير لعدم الاستعانة بممثلي المسرح في المسلسلات  وهو أنهم غير قادرين على الوقوف أمام الكاميرا وأن أداءهم «أوفر»، لكن الحقيقة هي العكس،  فكل من لفتوا الانتباه إليهم هذا العام في الدراما التليفزيونية معظمهم من المسرحيين ولن أقول من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية ،  لأن هناك آخرين من غير الدارسين بالمعهد استطاعوا إثبات موهبتهم.
وأضافت «ونس» : في المسرح هناك رد فعل مباشر،  يجعل الممثل يتعرف على مواطن القوة والضعف مباشرة ، ولذلك حين يقف أمام الكاميرا يكون على دراية بمفاتيحه ،أيضا في المسرح ندرس الارتجال وهو حالة مرتفعة من التركيز طيلة الوقت، وهذا ينقذنا أثناء التصوير، إذا نسينا جملة  يمكننا أن نستحضر معناها وهذا هو حضور ممثل المسرح، هذا بالإضافة لتدريبات الخيال والهدوء وفن الإلقاء وهذا يؤهلنا لمعرفة كيفية الوقوف أمام الكاميرا وأن يكون حضورنا طاغٍ .
تابعت:  أداء المسرح ليس «أوفر» كما يدعون ،لأن مستوى الصوت كما كان يقول دائما الراحل سعد أردش يجب أن يصل لأخر فرد في صالة المسرح «مش زعيق» لكن للأسف لا أحد يفهم أن ممثل المسرح عبقري، في المقابل جرب أن تستعين بممثل تليفزيوني ليقف على خشبة المسرح ستجده «ماسخ» لا معنى له.
الفنانة عارفه عبد الرسول المشاركة في مسلسلات «رجالة البيت» و«النهاية واللعبة» قالت: ما يقال عن ممثل المسرح من «أفروة» في الصوت والانفعال والأداء، خطأ ، والصحيح أن طبقة الصوت في المسرح تكون واضحة بدون تأتأة، في حين أن بعض ممثلي الفيديو لا تفهم ما ينطقون به، وأحيانا في بعض مشاهد الشجار التي يعلو الصوت فيها لا تستطع فهم كلام الممثل، بينما المسرح يدربك على كيف تتحدث بصوت منخفض أو مرتفع واضح، كما يطلع الممثل على مناطق القوة والضعف التي يملكها مباشرة،  من خلال رد فعل الجمهور على المشهد أو الإفيه، فيتعلم الممثل  متى يكسب الجمهور ومتى يسعده، وهذا جيد حين يواجه الممثل الكاميرا حيث يتعلم منه  كيف يسيطر على الجمهور، أما مسألة الصوت المرتفع فيتم تداركها.
وأضافت»عبد الرسول»:  المسرح مدرسة كبيرة ، ومن خلاله تعرفت بشكل شخصي على مواطن ضعفي وقوتي ، وما الذي يعجب الجمهور ، وبالتالي استطيع السيطرة على الجمهور سواء في المسرح أو التليفزيون، أيضا تعلمت منه كيف تكون مخارج الحروف والألفاظ بشكل واضح،  ناهيك عما تكسبه المواجهة المباشرة مع الجمهور من خبرات، وهي أمر مختلف تماما ورائع، ويمنحك خبرة كبيرة تأهلك للوقوف أمام الكاميرا.
وعما إذا كان من السهل على ممثل الفيديو أن يقف على خشبة المسرح أكدت الفنانة عارفة عبد الرسول عدم تحيزها لوسيط دون الآخر، وأوضحت أنه من الممكن أن ينقص ممثل الفيديو الخبرة وبعض التدريب حتى يمكنه الوقوف على خشبة المسرح ، وأضافت : شاهدت ممثلين بدأوا في التليفزيون ودخلوا  المسرح متأخرين، وجدتهم يقفون «مرصوصين» لأنه  ليس لديهم الخبرة أو التدريب السابق للوقوف على خشبة المسرح ولم يتدربوا على الحركة ، كما أن هناك آداب مسرحية اعتدنا عليها ومنها عدم الحديث وخلفي الجمهور ،  لكن الجدد على المسرح يتحدثون في أي موضع ، وبالتأكيد الممثل «الشاطر» يستطيع العمل في أي وسيط راديو أو سينما أو تليفزيون أو مسرح، وعن نفسي حين بدأت الفيديو لم أكن على دراية بالمناطق الجيدة للوقوف أمام الكاميرا وتداركت ذلك بتوجيهات المخرج.
فيما قال الفنان عابد عناني المشارك في مسلسل الاختيار:  
المسرح أبو الفنون ليس مجرد لقب، فمن خلاله نتعلم كل أنواع الفنون، وأعتقد أن الاختلاف بين ممثل المسرح والممثل الذي لا يملك خبرة مسرحية يكمن في فكرة التجهيز، لأن المسرح يحتاج إلى  بناء حتى يتحول النص لشخصيات وديكور وموسيقى ، وتلك هي الطريقة التي أعمل بها، وقد ساعدني تطبيق ما تعلمته في المسرح خلال مسلسل «الاختيار»  فمع توافر مساحة كبيرة من الورق المكتوب، يمكنني رؤية الشخصية «مفرودة»على الورق ،  هناك شخصية حقيقية نعرفها ونعرف أبعادها وتحركاتها، فنستطيع دراسة الشخصية ورسم انفعالاتها وملابسها وشكلها، وفي كل حلقة تتعرف على طبقة مختلفة موجودة مثلا  لدى الإرهابي عماد عبد الحميد ، وما الذي جعله يفكر بهذا الشكل ، وكيف استطاع إقناع عشماوي وكيف بدأ رحلة البحث عن نفسه ليصبح قائدا بعد أن فشل كضابط، كل ذلك ساعدني في اتقانه ماتعلمته من المسرح.
استطرد «عناني» : حاليا أشعر بالسعادة لما أتلقاه من ردود فعل الجمهور عبر وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي ، ولكن حين يكون الأمر مباشرة  أثناء العرض المسرحي وبعد إنتهاءه تكون الحالة مختلفة ،  حيث يكون الانفعال حقيقيا وساخنا و صادقا، أضاف : أحب أن أنوه إلى  أن أول من تعلمت منه المسرح كان هو الفنان رشدي الشامي في المسرح القومي ، وكان دائما يقول لنا أن مستوى قدمك حين تقف على خشبة المسرح  يكون في مستوى رقبة أعظم ملك في العالم حين يكون جالسا في الصف الأول ليشاهدك،  فأنت المسيطر وأنت الذي يحضر الجمهور لمشاهدته وانتظار ما يقدمه، فإن كان لديك ما تقدمه ستحصل على انتباهه وتركيزه وإعجابه بشكل مباشر. تابع : وأخيرا أرى أن قدرة  ممثل الفيديو على الوقوف على خشبة  المسرح ترجع لاستعداد الممثل لأن يكون ممثلا عظيما، وإن لم يحظ  بفرصة للتدرب على خشبة المسرح، فالتمثيل موهبة ليست حكرا على المسرحيين ، لكن بالتأكيد خبرة المسرح تشكل فارقا حين تقف أمام  الكاميرا.
الممثل الشاب محمد هاني مهني المشارك في مسلسل الاختيار يرى إن المسرح هو الأكثر إمتاعا في الحياة،  حيث يمنح رد فعل الجمهور مباشرة، أضاف :بدايتي كانت من خلال مسرح كلية حقوق ،حيث التقيت فيه بمجموعة من الأساتذة الكبار أمثال أحمد جابر وأحمد صلاح ، وتعلمت منهما وعملت معهما في عروض المدرج و عروض الجامعة على مستوى الجمهورية، ثم عملت بالقطاع الخاص والتحقت بالعديد من الورش المختلفة في الرقص والغناء الحي وفنون الأداء المختلفة في القاهرة و الإسكندرية ، و تعلمنا من المسرح أن كل يوم هناك جديد علينا تعلمه والاطلاع عليه، وقد قال د.محمد عبد الهادي في إحدى مقالاته:  الموهبة مع الممارسة تساوي نتيجة كبيرة، والموهبة مع الممارسة والدراسة تساوي إبداعا ، فالدراسة لن تجدي بدون ممارسة على أرض الواقع ومواجهة الجمهور والحصول على ردود الأفعال الحقيقية، لذا فالأمر ليس مجرد دراسة وشهادات.  80%ممارسة و20%دراسة وثقافة.
وأضاف»مهنى»: المسرح يؤهل الممثل للعمل في أي وسيط أخر ، فهو أبو الفنون، فيه نتدرب على التركيز لأن المشهد حي - بعكس الفيديو – وأداءه أقوى بالإضافة لأن «ري أكشن»التليفزيون أهدأ من المسرح الذي يكون أكثر انفعالا لمباشرته مع الجمهور، للمسرح حالته الخاصة حين ندخل من «الكالوس» لا نشعر بها في الفيديو،  بالتأكيد هو ليس الأوسع جماهيريا ولكنه الأهم والأمتع بالنسبة لي وتدريباته جعلتني أكثر أريحية حين أقف أمام الكاميرا.
أما عن قدرة فناني التليفزيون على الوقوف على خشبة المسرح فقال :  للمسرح هيبته وليس سهلا الوقوف عليها ، ونجاح أي فنان لم يرتاده يعتمد على وجود قاعدة جماهيرية له  ورصيد كاف ليتفاعل معه المتفرج، أما إذا لم يكن له هذه الشعبية فسيصعب عليه الوقوف على خشبة المسرح والحصول على التفاعل من المرة الأولى. فالمسرح «غول» يبتلع الممثل وإن لم يخطف الجمهور من الطلة الأولى سيمل منه الجمهور، ولهذا أجد أن من السهل على ممثل المسرح خوض التجربة التليفزيونية أو السينمائية لكن حدوث العكس يحتاج للكثير من البروفات والتدريب والممارسة.
الممثل الشاب والمؤلف أحمد سعد والي مؤلف مسلسل اللعبة والمشارك في مسلسل «رجالة البيت»  قال: خلال أربع سنوات دراسة بالكلية قدمت 16مسرحية،  أي مع 16 مخرجا مسرحيا بفكر وأسلوب مختلفين ،تدربت على أسلوب كل منهم في التمثيل والإخراج ،ثم بدأت تطوير ذاتي والتدرب بشكل أكبر فخضت تجربة الإخراج والتحقت بمركز الإبداع مع المخرج خالد جلال الذي أصقل موهبتي ،وأشارك هذا العام في «رجالة البيت» بناء على اختيار المخرج أحمد الجندي وقد شاهدني في عرض «سينما مصر» ،كما شاركت في فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين، بالإضافة لكوني مؤلف مسلسل «اللعبة» الذي ساعدني في كتابته فكرة الارتجال وخلق حالة ليست موجودة وقد تدربنا عليها في المسرح .
وأضاف «والي»:  الأماكن الموثقة لتعليم الفنون  المعهد العالي للفنون المسرحية ومعهد السينما، لكن معهد السينما لا يضم قسما للتمثيل بعكس الفنون المسرحية، ولذلك فهناك أماكن أخرى للتعلم مثل الورش أو مركز الإبداع، وللعمل في السينما والتليفزيون علينا تعلم المسرح والتدرب عليه لأنه الأساس في كيفية تأسيس الممثل، وإذا رصدنا على مدار سنوات طويلة النجوم الذي خرجوا من رحم المسرح لوجدنا أنهم  أبدعوا حين ظهروا في التليفزيون ومنهم الفنان خالد الصاوي والمؤلف أحمد عبد الله ،وطارق عبد العزيز،والمؤلف علاء حسن والمخرج أمير شوقي وأخرون ،وكذلك تخرج في مسرح كلية تجارة محمد فراج وهاني رمزي والفنان الراحل فؤاد المهندس،وتخرج في مسرح كلية الزراعة عادل إمام وصلاح السعدني وغيرهما، فلا جدال أن المسرح هو النواة الحية التي تطرح شجرة التمثيل، تابع : وأخيرا من النادر أن تجد أعمالا مسرحية تبقى سنوات طويلة مثل مدرسة المشاغبين وسك على بناتك والمتزوجون، حتى وإن وصلنا لأكثر من 20 مسرحية، فالسينما والتليفزيون يضمان  العدد الكبير ، و السينما هي التاريخ .
وشارك بالرأي المخرج والممثل محمد الشرقاوي المشارك في مسلسل «سلطانة المعز»  حيث أكد على أن المسرح هو أبو الفنون وهو المختبر الأساسي الذي يتعلم فيه الممثل، وأضاف:  المسرح فن حي منضبط يدرب الممثل على الالتزام وأبجديات الفنون ، يدرب على التركيز وتقديس دور الفن ،كما أن احتكاك الممثل المباشر بالجمهور يكشف عن الممثل الحقيقي من المزيف ، بخلاف معرفة موضع الخطأ والصواب في أدائنا من المسرح ، أضاف:  بسبب تجربتي في التجوال داخل القرى والنجوع ،شاهدت نماذج كثيرة، والذاكرة الانفعالية لدي أصبحت مليئة» الكراكتر» المختلف.
وتابع «الشرقاوي: «تواجه فناني المسرح مشكلة في الترشح للأدوار التلفزيونية أو السينمائية، لترسيخ فكرة أن ممثل المسرح «أوفر» لكنهم حين يريدون ممثلا لتجسيد دورا صعبا فإنهم يبحثوا عن ممثل المسرح ،فهو إضافة لأي عمل ،ونحن  حين نحصل على فرصة في التليفزيون أو السينما نفاجئ المخرجين، خاصة لأننا لا نضطر للإعادة كثيرا، وهذا نتيجة لممارسة المسرح ،وعن نفسي لا فارق بين أي وسيط فلكل مجاله ، وكممثل حصلت على فرصة كبيرة في مسلسل «سلطانة المعز» والدور كان صعبا جدا ولاقى استحسان الجمهور بشكل كبير وردود الأفعال كبيرة.

أخيرا قال الناقد رامز عماد:  
المسرح مدرسة كبيرة بعيدا عن كونه أبو الفنون ،و في مصر تحديدا من يمارس المسرح لفترات طويلة يكون لديه مجموعة من المقومات، منها النفس الطويل الذي يؤهله للمشاركة في أعمال كثيرة مما يكسبه خبرات ثقافية وفنية وتقنية ،وتلك الخبرة هي ما تجلعه ممثل «شاطر»حين يحصل على فرصة المشاركة في عمل تليفزيوني ،وهذا على عكس ممثلين شبابا قرروا البدء بعيدا عن المسرح كالمذيعين الذين اتجهوا للتمثيل ، وبالتالي فهم يحاولون اكتساب خبراتهم من خلال العمل في المجال نفسه سواء سينما أو تليفزيون، وبالتالي يستغرقون وقتا وجهدا ليبدأوا في الظهور ،بينما المسرح من الطبيعي أن يكون هناك رصيد كبير من العمل للممثل «تقصر المسافة» لانه استطاع فهم طبيعة التمثيل أمام الكاميرا على عكس من بدأوا بشكل سريع.
أضاف : كثير من الأسماء التي لمعت خلال الدراما التليفزيونية خلفيتهم مسرحية ، منهم شريف الدسوقي ،ومحمد عبد العظيم، ورامي الطمباري ، وخلال السنوات الماضية لدينا بيومي فؤاد من مدرسة مسرحية مهمة وهي مسرح آتيلية فنون جميلة ، وجميعهم لهم تجارب مسرحية لسنوات طويلة ، وبهذه المناسبة أشيد باتجاه مكاتب الكاستينج التي بدأت تبحث عن ممثلين من المسرح، فهم الأكثر تميزا هذا العام نتيجة لمجهودهم الكبير خلال السنوات الماضية


روفيدة خليفة