مدخل إلى المصطلحات والمذاهب المسرحية.. أول إصدار لد.مجد القصص في عام 2007

مدخل إلى المصطلحات والمذاهب المسرحية.. أول إصدار لد.مجد القصص في عام 2007

العدد 661 صدر بتاريخ 27أبريل2020

 كتاب “مدخل إلى المصطلحات والمذاهب المسرحية”  للدكتورة  مجد القصص وهي فنانة أردنية شاملة (ممثلة، مخرجة وكاتبة مسرحية بجانب عملها كأستاذة جامعية) الذي صدر عن أمانة عمان الكبرى عام 2007 حيث قدمها إلينا لأول مرة في ذلك الوقت كباحثة أكاديمية، بعد حصولها على درجة الماجستير في فيزيائية الجسد من جامعة رويال هولوي بلندن. وقد بذلت الكاتبة جهدًا واضحًا لإنجاز هذا الكتاب، الذي يعد موسوعة علمية ومعرفية لدارسي وطالبي الثقافة المسرحية، حيث استعانت في إنجازه بالعديد من المصادر المهمة.
 في المقدمة تعرف المؤلفة الكتاب بأنه يلقي إضاءة سريعة على المذاهب والمصطلحات المسرحية، للراغبين في توسيع معرفتهم عن الدراما المسرحية، لكنه ليس كافيا للمتخصصين أو الباحثين الذين سيكونون بحاجة إلى المزيد من القراءات. كما أرجعت سبب إنجازها لهذا الكتاب إلى غياب الكتابة المتخصصة عن المسرح مما جعل البعض يسعى لترويج مفاهيم ومصطلحات غير ناضجة أو مغلوطة، فقد لاحظت نقصا وتقصيرا كبيرين في هذا المجال خلال رحلتها الفنية التي امتدت إلى ثلاثين عاما0
 الكتاب يقع في 193 صفحة من القطع الكبير، ويتناول المذاهب والمصطلحات المسرحية في أربعة عشر فصلا.
 يحمل الفصل الأول عنوان الكلاسيكية القديمة، جاء فيه تعريف لفظ (كلاسيكي) الذي أطلقه الكاتب اللاتيني (أولوس جليوس) حين ألف كتابا، صاغ فيه عبارتين إحداهما هي scriptor clasicus   وتعني كاتب أرستقراطي يكتب للخاصة فقط.
 أما أول من قام بتقنين المذهب الكلاسيكي في المسرحية وضبط قواعدها غير المدونة سابقا، فهو أرسطو في كتابه (الشعر أو فن الشعر). وقد ركز أرسطو على المسرحية التراجيدية أو المأساة فقط وأهمل الأنواع الأخرى، وقد عرف أرسطو المأساة بأنها (محاكاة الأفعال النبيلة الكاملة، وأن لها طولا معلوما وتؤدى بلغة ذات ألوان من الزينة تشتمل على الإيقاع والألحان والأناشيد، وتمم هذه المحاكاة بواسطة ممثلين يمثلونها وهي تثير في نفوس المتفرجين الرعب والرأفة وبهذا تؤدي إلى التطهير).
 ثم حددت الفروق الرئيسية بين المسرحية الكلاسيكية القديمة والحديثة منها: أن الكلاسيكية القديمة لابد أن تتوفر بها وحدة الموضوع ووحدة الزمان ووحدة المكان، أما الحديثة فلا تشترط هذه الوحدة .  
عظمة الشخصيات: في الكلاسيكية القديمة كان لا يقوم بأدوار الشخصيات العظيمة عامة الشعب، أما الحديثة فكان لا مانع من الاستعانة بالوصيفات والأصدقاء.
عظمة اللغة: أجمع كلاهما على أن تكون المأساة مؤلفة من شعر رفيع المستوى ذي أسلوب واضح وفصيح يخاطب العقول قبل العواطف.
القضاء والقدر: المحور الذي يجب أن تدور حوله الحوادث في الكلاسيكية القديمة، أما الحديثة فقد جعلت الحب وأهواء النفس محل القضاء والقدر.
تميزت المسرحية الكلاسيكية القديمة بوجود الكورس والأناشيد وتخلت الكلاسيكية الحديثة عنهما.
الفصل الثاني: مسرح العصور الوسطى
   تناول المسرح الديني وقد قسمه إلى : المسرح الديني 1 والمسرح الديني 2
المسرح الديني 1 الذي بدأ بعد انهيار الإمبراطورية الرومانية، وفيه حاربت الكنيسة كل أثر للدراما واعتبرت التمثيل خطرا على مكانة الكنيسة ورجالها وعلى أفكار الناس وأذواقهم، وأن الدراما لا تتفق مع القواعد التي تنادي بها تعاليم الكنيسة، وأصدرت عدة قوانين أهمها: تحريم مشاهدة حفلات الجونجلرز على رجال الدين المسيحي ، تحريم المسرح على الأشخاص الذين يدينون بالمسيحية، كل ممثل يرغب في اعتناق الدين المسيحي عليه أن يتبرأ من احتراف التمثيل، تحريم الزواج بين المسيحيين والجونجلرز، تحريم إطلاق الأسماء المسيحية على الممثلين والممثلات، تحريم مراسم الدفن المسيحية أو حتى الدفن في المقابر المسيحية على الممثلين.
 وفي القرن العاشر الميلادي شعرت الكنسية الكاثوليكية في كل مكان في أوربا بحاجتها إلى الدراما لتوصيل تعاليم الدين المسيحي إلى الشعب، وذلك عندما أراد رجال الدين سرد قصة السيد المسيح ومعجزاته بطريقة مغايرة للأداء التقليدي ، فتم اعتماد الأداء الدرامي وعرض مسرحيات قصيرة تقدم في الأعياد الدينية وتتضمن نصوصا منقولة عن الإنجيل يؤديها القساوسة والشماسون. قسم النقاد المسرحيات الدينية حسب أماكن التمثيل إلى ستة أنواع هي: الكنيسة كمسرح وهي عبارة عن عرض المسرحيات داخل الكنيسة، مسرح الكنيسة وفيه انتقل العرض المسرحي من داخل الكنيسة إلى فنائها الخارجي مع استمرار وجود التأثير الديني للكنيسة على العروض ، المسرح الدائم وفيه انتقلت المسرحية من الكنيسة ليصبح العرض المسرحي يقدم تحت إشراف الهيئات أو ما يسمى المجلس البلدي، المسرح المتنقل وقد ظهر في انجلترا بديلا عن وجود مسرح ثابت وهو عبارة عن عدة عربات يقام على كل عربة منظر واحد، المسرح الدائري ظهر في فرنسا وهو عبارة عن مدرجات دائرية للجمهور والتمثيل في الوسط وتم استخدام المدرجات الرومانية القديمة للعروض، المسرح ذو الستارة وهو عبارة عن منصة مرتفعة خلفها ستارة يمثل أمامها الممثلون، كانت تقام هذه المسارح في الشوارع والميادين العامة حيث كانت تعرض هذه المسرحيات لعامة الشعب0 وقسمت المسرحيات حسب مضامينها إلى أربعة أنواع هي: مسرحيات المعجزات ومسرحيات الأسرار والمسرحيات الأخلاقية والمسرحيات الفكاهية0
 كما أن المسرحيات الدينية في العصور الوسطى ارتبطت بمضامين معينة مقسمة إلى خمسة أنواع وهي المسرحيات  القصيرة التي عرضت على مسرح الكنيسة وهي بعض الجمل المأخوذة من الإنجيل مع مصاحبة التراتيل الدينية، ومسرحيات تعتمد على نصوص من الإنجيل دون تحريف في الكنيسة كمسرح، ومسرحيات الأسرار التي اقتبست من الإنجيل مع بعض التحريف والتي قدمت في المسرح الدائم والمسرح المتنقل، والمسرحيات الأخلاقية التي قدمت في المسارح الدائرية، ومسرحيات الاستراحة التي قدمت في المسرح ذي الستارة.
عناصر الإنتاج:
الممثلون:
 كان الممثلون إما رجالَ دين أو محترفين. انحسرت مشاركة رجال الدين في التمثيل على الفترة التي كانت العروض تقدم في الكنيسة كمسرح ومسرح الكنيسة، حيث كان القساوسة والرهبان والراهبات وأطفال الكورال هم الذين يقومون بالتمثيل، وكان التمثيل في هذه الحالة عبارة عن طقوس تمتاز بالجدية والتفاني في الأداء والإلقاء والحركة مقيدا بالإطار الديني لدرجة أنه عندما بدأ الفن يتسرب للأداء والتمثيل منع رجال الدين هذه العروض واكتفوا بالكنيسة كمسرح فقط . أما الممثلون المحترفون فقد بدأ ظهورهم عندما انتقلت العروض الدينية من الكنيسة إلى خارج سلطة الكنيسة ونفوذها، وأصبح يشرف عليها النقابات والهيئات الدينية التي تعهدت العروض المسرحية المأخوذة عن الإنجيل من جميع النواحي ممثلين ومناظر وملابس.
الملابس والإكسسوار:
 كانت الملابس بالنسبة لرجال الدين الذين يمثلون في الكنيسة كمسرح ومسرح الكنيسة عبارة عن الملابس الدينية التي يلبسونها أثناء الطقوس الدينية، وهي عبارة عن قميص طويل فضفاض عليه محرمة ذات أكمام طويلة وكولة سوداء، وغطاء الرأس الذي يلبسه الرهبان أي مثل ملابس الرهبان الحالية. أما الممثلون في باقي أنواع المسارح فكانوا يلبسون ملابسهم اليومية عند القيام بتمثيل الأدوار العادية، في حين نجد أن الشخصيات المميزة مثل الملائكة والشياطين والمضحكين لكل منهم ملابس خاصة تميزه0
المؤثرات والخدع:
 تميزت طريقة الإخراج في العصور الوسطى باهتمامها بالناحية الآلية والفنية، كما استخدمت طريقة ربط الصالة بخشبة المسرح.
الإضاءة: استعملت الشموع لأول مرة في تاريخ المسرح في العروض التي قدمت داخل الكنيسة، وفيما يتعلق بالعروض التي كانت تقدم خارج الكنيسة، فقد استخدمت المشاعل والزيت المشتعل في العرض الذي يقدم في المساء.
الجمهور:
 غالبا ما كان الجمهور يذهب لمشاهدة العروض متأثرا بالحافز الديني، ثم تطور بتطور المسرح وخروجه عن السياق الديني.
أنواع المسرحيات من حيث المضمون:
 مسرحيات الأسرار والمعجزات والمسرحيات الأخلاقية ومسرحيات الانترلود.
 يتناول الفصل الثالث العصر الإليزابيثي الذي يتميز بتفوق ثلاثة من الأشكال الأدبية هي الدراما، الأغاني، السونات.
ومن أشهر المسارح الشعبية في تلك الفترة: مسرح الستارة ، مسرح الوردة ، مسرح البجعة ، مسرح جلوب، مسرح الحظ ، مسرح الرهبان السود، مسرح الثور الأحمر، مسرح الرهبان البيض، مسرح كوكبيت، مسرح سلسبوري.
أهم كتاب المسرح الإليزابيثي:
 بالطبع يعتبر شكسبير من أهم كتاب هذه المرحلة، وقد أفردت له الكاتبة مساحة كبيرة للتعريف به في الكتاب، ثم فطناء الجامعة وهم: جون ليلي، توماس ناش، جورج بيل، روبرت جرين، توماس لودج مت، توماس كد، كرستوفر مارلو.
الفصل الرابع : الكوميديا دي لارتي
 وقد عرفتها الكاتبة بأنها تُرجمت إلى اللغة العربية تحت أسماء مختلفة مثل: كوميديا الفن، كوميديا الصنعة، الكوميديا الشعبية، كوميديا الارتجال أو الكوميديا الإيطالية، وكل هذه الترجمات لها جذور في هذا الفن حيث خرجت الأسماء لتعبر عن خاصية معينة يتمتع بها هذا الفن0
وكان لهذا الفن تأثيرات وانعكاسات على كبار كتاب المسرح والممثلين مثل شكسبير0
   وتؤكد الكاتبة في نهاية الفصل أن هذه الأعمال قادرة على استقطاب العدد الأكبر من الجمهور مقارنة بالأعمال الأدبية، وكأن الصراع بين المسرحيات الأدبية والمسرحيات الشعبية دائم منذ نشأة المسرح إلى الآن، حيث تنتصر المسرحية الشعبية على الأدبية في قدرتها على استقطاب الجماهير. كما تؤكد على أهمية دراسة هذه الظاهرة من الباحثين في المسرح حتى يصلوا إلى معادلة وسطية بين الجماهيري والأدبي وإلا بقي الحال لصالح متعة الترفيه السطحي على حساب متعة العقل والقلب معا.
الفصل الخامس: الرومانسية
 يقسم النقاد المذهب الرومانسي إلى مرحلتين قديمة وحديثة: الأولى مرحلة الشاعر الإنجليزي وليام شكسبير الواقعة بين 1564 م إلى 1616 م، والثانية امتدت منذ منتصف القرن الثامن عشر وحتى نهاية القرن التاسع عشر، وتعتبر المرحلة الأولى تمردا وثورة على المذهب الكلاسيكي القديم بينما تعتبر المرحلة الثانية تمردا على المذهب الكلاسيكي الحديث، كما يعتبر المذهب الرومانسي المذهب المسرحي الأكثر امتدادا على مدى العصور مقارنة بالمذاهب المسرحية الأخرى.
المذهب الرومانسي الحديث: عُرفت الكتابة الرومانسية الحديثة بأنها رفض لمبادئ النظام المؤسسي، رفض لحالة الاستكانة والهدوء، رفض للانسجام، للتوازن، للمثالية، رفض للعقلانية التي اتصفت بها الكلاسيكية الحديثة.
 وقد اتسمت الرومانسية بالتقدير العميق لجمال الطبيعة، تبجيل العاطفة على حساب العقل والحواس على حساب الأشياء المدركة بالعقل، التحول نحو الذات واختبار الشخصية الإنسانية وحالات تقلبها، الانشغال بالإنسان العبقري المتفرد، التركيز على الخيال، الاهتمام بالثقافة الفولكلورية، التحيز للأشياء الغريبة.
الفصل السادس: الميلودراما
 وقد أوردت في تعريفها أنها « كلمة مشتقة من كلمتين إغريقيتين الأولى ميلو (melos) وتعني أغنية أو موسيقى، والثانية دراما (drama) وتعني عملا أو فعلا أو مسرحية وخاصة المسرحية التراجيدية.
 وقد بدأ استخدام هذا المصطلح في بداية القرن التاسع عشر عندما أصبح النقاد والجمهور يميزون نوعا مسرحيا يتمتع بعقدة حسية رومانسية وحوادث ممزوجة بالأغاني والموسيقى الأوركسترا بإطلاقهم عليه الميلودراما. أي أن المعنى الحر للمصطلح يعني الدراما الموسيقية، والتي تستخدم فيها الموسيقى إما لتزيد من حدة رد الفعل العاطفي عند المتلقي أو تستخدم لاقتراح وتقديم الشخصيات0
الفصل السابع: الطبيعية والواقعية
 وتتعرض فيه الكاتبة لأهم الفروق بين المذهب الواقعي والمذهب الطبيعي فتقول: «إن الفرق بين المذهبين سواء في القصة أو المسرحية أو في سائر الفنون يتضح من مجرد النظر في اسم كل منهما، فالشيء الطبيعي هو الشيء المنسوب إلى الطبيعة، الطبيعة كما خلقها الله   ولم تتأثر بالعوامل الخارجية الطارئة التي يصنعها المجتمع، أما الشيء الواقعي فهو الشيء الذي تحول إليه الشيء الطبيعي بعد أن تأثر بتلك العوامل الخارجية الطارئة والعوامل التي صنعها المجتمع».
الفصل الثامن: الرمزية
 قدمت فيه الكاتبة تعريفا للأدب الرمزي بأنه الأدب الذي إذا قرأه القارئ العادي فلا يفهم منه إلا ظاهره، أما القارئ المتأمل فيفهم منه هذا الظاهر ولكنه لا يقف عنده، بل يمضي إلى ما تحت سطحه، وما تحت السطح هو جوهر الأدب الرمزي، وهذا الجوهر يتلقاه القارئ المتأمل بصور مختلفة في الذهن، صور تتفاوت في مقدار ما فيها من جمال ومعان وأهداف0
   وقد بدأت الحركة الرمزية في الأدب الحديث في أواخر القرن التاسع عشر في فرنسا  ردا على المذهب الطبيعي والواقعي وتمردا على الشعر الموزون.
وقد أسس قواعد المذهب الرمزي في المسرح الكاتب المسرحي البلجيكي موريس ميترلنك.
الفصل التاسع: التعبيرية
 ظهر المذهب التعبيري في ألمانيا في أواخر القرن التاسع عشر حين ألف الكاتب المسرحي الألماني (فرانك ويد كند) مسرحيته (اليقظة المبكرة) التي لم تمثل إلا في عام 1906 م.
 وقد فرقت بين المسرحية التعبيرية والكلاسيكية بأن الكلاسيكية تقوم على تخطيط منطقي يضع في اعتباره المستقبل حيث نرى فيه بداية وتطورا ونهاية، أما المسرحية التعبيرية فتعتمد على متواليات متتابعة من اللحظات المتصاعدة حيث تتوالى فيها سلسلة من القمم الدرامية، ويلجأ الكاتب لتحقيق ذلك إلى سلسلة من المونولوجات المركزة ، أما الشخصيات فلا نرى في المسرحية التعبيرية إلا الشخصية الرئيسية، أما اللغة فيجب أن تكون مركزة وتلغرافية، والمشاهد عبارة عن عدد كبير متتابع من المناظر، والتمثيل في المسرحية التعبيرية يعتمد على ضرورة فهم الممثل بأن أداته الرئيسية في التمثيل هي جسده حيث ترفض التعبيرية أن يتم تقمص الشخصية ووثقت كلامها بقول سعد أردش في كتابه (المخرج في المسرح المعاصر): أداء الممثل يجب أن يكون فيزيائيا – أي اللغة الجسدية هي المطلوب توظيفها ، وقوله : حركة الجسد (الأوضاع المختلفة لوقوف أو جلوس الممثل) يجب أن تكون حادة ، مثال على ذلك حركة اليدين مثنيتين بزوايا مختلفة وحادة.
أهم كُتاب التعبيرية: يوجين أونيل، جوان هوارد لوسن، برتولد بريخت.
الفصل العاشر: مسرح العبث
 وفيه تؤكد أن جذور مسرح العبث تعود إلى الفترة ما بين 1920 ، 1930 عندما كان بعض رواد المسرح المحدثين آنذاك يختبرون التجريب في المسرح، وأن مسرح العبث ما هو إلا ترجمة عملية لأفكار السريالية الفرنسية التي كانت سائدة في حينه ، ولكنها أتت متأخرة حيث انعكست في الخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم.
 وترى الكاتبة أن ظهور مسرح العبث محاولة لترميم أهمية الأسطورة والطقوس في حياة الناس عبر وضع الإنسان في مواجهة قاسية مع الواقع والظروف التي تحيط به ويتم ذلك من خلال إعادة زرع الحاسة المفقودة لديه والتي يسبب فقدانها افتقاد الحس الكوني وعدم الشعور والقلق الفطري ، وأن مسرح العبث يطمح إلى تحقيق ذلك من خلال هز ثوابت الإنسان ليخرجه من وجود أصبح ميكانيكيا ومملا واتكاليا.
   وأشارت إلى أهم مظاهر الدراما العبثية وهي عدم ثقة كتاب العبث باللغة كوسيلة من وسائل الاتصال، فاعتبروا أن اللغة أصبحت وسيلة لتبادل شيء مؤطر نمطي وبدون معنى، وأن الكلمات تبقى سطحية عاجزة عن التعبير عن جوهر تجربة الإنسان وأنها لا تستطيع التغلغل إلى عمق هذه التجربة.
وقد ختمت الكاتبة هذا الفصل بهذه الفقرة: « مسرح العبث ليس كبقية المدارس المسرحية الأخرى التي جاءت متمردة على ما سبقها، بل هو مسرح لن يختفي وسيبقى يظهر هنا وهناك، فعندما نرصد ظهور مسرح العبث في منطقة ما فهذا يعطينا مؤشرا بأن هذه المنطقة يتعرض فيها الإنسان إلى الكثير من الألم ، إضافة إلى فقدان القيم الإنسانية فيها، وعلى ضوء ذلك فإن اختفاء مسرح العبث يعني بأن العالم قد أصبح أفضل، وأن مقدارا كافيا من العدالة قد تحقق.
الفصل الحادي عشر: المايم والبانتومايم
 عرفت المايم بأنه: كلمة قديمة وتعني تقليد الحياة (Imitation of life) وقد أتت الكلمة من الكلمة الإغريقية القديمة (Mimos) وقد بدأ هذا النوع يتشكل من نفس القاعدة الأساسية التي نشأ منها المسرح وهي الرغبة والحاجة عند الإنسان للتقليد واللعب وإضافة التفاصيل والزخرفة على أمور الحياة اليومية.
ثم فرقت بين المايم والبانتومايم في عدة نقاط منها:
- البانتومايم أكثر تعقدا وأعمق من المايم السطحي في الشكل والمضمون.
- ممثل المايم لا يرتدي قناعا بل يعتمد على وجهه لتوصيل التعبير والإشارات والإيماءات، بينما ممثل البانتومايم يستخدم قناعا.
- ممثل البانتوميم هو في الحقيقة راقص ويقوم بأداء رقص يشبه الباليه الحديث أو الباليه مايم.
- البانتومايم لا يعتبر فنا كوميديا بل فنا تراجيديا أما المايم فيعتبر فن المسخرة.
وتناول الفصل تطور المايم والبانتومايم منذ العصور الوسطى حتى اليوم وأهم رواده.
الفصل الثاني عشر: المونودراما
   وقد عرفتها بأنها مسرحية الشخص الواحد، وأن أول من عرف في التاريخ بتقديم هذا النوع من المسرح هو نفسه أول ممثل في التاريخ الإغريقي تثيبس ، وأن سماته أنه فن ذو طابع مأساوي فجاعي، وغالبا ما ينطلق البطل في كشف أوراقه من تجربة ذاتية مريرة إلى ما هو عليه ، وقد يكون الباعث على ذلك سؤال ملح أمام واقع حاضر، وفي هذه الحالة تكون طبيعة السؤال مصيرية، كونية، وجودية، حتى لو بدت ظاهريا في صورة أبسط الأشياء.
   أما الزمن فيكون في المونودراما ذا بعد ملحمي متعدد المستويات ينسجم مع طبيعة الموضوع، والمكان: فخصوصية الزمن تجعل من المكان متعدد المستويات حيث تستحضر الشخصية الوحيدة ملامح الأمكنة خلال عملية التداعيات الفكرية.
   أما اللغة فيغلب عليها الطابع السردي وصيغة الفعل الماضي وتداعي الأفكار.والصراع يكون داخليا (صراع الإنسان مع نفسه).
الفصل الثالث عشر:المسرح الآسيوي
   واستعرضت فيه المسرح الهندي والمسرح الياباني، وقد اختارت نوعا واحدا من المسرح الهندي وهو المسرح السنسيكريتي الذي يعتبر فترة الازدهار للدراما الهندية لتعريفه.
   وقد تأسس المسرح السنسيكريتي على وجهة نظر فلسفية عميقة إلى حد بعيد، ورؤية كونية شاملة وجماليات عالية التطور تمثلت في النظرية التي وصلت إلينا كنظرية الرازا، والرازا كلمة هندية تعني العاطفة، وهو مصطلح يتساوى مع مصطلح بهافا، وتقسم إلى ثمانية أنواع وهي: عاطفة الحب، عاطفة الضحك، الحزن، الحنين، البطولة، الفزع، الغضب، الدهشة، هذه العواطف هي التي تحدد سمات المسرحية السنسيكريتية.
والمسرحية السنسيكريتية لا تصور الحياة السطحية أو الواقعية، بل تحقق بواسطة أخلاق عميقة وتمييز جمالي محاكاة فنية أو تصور الأفعال والمواقف المختلفة للحياة البشرية، من خلال تجربة لحالة السعادة القصوى وإدراك عميق للحقيقة الممكنة.
أما المسرح الياباني فقد تناولت فيه نشأته وأنواعه والأشكال المسرحية فيه، وأشارت أيضا إلى أول دراما عرفتها اليابان فقالت: هي دراما بدائية تسمى (جيجاكو) وظهرت عام 612 م ودخلت إلى اليابان من الصين الجنوبية، ويعتقد بأن لها جذورا هندية أو إغريقية. كانت هذه الدراما عبارة عن رقصات تعبيرية خاصة يرتدي مؤدوها أقنعة مضحكة، إلا أنها في القرن الثامن الميلادي فقدت شعبيتها وتحديدا عند الحكام والسبب في ذلك هو سخافة شخصياتها، ومن ثم تم استبدالها بنوع ترفيهي آخر يسمى (بوجاكو)، والذي وصل إلى اليابان أيضا من الصين، كانت رقصات البوجاكو تعرض مواضيع بسيطة، وكان المؤدون يرتدون أروابا مثيرة ورقصهم يتميز بجمال غريب، وحافظ الحكام على هذا النوع من الدراما لسببين: الأول جدية المواضيع، والثاني رغبة منهم في تقليد إتيكيت البلاط الصيني الذي كان يقدم هذا النوع كترفيه، هذا النوع تحول بعد ذلك إلى مجرد عروض طقسية تقدم الآن في الاحتفالات والمهرجانات الكبيرة.
الفصل الرابع عشر: مسرح فيزيائية الجسد
 بعد أن عرفت الكاتبة مسرح فيزيائية الجسد عرضت لأهم سماته ومميزاته التي تتلخص في:
- مسرح فيزيائية الجسد يؤكد أن المؤدي هو خالق ومبدع العرض وليس مفسرا أو مترجما له.
-  أن عملية الخلق الإبداعي ليست فردية بل جماعية.
- العملية الإبداعية تركز على جسد الممثل أكثر من عقله.
- إن العلاقة بين المشاهد والخشبة علاقة مفتوحة وعلاقة مشاركة إبداعية.
- تتغلب في هذا النوع العناصر البصرية والسمعية على غيرها.
- مسرح فيزيائية الجسد لا يعني عدم استخدام الحوار بل يمكن استخدامه إلا أن لغة الجسد هي الغالبة.
- الحركة المستخدمة للتعبير هي الحركة الطبيعية اليومية الاعتيادية، إضافة إلى حركات تجريدية ولكنها تستخدم بشكل مغاير للمألوف يعيد المشاهد قراءتها ليتخذ موقفا منها قبولا أو رفضا.
- الوجه الطبيعي الخالي من الماكياج هو السائد في مثل هذه العروض.
- استخدام الديكور والإكسسوار غير تقليدي.

 


نور الهدى عبد المنعم