وداعا رجل المسرح.. لينين الرملى

وداعا رجل المسرح..  لينين الرملى

العدد 651 صدر بتاريخ 17فبراير2020

رحل عن عالمنا الأسبوع الماضى رجل المسرح المؤلف لينين الرملى عن عمر يناهز74 عاما بعد رحلة حافلة من الأعمال المتميزة والتى تركت بصمة كبيرة فى الساحة المسرحية والفنية  و كانت نصوصه دائما عنصر جاذب لكبار المخرجين وللشباب فى جميع قطاعات المسرح نظرا لما تحمله من فكر وقيمة وثراء من نوع خاص.
ولد لينين الرملى فى 18 أغسطس عام  1945 من أبوين عملا بالسياسة والكتابة الإبداعية  وكان هذا موعد من نجم جديد فى سماء الكتابة المسرحية والدرامية نشر أول قصة قصيرة بمجلة صباح الخير عام  56 وصدرت له أول قصة منشورة فى كتاب عام 58 وهو فى الثانية عشر وحرر مطبوعتين لعددين وأشرف على صفحة الأدب فى جريدة العمال وكتب أسبوعيا بها لعام ونصف قبل تخرجه من الدراسة.
قدم لينين الرملى للمسرح المصرى ما يقرب من 55 مسرحية منها “تخاريف “ و”الهمجى “ ، “ وجهة نظر “ ، “سكة السلامة “ ، “ انتهى الدرس ياغبى “ ،”عفريت لكل مواطن “ ، “بالعربى الفصيح “ ، “ أنت حر “ ، “ الكابوس “ وغيرها من الأعمال المسرحية قدم للتلفزيون ما يقرب من 30 عملا بين التمثيليات والمسلسلات نالت جماهيرية واسعة ومنها “ فرصة العمر” ، “حكاية شرارة “ ، “مبروك جالك ولد “ ، “هند والدكتور نعمان “ وغيرها من بالإضافة إلى أربع مسلسلات إذاعية فاز منها بجائزة أفضل تأليف ، أما فى السينما كتب كان أولها مه صلاح أبو سيف ولكن الرقابة لم تجيزه إلا بعد عشرين عاما ، “السيد كاف” , “ البداية “ الذى فاز بثلاثة جوائز أولها عصا شارلى شابلن الذى أعطاه الجمهور له ، “ الأرهابى “ والذى كان اول تحدى فنى كما كتب ثلاثة أجزاء من فيلم واحد “بخيت وعديلة “ ، “الجردل والكنكة “ ، “هاللو أمريكا “
الكاتب الراحل لينين الرملى كانت موهبته متفردة ، فكان صانع للكوميديا بشكل مختلف وساخر يجتذب الجمهور ويضحكه على مأسيه وأحزانه وكانت اعماله تحمل قيما وأفكار وفلسفة خاصة فلم يكن إهتمامه بالإفكار السائدة ولكن كان إهتمامه بالإنسان أولا وأخيرا فقد ذهب للمسرح بشروطه فكانت تجربته ثرية ومتنوعة فقد إستطاع المبدع لينين الرملى أن يضع العرض المسرحى بكامل هيئته بلغة العرض المسرحى فكان يكتب حوارا ويتخيل شخصيات من أجل خشبة المسرح ومن أجل أن تحيا هذة الشخصيات فى هذا الفضاء ولمواجهة الجمهور فكان له صنعته الخاصة بشخصيات نصوصه التى تتعرف عليها من حوارها فكان يرسم شخصياته ببراعة شديدة وبعد رحيله قمنا بالتحاور مع عدة أجيال من المخرجين قدمت أعماله لنتعرف من خلالهم على ما أهم ما يميز نصوص الكاتب لينين الرملى المسرحية
موهبة متميزة
قدم الفنان والمخرج شاكر عبد اللطيف ستة نصوص للمؤلف الراحل لينين الرملى وهم إعادة إنتاج عرض “ إنتهى الدرس يا غبى “ ، “أبو زيد “ بطولة الفنان الراحل سيد زيان  ، “سعدون المجنون “ بطولة يحيى الفخرانى والفنانة الراحلة أمينة رزق  ، “ الفضيحة “ ، “مبروك”
وعن اهم ما يميز كتاباته قال : يمتلك الراحل لينين الرملى موهبة متميزة ورؤية ثاقبة كما أنه مطلع على ثقافات المسرح لدى الآخرين وهو يعد من الكتاب القلائل الدارسين للمسرح ولديه إحساس عالى بالكوميديا وقد شهدت على بداية موهبته منذ أن كان طالبا بالمعهد العالى للفنون المسرحية وكنت أسبقه بعامين وكنت أرى فى هذة الفترة كتاباته
وأضاف : كل الأعمال التى قدمتها مع الراحل لينين الرملى كانت أعمال متميزة وناجحة  وكانت تربطنى به علاقة صداقة فكان إنسانا طيب القلب

يكتب الكوميديا بشكل هندسى
الفنان والمخرج محمد أبو داود طرح وجهة نظر هامة لإعمال لينين الراملى فقد قدم أبو داود ثلاثة أعمال للراحل لينين الرملى وهم “جنون البشر “ ، “عفريت لكل مواطن “ ، “صعلوك يربح المليون” وأوضح  قائلا “ بخلاف أن لينين الرملى هو خريج المعهد العالى للفنون المسرحية قسم النقد وأدب المسرح فهو مثقف وقارىء منذ صغره وهو محب للفن والمسرح فدائما نجد فى جميع أعماله قيمة تفيد المجتمع وكل الأمور التى يعتمد عليها الفن الحقيقى تجدها فى كتاباته وقد نجح فى الكوميديا وذلك لأنه يمتلك التفرد والأختلاف فكان يكتب الكوميديا بشكل هندسى ، فالأمر بالنسبة له ليست إفيهات مضافة للنص ولكن الكوميديا تكون نتاج موقف ونتاج ترتيب دقيق دون إسفاف فجميع أعماله تراها الأسرة والحقيقة أن جميع أعمال لينين متميزة وناجحة سواء مع قدمه مع الفنان محمد صبحى أو فى فرقته

فارس الكلمة
روى المخرج هشام السنباطى العديد من الذكريات مع الراحل لينين الرملى إذ بدأت علاقته بالكاتب الراحل لينين الرملى عام 93 وذلك من خلال فرقة إستديو 2000 وكان لينين الرملى إنذاك يقوم بعمل إختبارات لضم عناصر جديدة للفرقة كما قدم السنباطى ثلاثة تجارب مسرحية للكاتب الراحل لينين الرملى وهم “ أنت حر “ ، “ الكابوس” ، “ العار”
وأوضح   السنباطى قائلا “  تعلمت من خلال المبدع لينين الرملى معنى المسرح الحقيقى وهو سر نجاح فرقة إستديو 2000 وذلك لأنها تقدم أعمالا متميزة بها فكر وكان من عادة الراحل لينين الرملى أن يحدثنا دائما عن المسرح وفنونه وما معنى أن تكون ممثلا مسرحيا ومن أكثر المواقف التى أتذكرها أثناء التحضيرات الخاصة بمسرحية “مجد وغلب “ والتى قدمت فى إفتتاح مهرجان القاهرة للإفلام الروائية عام 94 وكنت آنذاك مساعد مخرج وكانت بروفات الفرقة تقام ما بين مسرح الفردوس ومسرح الطليعة وكانت هناك حالة من البحث عن ممثل يجسد شخصية الفنان محمد عبد الوهاب وإقترح الراحل لينين الرملى أن أقدم الشخصية وذلك للتشابه الكبير بينى وبين الفنان محمد عبد الوهاب ، وقد حقق العرض نجاحا كبيرا آنذاك ونالت شخصية محمد عبد الوهاب إعجاب المشاهدين وكان من بين الحضور النجمة شريهان والتى اشادت بدورى وبالعرض المسرحى
وتابع “ المبدع لينين الرملى يمتلك رؤية مسرحية شاملة فهو يرى بعين المخرج والممثل والمؤلف ونصوصه كتبت لتقدم للعرض المسرحى كما أنه دائما كان حريصا على ضخ دماء جديدة ومواهب شابة فقد خرج العديد من الفنانين والنجوم من خلال فرقة إستديو 2000 كما شكل ثنائية رائعة مع الفنان محمد صبحى  وقد تعلمنا منهم الكثير وعن تجاربه مع نصوص لينين الرملى
 إستطرد قائلا “ قدمت ثلاثة عروض لينين الرملى وكان منها ما قدم فى مهرجان هواة وهو “ أنت حر “   وتوالت الأعمال فقد قدمت عرض “ الكابوس “ ، “العار” ونصوص المبدع لينين الرملى تساعد المخرج بشكل كبير فعندما يكتب لينين الرملى عرض يراه على خشبة المسرح بجميع مفرداته وهوما يساعد المخرج أن يعمل على النص بسهولة فرؤية المؤلف واضحة كما أن الممثلون لا يجهدون فى تفسير مابين السطور و نصوصه سابقة لعصرها فى الأفكار وهو شىء نادر لم نراه من قبل فهو فارس الكلمة وموهبة لم تكرر .
تأثر الشباب المسرحى بنصوص لينين الرملى ومنهم من كانت أولى عروضه الإحترافية لنص من تأليف الراحل لينين الرملى كما أن مخرجين الثقافية الجماهيرية والفرق الحرة كان لهم نصيب الأسد فى تقديم نصوص لينين الرملى

الحادثة أولى عروضى الإحترافية بمسرح الغد
قال المخرج عمرو حسان قدمت عرض الحادثة على مسرح الغد وكان أولى عروض الأحترافية للمبدع لينين الرملى فهو يعد من أهم المؤلفين العرب على مستوى العالم العربى وله مدرسة مختلفة فهو يكتب الكوميدية الساخرة ونصوصه تحقق تماس وصالحة لكل زمان ومكان فهى كتابات مستمرة تستشرف الواقع كما أن الكوميديا التى يقدمها سابقة لعصرها وهو شىء لا يمتلكه الكثير من المؤلفين فكل مشهد مكتوب فى نصوص لينين الرملى له مضمون ومعنى مهم

نظرة فلسفية
إرتكز المخرج أحمد البنهاوى على نقطة هامة فى نصوص المبدع لينين الرملى فذكر قائلا “ قدمت عرض “ أنت حر “ عام 2002 لقومية المنيا وحصد العرض العديد من الجوائز ، والحقيقة أن نصوص الكاتب لينين الرملى تتناول نظريات الفلسفة بشكل بسيط ففهى عرض “ أنت حر “ يلقى الضوء بنظرة فلسفية لمعنى الحرية ومجموعة من التساؤلات حولها وببعد يعمق معنى الحرية وهو ما يميز الكاتب لينين الرملى إخضاع النظرية لأسلوب بسيط ففى نصوصه جانب فلسفى إنسانى وهو من المؤلفين الذى كان لنصوصهم نصيب الأسد على مستوى عروض الثقافة الجماهيرية والمسرح الجامعى والبيت الفنى

شكل وجداننا
أشار المخرج محمد الشرقاوى إلى أن  لينين الرملى وأثر فى العديد من الأجيال فقال : قدمت عدة أعمال على مسرح الجامعة للكاتب لينين الرملى ونصوص لينين الرملى لها ثراء كبير فمنذ القراءة الأولى لإى عمل لينين الرملى تشعر بأنه سهل ولكن عندما تتعمق فيه تكتشف أن أسلوبه هو السهل الممتنع فهو دائما يتشابك مع العديد من قضايا الوطن والأزمات والمشاكل المزمنة وهو صاحب موقف ودائما تجد فى كتاباته تطورا مع كل حقبة زمنية بمشكلاتها وأزماتها وهو صانع للعديد من النجوم وصاحب مدرسة تجبر إى فنان أن يدور فى فلكه وأفكاره

تمرير الإفكار فى قالب فكاهى ساخر
قدم المخرج وليد شحاته تجربتان من تأليف لينين الرملى وهما “عين الحياة “ المأخودة عن نص “ سكة السلامة “ وقدم عرض بالعربى الفصيح
وعن أهم مايميز كتاباته أوضح قائلا “  تحمل أعمال لينين الرملى وجهة نظر مختلفة كما أنه يمتلك قدرة فائقة على تمرير الأفكار والقضايا فى قالب كوميدى ساخر فالضحك صنعه مغايرة عند لينين الرملى فهو يقوم بعمل مكاشفة للمشاهد تجعله يضحك على مآسيه وأحزانه وهى ميزة كبيرة من الصعب أن نجدها فى العديد من الكتابات المسرحية فأعماله دائما تخاطب العقل الإنسانى فالكوميديا الساخرة هى الفاعل الرئيسى فى كل أعماله فعلى سبيل المثال عرض “بالعربى الفصيح “ ناقش العديد من القضايا الهامة بمنظور مختلف وبإطار كوميدى دون إسفاف
كذلك عرض “عفريت لكل مواطن “ يوضح ما تحمله النفس البشرية من إنتقاضات فهناك صراع بين الخير والشر فى شخص واحد فمن سينتصر كما أن العرض ألقى الضوء على مجموعة من القضايا الهامة ومنها الروتين والمحسوبيات وهى مشكلات تمر تمريرها بشكل الكوميدية الساخرة

ممارس للعبة المسرح
كان للمخرج هانى مهران تجربة هامة حصدت العديد من الجوائز فى عدة مهرجانات وهى عرض “ عفريت لكل مواطن “
أشار الشاعر والمخرج هانى مهران إلى تفرد لينين الرملى فى رسم الشخصيات بإحكام شديد ففى جميع نصوصه لانجد شخصية تخرج من تفاصيلها أو تتغير لغاتها والشىء الهام أيضا أن الحبكة الدرامية مناسبة لحجم العرض فلا يوجد تطويل لنصوصه كما أنه يختار مفردات الحوار بعناية لكل شخصية فنستطيع التميز بين الشخصيات من خلال حوارهم
وتابع: لينين ممارس للعبة المسرح فقد أخرج عروضا مسرحية وهو شىء يميزة فنجده على وعى كبير بالإحداث والشخصيات فهو قادر أن يميز الشخصيات عن بعضها بوضوح وهو ما يسهل مهمة المخرج والممثل كما أن لديه حس كوميدى مميز يتنوع ما بين كوميديا الحوار وكوميديا الموقف كما أنه قارىء وعمل أكثر من نص معد عن نصوص عالمية وإستطرد قائلا : من وجهة نظرى أن أهم نصوصه على الإطلاق هو نص “ أنت حر “ وهو من أكثر النصوص التى تم تقديمها على مدار 20 عاما وأكثر بنفس الشغف والحب بل أن الكوميدية به متأصلة فى الحوار فبرغم معرفتنا بنص “ أنت حر “ ومشاهدته مرات عديدة إلا أننا كمشاهدين ومسرحيين نضحك على نفس الأفيهات والمواقف على العكس من نصوص آخرى لكتاب آخرين


رنا رأفت