العدد 739 صدر بتاريخ 25أكتوبر2021
هو أستاذ خوجة في التدريس وفي الإدارة، كثيرا ما اختلفت معه، شعرت بالظلم أحيانا كثيرة، لكن لم أنكر التعلم منه، بل وفضله، فحينما كان عميدا للمعهد التحقت بالمعهد، ولظروف ما تم تطبيق اللائحة الجديدة وفُصلت، ثم عدت للتقديم وهو نائب لرئيس الأكاديمية وتم قبولي. والحقيقة، إن ما فعله الدكتور فوزي -رحمه الله- هو إتاحة الفرصة للمواهب دون النظر إلى الواسطة، فكان التحاق البسطاء من أمثالي وجيلي الذين تتلمذوا على يديه وعلى أيدي أساطير التدريس وعمالقة الفن وقتها. وبالطبع، كنا بسطاء وحينما كنت في الدراسات العليا أصبح الدكتور فوزي رئيسا للأكاديمية، وزادت المصروفات بما لا نستطيع، فكان أن عرض أحد الأصدقاء على عميد المعهد آنذاك -الدكتور سمير أحمد شفاه الله– أن تقسط المصروفات، فطلب منا أن نكتب طلبا، ثم أخبرنا أنه رفعه للدكتور فوزي -رحمه الله- وذات يوم في محاضرة بمكتبة أنهيناها، ونزل معنا كما -كان يحب دائما أن ينهي يومه حوالي الثامنة مساء بمحاضرة الدراسات العليا- وإذا به يضع يده على كتفي مربطا عليه ولينفرد بي عن زملائي ويُسرّ لي همسا “لقد وافقت على طلبك للتقسيط”.
كان -رحمه الله- يحب أن يتابع كل شيء بنفسه ويحب التغيير، ذات يوم صعدنا لمكتبه لحضور محاضرتنا في الدراسات العليا، طلب منا تغيير المكان والنول لحديقة الأكاديمية والحديث سيرا أو الجلوس في الهواء الطلق، وفعلا جلسنا في البرجولة، لكنه سريعا طلب منا العودة لمكتبه لاستكمال المحاضرة، وعندما سألته عن السبب أجابني همسا “واضح وجودي يحد من حرية الطلاب في الاستمتاع بالمكان”.
من محاضراتك تعلمنا الكثير، ما أثر عليّ شخصيا في الحياة، تعلمت الإصرار والتحدي والإيمان بما أفعل وأسعى لتحقيقه، فكما كنت تقول: المدينة المحاصرة لا تسقط إلا عندما يتساءل المدافعون عنها عن جدوى الدفاع، إنها قمة الإصرار والإيمان. منك تعلمنا الفخر بقاهرتنا القديمة؛ عشقك الكبير، فأصبحت أفتخر بها، أتذكر رسالتك لي عند عودتي لمصر حينما نشرت صورتي في بوابة المتولي والسبيل، وكان تعليقا معبرا عن الحب المشترك للقاهرة والتقدير المشترك لبعضنا البعض.
أستاذي سامحني، فمنذ أيام حصلت على الأستاذية، وانتظرت التهنئة منك ولم تحدث، وشكوت لصديق لك، فكانت إجابته: “لا يمكن ليست أخلاقه”. لم نكن نعلم أنها لحظات الرحيل. لكن تعودت منك المبادرة والاتصال والتعليق والتشجيع.
كل ذلك نفتقده برحيلك. اللهم اغفر لعبدك فوزي فهمي وارحمه وأسكنه فسيح جناتك، وجازه عما علمنا إياه، وأجعله في ميزان حسناته.