«الخادمات أو شتاء» صرخة للداخل في أعماق النفس البشرية

 «الخادمات أو شتاء»  صرخة للداخل في أعماق النفس البشرية

العدد 643 صدر بتاريخ 23ديسمبر2019

في إطار برنامج عروض القاء الثالث لشباب المخرجين، قدم فرع ثقافة الجيزة العرض المسرحي الخادمات لجان جنيه من اخراج نور اسماعيل، والعرض تأليف خالصا وليس له علاقة بنص الخادمات تأليف جان جنيه،  كما تم الاعلان في الكتيب أو في برنامج العروض، وقد تداركت مخرجة  العمل وافصحت بأن اسم هذا العمل “شتاء” بأن هذا العمل هو صرخة في وجه “ التسلط الذكوري “ وتدور الأحداث  تأليف   ( أميرة شبانة ) حول أختين وجدا في مكان ما وزمان غير محدد، والمكان متسع لاستقبال الضيوف في قصر أو شقة كبيرة . تقوم الأختان بتنظيفه حيث أنه ستقام حفلة داخل هذا المكان ونجد أن الاخت الكبرى تمارس السلطة وإصدار الأوامر والتعليمات لأختها الصغيرة حيث أن والدها ووالدتها غير موجدان ، كما أنها شاهدت ما يمارسه والدها من سلطة على والدتها فترسخ ذلك بداخلها ونجدها تسترجع بعض الكلمات ( شعرك مكشوف، أمشى بسرعة، بلاش المشية دي، مبقاش فيكي شئ من الأنوثة ) ومن تصرفات أخري نجد بداخلها بركان من الحنان فهي تتمني أن تكون أم وتهدد طفلها على الرغم من أنها عذراء، أو عندما تنام أختها على كتفها وتطلب منها أن تحكي لها عن أمها أو تحكي لها حدوته، والسؤال هل العمل صرخة في وجه التسلط الذكوري كما قالت المخرجة  أم لا! فمن خلال المشاهدة نجد أن الاخت الكبرى بداخلها القسوة فتقص شعر أختها، وتحاصرها بالأوامر والعادات والتقاليد فهي شخصية غير سوية في داخلها القسوة والحب معا، كما أننا نجد الأخت الصغرى الحالمة المحبة للحياة تتضيق المكان باستخدامها قطع الديكور لتصنع مكان ضيق منعزل تسجن نفسها بداخلة فقد تحولت إلى شخصية مريضة أيضا  فهي صرخة للداخل في أعماق النفس البشرية تصيب اي أنسان سواء رجل أو أمرأه بأن يتسلط على شخص آخر . ولكي تحقق المخرجة رؤيتها نجدها تضع الممثلات ( نور اسماعيل وشروق عامر) في فضاء مسرحي ( ديكور واضاءة أحمد فتحي ) مكون من منظر واحد عبارة عن ستارة تنزل من أعلي عمق المسرح إلى الأرض مربوطة من المنتصف في دلالة علي أنها مفتوحة، وبعدها صفان من الشرائط تنزل من أعلي بمسافة تساوي ثلث الارتفاع تقريبا، كما يوجد عدد ستة فريم على عجل منهم أثنان مثبت عليهم شرائط تصنع عددا من المربعات الصغيرة تمثل ابواب واستخدمتها الأخت الكبرى شماعات تضع عليهم الملابس في دلالة على الشخصية المعتدلة بداخلها، واثنان مثبت عليهم شرائط غير منتظمة تمثل أبواب وكذلك تعبر عن التشوش داخل الشخصيتان ويشبه الفريم الخامس الثالث والرابع لكنه اطول وأعراض قليلا يستخدم لباب عمومي للمكان وضع ناحية الكواليس يمين منتصف المسرح،  والأربعة  السابقين وضعوا يمين ويسار المسرح بزاويه لمواجهة المتلقي في بداية ونهاية منطقة منتصف المسرح تقريبا، أما الفريم السادس فكان مفرغ وضع في منتصف يمين مقدمة المسرح تقريبا يستخدم مرأة أو يمثل شرفة للاطلاع علي العالم الخارجي وما يدور خلف المرأة فالمكان يمثل سجن وعندما تخرج الاخت الكبرى من هذا المنفذ تحلم بالأمومة،فهي تعيش في عالم غير موجود،  أما الأخت الصغرى عندما تخرج تشاهد الحقيقة فترى البرق والرعد والمطر وتشاهد العصافير وتلعب وتتحدث معها فهي تحب الحياة إلا أنه تصاب بالتسلط مثل أختها فتجدها تسحب الفرمات الأربعة وتشكل بهم غرفة ضيقة تعبر عن السجن أو مكان معزول تعزل فيه بمفردها . أما الإضاءة فكان اللون الازرق هو اللون السائد المسيطر على العرض والاحساس بمدي البرودة والخمول والرتابة  التي تعيش فيها الممثلتان ولكن استخدمت في بعض الأحيان الالوان الدافئة متل الاحمر والاصفر واسقاطه على الديكور وخاصة على الشرائط الساقطة من أعلى للتعبير عن بارقة الأمل وحالة الحب وان من الممكن أن يأتي ناس وتتم الحفلة وكذلك في مشهد الاخت الكبرى وحلمها بطفل والاخت الصغرى ووضع ورد على فستانها وخروجها الى الشرفة وان هذا العيشة المملة ستنتهى . أما الملابس ( ندي سيد ) فكانت كل ممثلة ترتدي فستان يشبه الأخر لونه رمادي به كلوش لسهولة الحركة كما أن اللون الرمادي يعبر عن حالتهما النفسية فهو لون وسط بين الأبيض والأسود فهما ليسا في حالة فرح أو حزن فالحالة رمادية ويوجد علي فستان الأخت الصغرى لاصق استخدم للصق الورد ليعبر عن أنها غيرت الفستان وكذلك فرحتها بأنها ستخرج من المكان المغلق إلى مكان مفتوح لتعيش الحياة، لكن أختها الكبرى تهدم حلمها بنزع الورد من على الفستان والقاءه على الأرض وتوبيخها . وكانت الموسيقي والمؤثرات الصوتية ( أحمد محسن ) مناسبة للعرض فقد كانت الوتريات معبرة تماما عن الحالة التي تنتابهما وكذلك المؤثرات الصوتية التي استكملت بها الأحداث وايضا كلمات الأغنية ( مش رمادي مش ملون عود منشز كان متون مش مأمن مش مخون مش مركز في الطريق مره هايم مره هون رتمه ميت بالبطئ ) . أما المكياج ( غناء ومكياج داليا علاء الدين) تم تلوين ثلاث ارباع وجه الاخت الكبرى وربع وجه الأخت الصغرى باللون الرمادي فالأخت الكبرى عانت واصطدمت بالحياة وشاهدت القهر بعينيها أكثر من الأخت الصغرى فيتضح ذلك على وجها ويديها وعند اضافة ثلاثة ارباع إلى ربع يكون الناتج واحد صحيح، وبالتالي يصبح سلوك الأختان ومصيرها واحد فالمقدمات تؤدي إلى النتائج فنجد الأخت الصغرى في نهاية العرض تسحب الفرامات الأربعة وتشكل بهما حجرة ضيقة تجلس فيها بمفردها لتسجن نفسها بداخلها وتعزل عن كل ما يحيط بها وتصبح وحيدة وقد نفذت الممثلات الأداء الحركي ( نادين خالد ) بدقة شديدة لدرجة أنك عندما تشاهد حركة تنفذها أحدهن تجد أن الأخرى تفعلها في نفس التوقيت كما كانت المعايشة والأداء التمثيلي منضبط ومحسوب حتي لايمل المتلقي ويتسلل للخروج من صالة العرض، أن الدايو دراما عموما إن لم تكن مصنوعة جيدا تهوي بصانعيها إلى أسفل كما أن هذا العرض كان حالة خاصة فهو يصدر حالة الملل عن طريق الحالة النفسية لشخصيتي العرض ومن الجائز أن يهوي بالعرض لولا الاتقان الشديد وبخاصة عندما عرض هذا العرض في اليوم التالي ففي اليوم  الأول كان الايقاع بطئ إلى حد ما وكذلك كان حيرة المتلقي هل هما أختان أم هي شخصية واحدة تعيش حالة الانفصام المرضية حيت كانت الحوار ملتبس ولكنني أعتقد أنه في اليوم التالي وبتوجيهات اللجنة والقضاء حالة الخوف عند الممثلتان من لجنة التقييم اصبح العرض افضل . التحية لكل من شارك في العرض وكل من بذل جهدا لخروج المهرجان للنور بهذا التنظيم الجيد والاهتمام بالشباب.
 

 


جمال الفيشاوي