حسن الوزير: استخدمت في «اهتزاز» تقنية مسرحية لم أقدمها من قبل

حسن الوزير: استخدمت في «اهتزاز» تقنية مسرحية لم أقدمها من قبل

العدد 642 صدر بتاريخ 16ديسمبر2019

المخرج حسن الوزير ابن من أبناء الثقافة الجماهيرية، بدأ مسيرته الفنية من خلالها وقدم الكثير من الأعمال لكبار الكتاب المصريين والعرب والعالميين، ينقب عن الجديد ويسعى لكسر المألوف والتقليدي في المسرح، المسرح بالنسبة له عادة يومية فلا يكتفي بتقديم عروض ثم المكوث وانتظار تجارب جديدة، ولكنه دائما يسعى للبحث والقراءة والاطلاع.. حسن الوزير مخرج مسرحي ويكتب القصة القصيرة والسيناريو، أنشأ الكثير من الفرق المسرحية في ربوع مصر وقدم عروضا مسرحية على معظم مسارحها للمحترفين والهواة، فعلى مستوى المسرح الاحترافي قدم الكثير من العروض، منها على سبيل المثال لا الحصر: «ساعة الصفر» تأليف د. هشام السلاموني، «أرض لا تنبت الزهور» بطولة سوسن بدر وخالد صالح بمركز الهناجر للفنون، «العدو في غرفة النوم» للفرقة المركزية بالثقافة الجماهيرية، تأليف د. هشام السلاموني، «الوعد سعد» بالفرقة النموذجية بالثقافة الجماهيرية، «طقوس الإشارات والتحولات» على خشبة المسرح القومي، وقدم بالمسرح الحديث عرض «إيزيس وأوزوريس»، و»سر الهوى»، «فر وطار» بمسرح الغد، «القضية 2007» بمركز الهناجر للفنون للكاتب يسري الجندي، بالإضافة إلى تقديمه الكثير من الأعمال بمسرح الهواة ومنها «على الزيبق»، «في انتظار آدم»، «يا بهية وخبريني»، «الجلاد والمحكوم عليه بالإعدام»، «باب الفتوح».
ومؤخرا قدم الوزير عرض «اهتزاز» على خشبة مسرح مركز الهناجر للفنون، من تأليف رشا فلتس، بطولة شادي سرور، إيمان إمام، دنيا النشار. ديكور فادي فوكيه، أزياء مروة عودة، إضاءة إبراهيم الفرن، موسيقى محمد حمدي رؤوف، تعبير حركي مناضل عنتر، مخرج منفذ رامي التونسي، مخرجان مساعدان أحمد طاهر ومحمد فاروق، إدارة مسرحية آية فؤاد. ومعه أجرينا هذا الحوار للتعرف على تجربته الجديدة والحديث حول تجاربه المختلفة التي قدمها لمسرح الثقافة الجماهيرية.
 - انقطعت لمدة 8 سنوات عن تقديم أعمال لمركز الهناجر للفنون نود أن نتعرف على سبب هذا الانقطاع أولا؟
عرض «أرض لا تنبت الزهور» لمحمود دياب كان أولى تجاربي على خشبة مسرح مركز الهناجر للفنون، وفي القاهرة بشكل عام، وقبل هذا العرض قدمت الكثير من العروض المسرحية في جميع أقاليم مصر على مدار 10 سنوات، قدمت خلالها أهم نصوص للمسرح المصري، وأعتز خلال هذه السنوات بعلاقتي بالراحل د. هشام السلاموني، فقد قدمت أهم أعمالي معه في الثقافة الجماهيرية. ومن هنا جاء ترشيح دكتورة هدى وصفي لي لأقدم تجربة على خشبة مسرح مركز الهناجر، وكان عرض «أرض لا تنبت الزهور» عام 1994.
أما سبب انقطاعي عن الهناجر بعد ذلك فهو أنني تقدمت بثلاثة مشاريع منها ما تم رفضه رقابيا ومنها ما تم رفضه إداريا، بالإضافة إلى أنه حدثت مشكلة وأغلق بسببها أحد العروض ولم أكن مسئولا عن هذا الإشكال.
وكما يعلم الجميع أنا فنان أعتد بنفسي كثيرا، وعلاقتي بالمسرح علاقة يومية، سواء بالقراءة أو بالكتابة، فالمخرج يجب أن يكون له علاقة بجميع الفنون: الفن التشكيلي، الأدب، الشعر، وغيرها.
 - قدمت مؤخرا عرض «اهتزاز» وهو عرض «سيكودراما» فما سبب اختيارك لهذا النص على وجه التحديد؟
فكرة العرض لم يسبق لي تقديمها من قبل، وأنا شغوف بتقديم كل ما هو جديد ومختلف، وفي عرض «اهتزاز» استخدمت تقنية مختلفة، حيث المشاعر مختلفة والرؤية مختلفة، وقدمت شكلا جديدا من التقنية المسرحية لم أقدمه من قبل.. فالفكرة بسيطة، فتاة تعاني من مرض نفسي ونشاهد تأثيره عليها.. والعمل يضم فنانتين على مقدرة عالية من الأداء والموهبة وهما الفنانة إيمان إمام والفنانة دنيا النشار، بالإضافة إلى الفنان الرائع شادي سرور مدير مسرح الطليعة، وقد تلقيت ردود أفعال جيدة عن العرض.
 
- ألم تخشَ الخوض في اتجاه السيكودراما خاصة وأنها المرة الأولى لك في تقديم عمل يعتمد على هذا المنهج؟
أنجذب دائما لتقديم نصوص جديدة، ومنذ بداية مسيرتي الفنية في مطلع الثمانينات قدمت الكثير من النصوص الجديدة سواء عربية أو عالمية أو مصرية، كما قدمت نصوصا للغالبية العظمى من الكتاب المصريين والعرب والعالميين وأسعى دائما لتقديم كل ما هو جديد خارج إطار التقليدية فأنا لا أحب تقديم المألوف.
 - من وجهة نظرك ما صعوبات تقديم عرض يعتمد على السيكودراما؟
الأمر يعتمد في المقام الأول على إمكانيات الممثل، فالسيكودراما ليست دراما تقليدية. وفي عرض «اهتزاز» يتم الاعتماد على تقنية المونودراما، فالعرض تدور أحداثه حول فتاة تشاهد نفسها في شخصية امرأة أخرى، ثم يظهر رجل ليحرك مجريات الأحداث ويفجر فكرة الأنوثة لدى المرأتين.
 - ما الذي يميز كتابات رشا فلتس خاصة وأن عرض «اهتزاز» من نفس المنهج الذي اعتمدت عليه في كتابة عرض «بارنيات» الذي قدمه المخرج محسن حلمي وهو منهج السيكودراما؟
الكاتبة رشا فلتس عاشقة لهذه النوعية، ولها قدرة فائقة على كتابة العروض التي تعتمد على السيكودراما وتتميز بأنها صادقة في أحاسيسها.
 - ما الرؤية التي أردت إبرازها من خلال عرض «اهتزاز»؟
العرض يناقش قضية في غاية الخطورة، فهناك نسبة كبيرة من الشباب، وبالأخص الفتيات، يعانون من أمراض نفسية في المجتمع المصري، وذلك يرجع لعدة أسباب منها الفقر والحالة الاجتماعية وتأخر سن الزواج، وانتشار الزيف في المجتمع، فمجتمعنا المصري لم يعد كسابق عهده في جميع المناحي، ونحتاج إلى التمسك بهويتنا المصرية.
 - توقفت عن تقديم أعمال للثقافة الجماهيرية من 2011 وحتى 2015 فما السبب خصوصا أنك ابن من أبنائها؟
أود أن أشير إلى أن مسيرتي الفنية بها محطتان مهمتان هما الثقافة الجماهيرية ثم مركز الهناجر للفنون، ففي الثقافة الجماهيرية قدمت الكثير من العروض التي تمس قضايا ومشكلات المجتمع، وكان ذلك من خلال علاقتي بقامة فنية مهمة وهو د. هشام السلاموني الذي جمعني به مشروع من أهم مشاريع الثقافة الجماهيرية وهو مشروع مسرحة المكان، وقامت وزارة الثقافة بنشره في أحد إصداراتها، والمشروع يقوم على كيفية الذهاب لمحافظة وحصر مشكلاتها والتعرف على الفلكلور الخاص بها، ثم تقديم عرض يكتب خصيصا لهذا المكان، وقد قدمنا خلال هذا المشروع ثلاثة أعمال وحصلنا على جوائز في كافة عناصر العمل المسرحي، وهو إنجاز لم يسبق تقديمه في الثقافة الجماهيرية.
أما سبب الانقطاع عن تقديم أعمال في الثقافة الجماهيرية بعد ذلك، فهو مكائد البعض بسبب هذه النجاحات والغيرة الشديدة، مما حققناه، وكذلك تغيير قيادات الثقافة الجماهيرية، فلم أجد من يملكون الرغبة الحقيقية لتقديم ثقافة وفن حقيقيين.
 
 - وماذا عن «ثورة الأقنعة» الذي عدت به إلى الثقافة الجماهيرية عقب فترة الانقطاع عام 2015؟
أنا أحد أعضاء لجنة قراءة النصوص في الثقافة الجماهيرية، وأثناء قراءاتي المتعددة وجدت نصين للكاتب أحمد حسن البنا وهما «ثورة الأقنعة»، و»يوم الثلاثاء الساعة خمسة»، فسعدت كثيرا بهذا الكاتب ووافقت على النصين، وبعد ذلك قدمت نص «ثورة الأقنعة» لإعجابي الشديد به، وكنت أول مخرج يقدم النص في الثقافة الجماهيرية.
 - من وجهة نظرك ما أهم التحديات التي تواجه مسرح الثقافة الجماهيرية؟
الثقافة الجماهيرية تحتاج إلى قيادات تعي دور هذا الجهاز الآن، فالثقافة الجماهيرية كما يعلم الجميع جهاز أسس في مطلع الستينات، وما زال القائمون عليه يتعاملون بلوائح فترة الستينات، وأساس عمل الثقافة الجماهيرية تعريف جمهور الأقاليم بالفن والموسيقى والمسرح، ولكن تطورات العصر الحالي تحتم التعامل مع التقنيات الحديثة، لذا يجب أن يتعامل المسئولون عن الثقافة الجماهيرية وفق مقتضيات الظرف الراهن.
 - تقلدت منصب مدير مسرح السامر وهو مسرح له أهمية كبيرة.. من وجهة نظرك لماذا تراجع مسرح السامر في السنوات الأخيرة؟
هناك مشكلة إدارية تخص المكان الذي يقع به مسرح السامر، هل سيستمر على هذا المنوال أم سيتم بناء مبنى كبير به أكثر من قاعة مسرح وسينما؟ إلى الآن لم يتم الفصل في أي شيء يخص هذا المسرح!
 - قدمت عرض «الأوله بيرم» الذي أعاد إحياء أشعار الراحل بيرم التونسي.. حدثنا عن تلك التجربة؟
عرض «الأوله بيرم» قدمته مع مجموعة من الشباب الهواة، وهي فرقة قمت بتأسيسها في أحد نوادي المقطم، وقد قمت بالتحضير لخمسة عروض من أشعار بيرم التونسي من «الأوله بيرم» وحتى «الخامسة بيرم»، فهذا الشاعر له أعمال متعددة والجماهير لا تعلم من هذه الأعمال سوى الأغاني التي قدمها فقط.
 - قدمت مجموعة من الأعمال الاستعراضية والغنائية.. من وجهة نظرك هل نعاني من غياب للمسرح الغنائي في مصر؟
الحقيقة، إننا لم نستطع استثمار الإمكانيات التي نملكها، في التمثيل والغناء والألحان والعزف، على سبيل المثال قطاع الفنون الشعبية والاستعراضية يملك كل الأدوات التي من خلالها يستطيع تقديم مسرح غنائي، وتقديم الكثير من العروض الغنائية، ولكنهم لا يختارون النصوص المسرحية الغنائية، كما أن الشيء المهم في العروض المسرحية الغنائية هو الملحن الذي يعي معنى الدراما الغنائية، وهو شيء مفتقد، والمخرج أيضا يجب أن يكون لديه الخبرة في تقديم مسرح غنائي مشوق.
 - مسرح الجرن أحد أهم المشاريع المسرحية بالثقافة الجماهيرية، يواجه الكثير من الصعاب.. من وجهة نظرك ما مدى أهمية استكمال هذا المشروع؟
مسرح الجرن فكرة موجودة مسبقا، فهناك في الثقافة الجماهيرية فرع يحمل مسمى «ثقافة القرية»، والمشكلة الأساسية هي تفعيل دور الثقافة الجماهيرية، وكما سبق وأشرت يجب تحديث الأفكار الخاصة بجهاز الثقافة الجماهيرية.
 - قدمت تجربة مهمة في التجارب النوعية بعنوان «البيانو» للكاتب محمود دياب ما الذي دعاك لتقديم هذه التجربة؟
نص «البيانو» لم يسبق تقديمه للكاتب محمود دياب، وأنا من عشاق محمود دياب، وفكرة النص غير تقليدية، وجديدة تدور حول «كيف يمكن أن تغير الموسيقى الإنسان». وتدور أحداث العرض حول تاجر خردة يسعى لبيع البيانو الذي يمتلكه في منزله وترفض ابنته بيعه لأنها تدرس الموسيقى، ويبدأ الأب في سماع البيانو ويغير وجهة نظره في الموسيقى، وهي فكرة بسيطة عن أهمية الموسيقى وأهمية الإحساس بها.
 - قدمت تجربة واحدة للمسرح المدرسي.. لماذا لم تكرر التجربة مرة أخرى؟
أفضل خوض التجربة والاستكشاف، وأرى أن المسرح يؤثر بشكل كبير على تركبية الطفل، وقد تأثرت منذ الصغر بالمسرح المدرسي، فقد تعلمت في أحد مدراس الصعيد، وكان هناك اهتمام كبير بالمسرح والموسيقى، ومن الوهلة الأولى لرؤيتي لخشبة المسرح عشقته.
 - ما تقييمك لعروض البيت الفني في الفترة الأخيرة؟
البيت الفني للمسرح يقدم مخرجين وممثلين شبابا وواعدين، وقد شاهدت بعض العروض واستمتعت بها كثيرا، فهناك طفرة كبيرة وهناك رؤى وأفكار جديدة ومختلفة.
  - ما رأيك في مستوى المهرجانات المسرحية الخاصة بالثقافة الجماهيرية مؤخرا؟
المهرجانات التي تقام لعروض الثقافة الجماهيرية مهمة للغاية، وهي فرصة حتى يرى المخرجون إبداعاتهم المختلفة، وفرصة أيضا للتلاقي الفكري والثقافي. وفيما يخص المهرجانات الأخرى سواء المهرجان القومي أو التجريبي، فهناك ضرورة تحتم علينا الاهتمام بالمنتج المسرحي بالأساس قبل إقامة المهرجانات.


رنا رأفت