جولة فى شارع المسرح الأمريكى

جولة فى شارع المسرح الأمريكى

العدد 640 صدر بتاريخ 2ديسمبر2019

تشهد البرازيل حاليا جدلا واسعا فى الأوساط الصحفية والفنية والثقافية وحتى بين أوساط المواطنين العاديين. ومحور هذا الجدل الرئيس البرازيلى صاحب الاصول الايطالية المثير للجدل دائما وضابط المظلات السابق جاير بولسونارو. والمحور الأخر هو “ابرازو” وهو اسم المسرحية التى تم وقف عرضها بتحريض وأوامر غير مباشرة من بولسونارو.   
ومنذ تولى بولسونارو مهام منصبه فى الأول من يناير الماضى أوقف عددا من العروض المسرحية والفنية الأخرى التى رأى فيها انتقادا له. ولم يختلف الأمر مع العروض التى تمولها الدولة أو العروض التى يقدمها القطاع الخاص. وهو بالطبع لا يشاهد أى عرض مسرحى لكنه يعتمد على ما ينقله له مساعدوه وأفة الأخبار رواتها كما يقول المثل العربى.
 وهو فى الوقت نفسه لايصدر بنفسه أو أيا من وزرائه أمرا مباشرا بوقف الأعمال الفنية سواء كانت مسرحيات أو غيرها. يتم الأمر عبر جهود يقوم بها مساعدوه وأنصاره وراء الكواليس ليبدو الأمر شكليا قانونيا تماما حيث يرفض البرازيليون فرض أى قيود على حرية التعبير بعدما لاقوه فى سنوات الحكم العسكرى بين عامى 1964 و1985.
وهذا ما حدث مع مسرحية “ابرازو” أو العناق باللغة البرتغالية حيث مارس أتباعه من وراء الكواليس ضغوطا على البنك المالك للمسرح الذى تعرض عليه المسرحية- وهو بنك مملوك للدولة - وأجبروه على فسخ التعاقد مع الفرقة واصدار بيان غامض جاء فيه أن فرقة “مهرجى شكسبير” وهى الفرقة التى تقدم المسرحية خالفت شروط التعاقد.
لكن ما أثار الجدل الحاد هذه المرة هو أن “ابرازو” مسرحية من مسرحيات الأطفال لكنها لم تنج من بطش بولسونارو ونظام حكمه. وربما كان السبب هو أن موضوع المسرحية يدور حول حاكم مستبد يحكم مواطنيه بمنتهى القسوة إلى حد أنه يمنعهم من عناق بعضهم البعض. ويثور عليه الاطفال ويتمكنون من اسقاطه فى إشارة إلى أن المواطن العادى الذى ترمز إليه بالأطفال هو أمل البلاد فى حماية الديمقراطية.
العميدة تعترض
وكانت ابرز من وجهوا اليه النقد فرناندا مونتنيجرو وهى ممثلة سنيمائية ومسرحية وتليفزيونية (90 سنة) وتعرف بالقاب عديدة منها عميدة الممثلين فى البرازيل وسيدة المسرح والفنون الاستعراضية فى البرازيل وأعظم ممثلة فى تاريخ البرازيل. قالت مونتينبجرو وهى من اصول برتغالية وايطالية ان الرقابة التى بات بولسونارو يفرضها على الفن ومايفعله انصاره من قطع تمويل الدولة عن اى عمل فنى لمجرد اى شبهة فى انه ينتقده باتت امر غير مقبول يدل على انهم يجهلون حقيقة باتت بديهية للغاية وهى ان البرازيل قد تغيرت ولا يجب ان تعود الرقابة على اى نشاط فكرى . ومضت مونتينيجرو قائلة على بولسونارو ان يثبت احترامه للقيم المسيحية الاصيلة التى لا يمل الحديث عنها ويحترم الشباب البرازيلى والاسرة البرازيلية. وتشعر بالاسف لان هذه المسرحية التى اوقف عرضها بتحريض من بولسونارو حققت نجاحا كبيرا فى البرازيل وخارجها حيث عرضت فى اكثر من دولة كان اخرها العاصمة الكولومبية بوجوتا. وتشعر بالاسف ايضا لان يكون رجال السياسة هم حراس الفن والثقافة فى البرازيل وقد تلقى مسئولو الفرقة وممثلوها خبر وقف العرض اتناء وجودهم فى بوجوتا.
السبب الحقيقى
وتقول التقارير التى تتداولها الصحافة فى البرازيل ان المسرحية لا تتضمن اى اشارة مباشرة الى بولسونارو. وهى تقدم من قبل ان يتولى الحكم فى عهد سابقه اللبنانى الاصل ميشيل تامر. لكن تكرر حديث ممثليها الذين يرتدون ملابس مهرجين عن بولسونارو وتوجيه النقد الى نظام حكمه خلال عروضها مما اودى بها الى وقف عرضها .ولا تستبعد الصحف استئناف عرضها قريبا – وهى من العروض التى تحصل على دعم نقدى وتقنى من الدولة - فى محاولة من بولسونارو لاحتواء النقد الموجه اليه بسببها وذلك بعد تعهد مسئولى الفرقة بعدم توجيه اى نقد له خلال العرض.
ويقول فرناندو ياموموتو المدير الفنى للفرقة ان ما يحدث يعد فى حقيقة الامر اعتداء على حرية الرأى يرتدى عباءة قانونية ولا يمكن فهمها على غير ذلك. ويعيد الى الاذهان تصريحات بولسونارو عندما تولى الحكم بانه سوف يحارب ما سماه “الماركسية الثقافية” فى اى مكان ...فى المدارس والمسارح والجامعات وحتى فى المتاحف. وهدد بانه سوف يتم حل وكالة السنيما الوطنية –التى تراقب المسرح ايضا لانها لا تقوم بتنقية الاعمال الفنية من الافكار الماركسية. ويسعى عدد من المحامين الى اقامة دعوى قضائية ضد ادارة بولسونارو واتهامها بالاعتداء على حرية الفكر التى يؤكدها دستور 1988.
دفاع
وبعد صمت طويل خرج بولسونارو على الجميع بتصريحات قال فيها ان من واجب الدولة الا تمول اى اعمال فنية تخالف قيم الشعب البرازيلى.واضاف انه يمكن لهذه الاعمال ان تستمر بعد ان تمول نفسها بنفسها.
وتقول كلوديا بريسى مخرجة الافلام التسجيلية البرازيلية الشهيرة ان بولسونارو رئيس يحول القضاء على معارضيه بدلا من فهمهم.
وداعا الطبيبة الممثلة
المسرح بعد الكمان والطب
رغم ان نجمة المسرح الموسيقى والغناء الامريكية “ان كرامب” لم تحصل عبر حياتها المسرحية والغنائية التى دامت لنحو ثلاثين سنة على جائزة تونى المسرحية المرموقة،الا ان وفاتها قبل ايام عن 69 عاما بعد صراع مع مرض السرطان كان لها صدى واسع فى الوسط المسرحى الامريكى.
لم تفز كرامب بالجائزة بل رشحت فقط لجائزة احسن ممثلة فى مسرحية غنائية عن دورها فى المسرحية الغنائية “انا كارنينا” لتولستوى التى تعد من عيون المسرح الغنائى الامريكى. لكنها لم تفز بالجائزة رغم الاشادة الواسعة بأدائها فى المسرحية من جانب النقاد.
وكرامب هى ابنة الموسيقار الشهير جورج كرامب الفائز بالعديد من الجوائز وهو لا يزال على قيد الحياة وكان الى جوارها فى لحظاتها الاخيرة مع امها وشقيقيها حيث انها لم تتزوج . وقد تاثرت به كثيرا وتدربت جيدا على عزف الكمان وكانت تنوى ان تحترف هذا المجال لولا انها سقطت من على الحصان واصيبت بكسر فى ذراعها ولم تعد قادرة على العزف. فى البداية قررت تغيير مستقبلها والاتجاه الى دراسة الطب وتخرجت فى كلية الطب بالفعل. لكن هذا المجال لم يستهوها وقررت فى النهاية احتراف الغناء الكلاسيكى وغناء الجاز والتمثيل المسرحى.
سن متأخرة
واقتحمت هذا المجال بالفعل فى سن متأخرة حيث كانت تقترب من الخامسة والثلاثين. وكان اول عمل مسرحى لها فى برودواى هو مسرحية فيكتور هوجو الشهيرة “البؤساء عام 1987. وفى العام التالى مباشرة تالقت فى مسرحية موسيقية اخرى هى الشطرنج. وفى عام 1989 قدمت مسرحية “جوانب من الحب” التى كانت سببا فى شهرتها فى مسرح وست اند بلندن امام الممثل والمغنى والمذيع البريطانى الشهير مايكل بول. وفى العام التالى انتقل العرض بنفس بطليه الى برودواى على الجانب الاخر من الاطلنطى وحقق نجاحا كبيرا. واستمرت مسيرة النجاح حتى رشحت لجائزة احسن ممثلة فى مسرحية غنائية عن دورها فى مسرحية انا كارنينا عام 1992 ولم تفز بها بسبب قصر عرضها حيث عرضت 46 مرة فقط.
ومسرحية “جوانب من الحب” نص مسرحى من تاليف والحان الموسيقار البريطانى اندرو لويد (71 سنة- عضو فى مجلس اللوردات البريطانى ) ووضع اغانيها اكثر من مؤلف وكتبت فى عام 1979. وكانت اشهر اغانيها التى تغنت بها كرامب هى اغنية “الحب يغير كل شئ”. وهى تدور حول الحياة العاطفية لممثلة شابة فى العشرينيات من عمرها تدعى روز فيبرت التى جسدت كرامب شخصيتها وترتبط بالحب على عدة مستويات. ووعادة ما يمتد عرضمسرحيات لويد لعدة سنوات.


ترجمة هشام عبد الرءوف