هل هو الستار الأخير فعلا

هل هو الستار الأخير فعلا

العدد 818 صدر بتاريخ 1مايو2023

هل هو الستار الأخير بالفعل؟ أم أن عشاق المسرح يمكن أن يجدوا  قريبا الستار يُرفع مرة أخرى؟ هذا هو السؤال الذى يتردد منذ أيام بعد إسدال الستار على العرض الأخير  –أو الذي يُفترض أن يكون الأخير– في مسرح ماجيستيك في برودواي على مسرحية “شبح الأوبرا”.
كان ذلك وسط تصفيق حار وأضواء مبهرة نظرا لأنه الأطول  في تاريخ برودواي، حيث يقدم على نفس المسرح منذ 35 عاما، وبالتحديد منذ يوم  26 يناير 1988. وكان هذا العرض هو رقم 13981 للمسرحية على المسرح نفسه منذ ذلك التاريخ.
وفي نهاية العرض، تقدم المشاركون في العرض من ممثلين ومغنين وراقصين وغيرهم لتحية الجماهير. وانضم إليهم عدد كبير ممن شاركوا في بطولة المسرحية على مدى سنواتها، بما في ذلك النجمة سارة برايتمان التي قامت بدور البطولة في العرض الأول وأعضاء الطاقم في ملابس عادية.
 وشارك معهم في تحية الجماهير بعد العرض، ملحن المسرحية ومؤلف أغانيها أندرو لويد ويبر (75 سنة) وهو بريطاني الأصل. وكان ويبر يرتدي رابطة عنق سوداء تعبيرا عن حزنه على ابنه نيكولاس، الذي توفي قبلها بنحو الشهر بعد معركة طويلة مع سرطان المعدة والالتهاب الرئوي. عن عمر يناهز 43 عاما.  
 ألقى ويبر كلمة مؤثرة في رثاء ابنه الراحل ربطها بالعرض المسرحي، فقال إنه استوحى أغاني المسرحية وألحانها من نجله  الراحل عندما كان طفلا يلهو في نحو السادسة. وذكر بشكل خاص أغاني “الحفلة التنكرية” و”ملاك الموسيقى” و”سوف أوجه إليك سؤالا”. ولم تكن المهمة سهلة على الإطلاق، حيث كان عليه أن يكتب الأغاني بلهجة الكوكاي، وهي اللهجة الرئيسية للإنجليزية البريطانية التي يفهمها الأمريكيون، وهو لا يتحدثها أصلا في حياته العادية. وختم كلمته قائلا: “نيك، نحن نحبك، ولن ننساك، نِم مستريحا في العالم الآخر”.
ومعروف أن ويبر كتب الموسيقى والأغاني لعدد من المسرحيات الغنائية الناجحة التي استمر عرض بعضها لأكثر من عشر سنوات مثل: “القطط” و”إيفيتا” و”مدرسة الروك” و”سندريللا القبيحة”.
وعود ومبررات
وحان دور منتج المسرحية كاميرون ماكينتوش (77 سنة – بريطاني أيضا)، ليمنح جمهور المسرح  بعض الأمل في أن تعود المسرحية مرة أخرى، وربما في وقت أقرب مما يعتقدون.
قال ماكنتوش: “السؤال الوحيد الذي يُطرح عليّ مرارا وتكرارا: هل ستعود المسرحية مرة أخرى؟ بعد أن كنت منتجا لأكثر من 55 عاما، رأيت عودة جميع المسرحيات الموسيقية الرائعة، و(فانتوم) هي واحدة من أعظمها. لذا فهي مسألة وقت فقط”.
واستمر قائلا: “لقد تجاوزت المسرحية الموسيقية -التي أقيمت في برودواي منذ افتتاحها في 26 يناير 1988- فترات الركود والحرب والإرهاب والتحولات الثقافية. لكن قد يكون وباء كورونا  الذي طال أمده هو القشة الأخيرة. فهي مسرحية موسيقية مكلفة للاستمرار ، مع الحاجة إلى مجموعات وأزياء متقنة، بالإضافة إلى فريق كبير وأوركسترا. وعادة ما تزيد نفقات العروض المسرحية في مثل هذه الظروف سواء كانت غنائية أو عادية”. ويشير إلى أن معظم جمهور المسرحية من السائحين سواء كانوا قادمين من الولايات المتحدة أو من خارجها. وطالما فرضت قيود على السياحة لا بُدّ أن تؤثر على المسرحية. ورغم تحويلها إلى فيلم خلال تلك الفترة حقق نجاحا كبيرا أيضا لكن يظل للمسرح سحره ويظل له عشاقه.
قصة فرنسية
المسرحية مأخوذة عن رواية بنفس الاسم للأديب والصحفي الفرنسي “جاستون ليروا” (1868-1927) وكان مشهورا بالقصص الخيالية والبوليسية.
 يحكي فيلم “فانتوم” قصة موسيقار  خيالي  يذهب إلى  دار الأوبرا في باريس، ويقع في حب المطربة كريستين وهي شابة جميلة وبريئة. ويقدم للفتاة أغاني وألحانا، ويطلب منها أن تؤديها وتدعي أنها من إبداعها ولا تذكر عنه شيئا.
وحرص منتج المسرحية على أن يدعو للعرض كلا من جسد الشخصيتين الرئيسيتين (كرستين والشبح)، خاصة أول من جسدهما في أول عرض، وهما مايكل كروفورد (الشبح - 81 سنة حاليا) وسارة برايتمان (كريستين – 63 سنة حاليا)، ولحسن الحظ كان الاثنان على قيد الحياة. وحرص كذلك على دعوة العازفين ومصممي الرقصات وغيرهم.
وتم -قبل العرض- بث فيلم فيديو عن العروض السابقة للمسرحية، كشف عن مفارقات عديدة، منها أن شخصية كريستين جسدتها لبعض الوقت ممثلة زنجية هي إميلي كواتشو.
عروض ونقاد
ونظرا لأن معظم مبدعي المسرحية من الإنجليز، فقد بدا عرضها في بريطانيا أولا في لندن في عام 1986 بطاقم آخر، ومنذ ذلك الحين شاهد العرض أكثر من 145 مليون شخص في 183 مدينة، وتم تقديمه بـ17 لغة في أكثر من 70 ألف عرض. وفي برودواي وحدها، حققت المسرحية أكثر من 1.3 مليار دولار.
  ولا يعني توقف العرض الأمريكي توقف عروض المسرحية، فهناك عروض لها حاليا في اليابان واليونان وأستراليا والسويد وإيطاليا وكوريا الجنوبية وجمهورية التشيك، وهناك عرض آخر على وشك الافتتاح في بوخارست، والآخر سيفتتح في فيينا في عام 2024.
وخلال سنوات العرض كانت المسرحية تلقى انطباعات إيجابية في الغالب –وليس دائما– من جانب النقاد.
  وصفتها صحيفة نيويورك بوست بأنها “قطعة من المسرح الموسيقي المصنوع بدقة”، ووصفتها صحيفة ديلي نيوز بأنها “ترفيه مذهل”، بينما قالت صحيفة نيويورك تايمز إنها “لا تريد أكثر من إغراق الجمهور بالخيال والمتعة”.
وكان من المقرر أن يكون آخر العروض في يناير الماضي، لكن بمجرد الإعلان عن موعده انهالت طلبات الحجز الجماعية والفردية من داخل الولايات المتحدة وخارجها، التى رحب بها المنتج وقرر تأجيل الإغلاق بعد أن وجد أن العرض يربح 3 ملايين دولار أسبوعيا بعد حساب المصاريف.
وهكذا يحتفظ عرض “شبح الأوبرا” بالمركز الأول في تاريخ برودواي، ويترك المركز الثاني ليتصارع عليه عرض “شيكاغو” الذي يُعرض على برودواي منذ 1996، وعرض “الأسد الملك” الذي يُعرض على برودواي منذ 1997.


ترجمة هشام عبد الرءوف