عبد السلام النابلسي الصعلوك الأرستقراطي

عبد السلام النابلسي الصعلوك الأرستقراطي

العدد 639 صدر بتاريخ 25نوفمبر2019

الفنان القدير عبد السلام النابلسي ممثل من أصل فلسطيني لبناني ولكنه عاش معظم فترات حياته بمصر وانطلق فنيا وحقق شهرته من خلالها، اسمه الكامل طبقا لشهادة الميلاد: عبدالسلام عبدالغني النابلسي، وهو من مواليد مدينة «عكار» شمال طرابلس اللبنانية في23  اغسطس عام 1899، وإن كانت جذوره تعود إلى مدينة «نابلس» الفلسطينية، وفد نشأ في وسط عائلة متدينة حيث كان جده قاضي الأول لمدينة «نابلس»  ومن بعده تولى والده المنصب أيضا. وقد أرسله والده إلى “مصر” عندما بلغ العشرين من عمره ليتلقي تعليمه في الأزهر الشريف، وبالفعل حفظ القرآن ونبغ في دراسة اللغة العربية هذا بالإضافة إلى إتقانه لكل من اللغتين الفرنسية والإنجليزية اللتين تعلمها في بيروت. ولكن أضواء الصحافة جذبته فاقتحم عالم الصحافة في عام 1925 وعمل بالصحافة الفنية والأدبية، ونشر مقالاته في أكثر من مجلة ومن بينها: “مصر الجديدة”، “اللطائف المصورة”، و”الصباح”. وقد ذكر في حوار إعلامي له - مع القديرة ليلى رستم - بمنتصف الستينيات بأنه أول من كتب نقدا سينمائيا بجريدة “الأهرام” بأربعينيات القرن العشرين، وذلك حينما كتب مجموعة مقالات بعنوان: “في عالم السينما”، ونظرا لعشقه للصحافة ظل لسنوات يعمل بها بجانب الفن، كما يذكر أنه قد شارك في تأسيس مجلة “آخر ساعة” مع الصحفيين الكبار محمد التابعي، أمينة السعيد، ود.سعيد عبده.
بدأ إحترافه للفن عام 1928 بانضمامه إلى فرقة القديرة فاطمة رشدي، ثم سنحت له الفرصة في عام 1929 ليخوض تجربة فنية جديدة وذلك بمشاركته السينمائية الأولى في فيلم “غادة الصحراء” (من تأليف وإخراج وبطولة وداد عرفي مع ماري كويني والفنانة الرائدة آسيا التي يعود لها فضل ترشيحه)، لكن في حقيقة الأمر أن هذا الفيلم لم يكن مفتاح دخوله إلى النجومية، بل جاء فيلمه التالي: “وخز الضمير” عام 1931 (من إخراج إبراهيم لاما وبطولة آسيا وأحمد جلال وماري كويني) ليحقق له طموحه الفني. ولم يكتف الفنان عبد السلام بكونه ممثل ناجح بل اتجه أيضا إلى الإخراج، فعمل مساعدا للإخراج في ثلاث أفلام (ساعد من خلالهم المخرج الكبير يوسف وهبي)، إلا أنه في عام 1947 تفرغ مرة أخرى للتمثيل بعدما زادت ترشيحاته لأدوار رئيسة في الأفلام الكوميدية التي تألق من خلالها.
هذا في حين كان آخر فيلم شارك به في مصر قبل عودته للبنان هو “قاضي الغرام” عام 1962 إخراج حسن الصيفي، بطولة نادية لطفي، حسن يوسف، لبلبة، ولكنه بعد ست سنوات شارك في فيلم مصري صور في لبنان - وكان آخر فيلم شارك به في حياته - وهو فيلم الحب الكبير (1968)، من إخراج هنري بركات، وبطولة فريد الأطرش، فاتن حمامة، يوسف وهبي.
ويحسب للفنان عبد السلام النابلسي حرصه وإصراره على صقل موهبته بالدراسة، ولذا فقد انضم عام 1930 إلى أول دفعة بالمعهد العالي للتمثيل (المحاولة الأولى) وذلك بمجرد الإعلان عن افتتاحه، والذي كان أول معهد رسمي (حكومي) لتدريس فنون المسرح يتم تأسيسه استجابة لموافقة وزير المعارف على الإقتراح الذي تقدم به الفنان زكي طليمات بعد عودته من بعثته إلى “فرنسا” (على أن تغطى نفقاته (خمسة ألاف جنيه) من المبلغ المعتمد لتشجيع فن التمثيل). وبالفعل انتظمت الدراسة بالمعهد بعدما صدر قرار وزاري بتأليف مجلس إدارة المعهد برئاسة مسيو هونكير مدير عام الفنون الجميلة وعضوية الأساتذة د.طه حسين، أحمد شوقي، زكي طليمات، خليل مطران (تكون مهمته إعداد لائحة المعهد ووضع برنامج الدراسة واختيار الأساتذة والطلاب)، وتألفت هيئة التدريس من الأساتذة د.طه حسين، زكي طليمات، جورج أبيض، د.أحمد ضيف، منيرة صبري لتدريس الرقص التوقيعي، الميجور ماكلور للتدريب على المبارزة، وأسند إلى الفنان زكي طليمات مهمة الإشراف الإداري، واتخذ المعهد من مبنى “معهد الموسيقى العربية” مقرا له، كما تقرر إقامة مسرح خاص بالصالة الكبرى لمعهد الموسيقى.
وجدير بالذكر أن الدراسة بالمعهد مجانية ومدتها ثلاث سنوات، وتحددت شروط الإلتحاق بخلاف اجتياز اختبار القبول الحصول على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) وعدم تجاوز العمر 35 عاما، وأنه قد تقدم لإمتحان القبول آنذاك 335 طالبا من بينهم 39 طالبة، ونجح منهم 20 طالبا ومن بينهم: عبد السلام النابلسي، محمد عبد القدوس، أحمد البدوي، فرج النحاس، حسين عفيفي، رفيعة الشال، زوزو حمدي الحكيم، روحية خالد. وكانت. ولكن للأسف لم تستمر الدراسة بالمعهد سوى عام دراسي واحد حيث أصدر وزير المعارف في صيف عام 1931 قرارا بإغلاقه استجابة لضغط الحملة الشديدة التي شنها المحافظون وبعض رجال الدين على المعهد بدعوى خروجه على تعاليم الشريعة والتقاليد الشرقية والسماح باختلاط الجنسين في قاعاته.
تجدر الإشارة إلى أن الفنان عبد السلام النابلسي قد بدأ حياته السينمائية بأداء بعض الأدوار الصغيرة غير الكوميدية (كما في أفلام: “العزيمة”، “ليلى بنت الريف”، “الطريق المستقيم”، “أرض السلام”)، تلك التي جسد خلالها بعض أدوار الشر ومن بينها شخصيات: الفتى الفاسد الطائش، الشاب المستهتر الشرير، والرجل المحتال النصاب، ثم تحول بعد ذلك إلى أداء الأدوار الكوميدية التي برع وتألق في أدائها، وإن كان قد ظل أسيرا للدور الثاني (السنيد) طوال حياته وعلى مدى أكثر من مائة وأربعين فيلما، فلم يتحمل مسئولية البطولة المطلقة إلا من خلال أربعة أفلام فقط من بينهما اثنين من تأليفه وإنتاجه.
وبصفة عامة قد تألق خلال مسيرته الفنية في أداء شخصية الإنسان الطيب، أو الساذج الذي يحشر نفسه في المشاكل بغرض المساهمة في حلها وإن كان في الواقع يزيدها تعقيدا دون قصد، وكذلك شخصية المغرور المتكبر المعتز بنفسه والواثق في قدراته وفرح بذكائه، وأيضا شخصية المزيف الأجوف مدعي الأرستقراطية والمتعالي على الآخرين والمتظاهر بانتمائه للطبقات العليا وهو في حقيقة الأمر ينتمي لتلك الطبقات المتواضعة. ومن أساليب إضحاكه المتفردة استخدامه لكلمات صعبة متقعرة أو مهجورة من اللغة العربية الفصحى وتوظيفها لتعطي عدة دلالات، وذلك مع المبالغة في التعالي والكبرياء والعنطزة والغطرسة وإدعاء الغنى وهو المفلس في حقيقة الأمر، ولا يملك أي نقود!! وذلك مع توظيفه للعصبية والنرفزة والتشنج والتخشب، حتى أنه يشعرنا بأنه قد فقد ليونة جسده كإنسان وأصبح أقرب إلى الآلة أو اللوح الخشبي، وأيضا توظيفه لبعض العبارات التي يرتجلها مع إضافة بعض اللمسات في الملابس والإكسسورات والمكياج، وهو ما أطلق عليها البعض مصطلح “الكوميديا النابلسية”.
هذا ويمكن تصنيف مجموعة مشاركاته الفنية طبقا لاختلاف القنوات الفنية مع مراعاة التسلسل والتتابع الزمني كما يلي:
أولا - مشاركاته المسرحية:
برغم تألقه السينمائي الكبير إلا أن المسرح ظل ذكرى محببة للفنان عبد السلام النابلسي، فهو المجال الذي تفجرت من خلاله موهبته والتي أصقلها بالدراسة الأكاديمية، وأثبتها وأكدها من خلال عمله بفرقة “الفنانة القديرة فاطمة رشدي، والتي اكتسب من خلالها كثير من الخبرات الفنية، خاصة وأن جميع المسرحيات التي شارك فيها كانت تحت قيادة شيخ المخرجين الرائد عزيز عيد، والذي منحه فرصة المشاركة بأداء بعض الأدوار المساعدة أو الرئيسة في عدد كبير من المسرحيات المتميزة، وبالتالي فقد أتيح له القيام بتجسيد عدد كبير من الشخصيات الدرامية المتنوعة وعدد كبير منها باللغة العربية الفصحي التي يجيد الحديث والتمثيل بها. هذا ويمكن تصنيف مجموعة أعماله المسرحية طبقا للتتابع التاريخي (خلال الفترة من 1928 - 1934) كما يلي:
- بفرقة “فاطمة رشدي”: الإمبراطور، الدكتور، الشبيهتين، العاصفة، العواصف، الفاجعة (الشهيدة)، المائدة الخضراء، أما ليلة، بحد السيف، بيزنطه (مدينة الدم)، جان دارك، غليوم الثاني، جمال باشا، يهوديت (جوزيت)، محمد الفاتح، مونت كارلو يوليوس قيصر (1928)، الكابورال سيمون، حواء، رقصة الموت، زوج غصب عنه، مصرع كليوباترة، هاملت (1929)، ابن السفاح، البعث، الجبارة، الحب المحرم (الثمرة المحرمة)، الشيطانة، العشرة الطيبة، إبراهيم باشا، بسلامته بيصطاد، زليخا (يوسف الصديق)، 667 زيتون، شهرزاد، فجر، مجنون ليلى، مدام سان جين، نابليون (1930)، العباسة (العباسة أخت الرشيد)، آنا كارنينا، توتو، خلي بالك من إيميلي، سميراميس، عقيلة، فاطمة، ليلة من ألف ليلة  (1931)، الجامحة، علي بك الكبير، غريزة المرأة  (1932)، الزوجة العذراء، الولادة، أحمس الأول، أميرة الأندلس، بلقيس، توسكا، فتاة شنغهاي (1933)، معركة الشباب (1934).
ويذكر أنه قد شارك نخبة كبيرة من المسرحيين والنجوم الكبار بطولة تلك المسرحيات ومن بينهم على سبيل المثال كل من الأساتذة: فاطمة رشدي، عزيز عيد، حسين رياض، أحمد علام، عباس فارس، عبد العزيز خليل، إستيفان روستي، بشارة واكيم، ماري منيب، زكي رستم، فؤاد شفيق، زوزو حمدي الحكيم، نجمة إبراهيم، محمود المليجي، فردوس محمد.
ثانيا - إسهاماته السينمائية:
لم تستطع السينما للأسف الإستفادة بصورة كاملة من إمكانيات وخبرات الفنان القدير عبد السلام النابلسي وموهبته الكبيرة، فلم تمنحه إطلاقا فرصة البطولة المطلقة إلا في ثلاثة أفلام فقط (من بينها اثنين من إنتاجه وتأليفه وهما: “حبيب حياتي”، “حلاق السيدات” وفيلما آخر من  إنتاج رشدي اباظة هو: “عاشور قلب الأسد”)، وبالتالي فقد حصرت أغلب أدواره في شخصية “السنيد” أو صديق البطل، ومع ذلك فقد استطاع وضع لنفسه مكانة رفيعة وسامية بأدائه المتفرد والمتميز لبعض الأدوار الثانوية والرئيسة بعدد من الأفلام المهمة، خاصة وأن أغلبها يمكن تصنيفها تحت مسمى “الأدوار الكوميدية”، هذا مع تميزه بحرصه الشديد على تنوع أدواره بصورة كبيرة.
وتجدر الإشارة إلى أن الإسهامات السينمائية لهذا الفنان القدير لم تقتصر على مجال التمثيل فقط بل عمل أيضا مساعدا للإخراج في ثلاثة أفلام هي: بسلامته عايز يتجوز (1936)، عريس من أستنبول (1941)، القناع الأحمر (1948)، وكذلك مخرجا لفيلو “الورشة” (1940)، كما قام من إخراج نيازي مصطفى عام 1958، من إخراج فطين عبد الوهاب عام 1960.
هذا وقد تضمنت قائمة إسهاماته بالتمثيل السينمائي عدة أفلام متميزة، حيث تضم قائمة إسهاماته الفنية الأفلام التالية: غادة الصحراء (1929)، وخز الضمير (1931)، الضحايا (1932)، عيون ساحرة (1934)، الهارب (1936)، وراء الستار (1937)، نفوس حائرة (1938)، بائعة التفاح، ليالي القاهرة، العزيمة، العودة إلى الريف (1939)، الورشة (1940)، إنتصار الشباب، ليلى بنت الريف (1941)، ليلى (1942)، ليلى في الظلام، برلنتي (1944)، شهر العسل، جمال ودلال، الفنان العظيم، الجنس اللطيف (1945)، ما أقدرش، حرم الباشا (1946)، عروسة البحر، القناع الأحمر، شادية الوادي، البدوية الحسناء (1947)، المليونيرة الصغيرة، يحيا الفن، عدل السماء، حمامة السلام، حب وجنون (1948)، السجينة رقم 17، عفريتة هانم، فاطمة وماريكا وراشيل، أحبك أنت (1949)، بنت باريز، بابا عريس، غرام راقصة، آخر كدبة (1950)، تعال سلم، بلد المحبوب، فتاة السيرك، فرجت، في الهوا سوا، نهاية قصة (1951)، المنتصر، شم النسيم، عايزة أتجوز، جنة ونار، سلوا قلبي، بيت النتاش، من أين لك هذا، ما تقولش لحد، بشرة خير (1952)، السيد البدوي، لحن حبي، حظك هذا الأسبوع، عفريت عم عبده، ابن ذوات، الشك القاتل، الحرمان، أنا وحبيبي، الحموات الفاتنات (1953)، أمريكاني من طنطا، رسالة غرام، بنت الجيران، دستة مناديل، الأرض الطيبة، دلوني يا ناس، لمين هواك!، تحيا الرجالة، المحتال، إلحقوني بالمأذون، حلاق بغداد، تاكسي الغرام (1954)، ليالي الحب، إسماعيل يس في الجيش، مدرسة البنات، بحر الغرام، الحبيب المجهول، تار بايت، عهد الهوى، نهارك سعيد (1955)، حب وانسانية، معجزة السماء، الأرملة الطروب، أول غرام، إزاي أنساك، ودعت حبك، القلب له حكام، شياطين الجو، ربيع الحب (1956)، نهاية حب، أنت حبيبي، الكمساريات الفاتنات، فتى أحلامي، أرض السلام، علموني الحب، غرام المليونير (1957)، شارع الحب، إسماعيل يس طرزان، إسماعيل يس بوليس حربي، حبيب حياتي (1958)، عريس مراتي، حكاية حب، البوليس السري، حسن وماريكا، إحترسي من الحب، أحلام البنات، العتبة الخضراء (1959)، بين السما والأرض، حلاق السيدات، ثلاثة رجال وإمرأة، بنات بحري، الغجرية، الفانوس السحري، العاشقة، شجرة العائلة، الرباط المقدس (1960)، السبع بنات، يوم من عمري، الفرسان الثلاثة، عاشور قلب الأسد (1961)، حلوة وكدابة، قاضي الغرام، مرحبا أيها الحب (1962)، يا سلام عالحب (1963)، أفراح الشباب، فاتنة الجماهير، أنت عمري، بدوية في باريس (1964)، بدوية في روما، ولدت من جديد، حبيبة الكل (1965)، الرهينة، رحلة السعادة، الدلوعة، وداعا يا فقر (1966)، لهيب الجسد، كرم الهوى (1967)، أهلا بالحب، الحب الكبير (1968).
ويذكر أنه قد تعاون من خلال مجموعة الأفلام السابقة مع نخبة متميزة من كبار مخرجي السينما العربية الذين ينتمون إلى أكثر من جيل وفي مقدمتهم الأساتذة:   وداد عرفي، إبراهيم لاما، أحمد جلال، كمال سليم، أحمد بدرخان، حسن حلمي، يوسف وهبي، عباس كامل، حسين فوزي، نيازي مصطفى، هنري بركات، حلمي رفلة، عمر جميعي، صلاح أبو سيف، أحمد كامل مرسي، كامل التلمساني، السيد زيادة، عز الدين ذو الفقار، فطين عبد الوهاب، كمال بركات، إبراهيم عمارة، حسن رمزي، حسن الصيفي، يوسف شاهين، كمال الشيخ، عاطف سالم، حلمي حليم، محمود ذو الفقار، بهاء الدين شرف، يوسف معلوف، محمد سلمان.
وتجدر الإشارة إلى مشاركة الفنان عبد السلام النابلسى بفيلمين فى قائمة أفضل 100 فيلم فى ذاكرة السينما المصرية (طبقا لإستفتاء النقاد عام 1996) وهما فيلمي: “العزيمة” عام 1939، و”بين السماء والأرض” عام 1959.
ويجب التنويه إلى مشاركة الفنان عبد السلام النابلسي بأداء بعض الأدوار الرئيسة بأفلام عدد كبير من النجوم وفي مقدمتهم الفنان إسماعيل يس الذي تقاسم معه بطولة عدد كبير من الأفلام ومن بينها: إسماعيل يس في الجيش، إسماعيل يس طرزان، إسماعيل يس بوليس حربي، البوليس السري، العتبة الخضراء، الكمساريات الفاتنات، الحموات الفاتنات، الفرسان الثلاثة، في الهوا سوا، الفانوس السحري، حسن وماريكا، عريس مراتي، إلحقوني بالمأذون، حلاق بغداد، ابن ذوات، دستة مناديل، عفريت عم عبده، بيت النتاش، بشرة خير، حظك هذا الأسبوع. كذلك مشاركته لبعض نجوم الغناء بأداء دور صديق البطل ومن بينهم الفنان محمد فوزي الذي شاركه أفلام : فاطمة وماريكا وراشيل، عروسة البحر، معجزة السماء، من أين لك هذا، نهاية قصة، غرام راقصة، بنت باريز، حب وجنون. ومن المفارقات الفنية التي يجب الإشارة إليها أنه برغم التنافس الفني الشديد بين النجمين فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ إلا أن كل منهما كان يتفاءل بمشاركته في أفلامه، حيث عمل مع الفنان فريد الأطرش في أفلام: الحب الكبير، أنت حبيبي، ودعت حبك، إزاي أنساك، عهد الهوى، رسالة غرام، لحن حبي، ما تقولش لحد، تعال سلم، انتصار الشباب، عفريتة هانم، آخر كدبة، أحبك أنت، جمال ودلال، عايزة أتجوز، شهر العسل، كما شارك الفنان عبد الحليم حافظ في أفلام: حكاية حب، شارع الحب، ليالي الحب، فتى أحلامي، يوم من عمري، وكان من المفترض أن يشاركه عام 1962  فيلم “معبودة الجماهير” ولكن لسفره للبنان قام بالدور الفنان/ فؤاد المهندس.
ألقابه وزواجه: لقب الفنان عبد السلام النابلسي في الأوساط الفني بعدة ألقاب من أشهرها: لقبي “البرنس”، “الكونت”، وكذلك لقب “أشهر عازب في الوسط الفني”، وهو اللقب الذي ظل متمتعا به حتى بلوغه سن الستين، ولكنه قرر فجأة إلغاء إضرابه والزواج والتخلي عن هذا اللقب، وقد حقق بذلك رغبة قديمة كانت تراوده أحيانا بضرورة تحقيق الاستقرار الأسري، فتزوج من إحدى معجباته “جورجيت سبات”، وقام بإتمام إجراءات الزواج بفيلا صديقه/ فيلمون وهبي دون علم أسرة الفتاة والتي دخلت معه في صراع قاس ومرير أرغمته خلاله على تطليقها قبل أن تحكم المحكمة بصحة الزواج ويتم الصلح بينهم.
العودة إلى لبنان: أضطر الفنان عبد السلام النابلسي إلى الرحيل بصفة مستمرة إلى “لبنان” بعدما تفاقمت مشاكله مع الضرائب والتي بلغت 13 ألف جنيه في حينها ولم تفلح محاولاته والتي بدأها في عام 1961 لتخفيضها إلى 9 آلاف، وأخذ يرسل لمصلحة الضرائب حوالة شهرية بمبلغ 20 جنيها فقط الأمر الذي يعني أن تسديد المبلغ المستحق عليه سيستغرق 37 عاما، وهو ما اعتبرته مصلحة الضرائب دليلا على عدم جديته في السداد فقررت بعد ثلاث سنوات من رحيله أي في عام 1965 الحجر على أثاث شقته المستأجرة في الزمالك والتي لم تكن بقيمة المبلغ المطلوب. وظلت القضية معلقة حتى وفاته في عام 1968 رغم تدخل العديد من رموز الفن في مصر وعلى رأسهم كوكب الشرق/ أم كلثوم.
وفي “بيروت” عاش النابلسي ملكا وأصبح عام 1963 مديرا لشركة “الفنون المتحدة للأفلام”، وساهم في زيادة عدد الأفلام المنتجة كل عام في لبنان، ومثل في 16 فيلما أغلبها من إخراج محمد سلمان (وهي مجموعة الأفلام التالية: مرحبا أيها الحب، يا سلام عالحب، أفراح الشباب، فاتنة الجماهير، أنت عمري، بدوية في باريس، بدوية في روما، ولدت من جديد، حبيبة الكل، الرهينة، رحلة السعادة، الدلوعة، وداعا يا فقر، لهيب الجسد، كرم الهوى، أهلا بالحب).
رحيله عن عالمنا: تلاحقت الأحداث المؤسفة سريعا في الأشهر الأخيرة من حياة الفنان عبد السلام النابلسي خاصة بعدما أعلن بنك “أنترا” في بيروت إفلاسه، والذي كان معناه إفلاس “النابلسي” أيضا لأنه كان يضع كل أمواله في هذا البنك، كما زادت شكواه من آلام المعدة حتى أن الفنانة/ صباح والتي كانت ترافقه في رحلته الأخيرة إلى تونس لتصوير فيلم “رحلة السعادة” ذكرت - بعد وفاته - إنها كانت تسمع تأوهات ألمه من الغرفة المجاورة بالفندق، رغم أنه كان حريصا على فتح جميع صنابير المياه طوال الليل حتى يعلو صوت المياه عن صوت توجعاته، كما أنه كان قلقا جدا ويساوره الشعور بدنو أجله لدرجة أنه كان يترك مفتاح غرفته من الخارج. وبعد عودته إلى “بيروت” أخذت حالته تزداد سوءا إلى أن امتنع تماما عن الطعام قبل أيام من رحيله في ليلة 5 يوليو 1968، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة قبل وصوله إلى المستشفى، ومن المؤسف أن زوجته لم تجد مصاريف الجنازة فتولى صديقه الفنان/ فريد الأطرش القيام بهذه المهمة (عن طريق شقيقه فؤاد والذي حاول أن يخفي الخبر عنه)، بعدما علم بخبر وفاة صديق العمر من الصحف وانهار مريضا حزنا عليه.
بعد وفاته بأيام قليلة أعلنت الفنانة زمردة - وكانت صديقة له - سرا يتعلق بحقيقة مرضه، حيث أكدت أنه لم يكن يعاني من مرض بالمعدة كما أشاع ولكنه كان مريضا بالقلب منذ عشر سنوات، وأنه تعمد إخفاء طبيعة مرضه حتى عن أقرب الناس إليه حتى لايتهرب منه المخرجون والمنتجون ويبعدوه عن أفلامهم، وأنها عرفت تفاصيل مرضه بالصدفة وذلك عندما أرسل معها الفنان فريد الأطرش بعض التقارير الطبية إلى الطبيب العالمي د. جيبسون الذي كان يشرف على علاجه، وهو الذي أخبرها بحقيقة مرض الفنان عبد السلام النابلسي دون أن يدري أنه يريد أن يخفي ذلك، وعقب عودتها ومصارحته بما علمت بكى أمامها واستحلفها أن تحفظ هذا السر، وهو مافعلته حتى وفاته في 5 يوليو 1968 والتي حدثت على إثر أزمة قلبية حادة.


د.عمرو دوارة

esota82@yahoo.com‏