عناصر العرض المسرحي قديما الملابس أو الأزياء (3)

عناصر العرض المسرحي قديما الملابس أو الأزياء (3)

العدد 635 صدر بتاريخ 28أكتوبر2019

هذا العنصر بدأت الصحافة الدينية تتحدث عنه باستهجان كبير - عام 1885 - عندما ارتدى الممثلون الرجال ملابس النساء؛ حيث إن فرقة القباني – في بداية عملها في مصر – كانت لا تضم النساء بين أعضائها، فاستغلت جريدة (الزمان) هذا الفعل لتهاجم التمثيل، وتطالب بتحريمه؛ لأن الرجال يتشبهون بالنساء في ملابسهن، وزينتهن، وحركاتهن.. إلخ!! وفي ذلك تقول الجريدة:
«من سوء الحظ رأينا التشخيص العربي في تياترو جنينة الأزبكية جاريًا على ما يُفسد الآداب، ويهتك حرمتها، وينزع من القلوب تلك المبادئ الشريفة، التي استغرق غرسها السنين الطوال...... رأينا أول من أمس ما تقشعر منه الأبدان؛ إذ كان رجال حالقون شواربهم ولحاهم، وواقفين موقف النساء. وسمعنا البعض يصرخ من اللوجات - يا قلبي - يا روحي، وما أشبه ذلك من الألفاظ التي لا تقال في محفل أدبي. فكيف بالله يُرجى الإصلاح من منبع الفساد؟ وكيف يُؤمل ترقية الآداب من عمل ليس إلا قلة حياء وبيع ماء الوجه؟...... ويا ليت أصحابنا اقتصروا على ملابس النساء، أو على حركات الفاضلات النازلات في مقام التشخيص؛ بل رأينا منهم من التهتك، وخلع العذار، والإفراط في الغنج، وعدم المبالاة بالأدب؛ ما ألجأنا إلى أن نحرم حضور الناس في تشخيصهم».
وأول من اهتم بنقد الملابس أو الأزياء، من خلال مطابقتها لأحداث المسرحية التاريخية على وجه الخصوص، كان الأديب أمين الريحاني عام 1898، عندما انتقد ملابس (جوليت) في مسرحية (روميو وجوليت أو شهداء الغرام)، حيث لاحظ أن ملابس جوليت تنتمي إلى القرن التاسع عشر، لا القرن السادس عشر، وهو عصر أحداث المسرحية!!
واستمر انتقاد الملابس والأزياء على هذا النحو تقريبًا، مع اختلاف طفيف! فمثلاً وجدنا مجلة (التياترو) عام 1924، تتحدث عن مسرحية (عاصفة في بيت)، وتقول عن الملابس إنها جاءت «في محلها إلا حسين أفندي رياض، فكان يجب أن ينزع شرابه؛ حيث إنه فلاح، وكل مروره في أوحال بين الغيطان، سيما وهو يلبس بُلغة مكعوبة».
كذلك قول جمال الدين حافظ عوض – في جريدة كوكب الشرق عام 1924 - عن ملابس مسرحية (خاتم سليمان): «كنت أودّ أن أرى علية فوزي في ثوب أفغاني حيث وقعت الحوادث، لا في ثوب إسبانيولي في الفصل الأول». وقول جريدة (الأهرام) التهكمي في نقدها لملابس مسرحية (التاج) لفرقة رمسيس، قائلة في ديسمبر 1924: «أما الملابس والأزياء فأمرها عجب! كانت خليطًا من عصور التاريخ المتوسطة والحديثة! اجتمعت فيها أزياء عهد الحروب الصليبية، وشارل الخامس، ونابليون! ولقد استطاع عهد لويس الحادي عشر أن يفسح له طريقًا بينها بشق الأنفس؛ ليرسل لنا تحيته ثم يختفي بسرعة».
كما أن الملابس غالية الثمن، كانت تلفت نظر النقاد، ويلفت نظرهم أيضا كونها جديدة أو قديمة!! فالناقد محمد عبد المجيد حلمي أشار – في فبراير 1925 بجريدة كوكب الشرق - إلى الثمن الباهظ لملابس الممثلة ماري منصور في مسرحية (فيدورا) لفرقة رمسيس، وذكر رأيه في أزياء ممثلي مسرحية (وراء الهيملايا)، قائلاً في الجريدة نفسها في أكتوبر: «أما ملابس الهنود فهي عادية ملائمة، وأما ملابس (الراجاه) فهي متقنة ثمينة، وإن كان يخيل إلى أنها غير جديدة». أما قوله – في نوفمبر - عن ملابس مسرحية (كاترين دي مدسيس) لفرقة رمسيس، فلا يخلو من التهكم، قائلاً: «لست من الاختصاصيين في معرفة أزياء الملابس في عصور التاريخ المختلفة، ولكن من خبرتي القليلة، واطلاعي الضئيل - أستطيع أن أعرف أن الملابس (مرقعة)! أي أنها من عصور مختلفة! ولست أبحث عما إذا كانت جديدة أو (روبابيكيا)؛ ولكنها فخمة على كل حال، ومهما بالغوا في وصفها لا تبلغ جزءًا من الألف جنيه التي زعموا أنها تكاليفها».
الإنارة
مصطلح الإضاءة لم أجده – في فترة البحث – سوى مرة واحدة؛ ولكن مصطلح (الإنارة)، كان المصطلح المعمول به بدلاً من الإضاءة، وكلمة (نور) بدلاً من (ضوء) وهكذا!! وأول مقالة تحدثت عن الإنارة بصورة نقدية بناءة، كانت عن مسرحية (هدي) لفرقة عكاشة عام 1923، وفيها أوضح الناقد - الفني لجريدة (السياسة) في فبراير – تعامل النور مع ديكور الأهرامات وأبي الهول لإعطاء الإحساس بالمساء، ومن ثم بزوغ الفجر وشروق الشمس.. إلخ مهارة استغلال النور في المشاهد المسرحية.
خلافًا لهذه المقالة، لم يتغير أسلوب النُقّاد حول الإنارة من حيث اتقانها أوعدم اتقانها!! فعلى سبيل المثال نجد مجلة (التياترو) – في نوفمبر 1924 - تقول عن الأنوار في مسرحية (عاصفة في بيت): إنها كانت «على غاية الاتقان في الفصل الأول والثاني والثالث، إلا في الفصل الرابع فقد كان يجب أن يكون النور أكثر من ذلك بكثير؛ حيث إن الوقت قبل العصر، وفي ساحة مكشوفة». أما جمال الدين حافظ عوض فقد قال – في جريدة كوكب الشرق في نوفمبر 1924 - عن مسرحية (خاتم سليمان): «نظام (الإنارة) كان غاية في الرداءة؛ حتى اضطرب السياق، وحتى أصبح الليل نهارًا. والنهار ليلاً على المسرح. وهذا راجع بالطبع إلى عدم انتباه وعناية من بيده مفاتيح النور».
ومن الواضح أن نظام الإنارة في مسرح رمسيس – ليوسف وهبي – كان الأضعف في هذه الفترة، فقد نالت الإنارة امتعاض أغلب النقاد في كتاباتهم عن عروض فرقة رمسيس! فعلى سبيل المثال، قالت جريدة (الوطن) – نوفمبر 1914 - في نقدها لمسرحية (الاستعباد): «قيل لنا إن الإدارة أدخلت تحسينًا كبيرًا على طريقة الإنارة؛ ولكننا رأينا الشموع تُطفأ في الحانة، والنور يظل على ما كان». وقال محمد عبد المجيد حلمي – في كوكب الشرق: يناير 1925 - في نقده لمسرحية (الفضيحة): «أما نظام الإنارة فهو لا يزال موضع ارتباك، يحتاج إلى كثير من العناية». وقال جمال الدين حافظ عوض – في الجريدة نفسها بتاريخ فبراير 1925 - في نقده لمسرحية (أرسين لوبين): «وأريد أن أوجه نظر مدير المسرح إلى الأنوار، فهي لا تزال مرتبكة وخصوصًا في الفصل الأول، عندما يلمع البرق. ومن الغريب أن البرق كان منتظمًا حيث كان يلمع مرات معدودة في كل دقيقة».
التنكر أو المكياج
أول من اهتم بنقد التنكر أو المكياج – دون التصريح بأي من المصطلحين – كان أمين الريحاني في نقده – الذي أشرنا إليه من قبل - لمسرحية (روميو وجوليت) أو (شهداء الغرام) عام 1898، قائلاً: «وأحسن ممثل في هذا الجوق كان الراهب، لأن تشخيصه كان طبيعيًا خالصًا؛ ولكنه لو كان مُطلعًا على تاريخ الكنيسة في ذلك الوقت لعلم أن الرهبان الدومنيكيين، كانوا يحلقون لحاهم وشواربهم وهامةً في أعلى رؤوسهم! فلو تقيد صاحبنا بهذه الصفات، لكان أتم الواجب على ممثل هذا الدور».
أما محمود كامل – ناقد جريدة (السياسة) الفني – فقد تحدث عن التنكر في مسرحية (نبي الوطنية) لفرقة جورج أبيض، قائلاً في يناير 1925: «التنكر لم يكن متقنًا إلى درجة كبيرة؛ فكنت ترى (دلدولة) تطل من لحية النائب روكان!! وكنت ترى البودرة لا تخفي شيئًا من وجه ميشو الأسمر؛ بحيث لا يمكن أن تقول إنه وجه باريسي!! وكنت ترى الشعور المستعارة ظاهرة كالشمس لها إطار بارز فوق الجبين!؟».
ومن الجدير بالذكر، إن بعض الفرق المسرحية، كان بها متخصص فني في المكياج، وقد أشار إلى ذلك الناقد محمد عبد المجيد حلمي في نقده لمسرحية (الطمبورة) لفرقة علي الكسار – في أكتوبر 1925 - حيث أشار إلى أن جبران نعوم هو المتخصص في فن المكياج للفرقة، كما أثنى على عمله الفني في عرض مسرحية الطمبورة.
الإخراج
بالإضافة إلى العناصر السابقة – في العرض المسرحي – هناك عناصر أخرى لم أتحدث عنها، مثل: الإكسسوارات، ولغة الحوار، والإعلانات المسرحية.. إلخ؛ ولكنني تجنبتها؛ لأن النقد المكتوب عنها كان موجهًا إلى المُخرج بصفة رئيسية!! كما أن أغلب العناصر السابقة، بل جميع عناصر العرض المسرحي يُسأل عنها المخرج وحده – كما هو معروف ومعهود – لذلك جعلت عنصر الإخراج – رغم أهميته – آخر عناصر بحثي!!
وقبل الشروع في تناول عنصر الإخراج، يجب الإشارة إلى عدة أمور، منها: أن المُخرج – في القرن التاسع عشر – هو غالبًا ما يكون صاحب الفرقة، أي أن سليمان القرداحي هو مُخرج فرقته، وسليمان الحداد كذلك، وإسكندر فرح أيضًا.. إلخ. ومع كثرة الفرق المسرحية، وظهور بدايات النقد المسرحي – في العقدين الأول والثاني من القرن العشرين – ظهرت عبارات ومصطلحات تدّل على المخرج والإخراج دون التصريح بهما! فمثلاً كان يُطلق على المُخرج (المدير الفني، أو مدير المسرح، أو المدرب)! وكان يُطلق على عملية الإخراج (التنظيم المسرحي، أو النظام المسرحي، أو الترتيب المسرحي، أو التنسيق المسرحي، أو الميزنسين).. أما أول مقالة كتب فيها الناقد صراحة مصطلحي (المخرج، والإخراج)، فكانت عن مسرحية (الاستعباد) لفرقة رمسيس، التي أخرجها عزيز عيد عام 1924.
في عام 1888، قامت جريدة (الراوي) بنشر مقالة تحت عنوان (الملاعب) – وهو الاسم الذي كان يُطلق على المسارح – هاجمت فيها عرض مسرحية (عايدة) بتياترو زيزينيا في الإسكندرية، وهجومها هذا كان يتعلق بالإخراج، وفيه تهكمت الجريدة قائلة: «... أين محاسن الإلقاء؟ وأين غرائب الحركات؟ أين بدائع التمثيل، وباهر الأصوات؟ وأين عجائب الألحان؟ عفوك يا راداميس، إنني لا أعرّض هاهنا بك، ولا أروم بالجوقة التي علمتها شرًا؛ إنما أنا مذكركم بالغلط، مراجع عليكم النقص في هذا الفن؛ عسى تفيد الذكرى، وينفع الانتقاد. فقد رأيت عائدتكم لا تُحسن الإلقاء، وابنة فرعونكم تخاف أن تشير بيدها فيتحرك ساكن الهواء. وملككم على رأسه التاج، وفي يده الصولجان، ومن حوله العساكر والجنود، وهو مع ذلك مُرتج الصوت، مُرتجف الرُكب، يكاد يأخذه الإغماء! فأين صولة الملوك؟ وأين أبهة الملك؟».
وفي عام 1898، وجّه أمين الريحاني نقده إلى المُدرّب – أي المخرج – من خلال ممثلي عرض مسرحية (روميو وجوليت)، وبرّر ذلك بقوله: «وبما أني لم أعرف من هو الأستاذ الماهر الذي يُدرّب الممثلين على حركات هذا الفن؛ فأكتفي بإلقاء اللوم على عاتق الممثلين أنفسهم ليبلغوه ذلك».
ومع ظهور المقالات النقدية المتخصصة، بدأ النُقّاد في رصد أي خطأ أو حركة غير منطقية تُؤدى على خشبة المسرح؛ أي الوقوف على أدق التفاصيل في عملية الإخراج! ففي عام 1915 لاحظ الناقد سعد الدين أن بطل عرض مسرحية (المُمثل) – الأستاذ محمد عبد الرحيم رئيس جمعية أنصار التمثيل – قام بحركة غير منطقية، قال عنها: «لاحظت أن بطل الرواية المستر ديفيد جراك؛ قد خرج من باب غير الذي دخل منه عند زيارته لأول مرة منزل المستر أنجت. وكان الأجدر به أن يخرج من حيث أتى؛ وإلا ظهر كأنه عالم بدخائل المنزل، وهذا خلاف الواقع».
وفي عام 1923 نبه ناقد جريدة (الأفكار) البطلة روز اليوسف بأن تعتني بإظهار (الكحة) المصاحبة لمرض السُل، عندما قامت بدور مرجريت في مسرحية (غادة الكاميليا)، كما لفت نظره أن الأبواب والفوانيس – في العرض - لا تتبدل مع الفصول رغم اختلاف الأماكن والأزمنة! وفي عام 1924 نبه أيضا الناقد محمد عبد المجيد حلمي مُخرج مسرحية (الاستعباد) – لفرقة رمسيس – بأنه يختبر كل شيء قبل العرض، حيث إن روز اليوسف أرادت فتح الباب – أثناء العرض – فلم يستجب لها؛ فقام أحدهم بمساعدتها وفتح الباب من الجهة الأخرى بقوة، مما تسبب في تشويه المنظر!! أما ناقد جريدة (الوطن)؛ فقد لاحظ على عرض (الاستعباد) نفسه، ملاحظة إخراجية أخرى، قال عنها: «لقد ذكروا كثيرًا في الفصل الأول المطر والبرق والرعد؛ ولكننا لم نرَ من خلال الزجاج ولا عندما فُتح الباب.. لا مطرًا ولا برقًا ولم نسمع رعدًا».
وعندما كتب الأديب إبراهيم المصري – في مجلة التمثيل عام 1924 - نقدًا لمسرحية (راسبوتين)، وجدناه يقف عند أمور دينية شديدة الخصوصية، وكأنه استشرف احتياج المسرح لوظيفة الدراماتورج فيما بعد، عندما قال: «كانت التراتيل التي أُنشدت خلف الكواليس في الفصل الأول باللغة اللاتينية، تتبع المذهب اللاتيني لا الأرثوذكسي، الذي تسير بموجبة الكنيسة الروسية. وكان راسبوتين يبارك المؤمنين بالماء المقدس مع أن هذه عادة لا تُتبع في الكنائس الأرثوذكسية إلا مرة في كل عام. ولقد رأينا في الفصل الثالث صورًا للعذراء والمسيح مصنوعة على الطراز اللاتيني أيضا لا البيزانطي الأرثوذكسي».
أما ناقد مجلة (المقتبس) – في ديسمبر 1924 - فقد انتقد إخراج مسرحية (العريس) لفرقة عكاشة؛ حيث لاحظ أن أحداث النص تدور في منزل ريفي بمدينة الفيوم، فقام المخرج بوضع أبواب هذا المنزل، وأبواب غرف نومه من الزجاج!! كما أن أثاث البيت كان على الطراز الفرنسي، والبيت كأنه أحد قصور الأسرة الحاكمة، لا بيت تاجر غلال من الفلاحين!!
ويعود الناقد محمد عبد المجيد حلمي – في جريدة كوكب الشرق: نوفمبر 1924 - فيوجه نقده إلى المخرج عزيز عيد؛ بخصوص مسرحية (كاترين دي مدسيس)، فيقول: «أريد أن ألفت نظر الأستاذ عزيز إلى أن الفوتوغرافيا لم تكن عُرفت في ذلك الوقت، حتى نرى أبطال الرواية يستعملون الصور الفوتوغرافية.. ألا تذكر الصورة التي أعطاها الماريشال بيجوت للشاب فالنتينو؟ أنها كانت فوتوغرافية ولا شك، في حين أن الكارت بوستال حديث الاختراع؟! لماذا تستعملون الشموع في كل مجال؟ لقد صاحت (إيفون) بالخادم: (لا تنر المشاعل) ومع ذلك فقد أشعلوا الشموع!! ألا يوجد هناك فرق بين المشعل والشمعة؟! لقد كان من الهين عليكم أن تستعملوا مشعلاً أو اثنين إكمالا لمظهر الرواية».
ونختتم حديثنا عن عنصر الإخراج بذكر جزء من مقالة نقدية، كتبها ناقد جريدة (المنبر) في مارس 1916، أعاب فيها على صاحب الفرقة – ومخرجها – اختياره لمسرحية (أجأممنون)!! فالناقد استهجن عرض هذا الموضوع التراثي القديم السخيف عام 1916؛ لأنه لا يتناسب مع روح العصر ومتطلبات الجيل الحالي!! وهذه المقالة – بمعناها هذا – توضح أن بعض النُقّاد – أمثال صاحب هذه المقالة – لا يعرفون أي شيء عن توظيف التراث، أو استلهامه، أو قيمته الرمزية والدلالية... إلخ، يقول الناقد عن مسرحية (أجاممنون):
«هي رواية لا تظفر باحترام العصر، ولا تقع منه الموقع الذي وقعت فيه يوم أخرجها للناس الشاعر راسين. ولم يستطع أن يرتفع فيها عن الشاعر يوريبيديس الذي وضع مثلها قبله. والشاعر راسين لا يكسب منا غير الاحترام التاريخي؛ لأنه قطعة من تاريخ المسرح في الغرب. وهو لا يصلح لتهذيب هذا الجيل، ولا تُجدي رواياته شيئًا على الحياة اليومية الجديدة، التي تغيرت ألوانها وعواملها عن عصر راسين وأجأممنون، وأصبحت علل العصر ومساويه أخلق بالمسرح الحاضر من شؤون الإنسانية الأولى، التي كانت تعيش في الظلام. وتعود بهم إلى عهد الآلهة، الذي لا يلذ إلا لدارس تاريخ الميثولوجيات ولتلاميذ المدارس الابتدائية وأشباهها، ونحن العصريين نعد إخراج رواية كهذه في هذا العصر المنطلق من قيود الانحطاط، وسخافات الماضى البعيد؛ إهانة كبرى للجيل، وسخرية من روح العصر، وإزدراء لشؤون الحياة الجديدة».


سيد علي إسماعيل