واحدة حلوة فعلا

واحدة حلوة  فعلا

العدد 525 صدر بتاريخ 18سبتمبر2017

من حق أكرم مصطفى معيد صياغة نص الثنائي، داريو فووفرانكاراما ( إمرأة وحيدة)أن يصر على وجهة نظره أو رسالته في نصه المعد،تحت عنوان(واحدة حلوة).والتي تمثلت في قيام المرأة/بطلة العرض بالانتحار في النهاية. حيث قال أنه يريد أن يوصل رسالته بأنه لم يعد هناك طريقا سوى هذا, وأن على المجتمع أن يثور ويغضب من هذا، ويحاول أن يقوم هو أي المجتمع بتعديل تلك النهاية.
حلاصة نص العرض تتمثل في تلك الزوجة التي يحبسها زوجها في المنزل، مع ابنتها الصغرى. وشقيق قعيد ولكنه دائما ينهش جسد الزوجة بيده التي بقيت حية، واستدعاءاته المتكررة لها عن طريق الصفارة، وتقوم بحالة البوح مع جارة لها من خلال النافذة، لنعرف أنها تتعرض دائما للضرب بيد زوجها، وأنه يتعامل معها كسلعة، ثم السقطة الأولى مع أول حب مار وهو شاب يصغرها وتذهب إليه منزله بعد أن رجتها والدته نتيجة مرضه الشديد نتيجة تعنيفها له, ويخدث معه لقاء جسدي استمر خمس ساعات. وتخبرنا أنها اول مرة تشعر فيها أنها موجودة . ثم ذهبت لرؤيته في منتزه عام. ولكن زوجها يراها وتحدث مشاجرة وتهرب لمنزلها وتقوم بمحاولة انتحار أولى. ولكنها تنقذ ويقوم زوجها بحبسها في المنزل.ويراقبها عن طريق التليفون دائما. ونجد معاكسات تليفونية من شخص ما،بألفاظ فاحشة. وأيضا جار يراقب جسدها عن طريق نفس النافذة التي تحدث منها الجارة!!. وتتصاعد الأحداث لنعرف أن زوجها يقوم بعمليات نصب. حتى يستطيع القيام بأعباء الحياة! ونشاهد تصويرا لمحادقة العشيفف الفتى لها؛ وإخباره أنه سوف يأتي ويقوم بكسر الباب المغلق. وفعلا يأتي ويقوم بكسر الباب ولكنها تغلق سلسلته حتى لا يتمكن من فتحه. ولكنه يجذبها ويقبلها عنوة. وتطلب منه الذهاب ولكنه يطلب منها رؤية الطفلة التي كانت تبكي . وتخضع هذا وتقرب الطلفة من الباب ولكنه يمسك بها وبيدها ، ويجذب يدها ليجبرها على القيام له بالعادة السرية. وتكتشف أنه أيضا مثلهم جميعا،حيث يكون أور رد فعل وهو غلق الباب بشدة على يده، وتسمع مايفيد بأن الزوج قد عاد وتشاجر مع الشاب الواقف عند الباب. وساعتها تقوم بتجرع مايقتلها.
أولا لن يجد الكاتب على مستوى الواقع المصري، أي أم تحاول أن تدفع زوجة للخيانة. نتيجة قيام ابنها بالحب المحرم ومرضه نتيجة هذا. ولكنك من الممكن أن تجده في الواقع الغربي. ولو تحدث بأنه يرى هذا فعلا . ستكون الردود أكثر من هذا.حيث سيكون هناك اللوم أكثر ولن تجد ثمة تعاطف مع المرأة ككل. ثانيا على مستوى الفعل عند الشخصية سنجد أنها دائما مفعولا بها إلا في ثلاث مواقف. الموقف الأول عند رؤية الزوج لها مع الحبيب في الحديقة. حيث قامت بالفعل السلبي ألا وهو محاولة الانتحار. ثم كان الفعل الثاني بعد اكتشاف أن الحبيب ماهو إلا تنوذج مستغل آخر يرى انها مجرد جسد،والقيام بمعاقبته عن طريق دفع الباب بشدة على يده. ثم الحدث الثالث،ألا وهو الانتحار. الذي لا يأتي بالصورة المنطقية لتسلسل الفعل من مجرد رد لفعل سلبي، لفعل سلبي/ ثم فعل إيجابي بدون مواجهة. فتكون المنطقية هي الفعل الإيجابي في حالة المواجهة، ولكنه يؤثر الرجوع للفعل السلبي.
وإذا كان هذا على مستوى نص العرض. ونفهم أن يقوم التوجه الأول للكاتب،في مرحلة التفكير الأولى في الصياغى من تحكم المفهوم المسبق على سياق الحدث/ حنى لو جاء التواتر أو الاسترسال الناتج عن الذاكرة المعرفية العامة بما لا يساعد على نفس التوجه.
ولكن أن تقوم عملية تفعيل النص للمسرح والتي قام بها نفس الكاتب من خلال إخراجه هو للنص، على نفس الإبعاد لما احتواه نص العرض تحيزا للفكرة الأولى. حتى وإن تعارضت عناصر إخراجه المساعدة مع هذا. أو على أقل تقدير فتحت طريقا آخر للتأويل ولم تقف أمام التأويل الأحادي. ولكنه يصر على نهاية أحادية ولم يفتح بابا للوصول إليها أو غيرها عن طريق تحريك السؤال في العقل الجمعي لنخرج بإجابات ربما تكون مختلفة.
جيث أن المعادل المرئي والذي تمثل في ديكور فادي فوكيه. يبين لنا صالة بمنزل ما. تؤكد عادياته على مستوى جيد في المعيشة على عكس الإيحاء من كلمات البطلة. ولكن لايهم فربما جاء هذا عن طريق التقسيط والدين. ولكن الوسيلة الوحيدة للبوح والذي خرج بها المعد والمخرج ومصمم الديكور من حالة الصوت الأحادي دون داع والذي يلازم عمليات عروض الممثل الواحد. ألا وهي الفتحة الموجودة بالجدار والتي تمكنها من من الدخول في الحديث مع شخص ما خارج نطاق المنزل. وتؤكد دون داع على قيام ذكر آخر باستغلالها جسديا عن طريق النظر.
أولا هي فتجة وليست نافذة.فالواقعية المفرطة التي سار عليها ديكور العرض. والتس استدعت دخول حبات الطماطم. والمكواة الحقيقية والكلابس ..الخز كانت ستستدعي وجود أشياء للتأكيد على أنها نافذة. ولكنها لم تكن موجودة. أيضا الجدار الذي كانت به الفتحة. كان عبارة عن جدار مكون من الطوب الأحمر فقط. وهذا على المستوى الواقعي لا يكون في واجهة أي منزل به أناس على هذا المستوى. ولو كان في الخلفية/ فلن تكون هناك نافذة أخرى بمثل هذا القرب. ولا يقولن أحد بأن هذا التوظيف يدل على أن الخارج أكثر سوءا وقبحا مما يحويه المنزل . وهذا رب من التأويل غير الواعي، لأن الداخل احتوى ومايستخدمه احتوى على كل الموبقات. وإن كانت ثمة تأويلات مثل هذه فربما كان أولى ان يكون الداخل والخارج متساويين.
إذن التأويل الوحيد الذي يسير مع نص العرض بما يحمله من صورة وموسيقى..الخ. هو أن تلك الفتحة ماهي إلا فتحة متخيلة بها استدعت البطلة عن طريق التوهم مايمكن أن تقوم بالحديث معه. ومن الممكن أن يسير معها توهم هذا الجار الباحث عن جسدها. حتى وإن لم يكن هذا هو التفسير الوحيد. فهو تفسير له وجوده، ومن ثم يستوجب التعامل معه علاوة على التفسيرات الأخرى. حتى..
هذا يقول بكل بساطة أنه ليس هناك من طرف آخر. وأن عملية البوح هذه عملية نفسية باحتة . أي انها مخرج لعملية الفعل، البوم. نعم فالبوح في حد ذاته في هذه النقطة يكون فعلا . ومن ثم ربما نتوقف عن آلية حدوث الفعل نفسيا من شخصيات مثل هذه. حيث أنها عملية تقترن باستعراض الموقف الحالي وماحدث ماضيا أوجب أو دفع لهذا الموقف، تحضيرا لاتخاذ موقف/فعل. وهذا الفعل من ناحية سلبيته أو إيجابيته تتوقف على عملية الاستراسل والبوح ذاتها والتدرج في عملية رد الفعل والسير بها لتكون فعلا وليس ردا. إذن توقع وحتمية الفعل النهائي يكون بناء على الخطوات التي سبقت. وماسبق هو وجود الفعل الإيجابي لأول مرة وهو مواجهة العشيق الذي اكتشفت ضعته. وكيف انه لا يفرق عن زوجها أو شقيقه المقعد. فكان العمل على إلقيام بفعل إيلامه. حيث طلبت منه إدخال يده ثم أغلقت الباب قوة عليها. سيكون التدرج هنا بعد إعادة باء المشهد السابق في عملية المنتزه. وهوالشجار بين الزوج والعشيق هو اتخاذ فعل المواجهة مع الإثنين حيث أن كلاهما في هذه اللحظة ماهما إلا شخصا واحدا. وقد بدأت بالفعل في هذا. ولكن الرجوع من مرحلة الإيجابية تلك للسلبية عن طريق تكرار الفعل السلبي وهو الانتحار. يسأل عنه المخرج فقط. وإذا كانت له الحرية في الدفاع والتأكيد بأن هذا هو الأصوب. فلنا الحرية في التأكيد بأن هذا لا يتناسب مع ماطرحه هو من قبل.
وإذا كنت عن نفسي اتخذ موقفا من عروض المونودراما وعروض الممثل الواحد.-مع أن هناك بعضا من التدحلات في العرض تخرجه من هذين التقسمين_ وكيف أنها لا تتفق مع عملية المسرح ذاتها. وأنها ماكانت في الغرب أساسا إلا عروضا تدريبية صغيرة أو الإحتفاء ببمثل قدير. إلا أن مرو ععيد مع أنها مازالت في مرحلة الشباب قد اثبتت أنها ممثلة قديرة وموستجبة عملية الإحتفاء بها وبقدراتها. وأن حصولها على الجائزة الأولى في التمثيل من المهرجان القومي. هو قرار مستحق. فقد كانت متألقة بصورة غير عادية وأدت الدور على طريقة النموذج. أو على طريقة كيف تتعلم التمثيل أو كيف يكون. فقد كان هناك توافقا تاما مع كل عناصرها الجسدية والإيمائية والصوتية، مع كل تفصيلة من تفصيلات العرض. فهي لم تكتف بالعناوين الكبيرة في الحالة العامة للشخصية في تلك المرحلة أو اللحظة . وإنما فصلت تفصيى دقائق وتغيرات كل خلجة من الممكن أن تنبس بها الشفاه او عملية الفعل ورده. في كل ثانية أو أقل.ففي عملية البوح والبحث عمن يفهم. كانت توحي لك بأنها تحاول كسر الجدران والخروج، سواء جسديا أو روحيا. والإعتماد على بدابة تكنيك محاولات الوثوب. والصراع بين تلك المحاولا ووضعية التقوقع التي كانت تتخذ أثناء اجترار الآلام والرضوخ. ببساطة استطاعت مروة عيد ألا تجعلك متوترا او ملوللا من كونها الممثلة الوحيدة تقريبا أمامك . فقد كانت تشعرك في كل حالة أنها شخصية أخرى مختلفة باختلاق الحاى التي تمثلها . وربنا هذا ماساعد بصورة ما على تذكية تأويلنا لحالة الاستدعاء النفسي، بأنك أمام شخصية مضطهدة. تعرفت على مكمن علتها فقررت المواجهة.
وأخيرا لا يمكن إغفال دور أكرم مصطفى ككاتب أولا في البحث عن حلول لا تدفعك للرتابة في نص مثل هذا. كما أن له كل الأمر في عملية اختيار منفذي العرض ومنهم الممثلة ومهندس الديكور وعناصره الأخرى التي كانت متوائمة. وعموما فنحن أمام عرض يحمل قدرا كبيرا من الجودة حتى وإن اختلفنا معه في بعض التفصيلات.


مجدى الحمزاوى

mr.magdyelhamzawy@gmail.com‏