محطة مصر صورة مصرية خالصة شديدة الإبهار والتميز

محطة مصر صورة مصرية خالصة شديدة الإبهار والتميز

العدد 621 صدر بتاريخ 22يوليو2019

(جه خلاص وقت السلام/ بين الأحبة ما فيش وداع/ لازم نكون الإيد في الإيد/ ولا نرضى ابدًا بالخداع) بهذه الكلمات يُختتم عرض “محطة مصر” وهي تشكل القضية ومحور الارتكاز الذي بني عليه، والرسالة الأساسية التي يخرج محملاً بها الطفل من قاعة العرض، بجانب مجموعة من القيم النبيلة التي ينبغي أن يتحلى بها، وهو عبارة عن صورة حية لمحطة مصر من خلال شخصيات حقيقية تتمثل في: بائع العرقسوس، بائع الترمس وابنه، الراقصة والصبي، سيدة ارستقراتية، ناظر المحطة، الدرويش، الشرطي، فرقة من لاعبي السيرك، كل هؤلاء وغيرهم تلتقيهم الفتاة أحلام التي يصطحبها والدها لقضاء إجازة الصيف في الأسكندرية حيث تنتظرهما الأم هناك.
هذه الصورة تقدمها العرائس من خلال عرض شيق تأليف وأشعار محمد زناتي، إخراج رضا حسنين، فمن خلال مغامرة تتعرض لها البطلة أحلام حيث يقوم بخطفها مجموعة من الإرهابيين الذين كانوا ينوون تفجير المحطة، وقد سمعتهم وهم يتحدثون، هذه المغامرة توضح مجموعة من القيم الأخلاقية التي يتسم بها المجتمع المصري ومن أهمها الشهامة حيث يقوم كل هؤلاء بالبحث عن أحلام ولم يتركوا المحطة إلا بعد العثور عليها والاطمئنان على سلامتها، كما تظهر شجاعة أحلام التي دلت الشرطة على هؤلاء الإرهابيين ومن ثم القبض عليهم وإبطال مخططهم الإجرامي، مما يتيح للطفل التعرف على قضية من أهم القضايا المعاصرة ببساطة شديدة بعيدة عن لغة الإعلام التي قد يصعب عليه فهمها، كما قدم أيضًا مجموعة من القيم المهمة منها: قيمة القراءة والمعرفة، قيمة العمل ومساعدة الإبن لأبيه من خلال حوار الطفلة مع بائع الترمس الذي يساعد والده في الإجازة، وكذلك معلومات عن الكاتب الكبير أنيس منصور وكتابه “حول العالم في 200 يوم” وتاربخ محطة مصر عبر العصور وتغير اسمها أكثر من مرة، وتناولها من خلال فيلم يحمل اسمها هو “باب الحديد” وهو إحدى روائع المخرج العالمي يوسف شاهين.
غلف كل ذلك إطار درامي شديد الأبهار للطفل وللكبار أيضًا، يضم الغناء والاستعراضات مع استخدام تقنية الفلاش باك والديكور المتحرك وتجسيد القطار الذي يستقله المسافرون ويمشي بهم، إضافة إلى قدرة العرائس على تشكيل وعي الطفل وإثراء خياله وتلقينه المعلومة بشكل محبب وممتع من خلال شخصياتها التي يحبها ويتفاعل معها، والألوان المبهجة كل ذلك يجعل الطفل يتقبل المعلومة بسلاسة وحب بل ويجعل من شخصيات العرائس قدوة يحتذى بها، وهو ما تؤكد عليه الدراسات الاجتماعية، والتي تؤكد أيضَا على أهمية الحكايات التي تحتوي على قضايا اجتماعية وأخلاقية يتأثر بها الطفل، ومعالجتها بما يتفق مع إدراكه ومتغيرات العصر، وأنها الأكثر تأثيرَا على النمو الإدراكي والاجتماعي واللغوي له.
يقف خلف هذا العرض مجموعة متميزة جدًا من لاعبي العرائس شكري عبد الله، عادل عثمان، محمد عبد السلام، محمد شبراوي، سيد حسين، محمد لبيب، عبد الحميد حسني. أما الأصوات فاطمة محمد علي، فرح حاتم، مجدي فكري. عادل عثمان، شكري عبد الله، شادي سرور، محمد عزت، فرح حاتم، شكري عبد الله، عادل عثمان، أحمد النمس، نادين، ديكور: سمير شاهين، تصميم عرائس: د. ريم هيبة، نحت عرائس: محمود الطوبجى، موسيقى وألحان: حاتم عزت، ميكانزم: يوسف مغاورى.
ولأنني متابع جيد إلى حد ما للمسرح فاعلم جيدًا مدى صعوبة إنتاج عرض عرائس وتكلفته الباهظة التي تجعل مسرح العرائس يعتمد اعتمادًا أساسيًا على العروض القديمة منها على سبيل المثال: “سندريلا”، “الليلة الكبيرة”، “صحصح لما ينجح” لذا فقد أسعدني جدًا أن أشاهد عرضًا جديدًا تكتمل فيه كل عناصر العرض الناجح من صورة مبهرة وحوار يتسم بالبساطة ومعلومة ويجعل من أحد العروض القديمة بل وأهمها مثالاً يحتذى به “الليلة الكبيرة” ويتجسد ذلك في إصراره على تقديم صورة مصرية خالصة بعيدة عن الترجمات والنقل وما يحدث في بعض عروض الأطفال من أكاذيب حيث يتم تقديمها على أنها مؤلفة وليست منقولة، وهو ما يفقد العمل أهم قيمة وهي القدوة الحسنة، مما يستوجب تقديم التحية والشكر لمؤلف العمل ومخرجه وكل القائمين عليه ولمنتجه الفنان محمد نور الدين. 


نور الهدى عبد المنعم