المخرج المؤلف مصطفى حسني: «أمل» تجربة أقرب لقلبي والنصوص الجديدة تعكس الواقع أكثر

المخرج المؤلف مصطفى حسني: «أمل» تجربة أقرب لقلبي والنصوص الجديدة تعكس الواقع أكثر

العدد 615 صدر بتاريخ 10يونيو2019

 - في البداية كيف اكتشفت نفسك مؤلفا مسرحيا..؟
البداية كانت من خلال مشاركتي مع فريق مسرح كلية التجارة بجامعة القاهرة، قبل التحاقي بالمعهد العالي للفنون المسرحية، بوجودي بفريق الكلية والمنتخب بدأت أكتشف هذه الموهبة من خلال التجارب التي قمت بإخراجها، وبعد التخرج شاركت في الكتابة ببعض ورش الكتابة وكان نتاجها برامج مثال «ما يصحش كده - آخر الليل – أبله فاهيتا» ثم مسرحية «لن أعيش في أخلاق أبي» التي قدِّمت على مسرح النهار من قبل، حتى قدمت أول تجربة مسرحية في التأليف بشكل فردي العام الماضي تحمل اسم “أمل” وقمت بكتابتها خصيصا لدعم مرضى السرطان وأعدها الأقرب لقلبي، وقد تم تقديمها كباكورة عروض شعبة الإنتاج المركزي إشراف المخرج السعيد منسي بإلإدارة العامة للمسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة، وتم عرضها للجمهور في الأسبوع الأول من شهر مايو الحالي على خشبة مسرح الجمهورية.

 - حدثنا عن تجربتك مؤلفا ومخرجا لـ”أمل” وما المميز في تجربة المخرج المؤلف لهذه المسرحية؟
حقيقة هي المسرحية الأقرب إلى قلبي - فأنا أميزها على مستويين الأول وهو المستوى الشخصي، فقد كنت أكتب هذه المسرحية وأنا مُحمَّلٌ بتجربة شخصية هي وفاة والدتي بسبب مرض السرطان، فكما يقولون يُولد الإبداع من رحِم المعاناة، فخلال خمس سنوات عايشتهم مع والدتي قابلت الكثير من المرضى وتعمقت أكثر في دراسة هذا المرض، وكيفية محاربته، ونسبة كبيرة من مرضى السرطان يعتقدون أنه النهاية، ولكنني قد لاحظت أن هذا المرض ينتصر على من يُصيبهم اليأس ويغلبهم الخوف، ومن هنا كانت رسالة العرض “الأمل” الأمل في الشفاء. أما المستوى الثاني فهو ما يخص الجانب الفني، فقد كانت تجربة شاقة جدا على صعيدي التأليف والإخراج، وأعدّها فكرة مجنونة أن تُجَسد أعضاء جسم الإنسان في إطار شخصيات حية وملموسة تصارع مرض السرطان، وممتن لكل فريق التجربة، فقد صدقنا وآمنا معا بهذه الفكرة، وانتظمنا لأكثر من 3 أشهر متواصلة بين تدريبات على التمثيل والاستعراض والغناء لتقديم العرض في إطار كوميدي استعراضي غنائي وقدمناه بكل حب وإخلاص، وفي تجربتي كمخرج مؤلف للعرض شعرت بمتعةٍ كبيرة، فهناك الكثير من الأشياء التي نراها ونريد تنفيذها فننقلها على الورق ثم إلى خشبة المسرح، وخصوصا إذا كانت الفكرة جديدة وغريبة بهذا الشكل، فأنا أعتقد أنه سيصْعُب على الكثير من المخرجين تنفيذ هذا الورق وخصوصا أن أهم ما يُميزه هو الصدق، لذلك أَحَبه الجمهور وصدَّقه، فكما يقولون أيضا (صدّق تتصدق)، لقد أحببتُ هذا العرض لأنني أشعرُ بأن كله ملكي، فقد كنتُ المؤلفَ والمخرجَ وكاتبَ الأشعار أيضا، وشاركني بالكتابة بعض الممثلين بالعرض (بيجاد - مودي - مهند - أبو مسلم - عربي)، وأشعر أن رسالته مهمة جدا وأتمنى أن يُقدَّم كثيرا ولا تنتهي ليالي عرضه وتصل رسالته لكل من يحتاجون الأمل في الحياة وأن تشاهده الوزيرة د. إيناس عبد الدايم وتساعدنا في التواصل مع وزارة الصحة ليصل إلى كل المرضى؛ فإذا استطاع العرض مساعدة مريض واحد في الشفاء.. هنا يكون نجاح العرض الحقيقي.

 - وماذا عن نص (بين حلوان والمرج) الفائز بالمركز الأول للنصوص الطويلة بمسابقة التأليف لمهرجان شرم الشيخ؟
فكرة العرض كانت مشتركة بيني وصديقي المؤلف أحمد سعد والي، ولكن لارتباطه بأعمال أخرى فقد قمت بكتابتها، ولم يمنحني الحظ فرصة العمل معه، وأتمنى أن نتشارك قريبا لتقديم تجارب جديدة لأنه ممثل ومؤلف ومخرج واعد ومتميز وموهوب، والمسرحية كما يتضح من اسمها تدور أحداثها في عربة السيدات بمترو الأنفاق، وهي اجتماعية تناقش قضايا المرأة في المجتمع المصري في إطار كوميدي تشويقي.

- ماذا يعني لك الفوز بالجائزة وما هو شعورك نحو ذلك؟
الجائزة تعني لي الكثير والكثير وسعيد بالحصول عليها، خصوصا أنها أول جائزة لي في مجال التأليف المسرحي وأتمنى أن أحقق فيه نجاحات وأقدم بنصوصي الكثير من القضايا الإنسانية والاجتماعية التي تلمس واقعنا المصري، وجائزة التأليف بهذه الدورة كان لها طابعها المختلف والمميز حيث كانت تحمل اسم المخرج الشاب الراحل محمد أبو السعود، فهذا وفاء وتقدير لجيل الشباب من المسرحيين، ولفتة إنسانية من القائمين على المهرجان.

- ماذا عن مسيرتك وتجاربك المسرحية الأخرى في المسرح الجامعي ومعهد الفنون المسرحية والتجارب الحرة؟
بعد أن بدأت مع فريق مسرح التجارة بجامعة القاهرة حيث قضيت تسع سنوات ونصف ما بين مخرج وممثل، وكنت أدرك جيدا مهاراتي في مجال الإخراج المسرحي وقدمت بالجامعة عرضي «المرحوم وإبليس» وحصلت على جائزة “مخرج أول” عن العرضين بمهرجان الجامعة، وكان السبب في حبي واتجاهي للإخراج اثنين من أهم الناس بحياتي: الممثل والمخرج الكبير يحيى محمود، والراحل حسين محمود الأب الروحي لفريق كلية التجارة وكل فرق الجامعة، وأنا أدين له بفضل كبير فيما حققته ووصلت له، فقد كان داعما كبيرا جدا لي ولموهبتي، ومعلما وأستاذا وأبا حقيقيا بالمسرح الجامعي، وبعد الجامعة انضممت إلى ورشة مركز الإبداع وتعلمت الكثير من الأستاذ خالد جلال، كما شاركت مع المخرج الكبير نادر صلاح الدين في مسرحية “براكسا” وأعدها أول مسرحية موسيقية في مصر وسعدت للمشاركة بها، وأخيرا جاءت مرحلة التحاقي ودراستي بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتعلمت من الأساتذة أيمن الشيوي، ومدحت الكاشف، وغيرهما، وعملت في مسرح الفن مع المخرج الكبير جلال الشرقاوي، وأثناء دراستي بالمعهد وجدت كل الدعم الفني والمعنوي من قبل عميد المعهد ورئيس الأكاديمية الدكتور أشرف زكي فهو الأب الذي يعشق أبناءه ويدعمهم ويشجعهم دوما. أما عن التمثيل فقد شاركت بمسرح الجامعة والهواة والحر والمستقل لأكثر من 30 عرضا، حصدت من خلالها بعض الجوائز كان آخرها التميز في التمثيل عام 2017 بأحد عروض المعهد العالي للفنون المسرحية، كما شاركت في الكثير من الورش الفنية مع مدربين مصريين وأجانب مما أثقل خبرتي.

 - قدمت تجربَتك الأخيرة “أمل” مؤلفا مخرجا، هل ترى أيهما أفضل للنهوض بالحركة المسرحية تقديم نصوصنا المحلية والنصوص الجديدة للشباب، أم نصوص الثقافةِ الغربية التي اعتاد كثيرٌ من المخرجين تقديمها؟
إن النصوص الجديدة هي التي تثري الحياة الفنية بروح ودماء جديدة، كما أنها تمس وتعكس الواقع المعيش الآن، وتلمس الجمهور المتلقي وهي أول عناصر جذبه وعودته للمسرح وإقباله عليه من جديد، أما إذا كان ما يقدم لا يمسه ولا يعكس حقيقة مجتمعه، فلن يتابعه حتى وإن كانت جودة العرض المقدم عالية وممتازة فلن يذهب إليها مرتين، سيستمتع في المرة الأولى فحسب، ولكن إذا قدَّمنا ما يعكس قضايا المتلقي التي تمسه بدرجة كبيرة وواعية فسيرتاد المسارح دوما لرؤية ما يحياه ويلمس واقعه، إضافة إلى أن النصوص المؤلفة سابقا منذ أمد بعيد والغربية منها قد تم تقديم غالبيتها مرارا وتكرارا وإعادتها قد يدفع الجمهور المعتاد على ارتيادِ المسارح إلى الملل، وألاحظ أن بالفترة الأخيرة أصبح هناك توجه كبير إلى المؤلفات الحديثة خصوصا في إدارة المسرح بالثقافة الجماهيرية التي تسمح لشباب وكتاب جدد بتقديم نصوصهم، فمنذ تولي الأستاذ عادل حسان مدير إدارة المسرح، وهناك توجه نحو الشباب والأفكار الجديدة في التأليف والإخراج والتمثيل. وقد عاهدت نفسي على تقديم نصوصٍ ومؤلفاتٍ جديدةٍ.

- ما أدوات المؤلف الجيد؟
الموهبة هي الأساس فلا يوجد كاتب شاطرٌ وماهرٌ بدون موهبة حتى إن امتلك التقنية، ولكنني أؤمن أن من أهم أدوات المؤلف الخيال واتساعه بلا حدود، والقدرة الكبيرة على الارتجال وصياغة الحبكة الدرامية، فيجب أن يكون العمل الفني مُشوقا، ويتم تطوير هذه الأدوات من خلال الاطلاع الدائم والقراءة والمشاهدة، والأهم الممارسة المستمرة، فالمحاولات المتكررة تساعد على اتساع مدركات العقل وزيادة القدرة على التخيُّل.

- ما أهم القضايا التي تهتم بتقديمها من خلال نصوصك؟ وماذا تنوي أن تقدم لجمهور المسرح في عروضك المستقبلية؟
انا لا أخطط لما أقدم، ولكنني دائما أبحث عن ما يَلمس الناس وواقعهم، وكل القضايا التي تعبر عنهم وما يُشبع الممثل فيجعله متحفزا ومستمتعا ومقبلا على تقديم أفضل ما لديه، فأهم ما أحب أن أقدمه هو المتعة للممثل والمتفرج، يجب أن يخرج المتفرج من قاعة العرض المسرحي مشحونا بطاقة إيجابية كبيرة، تحيطه السعادة، وهذه إحدى أهم مهمات العرض المسرحي.

- ما أمنياتك وطموحاتك في عالم المسرح في المستقبل؟
إحدى أهم أمنياتي أن يصبح للمسرح وفنانيه بمصر قيمة فنية أكبر مما نحن عليه، وأمنيتي الثانية هي استمرار تقديم عرض (أمل) أكبر فترة ممكنة ليصل لمستحقيه، وأن نشارك به في المهرجان القومي للمسرح المصري، وأحلم أن يكون لدي فرقة خاصة ولها مسرحها الخاص نقدم من خلالها عروضا مسرحية ممتعة ومبهجة.


همت مصطفى