العدد 613 صدر بتاريخ 27مايو2019
أحمد سلامة، حاصل على بكالوريوس الفنون المسرحية، بدأ حياته الفنية منذ كان طفلا في بداية السبعينات، كما قدم الكثير من الأفلام والمسلسلات والمسرحيات، منها مسرحية «الديكتاتور» عام 2011، وعاد بعد توقف دام لسنوات ليقدم عرض «يعيش أهل بلدي» على المسرح القومي من إخراج د. عاصم نجاتي، كان لـ»مسرحنا» لقاء معه لتحاوره حول كواليس العرض وقضايا خاصة بالمسرح المصري..
* في البداية حدثنا عن عرض «يعيش أهل بلدي» ودورك فيه؟
أقوم بدور الحاكم أو القائد الذي يأتي بعد فترة ما، ليمسك مقاليد البلد، فيقوم بتعيين مجلس وطني مشكل من كل فئات الشعب حتى يكون الشعب هو من يحكم نفسه بنفسه، ويفاجأ الحاكم بأن الموجودين في المجلس من كل الفئات لا يفكرون سوى في مصلحتهم الشخصية ولا أحد يفكر في مصلحة الشعب، وبعد فترة يقابل مجموعة من الناس التي تحب بلدها بإخلاص وهي حاصلة على أعلى الشهادات ويتم تهشيمهم لسبب أو لآخر، فيضع الحاكم يده في يدهم ليرتقوا بالبلد، وبالفعل ينجح في ذلك.. العرض في النهاية يحثنا على حب البلد، وكل هذا في إطار كوميدي. وشكل الحاكم في العرض ليس تقليديا كما رأيناه من قبل في مسرحية «الزعيم» مثلا للفنان عادل إمام، فهو مقدم بشكل جديد وقريب من الناس، وكتب النص الأستاذ محمد البغدادي بحرفية شديدة جدا، وهو عرض من العروض المشرفة للمسرح القومي.
- ما الذي جعلك توافق على تقديم العرض بعد انقطاعك عن المسرح سنوات كثيرة؟
هذا النص يتحدث عن البلد وأنا أحب البلد وأنتمي إليه، والمصري مهما عانى إذا وجد بلاده في محنة لا يتردد في أن يقف بجانبها، وهذا العرض مهم جدا أن يشاهده المصريون، لأنه يحث على الانتماء وأن نحبها كما هي وليس لمصالحنا الشخصية.
- لماذا تحرص على تقديم المسرح رغم أن العمل في المسرح شاق جدا مقارنة بالعمل في التلفزيون أو السينما؟
أنا أعشق المسرح، وأعشق الوقوف عليه، وخصوصا المسرح القومي، فهو أول مسرح وقفت على خشبته وأنا طفل صغير مع الفنان نبيل الألفي في عرض «الإسكافية العجيبة» وهو عرض إسباني من تأليف لوركا، وكان من بطولة الفنانة فردوس عبد الحميد وتوفيق الدفن، كما قدمت أيضا عرض «الملك لير»، واستمر عرضه تسع سنوات متواصلة، وحصلت عن دوري فيه على أحسن ممثل في المهرجان القومي، وعرضناه في أكثر من 17 مسرحا، وهو العرض الوحيد الذي طلب القطاع الخاص أن يعرض على مسارحه، وقدمت أيضا عرض «الديكتاتور» عقب ثورة يناير.. فأنا عاشق للمسرح، وقد تخرجت من المعهد العالي للفنون المسرحية بتقدير عام جيد جدا، وحصلت في مادة التمثيل على امتياز، وقد عملت مع كل عباقرة المسرح في مصر مثل كرم مطاوع ونبيل الألفي وأحمد عبد الحليم وعبد الرحيم الزرقاني ومحمود ياسين وسهير البابلي وغيرهم، فأنا تربيت على خشبة المسرح وفي كواليس المسرح، لذا أعشق رائحة خشبة المسرح وكواليسه، لذلك لا أستطيع أن أبعد عنه لفترة كبيرة.
- عملت مع عمالقة المسرح كما ذكرت والآن تتعامل مع الجيل الحالي فما الفرق؟
جيل العمالقة هم أساتذتنا الذين علمونا معنى المسرح وقواعده، والجيل الحالي تلاميذ جيل العمالقة، وينتهجون نفس نهجهم، فمثلا دكتور عاصم نجاتي مخرج عرض «يعيش أهل بلدي» تتلمذ على يد د. سعد أردش، وهناك الكثير من المخرجين الحاليين الشباب المتميزين منهم من وصل إلى الاحتراف مثل المخرج تامر كرم.
- «يعيش أهل بلدي» به نوع من الخطاب المباشر للجمهور.. ألم تقلقك فكرة المباشرة خصوصا أن الجمهور لا يفضل المباشرة في كثير من الأحيان؟
هناك فرق بين العروض المباشرة والعروض الخطابية، فالناس لا تستطيع أن تتحمل عرضا مسرحيا يقف فيه الممثل يخطب فيهم عن حب البلد، ولكن هذا العرض فيه مباشرة ولكنها مغلفة بالكوميديا وأبطال العرض أناس تشعرين أنك تعرفينهم وموجودون في كل مكان، فهذه ليست مباشرة ولا ملحمية، فهو تشريح لبعض طوائف وقيادات كانت موجودة في فترة معينة.. وهدف العرض الأساسي الحث على حب هذه البلد.
*هل ترى أن ما يقدم في مصر تحت مسمى المسرح السياسي يستحق هذا الاسم؟
العرض الذي نقدمه سياسي وليس تاريخيا، فنحن مثلا لا نقدم فترة حكم حتشبسوت، وقد حصل هذا النص من قبل على أفضل نص لعام 2018 ومحمد البغدادي كاتب كبير معروف بمواقفه السياسية، د. عاصم عندما قرأ النص اقتنع به تماما وعندما عرضه علي اقتنعت به، فالمسرح السياسي مسرح مهم ولن ينتهي فهو موجود منذ زمن وإلى الآن، وليس شرطا أن يطلق المسرح السياسي فقط على عروض تتناول شخصية بعينها، فأي عرض يناقش مشكلات المواطنين هو مسرح سياسي، فمثلا كان هناك عرض «قاعدين ليه» للراحل سعيد صالح يعتبر من أهم المسارح السياسية التي قدمت في الفترة السابقة، ولكننا الآن في مرحلة نحتاج فيها إلى أن نجتمع جميعا على كلمة واحدة ولا ننساق خلف الشائعات التي تملأ السوشيال ميديا، فنحن من أكثر البلاد التي تستغل السوشيال ميديا استغلالا خاطئا.
- قدمت من قبل عرض «الديكتاتور» والآن تقدم عرض «يعيش أهل بلدي» والعرضان يندرجان تحت مسمى المسرح السياسي فما السبب في اهتمامك بتقديم المسرح السياسي؟
أنا أقدم العروض التي تتفق مع وجهة نظري، فإذا قدم لي نص مسرحي يتماشى مع وجهة نظري لا أتردد في الموافقة عليه، فعرض «الديكتاتور» كنت أحذر فيه أن الرئيس القادم إذا لم يقم بحب البلد بإخلاص سيتحول لديكتاتور، وكانت هذه وجهة نظري وقتها، وعندما أقول إن هذه الفترة التي نمر بها تحتاج إلى أن نحب هذه البلد وننسى مصالحنا الشخصية، فهذه أيضا وجهة نظري الآن.
- قدمت عروضا في المسرح الخاص ومسرح الدولة فما الفرق بين الاثنين من وجهة نظرك؟
الميزانيات في المقام الأول، فميزانية مسرح الدولة بالفعل قليلة جدا على الرغم من أن المسرح هو أساس ثقافة الشعوب، فإذا أردت أن تعرف تحضر أي دولة فانظر إلى مسرحها، مسرح القطاع الخاص ميزانيته عالية وأجوره عالية وأيضا الدعايا لعروضه ممتازة، والعقبات التي تواجهنا فيه تذلل فورا، أما مسرح القطاع العام فبه بيروقراطية كبيرة والورقيات تضر أي عمل فني، وأناشد أن ميزانية المسرح في مصر لا بد أن تزيد ويجب أن ينافس مسرح الدولة المسرح الخاص ولن يحدث ذلك إلا إذا ارتفعت ميزانيته.
*عادت بعض شركات الإنتاج للتدخل في صناعة المسرح هل تعتبرها عودة للقطاع الخاص؟
بالطبع تعتبر عودة قوية لعروض القطاع الخاص وعلى رأسهم شركة كايرو شو التي تقدم «الملك لير» ثلاثة أيام في الساحل، وتقدم أيضا عروض أطفال.. فكايرو شو قدم دفعة في مسرح القطاع الخاص، وهذا يجعلنا نخشى على مسرح القطاع العام، ومع أنني أرى المجهود الكبير الذي تقوم به د. إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة التي جعلت مسارحنا تضيء مرة أخرى، ولكن يجب أن تنظر إلى ميزانيات المسارح.
- ألا ترى معي أن عروض القطاع الخاص تغالي في أسعار التذكرة وتقدم لفئة معينة من الناس؟
لا يستطيع القطاع الخاص أن يخفض تذكرته، وأعتقد أن ارتفاع السعر سبب في أن يفتح عرض «الملك لير» ثلاثة أيام فقط، على الرغم من أنه أكثر من رائع، ارتفاع ثمن تذاكر القطاع الخاص في هذه المرحلة التي نعيشها يجعل الجمهور أقل بالتأكيد، وهم لا يستطيعون تخفيض قيمة التذكرة لأن العرض صرف عليه ميزانية كبيرة جدا، وهم بالتأكيد يريدون تعويض ما تم صرفه لذلك يجدون بعض العوائق في التسويق.
*ما رأيك في تجارب مسرح التلفزيون مثل تجربة مسرح مصر؟
هذا النوع من المسرح قائم على الموقف والارتجال ويعتمد على خفة دم الممثلين، لكنه لا يطلق عليه مسرح، أما المسرح الحقيقي فهو ما يقدمه أشرف عبد الباقي الآن على مسرح نجيب الريحاني.
*هل يؤثر الفن في المجتمع أم المجتمع هو من يؤثر في الأعمال المقدمة؟
في الحقيقة هي علاقة مشتركة، فأنا أقدم ما يهم الناس وأستطيع أن أؤثر عليهم، والذي أقدمه هو في الأصل اقتباس من الناس، فأنا أعرف ما يشعرون به الآن وما هي مشكلاتهم وأقدمه وأحاول أن أجد حلولا أو أقوم بفتح بعض الطرق.