العدد 625 صدر بتاريخ 19أغسطس2019
“المتفائل” عرض مسرحي للمخرج إسلام إمام، افتتح مؤخرا على خشبة المسرح القومي، وهو أولى تجارب المخرج إسلام إمام على القومي. العرض يدعو للتفاؤل وتحدي الصعاب والاستمتاع برحلة الحياة بكل مشاقها.
إسلام إمام مخرج مسرحي له بصمة خاصة، تميز بتقديم الكوميديا الساخرة، واستطاع أن يحل المعادلة الصعبة فجمع بين تقديم كوميدية راقية وتحقيق إقبال جماهيري كبير، وهو دائما ما ينقب عن الجديد.
قدم إسلام إمام مجموعة متميزة من الأعمال المسرحية منها على سبيل المثال «رجالة وستات»، «ظل الحمار»، «اللي بنى مصر»، «رحلة حنظلة»، «السفينة والوحشين»، «تحب تموت إزاي»، «محاكمة غانم سعيد»، «اترك أنفي من فضلك»، بالإضافة لتقديمه أحد مواسم تياترو مصر وعدة عروض لمسرح التلفزيون ومن أهمها مشروع «صولوا» وعروض قام بكتابتها وإخراجها لقناتي الحياة وإم بي سي.. حول تجربة “المتفائل” أجرينا معه هذا الحوار.
- «المتفائل» أولى تجاربك على المسرح القومي.. حدثنا عنها؟
كان أول تواصل مع المسرح القومي منذ أربع سنوات عام 2015 وبالفعل تم عمل ميزانية العمل ولكن لظروف سفري في ذلك التوقيت لم يتم استكمال التجربة وتوقفت، ولكن تواصل معي مدير المسرح القومي السابق يوسف إسماعيل ورئيس البيت الفني للمسرح إسماعيل مختار حتى أقدم التجربة، وقد رأوا أنني سأقدم تجربة مختلفة تتواءم مع هذا العصر، وبالفعل قررت أن أقدم رواية ضخمة ومهمة بشكل يتناسب مع المجتمع المصري، فكانت فولتير الأنسب التي قدمت على كبرى المسارح في العالم ولم تقدم في مصر.. فدائما ما أسعى للبحث عن كل ما هو جديد ومختلف.. هناك نصوص عالمية قدمت الكثير من المرات وهناك نصوص لم يسبق تقديمها.
واعتمدت على تكنيك مختلف في تقديمها على مستوى الصورة من ملابس وديكور بالإضافة إلى الاستعانة بالعنصر الموسيقي في الدراما، على سبيل المثال أغنية “الدرس” التي أوضحت العلاقة بين كانديد والمعلم، هي تجربة مختلفة ليست فقط على مستوى المسرح القومي ولكن على مستوى المسرح المصري، وقد اعتمدت أيضا على عنصر الإبهار في تقديم مفردات العمل من ديكور وإضاءة وموسيقى كما اعتمدنا على تكنيك مختلف في تغيير الديكور.
العرض يعد دعوة للتفاؤل.. لماذا قررت تقديم هذا النص في هذا التوقيت تحديدا؟
أود أن أقول إن الفكرة الأساسية في الجملة الأخيرة من رواية فولتير هي خروج الشخص من مكان ضيق إلى مكان أرحب، فعندما يطرد كانديد من القصر يخرج إلى عالم أرحب لم يره من قبل، هو طيلة حياته يحيا داخل القصر.
والنص يوضح أن البعض منا يخشى تغيير مكانه والخروج من الحيز الذي يحيا به، وأن الخروج في حد ذاته مكسب، وحقق معرفة أكبر، وهو ما يوضحه المشهد الأخير في المسرحية وهو شكر كانديد لزوجة خاله لطردها له من القصر.
- قمت بعمل إعداد درامي لرواية فولتير «كانديد» ما أبرز الصعوبات التي واجهتها عند إعداد الرواية؟
الرواية الأصلية تتكون من 30 فصلا وعددا كبيرا من الشخصيات لا حصر لها، بالإضافة إلى وجود البطل في بلد مختلف، وجميعها أمور يصعب تقديمها على خشبة المسرح لأنها تتطلب مدة زمنية طويلة، وكما نعلم الرواية تختلف عن المسرحية لذلك قدمت المحطات الأهم وأبرزت نمو الحدث.
- شكلت ثنائيا فنيا مع الفنان سامح حسين في عدة أعمال.. ما السر وراء ذلك؟
نحن أصدقاء منذ سنوات طويلة وهو فنان مالك لأدواته يعي ما له وما عليه ومطيع لأقصى درجة، بالإضافة إلى خبرته في المسرح، وقد قدمنا من قبل خمسة عروض بالإضافة إلى عروض قمت بكتابتها وقام بإخراجها المخرج عصام السيد من إنتاج أم بي سي مصر، وكل عام أو عامين نشترك في تقديم عمل سويا من كتابتي أو إخراجي. والحقيقة إنها ثنائية متميزة، وستكون الفنانة سهر الصايغ مفاجأة العمل فهي فنانة متميزة.
- لماذا تميل إلى تقديم العروض الكوميدية؟
بطبيعتي دائما أتعامل مع الأوضاع الخاطئة أو العبثية بحالة من السخرية وليس، على سبيل المثال الروتين، موظف مهمل...إلخ، ففي الكوميديا الفرس أو الديلارتي أو الكوميديا السوداء تكون المواقف جادة ولكن ما يحدث حولها يكون هزليا وهو ما يوضح الموقف أكثر من التراجيديا.
- من وجهة نظرك هل نعاني من فقر في الكتابة الكوميدية؟
إن انخفاض أجور المؤلفين في المسرح بالإضافة إلى صعوبات الحياة، جعل هناك قلة في عدد الكتاب الذين يتصدرون لهذا النوع، بالإضافة لعدم وجود دافع فالمواهب كثيرة ولكن حتى تنمو الموهبة يجب أن يتوافر لها المناخ المناسب الذي يمكنها من مواجهة ظروف الحياة، بالإضافة إلى أن قلة عدد كتاب الكوميديا ليس على مستوى المسرح فقط ولكن على مستوى السينما والتلفزيون، فما يكتب اسكتشات أو مواقف بعيدة عن الدراما، ولذلك نجد مؤلفين يظهرون ويختفون بسرعة كبيرة.
- ما الصعوبات التي واجهتك عند تنفيذ «المتفائل»؟
العرض يعد من العروض الضخمة على مستوى جميع مفرداته، بالإضافة إلى أن عدد العاملين به يتجاوز 100 سواء على خشبة المسرح أو وراء الكواليس.
والحقيقة إن الفنان إسماعيل مختار رئيس البيت الفني للمسرح قام بتذليل كل الصعوبات بجهد كبير وحب رغم كل الصعوبات، وفي النهاية هناك اجتهاد كبير من البيت الفني للمسرح والمسرح القومي لخروج العمل بالصورة المطلوبة.
تميزت السينوغرافيا في عرض «المتفائل» فما سر هذا التميز؟
الحقيقة أنني عقدت عدة جلسات عمل مع مهندس الديكور حازم شبل ومصممة الملابس نعيمة عجمي وتم الاتفاق على الخطوط العريضة فيما يخص سينوغرافيا العمل وتنسيق الألوان الخاصة بالديكور والملابس، وتناقشنا حتى خرجنا بهذا الناتج. فمن المفترض أن يكون للمخرج رؤية في كل مفردات العمل المسرحي من ملابس وديكور وموسيقى، وبالفعل تعاون فريق العمل معي وتفهموا رؤيتي واستطاعوا تحقيقها.
أجريت منذ أشهر بروفات العرض المسرحي جروب سري +21 إنتاج مسرح السامر، فلماذا لم تقدم العرض حتى الآن؟
للأسف السامر بلا مسرح وبالتالي نحن ننتظر وجود مكان للعرض يليق بالتجربة، وذلك حتى يشاهد الجمهور العرض بشكل جيد، وقريبا سأعلن عن موعد افتتاحه.
- قدمت تجارب كوميدية غنائية.. من وجهة نظرك لماذا نعاني من قلة العروض الغنائية في المسرح؟
هذا الأمر يرجع إلى عاملين، الأول أن تكلفة إنتاج العروض الغنائية ضخمة، أما العامل الثاني إذا توافرت ميزانية إنتاج العروض الغنائية فكيف سيتم استغلالها فنيا وبشكل يصنع الإبهار والمتعة.
- حقق عرض «رجالة وستات» نجاحا كبيرا وقام بعدة جولات.. حدثني عن تلك التجربة.
أود أن أشير إلى أن عرض «رجالة وستات» تم عرضه لمدة ثلاث سنوات وتنقل في عدة مسارح وعدة محافظات منها المنصورة والإسكندرية وأسوان، كما شارك العرض في عدة مهرجانات دولية في المغرب والأردن وتونس.. بدأت فكرة العرض بتقديم تجربة مسرحية من خلال الكتب التي حققت أكبر مبيعا على مستوى العالم وتحويلها إلى مسرح.
وكان شغلي الشاغل هو كيف أقدم الجديد فقمت بتكوين ورشة عمل ووضعت أهم الأفكار الأساسية التي سيعمل عليها فريق العمل وبدأت في الكتابة، وقمنا بعمل إعادة كتابة حتى وصلت إلى شكل العرض الذي أرغب في تقديمه وهو عرض كوميدي اجتماعي له رسالة واضحة وهي تقبل الاختلاف، فجميعنا بشر وطبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل وهذا سر الكون.
- قدمت عدة عروض للمسرح الجامعي.. ما رأيك في المسرح الجامعي في الفترة الحالية؟ وماذا ينقصه؟
المسرح الجامعي يخرج الكثير من المواهب إلى كل الوسائط الفنية سواء للمسرح أو التلفزيون أو السينما ويحصد الكثير من الجوائز في المهرجانات، ولكن ينقصه التنوير الإعلامي والاهتمام فمصر تعد أكثر الدول إنتاجا للمسرح، فعلى سبيل المثال فرق الهواة يقدمون أكثر من 500 عرض في العام وبإنتاج ذاتي، بالإضافة إلى عروض الثقافة الجماهيرية، لدينا إنتاج ضخم وإذا تم التنوير عليه فسنجد ممثلين ومخرجين لا حصر لهم.
كنت عضو لجنة تحكيم مشاهدات نوادي المسرح وفي المهرجان الختامي.. ما رأيك في هذه التجارب؟
تجربة نوادي المسرح تجربة عظيمة الغرض منها الكشف عن الموهوبين في بداية طريقهم وصقل موهبتهم بمجموعة من الورش حتى يتم تطويرهم بشكل جيد.
- من وجهة نظرك هل من الضروري أن تدار المؤسسات المسرحية من قبل فنانين أم إداريين على علم موسع بجميع اللوائح والقوانين؟
من الضروري أن يدير المؤسسات المسرحية فنانون يعون معنى الإدارة، فمن الممكن أن يكون فنان ناجح ولكن لا يجيد الإدارة، يجب أن يكون الفنان الذي يدير المؤسسة المسرحية على علم موسع بفن الإدارة وكيف يزيل العراقيل حتى يخرج العمل الفني بشكل جيد، وهي أمور لا يمتكلها الكثير.
- قدمت مشروع “صولوا” مع الفنانة حنان مطاوع والفنان سامح حسين عام 2017 بالإضافة إلى تقديمك موسم كامل لتياترو مصر وقدمت عروضا مسرحية على أم بي سي وغيرها.. هل هناك مشروع قادم لمسرح التلفزيون؟
هناك ما يقرب من 40 عرضا مسرحيا قدمتها لقناة الحياة وأم بي سي، ومشروع “صولوا”، بالإضافة إلى كتابتي وإخراجي لعدة عروض وأشرع في استكمال مشروع “صولوا”، وسيقدم كل نجم مسرحية واحدة مدتها الزمنية 30 دقيقة بشكل ممتع وشيق وسيكون هناك شيء جديد.
ما تقييمك للحركة المسرحية خلال الأربع سنوات الأخيرة؟
عام 2015 كان عاما مسرحيا خارقا ومتميزا لم يسبق له مثيل، فكانت هناك تجارب مسرحية مهمة لمجموعة من المخرجين المتميزين، أما في الفترة الأخيرة فهناك صعود وهبوط، وعقب عام 2015 بدأ مسرح القطاع الخاص ينافس بقوة، بالإضافة إلى عروض مسرح التلفزيون فهناك عملية تنافسية قوية ليس فقط على صعيد مسرح الدولة ولكن على جميع الأصعدة التي تقوم بإنتاج مسرح.. هناك حالة حراك قوية ودائما فكرة الصعود والهبوط تخلق المنافسة.
عرض «المتفائل» بطولة سامح حسين، سهر الصايغ، عزت زين، يوسف إسماعيل، آيات مجدي، تامر الكاشف، أمجد الحجار، زكريا معروف، المطرب مصطفى سامي،سوسن ربيع ومجموعة من شباب المسرح القومي، موسيقى هشام جبر، ديكور حازم شبل، ملابس نعيمة عجمي، مكياج إسلام عباس، استعراضات ضياء شفيق، أغاني طارق علي، عن رواية “كانديد” لفولتير، إخراج إسلام إمام.