العدد 610 صدر بتاريخ 6مايو2019
على المسرح الدائري الشهير بمدينة أوماها، كبرى مدن ولاية نبراسكا إحدى ولايات الغرب الأوسط الأمريكي، تدور حاليا تجربة مسرحية إنسانية متفردة.
يعرض حاليا على المسرح الذي تملكه فرقة مسرحية بنفس الاسم مسرحية «الكائنات الغريبة». وفي المسرحية يجسد بعض شخصيات الكائنات الغريبة ممثلون يستخدمون مقاعد متحركة وآخرون من المنغوليين من أصحاب الظروف الخاصة، وذلك إلى جانب عدد آخر من الممثلين العاديين الذين لا يعانون إعاقات. والأهم من ذلك أن هؤلاء المعاقين يجسدون شخصيات عادية ليس لها علاقة بإعاقاتهم. وتطلب الفرقة من المشاهدين أن يتنبهوا إلى تلك النقطة حتى يتابعوا المسرحية على النحو المطلوب.
يقود هذه التجربة المدير الفني والتنفيذي الشاب للفرقة فرانك سيلاو الذي يتولى منصبه منذ 2016. وهو أصلا مدرس للغة الإنجليزية عشق المسرح فاقتحم هذا المجال كاتبا ومخرجا وممثلا ومنتجا وناقدا ومعلما للمسرح أيضا، حيث ينظم دورات تدريبية لمخرجي المسرح في أكثر من عشر ولايات، وكانت خبراته في مسرح الشباب والأطفال بوجه خاص.
وهو يؤمن بأهمية المسرح كأداة لخدمة المجتمع ويرى أن المسرح يمكن أن يقدم خدمة جليلة لأصحاب الظروف الخاصة، حيث يمكن أن يساعدهم في اكتشاف قدراتهم والقوى الحقيقية الكامنة فيهم. وكتب بالفعل مسرحية وأخرجها عن أهمية إدماج المعاقين في المجتمع باسم «مسرحية حول قدراتنا» تدور حول طفل معاق يتغلب على إعاقته. وله مسرحية أخرى بعنوان «قال أبي إنني أستطيع».
حق للجميع
كما أنه يؤمن بأن المسرح حق للجميع سواء كانوا أغنياء أو فقراء، ولا يجب أن يحرم الفقراء منه بسبب ارتفاع ثمن التذاكر الناتج عن ارتفاع تكاليف الإنتاج المسرحي، ولا يجب أن يحرم منه سكان الريف لمجرد عدم قدرتهم على الحضور إلى المدن التي توجد بها المسارح. من هنا شارك مع آخرين في تأسيس فرقة مسرحية أطلق عليها اسما غريبا هو Rusty Horse أو «الحصان الضعيف» لتقوم بتلك المهمة التي قدمت بالفعل عددا كبيرا من الأعمال المسرحية لهاتين الفئتين. وكان يراعي أن تقدم الفرقة أعمالا جيدة بأقل تكلفة ممكنة من خلال ديكورات وملابس بسيطة.
ويقول سيلاو إنه التزم بهذا المبدأ منذ تولى منصبه وساعده في ذلك عدد كبير من رجال الأعمال والشركات ومنظمات المجتمع المدني.
وهناك تجربة أخرى له في مسرحية «كريسماس شارلي براون» حيث استعان بعدد من المترجمين المتخصصين في لغة الإشارة، كما كانت بعض مشاهد المسرحية تتم بلغة الإشارات من جانب الممثلين أنفسهم. وقدم مسرحية «كسارة البندق» بالطريقة نفسها.
ويمضي قائلا إنه تم اختيار مسرحية «الكائنات الغريبة» وهي مأخوذة عن قصة للأديب البريطاني الشهير جون توكين (1891 - 1973). وكان السبب أنها تدور في عالم افتراضي لا يفترض شكلا محددا للشخصيات، وقد أعدت المعالجة المسرحية الكاتبة المسرحية الشهيرة باتريشيا جراي حيث راعت كتابة النص بما يناسب الممثلين، ويشارك في المسرحية 35 ممثلا تتراوح أعمارهم بين 8 سنوات إلى 76 سنة ونصفهم من متحدي الإعاقة الذين تم اختيارهم بعناية من عدد من مدارس التربية الخاصة.
وفي النهاية يقول إنه استمد هذا الاهتمام من تجربة شخصية حيث كان يعاني صعوبة في التعلم في سنوات طفولته الأولى، ساعدته المدرسة حتى تغلب عليها، كما جاء في حديث مع صحيفة «أوماها هيرالد». وقد أشاد النقاد بالمسرحية وبأداء متحدي الإعاقة، وكان منهم الفتى المنغولي نضال شريف الفلسطيني الأب والأمريكي الأم، وكانت أكبر ممثلة من الأسوياء هي سو موتيت وهي ممثلة مشهورة على مستوى الولاية حيث قامت بدور رجالي هو الساحر جاندولف.
الكاتب المسرحي.. لا يجسد شخصياته
«لندا فيستا» كوميدية بشكل لا يصدق
قريبا يبدأ على مسرح هايز في برودواي عرض مسرحية «لندا فيستا» للكاتب المسرحي والسنيمائي والممثل المسرحي والسنيمائي أيضا «تريسي ليتس» (55 سنة). تقدم المسرحية فرقة «سكند ستيج» التي تملك المسرح بعد بروفات استمرت نحو ستة أشهر حرصا على تقديمها في أفضل صورة ممكنة. هذا رغم أن الفرقة نفسها تقدم حاليا مسرحية أخرى هي «آفاق كبيرة» التي استمرت بروفتها شهرا واحدا فقط. وسبق أن قدمت مسرحية «دورة حياة حقيقة» للممثل المسرحي الشهير دانييل رادكليف بعد بروفات استمرت 15 يوما فقط.
والمسرحية من النوع الكوميدي. وسوف يخرج المسرحية المخرج ديكستر بولارد المقيم أصلا في شيكاغو لكنه حضر خصيصا لإخراج هذه المسرحية اعترافا منه بمكانة تريسي ككاتب مسرحي حائز على عدة جوائز آخرها جائزة بوليتزر عن مسرحيته «مقاطعة أوساج».
والمسرحية، كما يقول بولارد، «كوميدية بشكل لا يصدق» تدور حول «هويلر» وهو شخص في الخمسين من عمره يتعرض لمعاناة في حياته وأزمة منتصف العمر بعد أن يطلق زوجته، ويحاول اكتشاف نفسه وإعادة النظر في حياته فيتصل بأصدقائه القدامى ويقع في حب سيدة أخرى، وتحدث مفارقات كثيرة تفجر الضحكات حتى يتمكن في النهاية من التوفيق بين «الرجل الذي كانه والرجل الذي يريد أن يكونه» على حد تعبير بولارد.
ويقول بولارد إنه سعيد للغاية بإخراج هذا النص المسرحي رغم احتياجه للسفر عدة مرات أسبوعيا من شيكاغو إلى نيويورك للبروفات رغم شواغله في شيكاغو.
والسبب الوحيد الذي يجعله يشعر بالأسف هو أن تريسي ليتس رفض القيام بدور البطولة في المسرحية التي ألفها، رغم أنه ممثل قدير ومتمكن وكان يمكن أن يجسد الشخصية على أفضل وجه بسبب روح الفكاهة التي يتمتع بها كسائر أبناء أوكلاهوما، على حد تعبيره. وقد حاولت المديرة الفنية للمسرح بلا جدوى.
ويقول إن ليتس اعتذر له لأنه سيكون مرتبطا في موعد عرض المسرحية بالمشاركة في مسرحية أخرى على مسرح آخر في برودواي. والمسرحية هي إعادة عرض (ريبرتوار) لمسرحية «كل أولادي» لآرثر ميلر حيث يقوم بدور البطولة مع أنيت بيننج.
ولا يقتنع بولارد بهذا العذر ويرى أن السبب الحقيقي هو خوف الكاتب من تجسيد بعض شخصياته، وهو أمر شائع بين كتاب المسرح الذين يمارسون التمثيل أيضا، وهو يتفهم هذا الأمر جيدا.
ويقول إنه فضل تأخير بدء عرض مسرحية «لندا فيستا» حتى ينتهي عرض «آفاق كبيرة» لوجود تشابه في الموضوعين، حيث تدور المسرحية حول زوجين عاشا في سعادة لمدة خمسين عاما، وعندما انتقل الزوجان إلى مسكن جديد طلبت الزوجة الطلاق.
عاشر مسرحية
وتعد «لندا فيستا» عاشر مسرحيات لليتس الذي بدأ كتابة المسرحيات منذ عام 1993 بمسرحية «جو القاتل»، وقد كتبها قبل عامين، وقد حصل على جائزة بوليتزر كمؤلف عن مسرحيته «مقاطعة أوساج» وهي مسرحية كوميدية اختار لها أن تجرى في مسقط رأسه بولاية أوكلاهوما حيث تواجه أسرة حاضرها ماضيها. وقد عرضت المسرحية لمدة 700 ليلة في عامين فقط.
وحصل على جائزة توني كممثل عام 2013 عن دور جورج في ريبرتوار لمسرحية «من يخاف من فرجينيا وولف» للكاتب المسرحي الراحل إدوارد إلبى (1928 - 2016) التي تدور حول مشكلات زوجين في منتصف العمر. وكانت الإعادة بمناسبة مرور 50 عاما على عرض المسرحية لأول مرة في 1962.
ويذكر أن ثلاثة من الأفلام الأربعة التي كتب لها تريسي السيناريو كانت مأخوذة من مسرحيات ناجحة من تأليفه. وقد بدأ التمثيل في المسرح قبل أن يبلغ العشرين، وبدأ الكتابة له قبل بلوغه الثلاثين.