إيهاب فهمي: «سيرة حب» تؤرخ لفترة فنية مهمة من تاريخنا.. وبليغ حمدي كان حلما

إيهاب فهمي: «سيرة حب» تؤرخ لفترة فنية مهمة من تاريخنا.. وبليغ حمدي كان حلما

العدد 598 صدر بتاريخ 11فبراير2019

الفنان إيهاب فهمي ممثل متميز برزت موهبته في السنوات الأخيرة وارتفعت أسهمه بشكل كبير، خصوصا بعد تقديمه لأدوار الشر الخفي في أكثر من عمل تلفزيوني أبرزها «الأب الروحي»، «رحيم». إيهاب فهمي من مواليد القاهرة.. تخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية دفعة 1994. كانت بدايته من خلال أدوار صغيرة في أعمال تلفزيونية، مثل: «صباح الورد، زيزينيا، القلب يخطئ أحيانا، الضوء الشارد». ولكن كان أول ظهور مؤثر له في مسلسل «خيال الظل». شارك فهمي بعد ذلك في الكثير من الأعمال التلفزيونية المهمة، مثل: «لدواعي أمنية، ريا وسكينة، العندليب، قضية رأي عام، أيام الضحك والدموع، الشحرورة». كما شارك في عدد من الأعمال السينمائية، من أهمها: «رامي الاعتصامي، سفاري، القشاش». يقدم الآن شخصية الفنان بليغ حمدي في مسرحية «سيرة حب» على خشبة مسرح البالون بقطاع الفنون الشعبية والاستعراضية. كما أنه عضو مجلس إدارة نقابة المهن التمثيلية، لذا كان لا بد من لقائه ليتحدث عن ملامح كثيرة حول عمله بالمسرح والتلفزيون وتوضيح أهم القضايا النقابية.
الفنان لا بد أن يكون مهموما بما يقدمه

• إيهاب فهمي وبليغ حمدي كلاكيت لثاني مرة.. لماذا؟
• بليغ حمدي إعجابي به كموسيقار عظيم وكرمز من رموز مصر إعجاب شخصي خاص بي، ثانيا نحن الآن في عصر الرموز وإبراز تلك الرموز. فقد جاء الوقت الذي يجب أن نبرز فيه كل من ساهم في بناء هذا الوطن نتيجة التداعيات التي تحدث حولنا من كل الاتجاهات، وبليغ الذي أفنى حياته وعمره في سبيل فنه، بليغ الإنسان، فنحن هنا في هذا العرض بصدد بليغ الإنسان والفنان وليس الفنان فقط، وتوجد في العرض مواقف إنسانية حياتية قد تكون تراجيدية أو كوميدية لكنها في النهاية مواقف تعبر عن تكوين شخصية بليغ حمدي، وهو من الشخصيات الدرامية المملوءة بالشجن، وأي فنان لا بد أن يكون مهموما بما يقدمه، وأنا كفنان منذ بداياتي أحلم بتقديم بليغ حمدي. وعندما قدمته في مسلسل «العندليب» كان لدي آمال كبيرة، وعرض علي بطولة مسلسل حينها وحدثت مشكلات، لكنه كان حلما، وجاء الوقت لأن أقدمه على المسرح، وبالطبع شيء صعب أن تقدمه على المسرح، لكننا هنا نؤرخ لمنطقة مهمة جدا من مناطق الفن في مصر.

• هل هناك فارق بين بليغ الفيديو وبليغ المسرح أداء؟
• أنا أؤمن أن الميديا لا تختلف، فقد تعلمنا في معهد الفنون المسرحية أنه يجب أن تسمعك السيدة العجوز الصماء في الصف الأخير، وهي مدرسة جميلة جدا، لكنني أؤمن الآن بمدرسة مختلفة تماما لأنه مع التطور التكنولوجي يصل الصوت بسهولة عن طريق المايكات، لكن في التمثيل للفيديو يوجد الحاجز الوهمي مع الجمهور وهو الكاميرا أو الميديا الخاصة بالعدسة وأصبح الإحساس هو الذي يحطم هذا الحاجز ويصل بك إلى أحاسيس الناس، وأنا أجد أن تجربة بليغ على المسرح تجربة جديدة لي لأنها تفرض منهجا في الأداء، وأنا أستمتع بالتجربة جدا لأن بها تفاصيل رائعة.

• ألم تخشَ رد فعل الجمهور لكونك لست مطربا أو ملحنا؟
• لم أخف طبعا لأن معي أساتذة كبار على خشبة المسرح ومخرج مهم.. توجد أشياء كثيرة تقف بجانبك وتعاونك، وقد لا يعرف الجمهور أنني درست الموسيقى قبل دخولي المعهد العالي للفنون المسرحية، ليست مهنتي طبعا لكن لدي الأساسيات أو القواعد الأساسية في الموسيقى وأحاول أن أبرز هذا من خلال العمل وأن ينال إعجاب الجمهور.

المسرح هو الأكسجين الذي أستمد منه الهواء

• العودة للمسرح بعد غياب.. اشتياق أم توازن بين أنواع الميديا؟
• أنا منذ سنتين ونصف قدمت عرض «حوش بديعة» وقبلها كنت قد انقطعت فترة طويلة، والمسرح في الأساس هو متعتنا وحياتنا، هو قناع الأكسجين الذي أستمد منه الهواء ليعطيني القدرة على الاستمرار.

• هل أنت راض عن تصنيفك مؤخرا في أدوار الشر التي برعت فيها؟
• كنت أصنف من قبل في أدوار الرومانسي لكن عندما تصل إلى قلب الناس في دور معين وتنجح فيه، تجد أن المخرجين والمنتجين بعد ذلك يقدمونك في نفس الإطار. لكن علينا أن نتفق أن الدور الغريب عنك وعن شخصك يعطيك مساحة جيدة للإبداع ومساحة تغير وتلون وتلك هي متعة التمثيل، وفي نفس الوقت أحمد الله أنني نجحت في منطقة معينة تصل ذروتها إلى أن أقدم شخصية شيطان، وأعتقد أن تلك نتيجة خبرات السنين، فهذه الأدوار عندما تأتي في سن متقدمة بعد فترة من النضج تكون مفيدة لأن الممثل في هذا السن قد يستخدم أدواته بأسلوب أمثل وأفضل عنه في السن الصغيرة. والحمد لله فهذا النجاح في أدوار الشر شيء رائع جدا. وقديما كانوا يضعونني في أدوار الولد الشقي الخفيف مثل حسن يوسف، لكن الفكرة أن الممثل يؤدي جميع الأدوار، ولا أنكر فضل الله أنني اقتربت من الجمهور جدا وأصبح لي قاعدة جماهيرية كبيرة بعد أدوار الشر.

• أين أنت من السينما؟
• قدمت للسينما أفلاما قليلة لكن أعتقد أنها خطوات مهمة جدا منها «رامي الاعتصامي»، وكان من الأفلام المتنبئة بالثورة، وفيلم «الكهف»، و»كارما» مع خالد يوسف، و»اللي اختشوا ماتوا» مع إسماعيل فاروق.

عمل الفنان رسالة

• هل ترى أن الممثل عندما يصل لمرحلة معينة لا بد أن يحمل رسالة وأن يكون له رأي في الموضوع المطروح؟
• بالطبع لا بد من ذلك، وحينما يكون في هذا النضج وبعد شقاء تلك السنوات يجب أن يكون عمل الفنان رسالة، وهذا هو التميز، فمثلا في أحد أحاديثي عن بليغ حمدي ذكرت ما قاله الراحل أحمد زكي أن آخذ روح الشخصية وأضعها في داخلي، فبليغ حمدي ليس شرطا أن أشبهه ولكن آخذ روح بليغ حمدي وأطبعها بداخلي لأخرجها للناس، فالرسالة التي تريد توصيلها لا بد أن تكون من خلال منهجك وأسلوبك وإيمانك بالموضوع.

• إذن لا بد أن يكون للفنان دور أو موقف في الحياة السياسية المحيطة؟
• بالطبع، ولكن ليس شرطا حمل الرايات والهتاف، بل يمكن أن يحتفظ الفنان برأيه لنفسه، لكن لا بد أن يكون له موقف محدد مع بلده وحياته.

أين أنا من الارتقاء بروحي

• ما رؤيتك وفلسفتك في الحياة؟
• إن الله موجود فينا، مثلما قال الحلاج، وطالما أن الله موجود بداخلك فستسعى روحك إلى الله وأنت متمسك بالله وتعاليم الله، أقصد أن الإنسان خليفة الله في أرضه، فلا بد أن تفوض روحك دائما لله، فعندما يتحدث أحد عن أن الفن حرام أتعجب لأن خلق الروح فن، والفن هو تعلق الإنسان بالشيء الذي لا حدود له ولا نهاية له واللا مرئي، وهذا هو الجميل في الموضوع أني لا أراه، وهذا هو منهجي أن أعيش بروحي وليس بالأكل والشرب وجمع الأموال، فأين أنا من الارتقاء بروحي، أعيش بذاتي أكثر.

• ما الذي يجذبك في الفيديو؟
• الناس، فالفيديو يصل بك إلى الرجل الجالس على الطبلية في الريف. وأحب أن أصل إلى قلوب هؤلاء الناس، أن أصبح جزءا من بلدك وشعبك، هذا هو الفيديو الذي لا يمكن أن يتحقق في السينما أو المسرح.. الجميع يشاهدون التلفزيون.

• ما رأيك في أزمة الفيديو وتناقص كم الإنتاج؟
• أرى أن الفترة القادمة سيحدث فيها نوع من أنواع الانفراج الشديد، نحن وصلنا إلى مرحلة أجور عالية جدا كان يجب أن تتوقف وكان يجب أن يعاد صياغة الأجور والمنظومة الاقتصادية في الفن، وأرى أن التأخر في الإنتاج الدرامي في مصلحة الفن وليس ضدها.

• وما سبب الأزمة أساسا؟
• أولا أن الأجور وصلت إلى أرقام فلكية، أجور الممثلين، وفي الصناعة والإنتاج، فمثلا الفندق تكلفته تصل إلى سبعين أو مائة ألف جنيه في اليوم الواحد. لماذا كل هذا؟ يجب أن تعاد الصياغة مرة أخرى.. قديما كان النجاح هو الورق وليس الممثل، فطالما كان النص الدرامي جيدا فلا بد أن يتحقق النجاح، والعكس لو أنه غير جيد سيحدث الفشل مهما كانت الأسماء.

• النقابة عمل إداري بحت، فهل أثرت الإدارة عليك فنيا سلبا أم إيجابا؟
• العمل النقابي قربني من زملائي أكثر، ومن أوجاع كثيرة لم أكن أراها من قبل، جعلني أنظر للعمل ولزملائي بمنظور آخر، أنا في النهاية أمام أربع سنوات مضت أثرت في حياتي الشخصية، وقد أكرر التجربة أو لا، فلم أقرر بعد.

• ثلاث سنوات من العمل النقابي ماذا حققت فيهم؟
• حققنا فيهم الكثير، فلست وحدي فمعي زملائي في المجلس بقيادة د. أشرف زكي، ولدينا منظومة تغيرت كثيرا في العمل الاجتماعي والعمل الصحي، ولدينا مشكلات على مستوى البلد، وقد عشنا أربع سنوات مختلفة في تاريخ الحياة الدرامية امتنع فيها القطاع العام عن الإنتاج وهذا لم يحدث من قبل، لا صوت القاهرة ولا قطاع الإنتاج ولا مدينة الإنتاج الإعلامي، نحن نتحدث عن أكثر من 27 مسلسلا كانوا يضمون فئات كثيرة وكبيرة من الممثلين في مصر. نحن أمام مشكلة كبيرة جدا في العمل ولكن المسئول عنها ليست النقابة ولكن المسئول عنها في المقام الأول هو ابتعاد الدولة عن الإنتاج، ونتمنى أن تعود الدولة للإنتاج لأن هذا سيزيح مشكلات كبيرة عن الفن عموما.

لسنا مباحث للفن

• ما هي أهم أزمة أو مشكلة قابلت النقابة في الفترة السابقة؟
• أهم مشكلتين هما القيمة المضافة والتشغيل. فنحن أمام صعوبة في التشغيل لقلة الأعمال وكثرة الممثلين، القيمة المضافة حتى الآن غير مفهوم ماهيتها وما الهدف منها ونظمها.

• مؤخرا أثيرت مسألة الورش بالنقابة ووجهت باعتراضات كثيرة.. ما رأيك؟
• يجب أن ننظر إلى نتيجة هذا العمل فلو نجح سنكمله وإن لم ينجح فلن نخسر شيئا، فلدينا الورشة الأولى إن فشلت لا نكمل، ونحن لسنا مباحث للفن، فلو كنت موجودا في مكان ووجدت مخالفة ما بالطبع أتدخل ويمكن أن أطرد غير النقابي أو أتصرف طبقا للوائح. وفي نفس الوقت الفن ليس حكرا على أحد، فالموهوب أهلا به، لكن أن يعمل الأشخاص من تلقاء أنفسهم بلا ضوابط فهذا لا يجوز، ونحن نريد أن نحصر سوق العمل، وأعتقد أن فكرة الورش ستقوم بهذا الحصر.

عمل نقابي حقيقي

• ما الجديد في النواحي الاجتماعية في النقابة؟
• بالنسبة للعلاج، نحن النقابة الوحيدة، وأكررها الوحيدة، التي لا تترك أي عضو من أعضائها سواء كان كبيرا أو صغيرا، أما في الإسكان فلم يحدث في تاريخ أي نقابة أن تخصص مساكن لأعضائها إلا نقابة الصحفيين، أقامت مصايف لأعضائها وليس مساكن, وأول مرة تقام مدينة خاصة بأعضاء نقابة، وبالنسبة للعمل الاجتماعي لدينا النادي ومسرح النهار وأشياء كثيرة جدا لم تكن موجودة من قبل في تاريخ العمل النقابي، وبالنسبة للمعاش أعترف أنه ضعيف جدا والمشكلة تكمن في الموارد، وربنا يقدرنا كما قال د. أشرف زكي لا بد أن نصل به هذا العام قبل الجمعية العمومية إلى ألف جنيه.
نحن أمام عمل نقابي حقيقي وبعيدا عن كوني عضوا في المجلس، فإن أشرف زكي نقطة مضيئة في تاريخ العمل النقابي وفي تاريخ الفن، تعلمت منه الكثير وهو قدم الكثير ويقدم دمه وروحه وعقله منذ سنوات كثيرة جدا من أجل العمل النقابي الذي بدأه منذ كنا طلابا في المعهد.. ونحن بالطبع لنا أخطاؤنا ولنا مميزاتنا الكثيرة، وأتمنى أن نطور ونعدل من أنفسنا حتى تنتهي جميع الأخطاء.

• إذا رشحت نفسك في الدورة القادمة فما الجديد الذي يمكنك تقديمه؟
• سأعيد التجربة وأنزل الانتخابات القادمة بإذن الله، لكن كما قلت د. أشرف إنه إذا دخل هو الانتخابات سأدخل أيضا وإذا لم يدخل لن أدخل أنا، لماذا؟ لأن هذا الرجل وجوده على رأس المنظومة يجعلها تتحرك كدينامو واحد، وأمنية حياتي أن تفتح دار المسنين وأن نرفع سقف العلاج بلا حدود وأن نرفع المعاش إلى ألفي جنيه، وأن نصل بمنظومة التشغيل إلى أن يعمل جميع الممثلين بلا استثناء، كي يحدث هذا يجب أن تعود الدولة إلى الإنتاج وإن لم تعد سنظل في هذه المشكلة مدى الحياة فلا يوجد أي جهات تعمل الآن سوى بعض المسارح القليلة فأين يذهب ويعمل الممثل؟ المشكلة ليست في النقابة وأرجو من الدولة أن تقف معنا وقفة حازمة في هذا الصدد.

لأول مرة فيلم للصم والبكم

• طموحاتك وأحلامك؟
• أن أستمر على هذا النجاح وأن أوفق في اختيار الورق وأطور من نفسي وشكلي وأدائي، وأن أصل إلى قلب الجماهير دائما وألا أكون بعيدا عن الناس. وأتمنى أن أرى فيلما لمصر في مهرجان «كان» حقيقيا وليس فيلما خارجا عن الفكر المصري أو مسيئا إلى البيئة المصرية، أتمنى أن يكون فيلما يتحدث عن المصريين الحقيقيين الذين يؤثرون في الوطن العربي، وأن يحفظ الله مصر وشعب مصر.

• ما الجديد لك في الفترة القادمة؟
• سأقدم فيلما اسمه «زنزانة سبعة» مع نضال الشافعي وأحمد زاهر ومنة فضالي وعبير صبري، وفيلم رعب سينمائي جديد وهو أول فيلم رعب مصري ومعي فيه هبة مجدي وتامر هجرس أي أنه ثلاثة ممثلين فقط، ومسلسل رمضاني لن أستطيع أن أعلن عنه الآن لعدم الحصول على موافقاته بعد بسبب أزمة الإنتاج، كما قمت بفيلم مهم منذ فترة سيعرض في أول يناير وهو أول فيلم في تاريخ السينما يحمل نسختين نسخة عادية ونسخة أخرى للصم والبكم، وللعلم فإن الممثلين الصم والبكم عباقرة وهذه أول مرة نراهم، ولدينا سبعة ملايين رجل وامرأة وطفل من الصم والبكم. وأتمنى أن يشاهد الجمهور هذه التجربة وتحوز إعجابه.

• وأخيرا ما هي الشخصية التي تحب أن تقدمها؟
• اللواء عمر سليمان، فهو رجل قدم لمصر وضحى بحياته من أجلها، وسيذكر التاريخ أن هذا الرجل كان يعلم ما لا يعلمه أحد بعد الله سبحانه وتعالى، وأتمنى أن أقدمه ليس بوجهة النظر المخابراتية لأنه ليس من حقنا أن نتكلم في عمل المخابرات، ولكن من وجهة نظر الإنسان، هذه الشخصية التي قدمت لمصر الكثير.


أحمد محمد الشريف

ahmadalsharif40@gmail.com‏