الفنان رشوان توفيق: قدمت دور سيدنا عمر في رابعة ابتدائي

الفنان رشوان توفيق: قدمت دور سيدنا عمر في رابعة ابتدائي

العدد 659 صدر بتاريخ 13أبريل2020

رشوان توفيق، بمجرد النظر إلى وجهه يصيبك الشعور بالسعادة والراحة والطمأنينة، تجده مضيئا،  يسكن في قلبك على الفور ، حتي وإن  لم تتعامل معه.. يلقب بالحاج رشوان لا تعلم أنه موجود في عمل فني إلا من خلال بروفة أو مشهد يؤديه،  حيث يلزم غرفته، يصلي أو يقرأ القرآن أو يراجع دوره.. خريج المعهد العالي للفنون المسرحية ..أبدع في السينما والتليفزيون والإذاعة، وله العديد من الأعمال الناجحة  وعلى الرغم من مشواره الفني الطويل فإن أعماله المسرحية قليلة مقارنة بأعماله في الوسائط الفنية الأخرى ، وقد فاجأنا الحاج رشوان مؤخرا بظهوره على خشبة المسرح العائم الكبير بالمنيل في مسرحية “حب رايح جاي” للمؤلف سامح عثمان و إخراج الفنان القدير ياسر صادق من إنتاج فرقة المسرح الكوميدي.. فكان لنا معه هذا اللقاء .
 - نريد أن نعرف كيف بدأت علاقتك بفن التمثيل وخصوصا المسرح؟  
حبي للفن كان السبب فيه والدي “رحمه الله”  كان يذهب إلى السينما واذهب معه، أما أخي عفت “الله يرحمه” فكان يرفض الذهاب معنا ، أما حبي للتمثيل فكان السبب فيه هو الأستاذ يحيى العدوي رحمة الله عليه، كان على ما أتذكر خريج فنون جميلة أو فنون تطبيقية ،الله أعلم، وكان غاوي تمثيل وعمل فرقة في المدرسة ومثلنا داخل الفصل، وأنا كنت في رابعة ابتدائي، وعملت دور سيدنا عمر رضي الله عنه، والمدهش أن بعد مرور فتره طويلة على احترافي التمثيل وجدت حسين الشربيني يقول:جوعان يا أماه. سألته: مالك يا حسين؟  قال لي:  أنا الولد اللي كان بيمثل معاك في المدرسة. تم نقل الأستاذ يحيى إلى مدرسة المبتديان الثانوية وأنا رحت نفس المدرسة واستمريت في التمثيل، وجدت ممثلين ممتازين يعملون في وظائف بسيطة لأنهم لم يحصلوا علي التوجيهية ( الثانوية العامة) فقررت الامتناع عن التمثيل حتي أحصل عليها ، وبعد الحصول على الشهادة دخلت كلية الحقوق، وفي نفس الوقت التحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية .
- كيف حدث ذلك ؟
كان لي زميل في فرقة التمثيل في المدرسة الثانوية، أصبح موسيقارا اسمه عبد العظيم حليم، له أخ مهندس أسمه فؤاد كامل كلم أستاذنا عبد البديع العربي الذي كان رقيبا في المصنفات الفنية في وسط البلد، وهذا دربني على مشهدين: واحد باللغة العربية والأخر بالعامية، وامتحنت أمام اللجنة والشكر لله نجحت، وكان في دفعتي فنانون يشار إليهم بالبنان مثل عزت العلايلي وعبد الرحمن أبو زهرة،  والله يرحمهم أحمد توفيق وعايدة عبد العزيز و عبد السلام محمد و عبدالعزيز مكيوي وغيرهم.
- كيف كنت تنظم أوقاتك وانت طالب في كلية الحقوق والمعهد العالي للفنون المسرحية ، خاصة وأنه لابد من الحضور في المعهد ؟
في الحقيقة تعبت جدا ، فبعد نجاحي في السنة الأولي وانتقالي للسنة الثانية لم أستطع مواصلة دراستي في كلية الحقوق لظروف كثيرة ،منها كون الحضور شيئا أساسيا في المعهد، وأيضا كان تجربة العام الماضي مرهقة، ووفاة  والدي رحمه الله ، وأنا خطبت زوجتي رحمها الله، وكان لابد من العمل كممثل للحصول على المال لمواجهة متطلبات الحياة، وكان كل زملائي في المعهد يعملون في المسرح القومي.
- بمناسبة ذكرك للزوجة رحمها الله . ما قصة زواجك منها حيث أن المسرح كان جزءا من القصة ؟
وانا طالب في كلية الحقوق كنت في فريق التمثيل حيث كنت طالبا بالمعهد أيضا وكنا نستعد لعرض مسرحية شهريار، وأحضرت  تذاكر للعرض وكانت أخت زوجتي( على اعتبار ما سيكون يعني)  متزوجة من مهندس وتقيم في العمارة نفسها، وتنزل عند أمي رحمها الله، فأعطتها أمي تذاكر للمسرحية، وكانت ابنة أخي كبيرة، فأقنعت زوجتي هي وأختها بأن تشاهد المسرحية معهما، وبعدها سمعت من ابنة أخي فيما تحكي لأمي أنهم كانوا يتحدثون على الزواج وكان رأيهم أن البنات تتزوج من الجاهز فيما كان لزوجتي رأي مختلف، فهي تريد الزواج من واحد تكافح معه، وانا كنت شاهدتها مره نازله في الأسانسير وكانت جميلة شكلا وموضوعا،  فلما سمعت ما قالته في مسألة الزواج،  قلت هي دي.  وفعلا خطبتها سنة 1956 وتزوجنا سنة 1957 في الشقة نفسها مع أمي، وكنت طالبا بالمعهد وتحملت معي. ومن اختبار الله تبارك وتعالي لنا مثلا، أنه عندما مثلت في المسرح القومي مسرحية “ثورة الموتى” من إخراج أستاذنا حمدي غيث، كان الطالب يأخذ 50 قرشا في ليلة العرض، لكن الأستاذ سعيد خطاب عميد المعهد قال: لا كفاية على الاولاد  10 في البروفة و20 قرشا في العرض لحسن يفسدوا ، ومرت رحلة الحياة وتحملتني 62 سنة زواج ..رحم الله الجميع .
- ماذا حدث بعد التخرج ؟
بعد التخرج طلب التليفزيون تعيين مدير استديو فقدمت انا وعزت العلايلي، وكان أحمد توفيق دفعتنا قد استلم شغله قبلنا ب 3 شهور مع أحمد طنطاوي، بالمناسبة أحمد طنطاوي خريج المعهد دفعة سناء جميل، تم نقله للتليفزيون من المسرح القومي وكان كل منا يشتغل “شفت” وبدأت أشتغل مساعد مخرج مع كمال أبو العلا في برنامج من الجاني، ثم أعلن التليفزيون عن مسابقة تعيين مذيعين،  فتقدمت ونجحت وتدربت علي يد صلاح ذكي وهمت مصطفي، ثم قدمت برامج للشباب بعد أماني ناشد رحمها الله.
- كيف عدت للتمثيل بعد أن أصبحت مذيعا ؟
نجت فعلا في العمل كمذيع، وكان من الممكن أن استمر لكنني أحب التمثيل، ففكرت أنا وأحمد توفيق وعزت العلايلي في عمل فرقه مسرحية من الموظفين خريجي المعهد، وأن نقدم مسرحيات ويسجلها للتليفزيون، وكتبنا المذكرة ومعنا فايز حجاب وأنور رستم وفايق إسماعيل وعبد المنعم عطا، وكنا نعمل مساعدي إخراج ورفعنا المذكرة للدكتور عبد القادر حاتم، ومن هنا جاءت فكرة فرق التليفزيون المسرحية. بدأت بثلاثة فرق وكنت أنا وعزت العلايلي وحمدي أحمد وصلاح قابيل ويوسف شعبان وحسن مصطفي وعبد المنعم عطا وعبد العزيز أبو الليل وأنور رستم، وللأسف مش فاكر السيدات، لأنهم كانوا غير ثابتين في الفرقة ، ثم زادت الفرق الى عشرة فرق، وكان وراء هذا المجهود السيد بدير “رحمه الله”  وأسس المسرح الكوميدي فمثل وأخرج عبد المنعم مدلولي، وأصبح محمد عوض وأمين الهنيدي نجوما .
- بمناسبة ذكرك لمسرح التليفزيون. ما الفرق بين مسرح التليفزيون والمسرح بشكل عام؟
المسرح هو المسرح ، وفي التليفزيون كنا نعمل 30 يوم بروفات تم نعرض المسرحية أمام الجمهور عدة حفلات ، لأن الجمهور ضلع من أضلاع المسرح ، ثم نقوم بتصويرها للتليفزيون، وكنا في بعض الأحيان نسافر لنعرضها خارج القاهرة،  لفينا مصر كلها، المهم في نهاية العروض يقوم التليفزيون بتصوير المسرحية ، فلكي يحفظ العرض المسرحي لابد من تسجيله، وقد ساهم ذلك في نهضة عظيمة ووجود تراث مسرحي كبير ، كما تم نشر ثقافة مسرحية في هذا الوقت ، وهذا هدف مسرح التليفزيون .
- لماذا ذهبت بعد ذلك إلى هيئة المسرح ؟ وما ذكرياتك فيها ؟
بعدما ترك د. حاتم التليفزيون انتهت التجربة وحل محل فرق التليفزيون فرق هيئة المسرح، وتركت التليفزيون مع بعض الزملاء والتحقنا بهيئة المسرح. أما عن ذكرياتي عن ذلك ، فقد كانت سميحة أيوب مدير فرقة المسرح الحديث وكنت انا ممثلا بالفرقة، عندما كنا نجهز للعرض المسرحي “نرجس” اتجهت النية لممثلين من خارج الفرقة،  وأصرت سميحة على أن يكون أبطال العمل هم أبناء الفرقة،  وقالت رشوان هو من يمثل الدور، وأدت عواطف رمضان دور عالمه درجه عشره بشكل رائع وكانت فرصة لانطلاق حسن عابدين.
بمناسبة ذكرك لسيدة المسرح العربي هل قمت بالتمثيل معها علي المسرح ؟
كل الناس بتقول على “سميحة أيوب” سيدة المسرح العربي ، أنا أقول أنها ملكة المسرح العربي، حين كانت مديرة القومي كنت انا في الفرقة ومثلت معها في مسرحية رابعة العدوية دور فتاها ( بهاء) وكانت بعد أن يقتل تقول منولوجا خطيرا كنت كل يوم في الكواليس أقول: يا رب أحفظها. و في آخر مسرحية وهي “ الناس اللي في التالت” سنة 2001 على المسرح القومي، كانت تدخل لتحية الجمهور وتقدم الممثلين أبطال العمل وتختم بفاروق الفيشاوي “رحمة الله عليه” ، كان لها شكل وهيئة على المسرح ربنا يحفظها، وعلى المستوي الإداري كانت مديرة ناجحة، وعلى المستوي الإنساني عمرها ما قطعت عيش حد، وكانت تساعد أي حد، احنا الممثلين لو حد منا عنده ارتباط كانت تساعده على العمل .  
- هل تعتبر أن أصعب مشهد في حياتك المسرحية هو ما كان في العرض المسرحي “الناس اللي في التالت” على خشبة المسرح القومي؟
فعلا، دوري كان هو الرجل العجوز اللي ساكن في البيت وانا أعتبره من أعظم الأدوار في حياتي الفنية، كان به أزمات درامية، وفيه مشهد عنيف بيني وبين رياض الخولي أقع  فيه على الأرض، وكانت هبة ابنتي -ربنا يكرمها- تقول لي:  يا بابا كنت دايما أدعو الله انك تقوم بالسلامة بعد المشهد.
- ما قصة إعجابك بشكري سرحان؟ هل مثلت معه مسرح ؟
انا كنت ساكن في المبتديان، وشكري سرحان في شارع حسني ورانا على طول، لفت نظري وانا عندي عشرة سنوات شاب، لابس بنطلون ابيض عليه جاكيت بليزر أزرق وقميص مفتوح صدره، وشعرة نازل على وشه، وجسمه عامل زي السيف، أعجبت به سبحان الله ،حبي للفن كان جوايا،  و الجمال يلفت نظري.. تمر السنين وأقابله وهو بطل في مسرحية آه يا ليل يا قمر تأليف نجيب سرور وإخراج جلال الشرقاوي، وكنت أنا مساعد للأستاذ جلال، وكان شكري “رحمة الله عليه” جاد جدا، وقد أصبحنا أصدقاء، وتشاء الظروف أن نعرض المسرحية في سوريا و كان عنده ظروف فلم يسافر، وأعرض أنا مكانه. كذلك كان فيه مسرحية من إنتاج فايز حلاوة  و إخراج كرم مطاوع، عرضنا في الكويت وسجلناها وهو لم يسافر و مثلت أنا دوره، لم أعمل معه ممثلا في المسرح ، لكنني مثلت معه كثير في التليفزيون، وكان رحمة الله عليه من أقرب الناس بالنسبة لي.
- لماذا أنت مقل في أعمالك المسرحية ؟
المسرح عاوز طاقة بدنية شديدة جدا، كل يوم في وقت محدد لابد وأن تكون بالمسرح ، غير التركيز والطاقة الفنية، فلابد ان تكون مستعدا تماما، وانا من الممثلين اللي بيعيشوا الشخصية .. مره كنت ماشي في الشارع وكنت أمثل في مسرحية ، فجأة لقيت نفسي بقول مونولوج منها. المسرح اتغير عما كان أيام شبابنا ، كان فيه تقاليد، نجومنا الكبار كان لهم احترام وتقدير منا حتي لو كانت أدوارهم صغيرة،  أو بيقدموا مشهد واحد، و كان اسم النجم  بيتكتب الأول، لتاريخه، وكان الجمهور يحتفي به ويقدره . وكمان أنا كنت بشتغل كتير في التليفزيون، والعملية كانت محتاجة تنسيق و والحمد لله على نعمة ربنا .
- حدثنا عن مسرحية “حب رايح جاي” التي تقدمها علي المسرح ؟
قبل أي حاجة أنا باشكر ابني المخرج ياسر صادق، لما جالي وأداني النص وقرأته اتبسطت بكلام ابني المؤلف سامح عثمان، وهو مؤلف  له مستقبل كبير في الكتابة، وجمله علي لسان شخصية الجد التي أقوم بتمثيلها لها ثقلها، حتي لو كانت الجملة قصيرة، فلها عمق كبير. كان أستاذنا الراحل أحمد البدوي سنة 55 واحنا في سنه أولى في المعهد يقول: الجمل صناديق مغلقة مفاتيحها الفهم. وكمان ابني ياسر ريحني في البروفات، ومبسوط بالشغل مع ولادي أحمد صيام وميسرة ومحمد حسني وأحفادي دنيا وميدو وفاطمة، وكل اللي في المسرحية، ممثل أو فني أو إداري، حسيت بالحب والاحترام اللي عشناه مع أساتذتنا زمان .
- كنت عضوا بمجلس إدارة نقابة المهن التمثيلية . كيف كنتم تتعاملون مع أزمة التشغيل ؟ وبماذا تنصح المجلس الحالي لحل الأزمة ؟
أستاذنا حمدي غيث كان قائد بطريقته، فكان لما حد ييجي يطلب تصريح للعمل كان يقدم أعضاء النقابة ويقول لطالب التصريح: أنا عندي شبيهه بالنقابة. وابني الدكتور أشرف ذكي إداري شاطر وناجح ويشتغل بإخلاص، وخاصة في المسائل الإنسانية ، والقطاع الخاص سيطر على السوق، وأكبر جريمة حصلت هي مسألة المنتج المنفذ والمنتج المشارك، والدولة لازم ترجع للإنتاج، ويكون فيه قوانين رادعة تساعد المجلس لحل المشكلة.
- ماذا تتمني للفن في مصر ؟
أتمني أن تعود الدولة مرة أخري للإنتاج ودي أمانة، لأن الدولة لا تسمح بالانحطاط الأخلاقي ومشاهد العنف والألفاظ الخارجة، أنا شفت مشهد غاية في السوء قلت  لابد من محاكمة القائمين عليه لأنهم يفسدوا في الأرض ، وكمان نفسي يرجع مسرح التليفزيون لأنه كان معمل تفريخ للنجوم، كل الفنانين العظام خرجوا من الإذاعة والتليفزيون، وكانت الناس تتعلم وتتثقف منهم، عاوز تقضي علي الفن الهابط قدم للمشاهد فن راقي،  فين الحفلات التي تقدم؟  عندما شباب على أعلى مستوي من الفن والأخلاق في الأوبرا فين حفلاتهم؟  لابد من تعاون وزارتي الثقافة والإعلام لنشر الثقافة بشكل عام .
- ماذا تتمني لمصر والمصريين ؟
أتمني الخير والرخاء وادعو الله تبارك وتعالى أن يحفظ مصر والمصريين ويبعد عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن .


جمال الفيشاوي