محمود جمال الحديني: «بيت الأشباح» يدعو للتمسك بأحلامنا ويقدم في إطار إنساني

محمود جمال الحديني: «بيت الأشباح» يدعو للتمسك بأحلامنا ويقدم في إطار إنساني

العدد 624 صدر بتاريخ 12أغسطس2019

محمود جمال الحديني مؤلف ومخرج مصري له الكثير من الأعمال المسرحية التي لاقت نجاحا جماهيريا كبيرا، حصل الحديني على الكثير من الجوائز، منها جائزة التأليف بالمهرجان القومي للمسرح ثلاث مرات، وكذلك حصل على جائزة الدولة التشجيعية في التأليف، وأخيرا حصل على جائزة ساويرس في التأليف. يقدم الحديني الآن على مسرح الشباب أول تجربة له بمسرح الدولة باعتباره مخرجا، وهي عرض «بيت الأشباح»، ولاقي العرض نجاحا جماهيريا كبيرا.. التقت «مسرحنا» بالحديني بعد نجاح العرض لمحاورته، وإليكم الحوار.
*في البداية حدثني عن عرض «بيت الأشباح».. ما هي فكرته ورؤيتك الإخراجية له؟
تدور فكرة العرض حول بيت قديم من بيوت منطقة وسط البلد، يسكنه مجموعة من الأشباح التي قام بتجميعهم عبد الحميد وهو من سكان البيت، وبعد وفاته سكنت روحه البيت وقام بتجميع بقية الأرواح، وكانت السمة الأساسية التي تميز هؤلاء السكان هي أنهم فشلوا في تحقيق أحلامهم، ثم يأتي أحد الأشخاص ليسكن البيت ويقرر الأشباح تطفيشه كبقية السكان، ولكنهم يكتشفون أنه ليس لديه حلم ولا هدف لتحقيقه، فيشعرون بالشفقة من ناحيته ويقررون أن يساعدوه في إيجاد حلم وهدف يعيش من أجله. أما عن رؤيتي الإخراجية فأحداث العرض جميعها موضوعة في لوحة كأنها مرسومة، فالديكور تشعر وكأنه رسمة، وكذلك الممثلون من مكياج وملابس، كي نرى العالم الافتراضي للأشباح وكأنه لوحة، ويتخلل العرض غناء واستعراضات، وكذلك به كوميديا وتراجيديا.
*كيف كانت بداياتك مؤلفا؟
كنت أحد أعضاء فريق تمثيل كلية التجارة جامعة عين شمس، وكان من المفترض أن أقوم بإخراج أحد العروض للكلية، باعتباري أقدم شخص بالفريق، هنا قررت أن أكتب العرض الذي سأخرجه، وبالفعل كتبت مسرحية «إنهم يعزفون» وحصلت من خلال هذا العرض على أفضل مؤلف وأفضل مخرج، وديكور، هذا ما شجعني وشجع من حولي على أن أكتب، وبالفعل بدأت في الكتابة.
هل هذا يعني أنك اكتشفت أنك مؤلف بالصدفة؟
ليس بالضبط، كان لي من قبل هذه التجربة بعض الكتابات في الشعر، وعندما دخلت عالم المسرح قرأت الكثير من الرويات المسرحية والأدب الإنجليزي، وكتبت مسرحية ولكن لم تظهر إلى النور، ولم يقرأها أحد غيري.
*هل يتميز نص «بيت الأشباح» عن بقية نصوصك؟
أنا دائما أحاول أن يكون كل عرض مختلفا تماما عن ما سبقه، وأحاول دائما ألا أكرر نفسي أو أن تشبه كتاباتي بعضها البعض، فبالتالي عرض «بيت الأشباح» مختلف تماما عن بقية العروض.
*هل توجد في نصوصك قضايا اجتماعية وسياسية تحرص دائما على معالجتها؟
أعتقد أن الفنان ليس من دوره أن يكون أستاذا على الجمهور، فأنت تحاول أن تجعل الناس تشعر بشيء ما، لو استطاع أن يشعر بما تقدمه ويلمسه فأنت بذلك قدمت رسالتك، فالفن يعمل على ترقية البشر، ومن المؤكد أنك لا تبتعد عن قضايا مجتمعك السياسية أو المادية أو الدينية، وكل مسرحية تحمل في سياقها قضية معينة، فمثلا مسرحية «بيت الأشباح» تتحدث عن مشكلة الذات وصراع الإنسان مع نفسه. هناك عرض آخر كان الهدف منه معرفة الله، وهناك عرض آخر يتحدث عن السياسة وعلاقة الإنسان بالسلطة.
*عملت مخرجا ومؤلفا مسرحيا، فأي الأدوار أحب إليك؟
أنا مؤلف يخرج عروضا، وأمارس الإخراج كهواية، وهذا لا يمنع أنني مخرج جيد أيضا، ولكن في الحقيقة أنا مؤلف مسرحي، من الممكن أن أقوم بإخراج عروض ليست من تأليفي وقد حصل من قبل، أخرجت عرض «الحضيض» وترشحت كأفضل مخرج بالمهرجان القومي، ولكن في النهاية لا بد أن يكون لي بصمتي في النص.
*هل هناك معوقات واجهتك أثناء تحضير العرض، خصوصا أنها أول تجربة لك ولبقية الفريق في مسرح الدولة؟
ليس هناك أفضل من أنك تعمل مع شباب، فهؤلاء الشباب يبحثون عن حلمهم، وكل ما كان البني آدم شابا، كل ما كان هناك شغف كبير لتحقيق حلمه، فكل شاب في العرض لديه ظروف خاصة، وتعاملي مع شباب لأول مرة ليس معوقا نهائيا بالعكس تماما، ولكن المعوقات الحقيقية التي واجهتنا هي عدم وجود أماكن لعمل البروفات أحيانا، فمسرح الدولة ينتج عروضا كثيرة هذه الفترة لذلك دائما المسارح مشغولة، ومعظم المعوقات ليس لها علاقة بمسرح الشباب أو بمسرح الدولة ولكن بالمنظومة ككل، أعتقد أنها من الممكن أن تحل بتوفير قاعات لعمل بروفات مثلا، وزيادة عدد المسارح
*من الذي يشدك في كتاب المسرح؟
أنا قرأت كثيرا منذ الصغر وأعتبر نفسي محظوظا بسبب ذلك، لأن هذا جعلني لا أتأثر بكاتب بعينه، لأنه أحيانا إذا غرقت في بحر مؤلف واحد تجد نفسك تتأثر به وبجمله الحوارية، ولكن عموما أنا أحب المسرح الأمريكي وكتابه، فالفرق بين المسرح العربي والمسرح العالمي أو الأمريكي بوجه خاص، هو وجود إيقاع، فالصناعة الأمريكية سواء في المسرح أو السينما نجدها دائما مهتمة بالإيقاع والجمهور، أنا لا يستهويني المؤلف الذي يهتم بنفسه وفكره فقط، مثل المسرح العبثي وغيره هذه الكتابات أحترمها ولكنني لا أحبها، فأفكارك مقياسها هي وصولها للناس، فإذا لم تصل للناس أو تكون مصنوعة لفئة معينة، فهذا لا يعني نجاحك، الصناعة الأمريكية بها فكر وبها إيقاع، المسرح العربي معظمه وقتي، فمثلا بعد ثورة 53 تجد معظم العروض تمجد في الثورة وجمال عبد الناصر، وتحقر من فترة الملك، فإذا أردت أن أقرأ هذا النص الآن أجد أنه لا قيمة له، بالإضافة إلى الكثير من نفاق السلطة، أي عرض ناقش قضية الإنسان يعيش أطول.
*ألم تفكر في الاتجاه إلى الكتابة التلفزيونية أو السينمائية؟ وهل وسيط المسرح يختلف عنهما؟
من المؤكد أنني أفكر وأحاول دائما أن أتجه هذه الاتجاه، وبالفعل كان لي تجربة في مسلسل كان من تأليفي أنا وشخص آخر، ولكنني اعتذرت في النهاية عن تكملة العمل، وعدة مرات أخرى، أقدمت على هذه الخطوة ولكنها لا تكتمل لظروف مختلفة، لذلك قررت ألا أكتب إلا ما أريده وما أحبه، فلن أبحث عن الفرصة، أنا قد نجحت في المسرح وأصبح لي اسم به، لذا عندما أدخل السينما والتلفزيون لا بد أن يظل اسمى كبيرا.
هناك بعض الآراء التي ترى أن هناك أزمة في النصوص المسرحية في مصر، فما رأيك في ذلك؟
هناك الكثير من المؤلفين في مصر، ولكن المسئولين لم يبحثوا عنهم ويجدونهم، وهذا ما جعل مؤلف كبير مثل أسامة نور الدين، الذي كتب عرضا عظيما مثل «إكليل الغار» عام 93، وعرض مئات المرات، يحصل على جائزة أفضل مؤلف صاعد بالمهرجان القومي بعد ستة عشر عاما من كتابته للنص، هذا يجعلك على يقين أنهم هم من في غفلة، وأنا حصلت على جائزة أفضل مؤلف مرتين بالمهرجان القومي، وكذلك على جائزة الدولة التشجيعية، وعندما قدم عرض «يوم أن قتلوا الغناء» بدأوا يكتشفون أن هناك مؤلفا جديدا يدعى محمود جمال، على الرغم من أنني لم أكن جديدا على الإطلاق، فهناك الكثير من المؤلفين موجودون، ولكن ليس لديهم فرصة ليظهروا أعمالهم، فلماذا لا تبحثون أنتم عنهم، أعلنوا عن مسابقات ليقدموا لكم أعمالهم والعرض الفائز تكون جائزته عرضه على مسرح الدولة. والمؤلف الشاب أفضل مما سبقه وهذا بسبب التكنولوجيا فالعالم كله موجود بين يديك، أفلام من كل أنحاء العالم تعرف من خلالها فكر العالم، ومن سيأتي بعدي أكيد سيكون أفضل مني.


شيماء منصور