مخرج المعجنة أحمد رجب: ركزنا على مجموعة من القيم كالعمل الجماعي والتنمية البشرية

مخرج المعجنة أحمد رجب: ركزنا على مجموعة من القيم كالعمل الجماعي والتنمية البشرية

العدد 594 صدر بتاريخ 14يناير2019

أحمد رجب مخرج مسرحي حصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية عام 2003، ودبلوم الدراسات العليا قسم إخراج عام 2005. قدم مجموعة أعمال مسرحية هامة منها إحياء مشروع مسرحة المناهج بين وزارتي التربية والتعليم والثقافة، وقام بإخراج مسرحية “طموح جارية” إعداد أسامة نور الدين والمقررة على الصف الثاني الإعدادي، قام بتأسيس مسرح الميدان بدار الأوبرا المصرية منذ عام 2013 و2015 وقدم من خلاله خمسة عروض مسرحية أهمها «رمضان في الميدان» أخرج أوبريت “على اسم مصر” تأليف صلاح جاهين وإنتاج المسرح القومي، و”أنا كريستي” تأليف يوجين أونيل إنتاج مسرح الطليعة وشاركت على هامش المهرجان القومي 2007، مسرحية “ما أجملنا” تأليف محفوظ عبد الرحمن إنتاج مسرح الشباب، مسرحية “الناس في طيبة”” تأليف عبد العزيز حمودة لكلية الآداب جامعة القاهرة، مسرحية “البلياتشو” لجامعة المستقبل تأليف تامر أنور، أدار مهرجان أسبوع الضحك عام 2010، وأخرج مسرحية “في انتظار جودة” تأليف علاء عبد لعزيز. حصل على عدد من الجوائز منها جائزة أفضل مخرج مسرحي عام 2002 في مهرجان المسرح العربي عن مسرحية «فاوست والأميرة الصلعاء»، جائزة أفضل مخرج مونودراما عن مسرحية «أغنية التم» في مهرجان المسرح العالمي بأكاديمية الفنون، جائزة أفضل ممثل عن مسرحية «الزوبعة» عام 1996 في مهرجان الثقافة الجماهيرية, وجائزة أفضل مخرج وأفضل مسرحية “كدبة وقلبت بجد” عام 2005 وجوائز التميز من التربية والتعليم ووزارة الشباب والرياضة في الكثير من المهرجانات، بالإضافة إلى مشاركته كممثل بالكثير من الأعمال التلفزيونية والمسرحية.
يعرض له على خشبة المسرح القومي حاليا عرض المعجنة، من إنتاج فرقة المسرح القومي، التابعة للبيت الفني للمسرح، من تأليف الدكتور سامح مهران. التقينا معه لنتعرف من خلاله على هذه التجربة.
 - في تجربة هي الأولى من نوعها يفتح المسرح القومي أبوابه لتقديم تجارب لمخرجين شباب.. حدثني عن انطباعك حول الأمر؟
الهوية الخاصة بالمسارح أفكار عظيمة للغاية ولكن في وقتها وقد تجاوزها الزمن، ومن الصعب أن نتعامل بهذا النمط الآن في ظل زيادة الرقعة السكانية وعدم زيادة عدد المسارح، من الصعب أن نظل متمسكين بنمط وأسلوب منذ فترة الستينات.
 - طرح عرض “المعجنة” فكرة انشغالنا بإنجازات الماضي وأمجاده وعدم التفكير في المستقبل والحاضر والعمل عليهما إلى أي مدى حققت هذه الفكرة تماسا مع الواقع؟
من خلال العرض طرحنا مثال لأسرة استثنائية ليست واقعية، يعانون من ضغوط اقتصادية واجتماعية جعلتهم يبحثون عن إشباع غرائزهم ولا يعون قيمة البيت ولا قيمة تاريخهم، وفي العرض ألفاظ مستفزة ومحرضة على رفض الواقع الاستثنائي، فهي أسرة استثنائية مشوهة، وتعاملت مع تكنينك ما بعد الحداثة في بناء درامي غير تقليدي، فلم أتعامل بشكل البناء الهرمي في الدراما، وارتكزنا على مجموعة من القيم والأفكار الحديثة ومنها ثقافة العمل الجماعي والتنمية البشرية وكيف نهتم بالبشر لأنهم أهم قيمة، وكيف يقوم الفرد بالعمل على نفسه وأن يترك الأفكار المحبطة والفشل وهذا ما تقوله شخصية «فرعون» الجد الحكيم الذي تحدث بمستويات مختلفة من اللغة.
 - واجهت انتقادات خاصة باستخدام بعض الألفاظ في العرض فما ردك على هذا الانتقادات؟
أنا أقدم نموذجا للانهيار الثقافي، نتيجة أزمات اقتصادية واجتماعية ونفسية، ويتضح هذا الانهيار في «تفتيت اللغة» وقد أصبحت غير قادرة على تحقيق التواصل، فكل فرد يرى أنه الصواب فالانهيار الاقتصادي والاجتماعي والتشوه النفسي أدى بدوره إلى انهيار ثقافي.
 - حدثنا عن تجربتك مع العرض وكيفية اختيارك لشخصيات العمل؟
رشحني مدير المسرح القومي الفنان يوسف إسماعيل كما رشح لي نصين مسرحيين لأختار من بينها وقد انجذبت إلى نص “المعجنة” وما يطرحه من أفكار جريئة وقوية، وعندما قرأت النص قمت بتكوين وجهة نظر للشخصيات وسماتها الشكلية، خصوصا أن الأسماء في العرض لها دلالات رمزية خاصة بها، فعلى سبيل المثال شخصية «مفتاح» التي قدمها الفنان مروان عزب وهو شخصية شاب مفتول العضلات يعاني الكثير من الضغوط النفسية والأسرية، شخصية الأب وهو رجل بخيل يقسو على أبنائه ويتسم بالنحافة وقدمها الفنان ناصر شاهين، شخصية «هدية» التي قدمتها الفنانة إيمان رجائي بنت جميلة تستخدم كل إمكانياتها الجسدية والشكلية لتدافع عن وجودها داخل المجتمع، شخصية «انشراح» التي قدمتها الفنانة هايدي عبد الخالق والتي تمثل الأمهات في الفترة الحالية وتعبر عن الماضي وشخصية «تحفة» التي قدمتها الطفلة مريم إسلام وهي تعبر عن المستقبل، أيضا شخصية “الحلواني” التي لم تظهر طوال العرض وهي شخصية حاضرة غائبة وهو نموذج للأب الذي نحلم به الذي يعتني بأولاده بشكل جيد، فهو أب استثنائي وغيابه في العرض عن قصد وهو يدل على أنه نادر الوجود.
 - من وجهة نظرك ما أهم ما يميز كتابات الدكتور سامح مهران؟
تعاملي مع الدكتور والمربي والمعلم سامح مهران أهم ما كسبته من العرض ومن أهم الأمور أنني تعرفت عليه عن قرب كمفكر وكرجل يسعى لتغيير المجتمع بكتاباته، وأفكاره هامة جريئة بالإضافة إلى أنها ليست أفكارا على ورق ولكنها نابعة من إيمانه بها، وقد أعطاني الفرصة كاملة لأقدم ما أريده وكان مشجعا لي بشكل كبير ومحفزا، وقد تعلمت منه الكثير من الأمور من خلال جلسات العمل وترك لي الدكتور سامح مهران المساحة لأعمل بشكل حر وعملنا كفريق عمل واحد، وهذا الأسلوب أتبعه في أعمالي فيشارك معي صناع العمل من مؤلف ومهندس ديكور وملحن وشاعر وممثل.
مسرح سامح مهران يتميز بأنه مسرح المفاجآت وهو أقرب لمسرح المواجهة الكاشف الذي يزيح الستار عن كل المساوئ والخبايا في المجتمع، ويمتاز بجرأته وقوته.
 - كيف تمت صياغة الرؤية التشكيلية للعرض لتعبر عن التنوع الثقافي؟
عقدت جلسات عمل كثيرة مع الدكتور صبحي السيد وخلال الجلسات اجتمعنا على أن تكون النقلة الخاصة بالديكور من بيت عربي بسيط إلى مقبرة فرعونية ليست حادة وأن تكون بسيطة وناعمة للغاية، فلو لاحظنا في شوارعنا بمصر سنجد تداخل المباني مع بعضها البعض ولا نشعر بأي غرابة وذلك يمثل تمازج الثقافات بعضها البعض فالعبقرية المصرية تتضح في التنوع الثقافي وفي تقبلنا لثقافة بعضنا البعض.
 - كنت مديرا لفرقة مسرح الميدان فما سبب توقف الفرقة؟
تقدمت بمشروع مسرح الميدان في فترة تولي الدكتور محمد أبو الخير رئيسا لقطاع الإنتاج الثقافي وكان وزير الثقافة آنذاك الدكتور محمد صابر عرب وقد تم قبول المشروع فور تقدمي به، وكان المشروع قائما على فكرة أننا كفنانين في ميدان التحرير وأثناء الثورة وخلال 18 يوما قمنا بعمل مسرح، وأردت أن لا ينتهي المشروع فتقدمت به لقطاع الإنتاج الثقافي وقدمت الكثير من الفعاليات، ما يقرب من 150 فاعلية وقمت بإنتاج خمسة عروض منها فاعلية هامة وهي «رمضان في الميدان» وكانت هناك جماهير غفيرة، وقمت بعمل برتوكولات مع وزارة الإعلام ووزارة التربية والتعليم وقمنا بعمل بعض عروض لمسرحة المناهج بمجهودات ذاتية لمجموعة من الشباب متطوعين حبا في الفن والمسرح، ولكن توقف المشروع واحترمت قرار المسئولين.
 - كنت عضو بلجنة تحكيم مهرجان نوادي المسرح في دورته قبل الماضية، فما انطباعاتك عن هذه التجربة؟
أكثر ما يسعدني هو أن أرى شبابا يمارسون الفن، ولكن الأمر يحتاج إلى مزيد من الرعاية والاهتمام وصقل مواهبهم بعمل مجموعة من الورش محددة الأهداف وتوجيه هؤلاء الشباب لمفردات العمل المسرحي، على سبيل المثال عند اختياره لنص يجب أن يعي ما علاقة النص بالمكان الذي يقدمه فيه، وعلاقته بالفرقة وأن لديه القدرة على توظيف أدواته في صياغة رؤيته وهذا يحتاج إلى التعرف على الأساسيات الهامة في الإخراج.
 - هل نعاني من قلة عدد الكتاب؟
على العكس لدينا عدد كبير من الكتاب العرب والمصريين، لديهم كتابات رائعة ومتميزة وهي تمس واقعنا الراهن، فالظرف الراهن يطرح نفسه ونحن في احتياج شديد لكتابات تحقق تماسا مع هذا الواقع.
 - ما رأيك في المسرح المصري في السنوات الأخيرة؟
منذ عدة سنوات دعوت لإقامة مؤتمر كبير يضم جميع المسرحيين ليتناقشوا في أهم القضايا الخاصة بالمسرح المصري ونقدم حلول لننهض بالمسرح ويجب علينا أن نتعاون ونتكاتف بشكل كبير لندافع عن مهنتنا فالمسرح صناعة هامة يجب أن نكون مؤمنين بأهميتها.


رنا رأفت