فيصل رزق: «حكايات الأراجوز» نص مصري يحمل الطابع الشعبي

 فيصل رزق: «حكايات الأراجوز» نص مصري يحمل الطابع الشعبي

العدد 721 صدر بتاريخ 21يونيو2021

فيصل رزق ، خريج كلية التجارة جامعة عين شمس، و طالب بالمعهد العالي للفنون المسرحية قسم الدراما والنقد. له العديد من الأعمال كدراماتورج منها رغبة تحت شجرة الدردار والغرفة وسبارتاكوس وهبط الملاك في بابل والعش «عن بيت الدمية»، كما حصل على العديد من الجوائز منها أفضل نص مركز ثالث في مسابقة إبداع 2 على مستوى كل المعاهد والكليات المصرية عام 2013 عن نص «المولد» وأفضل نص مؤلف في جامعة عين شمس في نفس العام وعن نفس النص، كما كان ضمن القائمة القصيرة لأفضل 20 نص مسرحي عربي موجّه للبالغين فى مسابقة الهيئة العربية للمسرح عام 2012 عن نص «العهد المفقود»، من أعماله المسرحية المؤلفة: العهد المفقود وسؤال وتائه على خط النار والمولد ومونودراما المفقود ورحلة ورقة وصانع السعادة والبلدة الصامتة ومائدة عيد الفصح، وحكاوى الأراجوز الذي حصل على المركز الأول بجائزة أفضل نص مسرحي في جائزة ساويرس الثقافية في دورتها الـأخيرة، عن الجائزة وأشياء أخرى كان لـ«مسرحنا» معه هذا الحوار.
 

-هل هذه هى أولى مشاركاتك في تلك المسابقة؟ ولماذا تقدمت للمشاركة فيها؟
هذه ليست أول مشاركة لي فى المسابقة، فقد شاركت فيها قبل ذلك منذ ما يقرب من ثلاث سنوات بنص «البلدة الصامتة» ولكن لم يحالفني الحظ وقتها بالفوز، وفي السنتين الماضيتين لم أقدم بسبب مواعيد التقديم، أما هذه الدورة فالتقديم فيها كان أونلاين، وهذا شجعني أكثر على أن أشارك والحمد الله حصلت على المركز الأول بنص «حكاوي الأراجوز».
-حدثنا عن النص .. فكرته ومتى كتبته وظروف كتابته؟
النص يبدأ بفرقة أراجوز «عربة أراجوز بها دميتين» يمتلكها «عربي» وزوجته، يقدمان من خلالها حكاية أبو زيد الهلالي والزناتى خليفة،  تتمرد الدمى على صاحبهم ومُحركهم «عربى» رافضين تقديم  تلك الحكاية، ويخرجون من العربة ويصبحون ممثلين وليسوا مجرد دمى، مع احتفاظهم بملابسهم كدمية أراجوز، ثم يقترحون على «عربى» أن يقدموا حكاية أخرى بعد معرفتهم بالهدف من حكاية «الحواديت» بالنسبة لـ»عربى»، و هو حكى حكايات الأبطال، لتظل بطولتهم و لا تنتهى. أقنعوه أن قصة أبو زيد لن تنتهي وستظل فى ذاكرة الناس، ولكن هناك حكايات وأبطال لا يعرفهم الناس بعد، وبدأو فى حكى حكاية بطل آخر مات وسيرته دُفنت معه، وطلبوا منه تغيير شكل الحكاية وتمثيلهم للحكاية كممثلين من خارج العربة وليس  كدمى داخل العربة.
يبدأون فى حكي  حكاية «الحسين» وهو شاب من العراق جاء إلى مصر ليدرس في الأزهر الشريف، وتدور الأحداث لتظهر الحكاية بعض الصراعات الإنسانية والاختلافات الفكرية، تلك القصة يتخللها بعض الوقفات الكوميدية الساخرة من خلال الممثلين الأراجوزات، وتستعرض الحكاية فكرة اختلاف وجهات النظر دون خلاف، وأن الناس تحارب من أجل القوة والنفوذ والموارد وأشياء أخرى، ولكن لكي يكون الإنسان بطلا شعبيا، يجب أن يُحارب من أجل وطنه، وهنا يطرح العرض أسئلة مباشرة للجمهور من خلال ممثلي العرض: هل الوطن مرتبط بالجنسية فقط؟ أم الوطن هو ما تعيش فيه؟ وماذا يمثل لك الوطن؟ وفى النهاية يعود الممثلين إلى المنصة مؤكدين أن الحب بكل أشكاله هو ما يجعل الإنسان يُحارب من أجل وطنه، ويموت «الحسين» فى نهاية العرض، و يظل خالدا فى ذاكرة الناس من خلال الحكى.
فكرة النص بدأت في كتابتها عام 2020، قبل وباء الكورونا، كنت أبحث عن فكرة نص مصرى يحمل الطابع الشعبي دون أن يحمل معان  سامية فقط، كنت أرغب فى عمق أكثر من ذلك، وفكرة الأراجوز جاءت لي من كون الأراجوز هو بداية الظواهر المسرحية فى مصر والوطن العربي بأكمله، مع خيال الظل، لذلك قررت أن يكون الأراجوز هو وسيلتي فى التعبير حيث اعتمد على الجزء الساخر من الأراجوز للتعليق على الأحداث، وقد تعمدت أن أجعل «عربى» يُكمل حكايات الأراجوز في النص ويتحدث بلسان الأراجوز، وهو لسان الشعب المصري الذى يسخر بقوة من الأحداث، ولأنه من الناس فالناس تصدقه.
-هل سيتم إنتاج «حكاوي الأراجوز» قريبًا على المسرح؟
أسعى لذلك جاهدًا، ولكن حاليًّا ليس هُناك أي مشاريع قائمة لإنتاج العرض بشكل احترافي. ولكن تم عرضه بالفعل كنشاط طلابي فى معهد الفنون المسرحية ضمن المهرجان العربي للمسرح كعرض هواة وليس محترفين، وكان العرض من إخراجي أيضًا.
-هل الجوائز المالية الخاصة بكُتّاب المسرح المصري تحتاج لأن يُنظر فيها بعض الشئ؟
بالتأكيد لأن مسابقات المسرح ليست كثيرة فى مصر، مسابقات المسرح محدودة جدًا، وربما تفتقد القيمة المالية للجائزة، حتى مسابقات المسرح الخارجية «الدولية» هى الأكثر والأشهر، تقريبًا لا يوجد مكان أو مؤسسة ثقافية يقدمون جائزة للمسرح بها دعم مالى جيد مثل جائزة ساويرس الثقافية. لا أعرف جوائز أخرى في مصر خاصة بالتأليف غير جائزة مؤسسة ساويرس وجائزة إبداع التى لا استطيع أن أشارك فيها بسبب أن عمري تعدى السن المسموح لهذه الجائزة، وفعليًّا لا أعرف أى جائزة فى مصر خاصة بالتأليف فقط، غير مرة واحدة فى إحدى دورات المهرجان القومى. للأسف الدول العربية مهتمة بذلك بشكل أكبر بكثير، و مصر تحصل كثيرًا على تلك الجوائز العربية، فعلى سبيل المثال فى العام الماضي فى مسابقة الهيئة العربية للمسرح فى الشارقة، مصر اكتسحت الجوائز الثلاثة الأولى. نحن لدينا مؤلفين جيدين جدًا، ولكن للأسف أعمالهم لا تُنتج، لأن الإنتاج محصور ما بين القطاع الخاص في المسرح الكوميدي، ومسرح الدولة الذى فى الأغلب يكون مقتصرا على مخرجين محددين يعملون على نصوص قديمة ونادرًا ما يتجهون لأخذ نصوص جديدة، ليس لدينا مخرجين كثيرين لديهم الرغبة في أن يجربوا نصوصا لكُتّاب  جدد، نحن كشباب كثيرين جدًا وللأسف لسنا معروفين، ومع ذلك المسرحيون يشتكون دائمًا أن لدينا نقص فى النصوص الجديدة .
-ما رأيك فى المستوى العام للكتابة المسرحية الآن؟ وما رأيك في دورات تعلم الكتابة وما الذي نحتاجه أو نفتقده فيها؟
الكتابة المسرحية فى مصر الآن جيدة جدًا، فكما ذكرت سابقًا لدينا عدد كبير من شباب الكُتّاب المتميزين، حتى مسارح الهواة ممتلئة بنصوص مؤلفين شباب بها أفكار مختلفة عن المسرح التقليدي أو المتعارف عليه، ولكن هذا لا يحدث إلا على نطاق ضيق جدًا ، للأسف لا توجد وسيلة تواصل حقيقية بين الكُتّاب والمخرجين، ففى مسارح الدولة الاعتماد الأكبر يكون على النصوص العالمية أو النصوص المتعارف عليها لكُتّاب كبار مثل توفيق الحكيم وسعد الله ونوس، ومع احترامى الشديد لكل الكُتّاب الكبار، ولكن نحن من نحتاج أن نظهر الآن ونقدم مسرحنا بأفكارنا نحن، لا أعرف أين المشكلة هل المخرجين لا يرغبون فى التعاون مع كُتّاب جدد؟! سؤال يحتاج إلى إجابة حقيقية. أما ورش الكتابة فهي فكرة جيدة جدًا وبخاصةٍ لمن يرغب فى التعلم من البداية، لكي يعرف أن يُكوّن الدراما، ولكن الأهم أن يكون لديه موهبة، لأن للأسف فى كثير من الأحيان ورش الكتابة تتحول إلى «سبوبة» مجرد كسب مادى فقط للمؤلف. يجب أن يكون المؤلفين أُمناء مع المتدربين، فليس عيبًا أو تقليلًا من المُدرب أن يخبر المتدرب أن ليس لديه الموهبة، والمشكلة أنه فيما بعد يخرج المتدرب ويكتب فى سيرته الذاتية أنه قد أخذ دورة تدريبية مع الأستاذ ...الذي قد يكون قامة كبيرة جدًا، وبذلك يُخرج متدربين ينتسبون إليه وهم عديمي الموهبة، مُعتقدين أنهم كُتّاب! ، أتمنى فيمن يقوم بالتدريب فى ورش الكتابة ان يكون أمينا مع نفسه أولًا ويعطى كل ما لديه من معلومات ، وفى نفس الوقت يكون أمينا مع المتدرب، وفى حالة عدم وجود الموهبة ينصحه بأن يختار مجالا آخر، وهذا ليس عيبًا.
-هل لدينا أزمة فى النصوص المسرحية الجديدة؟
لا توجد أزمة ، بالعكس دائمًا أجد مؤلفين كثيرين جيدين في مسارح الهواة، لدينا في قسم النقد والدراما في المعهد مؤلفون جيدون، لدينا أقسام النقد والدراما في كليات مختلفة تُخرج مؤلفين جيدين ومختلفين. ولدينا مؤلفين في مسارح الهواة كثيرين جدًا وجيدين، ولا أدرى لماذا لا يصلون إلى مرحلة الاحتراف؟!.
- ما هى أبرز قضايا ومشكلات الكُتّاب ؟
تظل المشكلة الأكبر للمؤلف المسرحى، أن يُقال أنه غير متواجد، بينما هو حاضر بالفعل، من يقول أن ليس لدينا مؤلفين جُدد، هو الذي لا يبحث عنّا، المخرجون يحتاجون أن يبحثوا عن المؤلفين الجدد، وسيكتشفون أن هُناك مؤلفين كثيرين حصدوا العديد من الجوائز الدولية. نحتاج أن يهتم الإعلام بنا أكثر من ذلك، وأن يكون هناك اهتمام بإظهار مسرح الهواة كي يرى المخرجون أن هُناك مؤلفين مسرح شباب كثيرين متميزين ، يكتبون أفكارا غير تقليدية تستحق أن  تقدم في مسارح الاحتراف.لم أرى مؤلفين جدد قدموا أعمالهم في مسرح الدولة إلا نادرًا. كذلك
للأسف لم يعد هناك حضور لنشر المسرح، على سبيل المثال توفيق الحكيم، كان يكتب مسرحا للقراءة. كما كان الناس يقرأون المسرح، في كتب، أو في أعداد الجرائد مثل «مسرحنا» وهذا كان يحدث فى جميع الجرائد وليس الجرائد المتخصصة فقط كـ»مسرحنا»، كانت المسرحيات تُنشر فى الأخبار وروز اليوسف، في ذلك الوقت كان لدينا مؤلفين مسرح كثيرين مشهورين، لأن الإعلام كان يهتم بهم  و  كان الوسط الثقافي متقبلا الفكرة أكثر من الآن.
- من هم الكُتّاب الذين تأثرت بهم؟
الأستاذ محمود جمال حديني، هو أستاذي وأول من شجعني على الكتابة واكتشف موهبتي، و هُناك العديد من الكُتّاب المصريين والعالمين الذين تأثرت بهم منهم الأستاذ توفيق الحكيم، على الرغم من إن مسرحياته تُقرأ ولا تُمثل، ومن المسرحيين العالمين الذين تأثرت بهم الرائع فريدريش دورينمات، لأن موضوعاته مختلفة، وطريقة كتابته ممتعة.
-ما الجديد لديك الفترة القادمة؟
ليس هناك ملامح واضحة حتى الآن، كلها مشاريع تحت الكتابة، ربما أكثر تلك الأشاء وضوحًا حتى الآن، مشروع فيلم اسمه «ممنوع الدخول» أشارك في كتابته مع المؤلف محمد عبد الله.

 


إيناس العيسوي