د. حسن عطية: نحتاج لرصد علمي دقيق لبانوراما المسرح المصري والتأثيرات المتبادلة بين الفرق

د. حسن عطية: نحتاج لرصد علمي دقيق لبانوراما المسرح المصري والتأثيرات المتبادلة بين الفرق

العدد 568 صدر بتاريخ 16يوليو2018

الناقد الأستاذ الدكتور حسن عطية أستاذ نظريات الدراما والنقد بأكاديمية الفنون، حاصل على دكتوراه فلسفة الفنون عن «المنهجية السوسيولوجية في النقد» كلية الفلسفة والآداب جامعة الأوتونوما، مدريد، إسبانيا. تولى الكثير من المناصب الإدارية منها: عميدا للمعهد العالي للفنون المسرحية، وعميدا للمعهد العالي للفنون الشعبية، ورئيسا للجمعية العربية لنقاد المسرح، ورئيسا لجمعية نقاد السينما المصريين.
التقينا معه بصفته رئيسا للمهرجان القومي للمسرح المصري في دورته الـ11 التي تحمل اسم الكاتب المصري الراحل محمود دياب، وطرحنا عليه بعض الأسئلة حول هذه الدورة، ودور المهرجانات والفعاليات الثقافية وأثرها.
 لماذا تم اختيار اسم الكاتب الراحل محمود دياب لهذه الدورة؟
 لأنه واحد من أهم الكتاب المسرحيين الذين اهتموا بالهوية المصرية في كتاباتهم، وبتجذير المسرح المصري في الأشكال الممسرحة، مثل السامر الذي قدم فيه مسرحيتين مهمتين، ليالي الحصاد والهلافيت، وبالإضافة لكونه واحدا من أهم كتاب الستينات والسبعينات، فقد كانت له نظرة تنبؤية بالمستقبل، مثل (أهل الكهف) التي تنبأ فيها بعودة الإقطاع والرأسمالية للمجتمع المصري مرة أخرى.

 كيف ترى تأثير الفعاليات الثقافية والفنية بشكل عام والقومي للمسرح بوجه خاص؟
الإجابة على هذا السؤال لها نظرتان: النظرة الأولى تتعلق بمدى تأثير هذه الفعاليات على الجمهور المشاهد، والنظرة الثانية هي تأثير المهرجان على الحركة المسرحية بعد انتهاء الفعالية أو المهرجان، وفيما يخص الشق الأول بدأنا في العام الماضي بعمل استطلاع رأي يومي لجمهور المهرجان القومي، كُلف به المركز القومي للبحوث الاجتماعية واستهدف عينة ثابتة من كل مسرح من المسارح التي تقام عليها عروض المهرجان للكشف عن علاقتها بالمسرح، كذلك تلعب المهرجانات والفعاليات الفنية والمسرحية بوجه خاص دورا كبيرا في إتاحة فرصة التواصل والاحتكاك بين الفنانين وبعضهم البعض كأن تشاهد فرق الجامعة والفرق المستقلة عروض البيت الفني، وفرق الثقافية الجماهيرية، والعكس بالطبع، أو أن تشاهد فرق الأقاليم العروض التي تقدم بالعاصمة والمؤسسات المختلفة الأخرى، وهو ما يشكل نوعا من الحراك الفني والتأثير المتبادل بين العروض بعضها البعض، كما يستثير الغيرة الفنية التي تجعل الفنان خاصة في الأقاليم يدرك مدى ما يحققه من إنجاز فني حقيقي بالقياس إلى ما يقدمه.
أما النظرة الثانية فهي تحتاج لرصد علمي دقيق من أجل الكشف عن هذا التجمع الذي يقدم صورة بانورامية للمسرح المصري والتأثيرات المتبادلة بين الفرق ومدى تأثيرها في الواقع المسرحي بأكمله.

 كيف يمكن قياس هذا الأثر بشكل علمي؟ وكيف يمكن الوصول بهذه الفعاليات لتحقيق أفضل نتائج؟
يمكن قياس هذا الأثر عن طريق استطلاعات الرأي المباشرة، وهناك طرق كثيرة لتحقيق ذلك منها تحقيق التبادل بين العروض المختلفة بمعنى المسرح الجامعي على سبيل المثال يقدم عروضا جيدة، لكنها تعرض ليلة واحدة، فإذا كان في الإمكان تقديم هذه العروض في قصور الثقافة ومسارح البيت الفني، ونفس الأمر بالمثل أن تقدم عروض البيت الفني وعروض الثقافة بالجامعات والأقاليم المختلفة مما يحقق نوعا من الرؤية الشمولية لحركة المسرح ويعمل على تطوير كل عناصر العرض المسرحي من نص درامي وإخراج مسرحي وسينوغرافيا.. إلخ.

 ما الجديد في هذه الدورة؟
نقدم ضمن فعاليات هذه الدورة ولأول مرة ملتقى مسرح الطفل الذي تديره الفنانة عزة لبيب، وذلك داخل قسم (نظرة ما) وهو القسم الذي تم استحداثه من العام الماضي لإلقاء الضوء على عروض بعيدة عن التسابق الرسمي داخل المهرجان، والذي قدم في الماضي بعض نماذج من عروض مسرح الشارع، ويقدم هذا القسم هذا العام سبعة عروض مسرحية للطفل متنوعة بين البشرية والعرائسية، اثنان منهما من القاهرة يقدمها المسرح القومي للطفل وبقية العروض من الأقاليم.
كذلك يقام أيضا لأول مرة ضمن فعاليات المهرجان ورشة إبداعية للدراما والتمثيل والإضاءة، يشارك بالتدريب فيها كل من د. نبيلة حسن، وعمرو عبد الله، وياسر علام، وتقام على مسرح المعهد العالي للفنون المسرحية.

 كيف يتم اختيار المتدربين داخل هذه الورشة؟
تم اختيار 15 متدربا من الفائزين في مهرجان نوادي المسرح والمهرجانات الإقليمية لفرق الثقافة الجماهيرية لكي نعمل على تطوير أدواتهم وإتاحة الفرصة لهم بالوجود في القاهرة لمدة 15 يوما لمتابعة عروض المهرجان تقديرا لتميزهم.

 كم عدد العروض المتنافسة على جوائز المهرجان هذا العام؟
تم دمج قسم العروض المختارة مع قسم المسابقة الرسمية لتصبح جميع العروض داخل التسابق الرسمي ويصل عددها إلى 37 عرضا.

 ما المعايير التي يتم من خلالها اختيار لجنة مشاهدة عروض الجامعات والفرق الحرة والمستقلة وغيرها؟
تم تشكيل هذه اللجنة وفقا لعدة معايير منها: أن تكون العناصر المختارة غير منخرطة في العمل التنفيذي داخل الحركة المسرحية، وأن تكون أسماء جديدة تضاف للعناصر الموجودة، بالإضافة إلى معرفتها بالمسرح معرفة دقيقة مصقلة بالدراسة الأكاديمية.

 ما أبرز أسماء هذه اللجنة التي كونت وفقا لهذه المعايير؟
تم تشكيل هذه اللجنة وفقا لهذه المعايير باختيار د. مدحت الكاشف الأستاذ بقسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وعضوية كل من الناقد عبد الرازق حسين، د. لمياء أنور، والفنانة وفاء الحكيم، والناقدة مروة الجبالي.

 كم عرضا مسرحيا اختارته اللجنة؟
 اختارت اللجنة 7 عروض من الفرق المستقلة، 6 عروض من الجامعة، وعرضا من بنك مصر.

 ما الهدف من مسابقة المقال النقدي المستحدثة من العام الماضي؟
 أرى أن العرض المسرحي غير ذي فعالية إلا بوجود الناقد، وبالتالي استحدثنا هذه المسابقة العام الماضي وهي تخضع لنفس شروط المهرجان بأن يقدم الناقد مقالا نشر له في الفترة من 15 مايو 2017 إلى 15 مايو 2018.

 ما أبرز المحاور الفكرية المطروحة ضمن الملتقى الفكري الذي ينظمه المهرجان ضمن فعالياته في هذه الدورة؟
ينظم المهرجان ملتقى فكريا ضمن فعالياته يديره أ. أحمد هاشم وقد خصص له أربعة محاور أساسية: المحور الأول مسرح الطفل، والمحور الثاني الكتابات الجديدة، والمحور الثالث عن اسم الراحل محمود دياب الذي تحمل اسمه دورة هذا العام، والمحور الرابع حول المسرح السوداني، ضيف هذه الدورة.

 أيهما أهم من وجهة نظرك التمثيل القومي داخل المهرجان لجميع الجهات المعنية بإنتاج المسرح أم الجودة الفنية للعروض بغض النظر عن جهات إنتاجها؟
 بالنسبة لي أرى أن الجودة والتميز هما الأهم لكن إن كانا هما المعيار الوحيد بالطبع سيؤدي ذلك في النهاية إلى عدم تقديم بانوراما كامله للمسرح المصري، لذلك فالمهرجان القومي يتيح الفرصة للتمثيل النسبي للمسرح المصري كمحاولة لرؤية عروض الجمعيات والجامعات والفرق الحرة والمستقلين والثقافة الجماهيرية، ونقوم على اختيار المتميز في كل منها، وفي الوقت نفسه نميل إلى فكرة الجودة والتميز بالطبع لأنه «مهرجان» وليس معرضا للعروض وكل فرقة تدخل المهرجان من أجل التسابق والفوز وليس من أجل تقديم عرضها فقط.

 كيف تتم الدعاية للمهرجان ومن هو الجمهور المستهدف؟
 الجمهور المستهدف هو الجمهور العام، الذي نحرص على وجوده، أقصد جمهور مغاير أو مضاف إلى الشرائح التقليدية التي نشاهدها، وتتم الدعاية للمهرجان عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر مجموعة الصحف المختلفة المطبوعة أو الموقعية، بالإضافة إلى لافتات في الشوارع.

 ما المعوقات التي تواجهك في إدارة المهرجان؟
 دعنا نتحدث عن المعوقات بعد انتهاء المهرجان لأن ذلك هو ما سيكشف لنا إمكانية إزالة المعوقات الإدارية أو التقنية أو المادية.

 كم تصل ميزانية المهرجان هذا العام؟
 في العام الماضي كانت ميزانية المهرجان مليون و300 ألف جنيه، فطلبنا دعما من الوزارة هذا العام فارتفعت الميزانية إلى مليون و550 ألف جنيه.

 أمنياتك وطموحاتك للمهرجان في دورته القادمة وللمسرح المصري بوجه عام؟
 أتمنى نجاح المهرجان وأن يحقق أهدافه التي نأملها وللحركة المسرحية أن تهتم اهتماما حقيقيا بإبداعاتها، فليس بالجوائز وحدها يتقدم المسرح، لأنه في النهاية لجان المشاهدة والتحكيم تمتلك وجهات نظر قد تتفق أو تختلف نتيجة نقص المعرفة المسرحية، أو بمعنى أدق المعرفة التراكمية، فأي تطور في الحياة الثقافية لا يتم عبر القطيعة المعرفية بين الأجيال، وإنما لا بد من التواصل والتحاور والاختلاف في ظل رؤية كاملة أننا نصنع مسرحا مصريا.
 


عماد علواني