مخرج عرض «أفراح القبة» يوسف المنصور: المسرح أكثر مناسبة للرواية من السينما والتلفزيون

مخرج عرض «أفراح القبة»  يوسف المنصور: المسرح أكثر مناسبة للرواية من  السينما والتلفزيون

العدد 655 صدر بتاريخ 16مارس2020

عندما أدرك محمد يوسف المنصور ما يرنو إليه وحدده ، تقدم  بحب  ووعي بهويته وبمجتمعه نحو ما ينوي تقديمه، بقلم مغامر وإيديولوجية  مخرج  تتسم بالجرأة  وتتحلى  بدراسة أكاديمية  وروح عاشق حقيقي،  محددا  جمهوره وقد آمن  بدوره. طرق  المنصور أبواب عالم  أستاذنا الكبير الأديب  نجيب محفوظ لينتقي من رواياته «أفراح القبة». ويقرر أن  يقدمها  مسرحيًا،  وقد أحبها منذ قراءته الأولى لها  وقرر أن يخوض بها مغامرته الفنية الأولى في البيت الفني للمسرح .. وحولها كان لنا معه هذا اللقاء معه.
حدثنا عن بداية الرحلة وكيف ولجت إلى عالم المسرح ؟
حين كنت طفلًا كنت أعشق كثيرًا مشاهدة التلفاز، واعتدت الجلوس أمامه لفترات طويلة حتى أدمنته وتسبب ذلك في ضعف بصري، وبعد الثامنة من عمري اصطحبني أحد الأساتذة لأشارك ممثلا بأحد عروض المسرح المدرسي،وتكرر ذلك، بينما حلمت وقتها أن أكون طيارًا، غير أني أحببته وسمعت كلمات استحسان كثيرة و اصطُحبت مرات ومرات في طفولتي لأشارك بعروض بالمدارس والثقافة الجماهيرية، فأحببت ذلك كثيرًا وبدأ الشغف يتسلل بداخلي نحو المشاركة أكثر حتى التحقت بكلية الهندسة و كنت قد حملت إليها حلمي نحو التمثيل وتمنيت تحقيقه .
- وماذا خلالها لتحقيق حلمك ؟
التحقت بالهندسة احترامًا لرغبة أسرتي لكني اخترت جامعة القاهرة قصدًا مني لكونها العاصمة ومركز الفنون، وانتفض حلم التمثيل بداخلي وكبر منذ أيامي الأولى بالجامعة وكنت أظل بقاعة بروفات المسرح أكثر مما أحضر المحاضرات بالكلية، وأعد المسرح الجامعي هو بداية الطريق حيث كنت عضوًا بفريق المسرح بالكلية لسبع سنوات، شاركت خلالها بالتمثيل والإخراج، والكتابة وكنت رئيسًا للفرقة وحصلت على العديد من الجوائز من (2006 وحتى 2013)، كما شاركت مع منتخب الجامعة الذي حصد المركز الأول لأفضل عرض مسرحي على مستوى الجمهورية 2008 وكنت رئيسًا لفرقة الأمل المسرحية الحرة التي حازت العديد من الجوائز في مهرجانات عديدة من 2009 حتى 2016،كما كنت أشارك في العديد من المسرحيات بالتمثيل والإخراج والتأليف في الثقافة الجماهيرية والمهرجانات المختلفة حتى سنواتنا الأخيرة، ومع حبي الكبير للمسرح كنت أسعى أيضًا للنجاح والتميز بالدراسة فحصلت على بكالوريوس الهندسة من الجامعة عام 2013 بتقدير، ثم أسرعت للتقديم للدراسة بالمعهد العالي للفنون المسرحية قسم التمثيل والإخراج عام 2014 وأستكمل حاليًا دراستي بالمعهد .
حاصد للجوائز
تعددت مشاركاتك بالمسرح حدثنا عن حصادك عن هذه المشاركات ؟
إن سعادة الجمهور أهم وأكبر حصاد لي، أما عن الجوائز فقد فزت عن مسرحية « الأفاعي « بجائزة أفضل مخرج، وفازت بالمركز الثاني بمهرجان جامعة القاهرة للعروض القصيرة 2013، و2014 و حصدت « الأفاعي» أيضًا المركز الثالث بمهرجان ساقية عبد المنعم الصاوي، و المركز الأول بمهرجاني المسرح العربي، وآفاق مسرحية، وفزت بجائزة أفضل مخرج بالمهرجانين، كما فزت بجائزة أفضل مخرج عن « الدخان « بمهرجان مركز الإبداع الفني بالأوبرا وحصد العرض المركز الأول، وفي عام 2016 حصدت جائزة أفضل مخرج عن « ساحرات سالم « بمهرجان جامعة القاهرة للعروض الطويلة، وجائزة أفضل مخرج بمهرجان المسرح العربي (زكي طليمات) بالمعهد العالي للفنون المسرحية،وفي 2017 قدمت عرض « طقوس الإشارات والتحولات « بمهرجان المسرح العربي (زكي طليمات)، وحصد المركز الأول بالمهرجان، و كذلك المراكز الأولى للأفضل في التمثيل والديكور والموسيقى والإخراج، وعندما شارك العرض بمهرجان إبداع (5) فاز بالمركز الأول وحصد جوائز أفضل ديكور وأفضل ممثل وأفضل مخرج،وبدورة المهرجان القومي للمسرح المصري 2017 ترشح العرض لجائزة أفضل عرض بالمهرجان ولأفضل موسيقى، وحصد جوائز أفضل ممثل و ممثلة وشهادة تميز، وحصلت عنه على جائزة أفضل مخرج صاعد بالمهرجان، كما شارك العرض بمهرجان نقابة المهن التمثيلية بنفس العام فحصد المركز الأول وجوائز الأفضل في التمثيل دور أول ودور ثان ( نساء / رجال )، وترشح نفس العرض بمهرجان الكويت الدولي للمسرح الأكاديمي 2017 لجائزة أفضل عرض وأفضل مخرج، وحصد جوائز أفضل ممثلة وأفضل ممثل وأفضل موسيقى وأفضل ممثل دور ثان .
- في البدء كان التمثيل، حدثنا عن أهم محطاتك معه، وهل مازلت تشارك كممثل مسرحي ؟
أشارك دائمًا كممثل منذ بدأت وسأستمر في ذلك، وقد حصلت على العديد من شهادات التقدير عن الأداء المتميز بمهرجانات عديدة بجامعة القاهرة منها عن مسرحيات « هبط الملاك في بابل «، « إكليل الغار»، و» صاحب السعادة « كما حصلت على المركز الأول كأفضل ممثل لمرات كثيرة منها عن أدواري في مسرحية « موعد مع الحسناء « 2010،وفي 2012 عن « انسوا هيروسترات « و 2013 عن مسرحية « بيكيت «، وعن دوري في مسرحية « الدخان « بمهرجان مركز الإبداع الفني بالأوبرا عام 2014، و بالمعهد العالي للفنون المسرحية فزت بجائزة التمثيل 2016 عن مسرحية « الظلمة «، و2017 عن « ساحرات سالم «،و2018 عن « الموت والعذراء «، و2019 فزت بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في المهرجان العربي « زكي طليمات « عن دوري في « أغنية على الممر « كما ترشحت في نفس الدورة لجائزة أفضل ممثل بالمعهد العالي للفنون المسرحية عن دوري في « وليمة عيد «،وحصدت بنفس العام جائزة التمثيل بالمهرجان العالمي للمعهد عن دوري في «عطيل يعود « كما شاركت كممثل بالعديد من الأفلام الروائية القصيرة والطويلة، والفيديو كان آخرها « الكبريت الأحمر « الجزء الثاني ومسلسل « الحرباية « .
- وماذا عن تجاربك مع الكتابة المسرحية ؟
في مهرجانات المسرح بجامعة القاهرة حصلت عام 2013 على جائزة أفضل إعداد لنص مسرحي عن « الأفاعي «،و في 2015 حصدت جائزة أفضل مؤلف مسرحي عن «مارلو»، وبمهرجان العروض الطويلة 2016 حصلت على جائزتي المركز الأول كأفضل دراماتورج عن إعداد مسرحية « ساحرات سالم «، و أفضل مؤلف عن « أطلانتس» لفرقة كلية الحقوق بالجامعة، وفي 2019 حصدت جائزة أفضل إعداد درامي بمهرجان ساقية الصاوي عن مسرحية « الدخان».
عالم المسرح الخاص
- تقدم « أفراح القبة « للأديب الكبير « نجيب محفوظ « لماذا اخترت هذه الرواية وما هي أهم التحديات التي واجهتك عند تقديمها ؟
بعد فوزي بجائزة الإخراج بالقومي 2017 وكنت أدرس بالعام الثاني بمعهد الفنون المسرحية وجهني مدير مسرح الشباب المخرج عادل حسان نحو تجهيز نصًا، وحينذاك كانت لدي فكرة نص مسرحي آخر، وتوجهت لأحد المؤلفين الشباب ليكتبها لكن حال انشغالنا دون ذلك وكنت قد قرأت « أفراح القبة « من قبل وأحببتها كثيرًا وآمنت بفلسفتها وتمنيت تقديمها مسرحًيا يومًا ما لأنها تخص هذا العالم الخاص، و رأيت أن المسرح أكثر ملاءمة لها، ففكرت في ذلك ولما كانت لي تجارب سابقة بالكتابة والإعداد قررت أن أشرع في تحويل الرواية لنص مسرحي، وتقديمه بمسرح الشباب، وبدأت الكتابة بداية 2018، وكان الانتهاء من النص هو التحدي الأول والأكبر لي حينذاك، وأعد هذه التجربة أكثر تجاربي إرهاقًا منذ بدأت الكتابة للمسرح وقد وصلت عدد النسخ عن الرواية قبل نص العرض الأخير 12 نسخة مختلفين عن بعضهم البعض، وقدمت العديد منها للمخرج عادل حسان وفي كل مرة أعود لنفسي لأكتب من جديد إعدادًا آخر حتى انتهيت من النص الأخير.
- لماذا اتجهت لمسرحة الرواية بدلًا من تقديم نص مسرحي، وكيف تفسر اتجاه كثير من المسرحيين لذلك في السنوات الأخيرة؟
فن الرواية يأسرني بما تحمله من تفاصيل وأعده عالمًا ممتلئ بكل أبعاد الشخصية الدرامية و الاجتماعية والنفسية، والاقتصادية، والرواية قادرة على الغوص بقوة في النفس البشرية عن غيرها من فنون الكتابة وتطرح الأفكار بوضوح، خاصة لدى المؤلفين الكبار في مقدمتهم الأديب نجيب محفوظ، و الرواية تجبر كاتبها أن يستطرد بقلمه في تحليل شخصياته والكتابة باستفاضة كيفما يشاء لأنها لا تلزمه بعدد محدد من الصفحات، وهذا ما دفعني لأن اتجه لتقديم الرواية،وخصوصًا “أفراح القبة” لفلسفتها، ورؤيتها وهي التي تحتاج إلى إعداد جديد واع لتلائم زمننا المعاصر ومشكلاته، خاصة وأن غالبية نصوص المسرح الحديثة تتسم بسطحية ومباشرة غير قادرة على تقديم مشكلاتنا برؤية حقيقية وعميقة ولا تماثل الرواية، وغالبية المؤلفين الحاليين تفتقر كتاباتهم لتناول الشخصية الدرامية بأبعادها كاملة في شبكة العلاقات الاجتماعية بالنص.
- هل كانت هناك تحديات أخرى واجهتك بعد الانتهاء من النص و قبل تقديم « أفراح القبة « للجمهور ؟
نعم، ولقد حوصرت بالعديد من التحديات بداية لكونها أول مسرحية لي بالبيت الفني، وأني من قمت بإعداد الرواية للعرض وأنها قُدمت بعد قراري بتحويلها بأشهر قليلة بالدراما التلفزيونية المصرية وبفريق عمل متميز، فكان اختيار فريق الممثلين للعرض أول تحد بعد النص، وأكثر ما أرهقني عند التفكير فيه وتوقفت كثيرًا عنده وتحوفت من قيام الجمهور بعقد مقارنات بين نجوم المسلسل والممثلين بالعرض، بينما عناصر العرض الأخرى تأتي أهميتها بعد الممثل ذاته. فكان علي الحذر و اختيار ممثلين أكفاء متميزين وعلى قدر كبير من المسؤولية، وحاولت أن ننأى عن تجسيد الشخصيات مثلما في بالدراما التلفزيونية، اعتمادا على الصدق، و هو ما سيصل للجمهور وليس التقليد وتحقق ذلك . وكان هناك تعدد المكان الدرامي وقد كنت أدرك أنه ينقل سينمائيا أسهل من المسرح، فكنت أضع حلولًا له بالإضاءة التي شكلت عنصرًا هامًا، واختزلت أماكن درامية كان يصعب نقلها، فالمسرح يلزمه التكثيف والاختزال عن عالم السينما وهي الأكثر ملاءمة لتقديم الأماكن الدرامية بالرواية .
- ما خطتك التي وضعتها لتصل أفكار العرض للجميع ؟
بعقيدتي المسرحية أؤمن أن المسرح للجمهور وهذا أهم هدف يجب أن يسعى إليه جميع صناع أي عرض مسرحي وخاصة المؤلف والمخرج، فلا يجب أن يوليا اهتمامها فقط للنخبة أو المثقفين والفنانين والأدباء، ظنًا بأن هذا يعد سعيًا للارتقاء بالفن، لذا حاولت جاهدًا أن أقدم فلسفة محفوظ وشخصياته الثرية وقالبه السحري للحكاية بلسان الرواة، محيطًا العرض بالقالب البوليسي و التساؤل المستمر من القاتل ؟ ليواصل الجمهور متابعته بشغف دون ملل حتى النهاية ويستمتع رغم تراجيديا العرض وقضيته التي حملت مآسي عديدة.
- إلى أي اتجاه ستتوجه في رحلتك القادمة : التمثيل أم الإخراج أم الكتابة ؟
سأهتم جاهدًا أن أشارك كممثل مسرحي ثم الكتابة للمسرح وكذلك للدراما التلفزيونية، خاصة أني أؤمن أن الإخراج لا ينبغي أن نُقدم عليه دون أن يكون لدينا قضية أو هم كبير، ومن ثم أبحث عن نص أو أتجه لكتابتها إن لم أجد نصًا مناسبًا، الإخراج ليس مهنة ووظيفة، بينما التمثيل مهنة يتميز فيها البعض عن الآخر ولذا يرشح الممثل للأدوار يقبلها أو يرفضها، والكتابة هي نقل ما نحمله من أفكار نسعى لتقديمها.
- عملت بالمسرح الجامعي، كيف ترى دوره في الحركة المسرحية؟
يبرز قيمة المسرح الجامعي في الإعداد والتحفيز وسيظل تعليميًا هدفه الأساسي والرئيس مشاركة الطلاب وتنمية مهاراتهم خصوصًا الموهوبين، وقد نشأنا في السابق على ذلك، لقد تعلمت الكثير من أستاذي حسين محمود بمسرح كليتي بالجامعة ؛غير أن بمتابعتي المستمرة في الآونة الأخيرة أرى ضعفًا في العروض، وتحول هدف كل من يشارك فيها هو الفوز وحصد المراكز فقط، ونلحظ هذا بوضوح عندما نتابع عروض المهرجانات الطلابية التي يخرجها أحد الطلاب فلنلحظ فروقا كبيرة بين تجربة المخرج من خارج الكلية والمخرج الطالب.. لقد كان مخرج الجامعة معلمًا ومدربًا واعيًا يشارك في إعداد الطلاب ثقافيًا وفنيًا ولا يقتصر تواجده بالجامعة لإنتاج عرض للمنافسة فقط كما يحدث في السنوات الأخيرة .
- هل هناك قضايا تشغلك وتنوى تقديمها في عرض مسرحي جديد ؟
نعم ووقع اختياري على أحد الروايات الحديثة التي طرحت بالأسواق منذ عامين تقريبًا، وأعجبتني وأنوي تقديمها عن قريب بعد أن أقوم بكتابة النص، وأتمنى دومًا أن أصل بما أقدمه  للجمهور  بكل فئاته وأن يسعد بما أقدمه دائمًا .


همت مصطفى