ملك الجمل   خالتي بمبة الثرثارة

ملك الجمل   خالتي بمبة الثرثارة

العدد 565 صدر بتاريخ 25يونيو2018

الفنانة القديرة ملك عبده محمد الجمل (الشهيرة بملك الجمل) ورغم طيبة قلبها وحبها للجميع وتمتعها بروح الفكاهة والدعابة، فإن ملامحها الحادة القاسية جعلت منها شخصية محورية في أداء أدوار الشر وخصوصا بالأفلام السينمائية، فهي تعد من أبرز فنانات السينما المصرية الذين لمعوا في أداء أدوار الشر التي انطبعت في وجدان المشاهدين، ولعل ملامحها التي تبدو قاسية ونظرات عينيها الحادة الثاقبة جعلت منها خامة فنية جيدة للمخرجين الذين قاموا بتوظيفها لأداء تلك الأدوار التي نجحت في تجسيدها بحرفية شديدة للدرجة التي جعلت المشاهد يمكن أن يكرهها بمجرد النظر إليها، فوجهها المنحوت بملامح الشر، وعيناها الواسعتان اللتان حددھما «الكحل» ضاعفوا من تأثير نظراتها الثاقبة، وثغرها المفعم بضحكات الشر، كل تلك المواصفات أهّلت صاحبتها لتجسيد أدوار المرأة الشريرة باقتدار في السينما المصرية، خلال فترة خمسينيات وستينيات القرن الماضي،
 لم ينافسها في أداء أدوار الشر تلك سوى عدد قليل جدا من الفنانات في مقدمتهن كل من: نجمة إبراهيم، زوزو حمدي الحكيم، علوية جميل، زوزو نبيل، نعيمة الصغير، وبدرجة أقل كل من الفنانات: سامية رشدي، زوزو ماضي، عايدة عبد العزيز، زوزو شكيب. ورغم قدرة الفنانة المتميزة ملك الجمل على تجسيد دور المرأة الطيبة، فإن رغبة المخرجين في حصرها بأدوار الشر، كانت أقوى من رغبتها، فالتصق بها هذا النوع من الأدوار حتى وفاتها. ويجب التنويه في هذا الصدد إلى أن عددا كبيرا من المخرجين قد حرصوا على إسناد أدوار الشر إليها خاصة بعدما نجحت في تجسيد شخصية «حكمت» القاتلة بالفيلم الشهير «الشموع السوداء» ببراعة وحرفية كبيرة، ومع ذلك فقد تنوعت أدوارها في إطار المرأة الشريرة كثيرا بعد ذلك فجسدت أدوار زوجة الأب قاسية القلب أو الزوجة أو الحماة قوية الشخصية، أو المرأة العانس الحقود التي تتسم جميع تصرفاتها بالغل والغيرة.
وبجانب أدوار الشر نجحت وتميزت أيضا في تجسيد أدوار بنت البلد خفيفة الظل التي تتسم بالحيوية، أو المرأة الشعبية سليطة اللسان التي حققت شهرة كبيرة من خلالها، وأوضح مثال لذلك تألقها من خلال شخصية «خالتي بمبة» المرأة الثرثارة التي جسدتها لسنوات طويلة ببرنامج «عيلة مرزوق أفندي» بالإذاعة المصرية (فيما لا يقل عن سبعة عشر عاما)، واستطاعت أن تبرز بسخرية كثيرا من العادات السيئة التي يجب مواجهتها وتقويمها، وأن تكشف وتلقي الضوء أيضا على كثير من السلبيات التي يجب إصلاحها.
والفنانة ملك الجمل من مواليد 29 يناير عام 1929 بمحافظة بورسعيد، وقد التحقت أولا بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب، ثم بعد ذلك بالمعهد العالي للتمثيل (المعهد العالي للفنون المسرحية حاليا)، ورغم عدم استقرارها بالقاهرة فإنها استطاعت التخرج فيه بنجاح عام 1950، بحصولها على درجة بكالوريوس قسم التمثيل ضمن دفعة من الموهوبين الذين نجحوا في تحقيق نجوميتهم بعد ذلك (ومن بينهم الأساتذة: علي الغندور، عبد الحفيظ التطاوي، نور الدمرداش، أحمد سعيد)، ومن خلال المعهد تتلمذت على يد نخبة من كبار الأساتذة ومن بينهم الأستاذ الجليل د. زكي مبارك، والرائد زكي طليمات.
انضمت الفنانة ملك الجمل فور تخرجها إلى فرقة «المسرح المصري الحديث» التي أسسها الرائد زكي طليمات من طلبة وخريجي المعهد العالي للتمثيل. ويذكر أنها قدمت عددا كبيرا من الشخصيات الدرامية الثرية من خلال انضمامها إلى الفرقة المصرية الحديثة (فرقة «المسرح القومي» حاليا) منذ عام 1954، كما سافرت مع عميد المسرح العربي يوسف وهبي إلى (باريس) لإعادة تقديم بعض المسرحيات المتميزة من ريبرتوار فرقة «رمسيس»، فشاركت معه في تجسيد ثلاث شخصيات درامية رئيسية في مسرحيات: «أولاد الشوارع»، و«أولاد الذوات»، و«أولاد الفقراء».
وقد بلغت مسيرتها الفنية ما يقرب من ثلاثين عاما من الإبداعات والإنجازات الفنية (حيث رحلت عن عالمنا في 23 ديسمبر 1982) قدمت خلالها عددا كبيرا من الأدوار المتنوعة بمختلف القنوات الفنية (السينما المسرح الإذاعة التلفزيون). حيث تنوع مشوارها الفني فتألقت على خشبة المسرح في مسرحيات: سكة السلامة، ملك الشحاتين، السلطان الحائر، بلاد برة، بير السلم. ويذكر أن بداياتها الفنية أثناء مرحلة الدراسة كانت من خلال ميكروفون الإذاعة، فقد التحقت بالإذاعة أولا ثم عملت بالمسرح، وتعد شخصية «خالتي بمبة» في الإذاعة هي الشخصية الفاصلة والأشهر في حياة الفنانة ملك الجمل، التي أدتها ببراعة في منتصف الستينات من القرن الماضي، والاسم الذي أصبح يطلقه الكثيرون الآن على الشخصية الثرثارة التي تتدخل فيما لا يعنيها. وقد واظبت على تقديمها لمدة سبعة عشر عاما مع الفنان الراحل رأفت فهيم (الذي كان يجسد شخصية “أبو سيد”)، وكانت بداية الشخصية تقديمها ضمن فقرات برنامج «ربات البيوت» بالبرنامج العام للإذاعية القديرة صفية المهندس، وبالتالي يحسب للفنانة ملك الجمل أيضا فضل استمرار المسلسل العائلي المتميز «عائلة مرزوق أفندي» طوال هذه المدة.
كما مثلت وتألقت في السينما مع كبار نجوم السينما، ومثال لذلك تألقها في دور المرأة القوادة أمام شفيقة (النجمة سعاد حسني) في فيلم «شفيقة ومتولي». وكذلك تألقها بأداء بعض الشخصيات الدرامية المؤثرة في أفلام: «المغنواتي»، «المستحيل»، «الطريق المسدود»، «ريا وسكينة». وبصفة عامة نجحت الفنانة ملك الجمل في تمثيل أدوار المرأة الشعبية طويلة اللسان، المرأة الريفية، بنت البلد خفيفة الظل، الخاطبة بكل ما تتصف به من حيوية وفهلوة، بالإضافة إلى تجسيد شخصية الزوجة القوية وعرة الطباع، وهي تقريبا الشخصيات التي قدمتها بنجاح من خلال مشاركاتها التلفزيونية المختلفة ومن أهمها مسلسلات: الضحية، الساقية، أم العروسة، أوراق الورد، عيلة الدوغري، القضية 80.
وقد توفيت عن عمر 53 عاما، في 23 ديسمبر 1982.
هذا ويمكن تصنيف مساهماته الفنية طبقا للتابع الزمني ولاختلاف القنوات الفنية كما يلي:
أولا: مشاركاتها السينمائية
لم تمنح السينما فرصة البطولة المطلقة لهذه الفنانة القديرة، ولكنها على الرغم من ذلك شاركت بأداء بعض الأدوار الرئيسة والأدوار الثانوية فيما يقرب من ثلاثين فيلما، ولا يمكننا أن ننسى تألقها في فيلم “الشموع السوداء» الذي جسدت خلاله شخصية «حكمت» المربية الشريرة القاتلة، أو بفيلم «إسماعيل يس» في الأسطول حيث جسدت شخصية الخاطبة المتآمرة مع والدة العروس (زينات صدقي) لتزويجها من المعلم عباس الزفر (محمود المليجي) على غير رغبة العروس نادية (زهرة العلا) ووالدها المعلم حنفي (عبد الوارث عسر)، وأيضا تجسيدها لدور الحماة الغيورة خفيفة الظل التي تريد إفساد زيجة ابنها في فيلم «أم العروسة»، أوالعمة المادية البخيلة المسيطرة التي تحاول السيطرة على أملاك بنات أخيها في فيلم «نادية»، وكذلك تجسيدها لشخصية المدرسة المسترجلة التي تصر على ارتداء رباط عنق الرجال وتتحرش لفظيا بزميلتها بفيلم «الطريق المسدود»، كما أجادت أيضا تجسيد شخصية الزوجة الطيبة التي تحاول إنجاح حياتها في فيلم «رصيف نمرة 5» مع الفنان فريد شوقي.
وتضم قائمة أفلامها السينمائية مجموعة الأفلام التالية: طيش الشباب، خد الجميل (1951)، ريا وسكينة، زمن العجايب (1952)، كأس العذاب، عبيد المال (1953)، كدبة أبريل (1954)، الله معنا، المطلقات (1955)، رصيف نمرة 5 (1956)، إسماعيل يس في الأسطول، حياة غانية (1957)، الطريق المسدود، بنت 17، ليلة رهيبة (1958)، بلا عودة (1961)، الشموع السوداء، الأخوة الأصدقاء (1962)، أم العروسة (1963)، المستحيل (1965)، شيء في حياتي، تفاحة آدم، الحياة حلوة، فارس بني حمدان (1966)، 3 قصص، حواء على الطريق، ثلاث قصص، ثلاث نساء (1968)، نادية (1969)، ورد وشوك (1970)، حكاية بنت أسمها مرمر (1972)، المطلقات (1975)، الرسالة (1976)، شيلني وأشيلك، بص شوف سكر بتعمل إيه (1977)، شفيقة ومتولي، رحلة داخل امرأة (1978)، انتبهوا أيها السادة، ولا يزال التحقيق مستمرا (1979)، مسافر بلا طريق، المغنواتي، الأقوياء (1980)، وذلك بالإضافة إلى فيلم قصير بعنوان: حلم فنان.
ويذكر تعاونها من خلال مجموعة الأفلام السابقة مع نخبة من كبار المخرجين الذين يمثلون أكثر من جيل ومن بينهم الأساتذة: أحمد بدرخان، نيازي مصطفى، هنري بركات، عز الدين ذو الفقار، السيد بدير، أحمد كامل مرسي، عبد القادر التلمساني، عباس كامل، حلمي حليم، محمد عبد الجواد، صلاح أبو سيف، فطين عبد الوهاب، حسن الإمام، عاطف سالم، حسام الدين مصطفى، محمود ذو الفقار، كمال عطية، سيد عيسى، حسين كمال، أشرف فهمي، علي بدرخان، محمد عبد العزيز، علي عبد الخالق، إبراهيم الصحن، إسماعيل القاضي، كمال صلاح الدين، والمخرج العالمي مصطفى العقاد.
ثانيا: قائمة أعمالها التلفزيونية
عاصرت الفنانة القديرة ملك الجمل بدايات البث التلفزيوني وبداية إنتاجه الفني مع بدايات ستينات القرن الماضي، وكانت الصعوبة التي تواجه جميع العاملين خلال فترة البدايات هي ضرورة تصوير الحلقة كاملة دون توقف - لعدم وجود إمكانية لعمل «المونتاج» - وبالتالي فقد كانت فنانة من جيل الممثلين المسرحيين الذين أثروا العمل التلفزيوني بقدرتهم على الحفظ وأيضا بتفهمهم لطبيعة التصوير ومراعاة زوايا الكاميرا المختلفة. وقد ظهرت على الشاشة الفضية مع بدايات الإنتاج التلفزيوني من خلال مسلسلات: «الضحية» (1964)، «الساقية» (1965)، ثم بعد ذلك شاركت بحلقات «القاهرة والناس» (1972). ويحسب للدراما التلفزيونية نجاحها في توظيف موهبتها المؤكدة والاستفادة من خبراتها الفنية بمشاركتها في أداء بعض الأدوار الرئيسة بالمسلسلات التالية: الضحية، الساقية، القاهرة والناس، أم العروسة، الليلة الموعودة، متى تبتسم الدموع، أوراق الورد، غريب في المدينة، القناع الزائف، الزوبعة، بعد الضياع، المطاردة، عودة الروح، عيلة الدوغري، القضية 80، مبروك جالك ولد، ابن تيمية، وذلك بخلاف مشاركتها بأداء بعض الأدوار الرئيسة في بعض السهرات والتمثيليات التلفزيونية ومن بينها: الساكن الجديد.
ثالثا: الأعمال الإذاعية 
تعد الفنانة ملك الجمل إحدى رائدات ونجمات الإذاعة المصرية بصوتها المعبر وأدائها المميز، وبخلاف مسلسل «عائلة مرزوق أفندي» الذي لمعت من خلاله وشاركت في بطولته لعدة سنوات متتالية وتقديمها لفقرة «خالتي بمبة» بالبرنامج الشهير «ربات البيوت»، شاركت في بطولة عدد كبير من السهرات والمسلسلات الإذاعية ومن بينها: أيام معه، نشال الغرام، شهر الانتقام، رجل ذو أهمية، القصاص، عودة ريا وسكينة، خروف العيد، الأعماق البشرية، ريا وسكينة، لعبة حب، حكيم الزمان، ليلة الفرح، اللهم إني صائم، أيامنا الحلوة، نادية، يعقوب فكر، وذلك بخلاف عشرات المسرحيات العالمية المعدة إذاعيا بالبرنامج الثاني (البرنامج الثقافي حاليا).
رابعا: مشاركاتها المسرحية
شاركت الفنانة ملك الجمل في عرض افتتاح فرقة «المسرح المصري الحديث» عام 1950 - قبل تخرجها من المعهد - وذلك بتمثيل دور «جهينة» بمسرحية «إبن جلا»، ثم اشتركت في عروض موسم 1950 1951، وفي الموسم الثاني جسدت شخصية «أم سلوى» بمسرحية «دنشواي الحمراء»، «مارسين» في رائعة موليير «طبيب رغم أنفه»، مفيدة هانم في مسرحية «كدب × كدب»، الخادمة بهانة في مسرحية «متلوف».
وعند اندماج فرقتي: «المسرح المصري الحديث» مع «المصرية للتمثيل والموسيقى» عام 1954 تحت مسمى الفرقة «المصرية الحديثة» انضمت إليها، وشاركت في عدد كبير من عروضها بتقديم بعض الشخصيات الثانوية ومن بينها: فلاحة بمسرحية «إيزيس»، الراقصة بمسرحية «إبن عز»، فلاحة بمسرحية «دموع إبليس»، عديلة في «جمعية قتل الزوجات»، الوصيفة في «السلطان الحائر»، الخاطبة بمسرحية «القضية»، المعلقة والمحذرة لابوتشيا بمسرحية «بيت برنارد ألبا»، رحمة الثرثارة الفضولية زوجة النقابي الراحل في مسرحية «بلاد برة».
وقد ظل المسرح هو العشق الأول للفنانة ملك الجمل، والمجال الذي منحها فرصة القيام ببعض أدوار البطولة المطلقة، ومن أهم الشخصيات الدرامية التي جسدتها بالمسرح شخصية زينب الدوغري في «عائلة الدوغري»، فهيمة في مسرحية «الجيل إللي طالع»، شخصية جلنار في «سكة السلامة»، وأيضا أم العروسة في أوبريت «ملك الشحاتين»، وكذلك أدوارها المتميزة في مسرحيات: بيت برنارد ألبا، حرم جناب الوزير، الجيل إللي طالع، سبع ولا ضبع، وتضم قائمة أعمالها المسرحية عروضها بالفرق التالية:
1 - بفرقة «المسرح القومي»: أعظم امرأة (1949)، ابن جلا، الجلف (1950)، كدب في كدب، الفرسان الثلاثة، في إحدى الضواحي، في خدمة الملكة (1951)، دنشواي الحمراء، طبيب رغم أنفه، شروع في جواز، صندوق الدنيا، قصة مدينتين، كسبنا البريمو، متلوف (1952)، أصحاب العقول (1953)، إشاعة هانم (1954)، الأشباح، سكان العمارة (1955)، إيزيس، ابن عز، جمهورية فرحات (1956)، دموع إبليس، جمعية قتل الزوجات (1957)، الشيخ متلوف، نائبة النساء (1958)، اللحظة الحرجة (1960)، القضية، المحروسة، السلطان الحائر (1961)، بيت برنارد ألبا، القضية، دكتور كنوك (1962)، عيلة الدوغري، حلاق بغداد (1963)، سكة السلامة (1965)، بير السلم (1966)، بلاد بره (1968).
2 - بفرقة «المسرح الكوميدي»: حرم جناب الوزير (1970)، الجيل إللي طالع (1971).
3 - بفرق مسارح الدولة الأخرى: ملك الشحاتين (الغنائية الاستعراضية - 1971)، عازب وثلاث عوانس (الجيب - 1972)، يا أنا يا هو (الحديث - 1975).
4 - بفرق القطاع الخاص: بنت الحطاب (أوبرا ملك - 1949)، سبع ولا ضبع (فرقة الهنيدي - 1972)، وذلك بخلاف بعض المسرحيات التي أنتجت للتصوير التلفزيوني ومن بينها: الحقيقة فين (1973)، طالع نازل (لفرقة عقيلة راتب - 1980)، أهل العروسة.
وقد تعاونت من خلال هذه المسرحيات مع نخبة من كبار المسرحيين الذين يمثلون أكثر من جيل ومن بينهم الأساتذة: زكي طليمات، يوسف وهبي، فتوح نشاطي، السيد بدير، عبد الرحيم الزرقاني، نبيل الألفي، حمدي غيث، نور الدمرداش، كمال يس، سعيد أبو بكر، سعد أردش، جلال الشرقاوي، عبد المنعم مدبولي، فاروق الدمرداش، محمود الألفي، رشاد عثمان، شاكر عبد اللطيف، جلال غنيم، زغلول الصيفي.
تضمنت الحياة الشخصية للفنانة القديرة ملك الجمل كثير من المفارقات الأحداث الدرامية والمفارقات الميلودرامية، ومن بينها أنها بصفة عامة لم توفق في ارتباطاتها الزوجية فاضطرت للزواج ثلاث مرات، وقد أثمر زواجها الأول بإنجابها لإبنها الذي ارتبطت به كثيرا، كما كان من أشهر أزواجها بعد ذلك المخرج المسرحي محمد مرجان الذي هاجر إلى إيطاليا في فترة مبكرة (بداية سبعينات القرن الماضي). هذا وقد شهد عام 1965 أحداث انفصالها عن زوجها الثالث، وقد تابعت الصحافة المصرية تفاصيل طلاقها وقضايا النفقة التي رفعتها ضد ثالث أزواجها، وهو مهندس زراعي كان يدين بالديانة المسيحية ثم أشهر إسلامه بعدما ربط الحب بينهما، وقد استمر زواجهما لمدة ستة سنوات اضطر خلالها لبيع جميع الفدادين الزراعية ومزارع العجول التي يملكها تلبية لمتطلبات الحياة البذخة، لتصل الحياة بينهما بعد ذلك إلى طريق مسدود ويكون الطلاق هو الحل الأخير.
رحم الله هذه الفنانة القديرة التي نجحت في ترك بصمة فنية خاصة بها في زمن النهضة المسرحية والفن الجميل وسط كوكبة من كبار النجوم، واستطاعت بموهبتها التي صقلتها بالدراسة وبخبراتها أن تؤكد قدرة ومهارة الفنان الكبير الذي يستطيع بصدقه أن يحقق بصمته الشخصية والنجاح والتميز وأن يرتبط بوجدان الجماهير حتى ولو شارك بأدوار ثانوية أو أدوار صغيرة. حقا لم تكن «ملك الجمل» نجمة شهيرة ولكنها كانت ممثلة قديرة، ولم تعتمد يوما على أنوثتها أو جمالها ولكنها اعتمدت بصفة دائمة خلال رحلتها الفنية على صدق إحساسها وقدرة ومهارة التعبير عن مختلف المشاعر فاستحقت كل التقدير حتى بعد رحيلها.
 


د.عمرو دوارة

esota82@yahoo.com‏