محمد الجنايني: أحلم بمهرجان دولى لمسرح الشارع فى السويس

محمد الجنايني: أحلم بمهرجان دولى لمسرح الشارع فى السويس

العدد 563 صدر بتاريخ 11يونيو2018

الممثل والمخرج المثابر محمد الجنايني، انطلق كطائر حر من عشه الصغير وحوائط قاعات مسارح الثقافة الجماهيرية بتجربته المسرحية الصادقة في رسالتها، إلى براح الشارع المصري والعربي. خرج منذ البدء إلى شوارع محافظة الصمود والتاريخ العظيم وهي السويس ليذهب بذاته إلى الجمهور، مقدما تجاربه المتنوعة من مسرح الشارع.
قام بتأسيس فرقة السويس لمسرح الشارع منذ أكثر من عشرين عاما وأخرج الكثير من عروضها المسرحية، شارك في الكثير من المهرجانات المحلية والإقليمية، حصل بفرقته على الكثير من التكريمات من وزارة الثقافة، كما كرم ممثلا عن فرقة السويس لمسرح الشارع ضمن فعاليات المحور الموازي للمهرجان القومي للمسرح المصري بنسخته الأخيرة، بعرض «زعبوبة في مهب الريح»، وأخيرا حصل بمشاركته في مهرجان بغداد الدولي لمسرح الشارع على جائزة المركز الأول مناصفة مع دولة تونس. حول هذه الجائزة وعن مشواره مع عروض مسرح الشارع كان لنا معه هذا الحوار.
- كيف كانت بداياتك مع المسرح وصولا بتجاربك إلى مسرح الشارع؟
البداية كانت مع تجارب المسرح المدرسي، كذلك وأنا مدرس مادة المسرح بجامعة السويس.. قدمت تجارب في البداية في مسرح الثقافة الجماهيرية. ثم بدأت أهتم بمسرح الشارع.
 - وكيف تأسست فرقة السويس لمسرح الشارع؟
في أواخر التسعينات، واتتني الفكرة عندما رأيت عزوف الجماهير في السويس عن مسرح الثقافة الجماهيرية، وكانت تجارب فرق البيوت والقصور تعاني من ندرة الجمهور، فرأيت أن هذا جهد يضيع هباء ويعد إهدارا للمال العام، كما تولد لدى الجمهور انطباعا أن مسرح الثقافة الجماهيرية يمثل السلطة والنظام.. وكان هذا من أهم الأسباب التي دفعت به إلى العزوف عن قصور الثقافة. ومن هنا جاءت فكرة أن أذهب بالمسرح إلى الناس، آمنت بفكرتي وطرحتها على زميل باحث في الفولكلور وكاتب مسرح وهو الأستاذ حسن الإمام، فدعم فكرتي وأسهم في خروج الفكرة إلى حيز الوجود المادي وتقديم عرض بالشارع للناس، وشاركني في تأسيس الفرقة، وكتب معظم أعمالها وما زال يكتب حتى الآن.
 - ماذا عن مسيرة الفرقة منذ نشأتها حتى الآن ومحطاتها القوية في مصر؟
ظلت الفرقة تمارس نشاطها في إنتاج العروض المسرحية دون انقطاع وبشكل احترافي بفنانين من محافظة السويس منذ نشأتها وحتى الآن دون انقطاع، ولم تتوقف غير في عام 2005 «الذي شهد حريق مسرح بني سويف نظرا لإصابتي واستشهاد أحد أعضائها وهو الفنان عبد الله عبد الرازق. كانت الفرقة مشاركة في المهرجان الختامي لنوادي المسرح بعرض «البورش بيضحك ليه» ولم يتم العرض لظروف الحادث الأليم. أما الآن فنحن نكمل رحلتنا كفرقة حرة في تقديم عروضنا المسرحية بالإنتاج الذاتي دون تعقيدات وروتين المؤسسات الحكومية وما يجهض التجارب الفنية التي تحلم بالإبداع والانتشار. تجولت فرقة السويس لمسرح الشارع، في كل ربوع وأنحاء مصر وشاركت في كثير من المهرجانات الحرة والمستقلة ونوادي المسرح بهيئة قصور الثقافة، فحققت الكثير من المراكز ونالت الجوائز الهامة في رحلتها، منها المركز الثاني في نوادي المسرح 2008 والمركز الأول في مهرجان شبرا الخيمة مرتين على التوالي، وحققت مراكز ونجاحات بدورات من مهرجان ميت غمر ومهرجان سمنود، كما شاركت الفرقة في عدة دورات للمهرجان القومي للمسرح المصري على هامش المهرجان، كان آخرها عرض «زعبوبة في مهب الريح» الذي قدم لجمهور شارع المعز في دورة 2017.
وماذا عن المشاركات الدولية؟
كانت أول مشاركة دولية للفرقة في مهرجان دربندخان الدولي الثالث بكوردستان لمسرح الشارع بدولة العراق، بعرض «ملامحنا» من تأليف الشاعر والكاتب السويسي أحمد أبو سمرة، وحققنا فيه جوائز في قسمي التمثيل والإخراج، والأداء الجماعي، والفردي في التمثيل للممثل محمد شومان. أما المشاركة الثانية فكانت في المهرجان ذاته في دورته الرابعة 2013 بالعرض المسرحي «أم الدنيا» تأليف الكاتب السويسي حسن الإمام، وقد حصلنا في تلك المشاركة على الميدالية الذهبية وحصدنا كثيرا من الجوائز، وهو مهرجان متخصص في فنون مسرح الشارع تشارك فيه كل عام أكثر من 13 دولة عربية وغير عربية، من آسيا وأوروبا وأفريقيا، إضافة إلى الفرق المحلية من العراق.
 - كيف تمت مشاركتكم في المهرجان؟ وأين هي مصر على خريطة مسرح الشارع؟
تلقينا الدعوة للمشاركة من قبل إدارة المهرجان وشعرت حينذاك أنها بمثابة تتويج لمسيرة عشرين عاما وأكثر من تجربتنا، وأرى أن مصر تتصدر خريطة المهرجانات العربية والدولية لعروض «مسرح الشارع» وهو شيء عظيم، وشاركت الفرقة بعرض «الحنة سويسي» تمثيل يوسف نور، محمد شومان، علي عرفة، زكي عبد الله، محمد الجنايني تأليف يوسف نور ومن إخراجي.
- ماذا تمثل لك الجائزة؟
كان يسعدني التكريم والفوز كثيرا من قبل، حيث كان يخفف عني عبئا كبيرا واجهته مرارا في إنتاج تجاربي على مدار أكثر من عشرين سنة، أما الفوز في مهرجان بغداد فله مذاق أجمل حيث أشعر بمزيد من الفخر، وقد رأيت فيه تأكيدا على ريادة مصر عربيا ودوليا في إنتاج مسرح الشارع. إن تمثيل الفرقة بشكل رسمي ممثلا للدولة المصرية وليس باعتباره كيانا مستقلا، جعلني تحت ضغط الحرص على النجاح والتمثيل المتميز.
 - أين يقع مسرح الشارع على خارطة الحركة المسرحية العربية بوجه عام؟
رغم عدم توقفي - أنا والفرقة - عن تقديم تجارب مسرح الشارع، وإيماني بالتجربة، بالإضافة إلى إيمان بعض الشخصيات بتجربة مسرح الشارع، فإن بعض القيادات المسرحية في مصر ما زالوا ينظرون لمسرح الشارع نظرة دونية، ولا يعيرونه أي اهتمام، مما يقلل الفرص أمامه في الانتشار، ومن أسباب ذلك أن مسرح الشارع عرف عنه خطأ أنه يقدم الرفض والاحتجاج، ومنهم من يخشون على مناصبهم. حين كان الناقد أحمد عبد الرازق أبو العلا مديرا لإدارة المسرح سعى بشكل جاد في إقامة ورش مسرحية لمسرح الشارع وشاركت بصفتي مدربا، وأقيم أول مهرجان للفرق التي تم تكوينها من محافظات مصر، وصلت حينذاك إلى 15 فرقة، وأقيمت فعاليات وعروض المهرجان بميدان التحرير، وعندما ترك أبو العلا منصبه تم القضاء على الفرق التي تكونت، غير أن فرقة السويس لم تستسلم لهذا التضييق والمحاصرة؛ حيث لا نعتمد على الجهات الحكومية في الإنتاج، ولا ننتظر دعمها المادي فأكملنا الطريق وحدنا.
- هل مسرح الشارع أهم من مسرح العلبة؟
كوني داعية لمسرح الشارع فهذا لا يعني أبدا رغبتي في إهمال مسرح العلبة، نحن في احتياج شديد لكل جهد ولكل مبدع على خشبات المسرح، نحتاج أن نتواصل بشكل جاد مع الجماهير التي لا تستطيع أن تذهب للمسرح وأن نطرح بشكل جاد كل الموضوعات الحية من واقعهم الحقيقي، فنخلق مساحة حقيقية للمبدعين والمسرحيين وسط الناس، ولا يقتصر المسرح كما اعتدنا على جمهور النخبة والمثقفين داخل صالات العرض.
 - وكيف ترى أهمية ما تقدمه من عروض مسرح الشارع؟
مسرح الشارع هو مسرح الناس الذي يستطيع أن يتفاعل معهم ويلتحم بهم ويشتبك معهم بشكل مباشر دون تعقيد، وهو الذي يمنح الجمهور فرصة المشاركة في صناعته وتنمية لحظاته الدرامية من خلال التفاعل، بالإضافة إلى أنه مسرح فقير على مستوى الإنتاج الفني، فهو يخلق مساحة تواصل ومشاركة مجتمعية، وهو مسرح قادر على الفعل وعلى إحداث تغيير.
 - ما المشكلات التي تعترض طريق مسرح الشارع؟
سيظل الجهل وعدم الوعي بالشيء وإنكاره سببا في انعدامه، إن أمة بلا مسرح هي أمة كتبت عليها الشيخوخة المبكرة، مسرح الشارع يتناول كل القضايا ويكشف الزيف ويجلي الحقائق ونحن أسرى بعض الأفراد ذوي الفكر العقيم الذين يخشون على مناصبهم فيعطلون نشاطه. 
وسيظل أصل المعاناة التي يمر بها مسرح الشارع وتمنعه من الانتشار، هو تلك النظرة الدونية من قبل بعض النخب المسرحية، كما أن إصرار البعض على إدراج مسرح الشارع ضمن التجارب النوعية أو التوعوية التي تخضع لرقابة عالية غير عادية يضعف من هوية وتطور تجارب مسرح الشارع.
 - ما طموحاتك لمسرح الشارع؟
فكرت في إقامة مهرجان دولي للمسرح يرتبط اسمه باسم محافظة السويس تحت اسم «مهرجان السويس الدولي لمسرح الشارع»، ونجحت في الحصول على الموافقات الأمنية بعد ثورة يناير، كما نجحت في الحصول على دعم مادي من محافظ السويس قيمته مليون جنيه مصري، إضافة إلى ذلك سعيت إلى الحصول على مساهمات من شركات السويس وفنادقها السياحية. 
ثم توجهت بكل هذه الجهود إلى وزارة الثقافة والمحافظة ليكون الأمر تحت رعايتهم وفي إطار رسمي ترعاه وتشرف عليه مؤسات الدولة المعنية، وباتصالاتي الشخصية وعلاقاتي الفنية والأدبية كنت قد اتفقت مع 16 فرقة من 16 دولة عربية وأجنبية، لكن للأسف في مقابل هذه المحاولات لتقديم فعالية فنية تثري الحركة المسرحية قوبلت بالكثير من الروتين العقيم والمعتاد داخل المؤسسات، من بيروقراطية إدارة المسرح بقصور الثقافة لوزارة الثقافة والعلاقات الثقافية، فأجهض المشروع ولم يخرج للنور، رغم عدم تحمل الثقافة أية تكاليف مادية خلال المهرجان.
 - ما أمنياتك بعد كل هذه التجارب من مسيرة فرقة السويس لمسرح الشارع؟
أتمنى دوما أن يذهب المسرح للجمهور والتوفيق والإنتاج المستمر لفرقتي، كما أتمنى أن أكون وفرقتي سفراء جيدين لمسرح الشارع داخل مصر وخارجها وتأكيد وجودنا وريادتنا عربيا ودوليا.
كما أتمنى من المسئولين عن المسرح في المؤسسة الرسمية أن يتولوا مسئولياتهم بشكل جاد وينظروا لمسرح الشارع من منظور منصف وواعٍ بأهميته والوقوف بجانبه.
 


همت مصطفى