سناء شافع المحترف

سناء شافع المحترف

العدد 555 صدر بتاريخ 16أبريل2018

الفنان القدير د. سناء شافع قامة فنية سامية وقيمة إنسانية راقية، فهو إنسان مرهف الحس ومثقف حقيقي وفنان ملتزم، ورمز للسلوكيات المثالية وللفن الجاد الهادف، وذلك بخلاف أنه ممثل قدير يمتلك جميع أدواته الفنية بكفاءة وجدارة، وخلال مسيرته الفنية نجح في إثراء حياتنا الفنية بإخراجه لتسع مسرحيات، وذلك بخلاف مشاركته بالتمثيل في بطولة إثني عشر فيلما وخمس مسرحيات وعشرات المسلسلات الإذاعية، وما يزيد عن مائة مسلسل تلفزيوني وذلك بخلاف عمله بالتدريس الأكاديمي.
والفنان الكبير د. سناء رجل مسرح حقيقي وموهبة متفردة، فهو مخرج مسرحي متميز وأستاذ أكاديمي وممثل نجح في تحقيق تميزه ووضع بصمة خاصة به بجميع القنوات الفنية، وهو من مواليد 25 يناير عام 1943 بقرية «موشا» بمحافظة أسيوط بصعيد مصر، وقد مكث بالقرية قرابة ثماني سنوات قبل أن ينتقل إلى القاهرة مع والده الشيخ محمود شافع الذي كان أحد علماء الأزهر الشريف، حيث قرر والده الإقامة بصفة دائمة بالقرب من مشيخة الأزهر الشريف، ولذلك فقد نشأ الفنان سناء شافع بحي الجمالية والحسين، ودرس المرحلة الابتدائية بمدرسة الجمالية الابتدائية. وذلك قبل أن ينتقل إلى حي حدائق القبة بعد ذلك. وقد جذبه الفن مبكرا فالتحق بفرق هواة المسرح بشارع «عماد الدين»، إلى أن قرر أن يصقل موهبته بالدراسة الأكاديمية فالتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، الذي تخرج فيه عام 1964 ضمن دفعة ضمت عددا من المبدعين الذين حققوا نجوميتهم بعد ذلك، ومن بينهم الأساتذة: إنعام سالوسة، سعيد طرابيك، محيي إسماعيل، محمد عناني، كمال الشامي، وذلك بخلاف مجموعة متميزة من المخرجين ضمت كلا من الأساتذة: سمير العصفوري، عبد الغفار عودة، توفيق عبد اللطيف، أنور رستم، محمد صديق.
بدأ الفنان سناء شافع حياته العملية بالانضمام إلى مسارح التلفزيون عام 1961، ثم انضم بالتحديد إلى فرقة «المسرح العالمي» عام 1962، حيث شارك بالتمثيل في مسرحيات: المتحذلقات، الحيوانات الزجاجية، أنتيجونا.
والطريف أنه قد رشح عام 1959 لبطولة فيلم «حسن ونعيمة» أمام النجمة سعاد حسني في أولى تجاربها السينمائية، وقد قام بالفعل بتوقيع العقد مع المؤلف عبد الرحمن الخميسي نظير مبلغ خمسين جنيها، لكن تأجيل تصوير الفيلم ثم اضطراره للسفر إلى ألمانيا لاستكمال دراسته العليا اضطره للاعتذار عن دور البطولة «حسن المغنواتي»، ليصبح الدور بعد ذلك - وفي آخر لحظة - من نصيب المطرب الجديد آنذاك محرم فؤاد.
سافر في منحة دراسية إلى ألمانيا الشرقية عام 1959، والتحق بالمعهد العالي للمسرح «هانز بول»، وأنهى دراسته عام 1970 ببحث عن مسرحية «كوريولانوس» بين «ماكيوس بلاوتوس» و«وليم شكسبير» و«برتولد بريخت»، وتأثير «برتولد بريخت» في المسرح المصري»، كما حصل بعد ذلك على منحة من وزارة الثقافة الألمانية للحصول على دبلوم في الإخراج المسرحي والدراماتورج بدراسة عن «المسرح الألماني» و«مسرح بريخت» بفرقة «برلين إنسامبل»، وكذلك في الدراما الموسيقية بدراسة عن «أوبرا برلين» عام 1972.
كانت أول المسرحيات التي أخرجها بعد عودته من البعثة «إللي رقصوا على السلم» لفرقة المسرح الكوميدي عام 1972، كما أخرج عدة مسرحيات أخرى بمسارح الدولة من أهمها مسرحية «دون كيشوت» عام 1975، كذلك عمل بالإذاعة والتلفزيون والسينما، ومن أهم أعماله السينمائية: دور «رؤوف» في فيلم «حتى لا يطير الدخان» وأيضا دور «إبراهيم» المحوري الذي دارت حوله معظم الأحداث الدرامية بالفيلم التلفزيوني الشهير «فوزية البرجوازية»، أما بالنسبة للدراما التلفزيونية فقد شارك في عدة مسلسلات من أهمها: «الزيني بركات»، «حضرة المتهم أبي»، «حنان وحنين»، «باب الخلق»، «الصفعة» «الأب الروحي»، «الجماعة» و«بعد البداية».
عين عام 1972 بالمسرح القومي، ثم مديرا لمسرح الطليعة خلال الفترة 1974 - 1975، كما أسند إليه تدريس مادتي التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وعين مدرسا عام 1977، ثم تدرج ببعض الوظائف القيادية حتى تحمل مسؤولية منصب عميد المعهد خلال الفترة 1987 - 1990. والحقيقة أن دوره الأكاديمي - وإن استنفد كثيرا من وقته وجهده - دور مهم فعلا، فقد استطاع من خلاله وبما يملكه من موهبة حسن القيادة والقدرة على تحقيق التواصل مع الأجيال الشابة تقديم وتوصيل المعلومات النظرية إليهم والنجاح في صقل مواهبهم وإكسابهم الخبرات العملية اللازمة.
جدير بالذكر أن الفنان سناء شافع بما يتمتع به من حساسية مفرطة وبحثه الدائم عن السعادة وإصراره على الصدق والوضوح بكل شفافية منهجا اضطر للزواج تسعة مرات من جنسيات مختلفة (مصرية وألمانية وكويتية)!!، كان زواجه الأول وهو في الواحد والعشرين من عمره، وذلك عندما تزوج بعد قصة حب عنيفة من ليلى كامل المضيفة بشركة مصر للطيران (كان عمرها آنذاك تسعة عشر عاما، وكان والدها جواهرجيا)، أما زواجه الثاني فقد تم عندما توجه إلى ألمانيا للدراسة وقضى فيها ما يقرب من عشرة أعوام، فتزوج خلالها من الطبيبة كرستينا التي أنجب منها ابنه عبد الله النديم، كما تزوج بعدما ربط الحب بينه وتلميذته الفنانة ندى بسيوني وأنجب منها ابنته مايا، ثم بعد انفصاله عنها وأثناء عمله في المعهد العالي للفنون المسرحية في «الكويت» تزوج مرتين على التوالي من خارج الوسط الفني، كما تزوج لفترة من الفنانة القديرة ناهد جبر، وحاليا هو متزوج من الأستاذة ماجدة حافظ.

هذا ويمكن تصنيف مجموعة الأعمال الفنية للفنان القدير سناء شافع طبقا لاختلاف القنوات الفنية (الإذاعة، المسرح، السينما، التلفزيون) وطبقا للتسلسل الزمني كما يلي:
أولا: أعماله السينمائية
شارك الفنان القدير سناء شافع خلال مسيرته الفنية التي تزيد على نصف قرن بأداء بعض الأدوار الرئيسية المؤثرة وبعض أدوار البطولة الثانية في عدد يعد قليلا جدا من الأفلام السينمائية (اثنا عشر فيلما فقط)، وهذا العدد لا يتناسب أبدا بالطبع مع حجم موهبته وخبراته ومهاراته الأدائية في تجسيد مختلف الشخصيات الدرامية، ومما يؤكد ذلك أن جميع الأفلام التي شارك ببطولته تعد أفلاما مهمة ومتميزة، وقد نجح من خلالها في تجسيد شخصيات درامية متنوعة ومتميزة. هذا وتضم قائمة أعماله الأفلام التالية: حتى لا يطير الدخان (1984)، الموظفون في الأرض، فوزية البرجوازية، عندما يأتي المساء (1985)، الخط الساخن (1986)، مسجل خطر (1991)، السجينة 67، سمارة الأمير (1992)، حادثة النيل هليتون - فيلم ألماني، خير وبركة (2017). وذلك بخلاف بعض الأفلام الأخرى ومثال لها: مرآة في الكف، عندما تشرق الأحزان. ويمكن من خلال قائمة الأفلام السابقة رصد تعاونه مع نخبة من كبار المخرجين الذين يمثلون أكثر من جيل ومن بينهم الأساتذة: كمال عيد، إبراهيم الشقنقيري، سمير سيف، أحمد يحيى، هاني لاشين، سامح عبد العزيز.

ثانيا: أعماله التلفزيونية
يمكن من خلال رصد الإسهامات الثرية للفنان الكبير سناء شافع في مجال التمثيل بمختلف القنوات الفنية تسجيل حقيقية مهمة وهي أن الدراما التلفزيونية - بخلاف السينما والمسرح - هي التي استطاعت توظيف إمكانياته وخبراته الفنية بصورة جيدة، مما دفعه لمنحها مزيد من الوقت والجهد والتركيز في أعمالها، وقد يفسر ذلك مشاركته بأداء بعض الأدوار الرئيسية في عدد يزيد على مائة مسلسل تلفزيوني على مدى ما يقرب من أربعين عاما ومن بينها المسلسلات التالية: ابن عمار، أنا وبعدي الطوفان، فارس الأحلام، الفارس العاشق، العطاء، مبارك، لا تطفئ الشمس، نادية، المجانين، قشتمر، اسم العائلة، حارة الشرفاء، أولاد آدم، برج الأكابر، سجن أملكه، مكان في القلب، مولود في الوقت الضائع، أنا وأنت وبابا في المشمش، مغامرات زكية هانم، هنادي، المحاكمة، دموع صاحبة الجلالة، غاضبون وغاضبات، صباح الخير يا جاري، ساكن قصادي (ج2)، أنا وزوجتي والنصاب، ليالي الحلمية (ج5، 6)، عريس من باريس، دوائر الحب والوهم، أولاد الأصول، الزيني بركات، حلم الجنوبي، جمهورية زفتى، أوقات خادعة، همام يبحث عن همام، دقات الساعة، القرار، حضرة المتهم أبي، حنان وحنين، عزيز على القلب، الهاربة، دموع في نهر الحب، فستان الفرح، مش ألف ليلة وليلة، بالشمع الأحمر، على باب مصر، موعد مع الوحوش، حارة خمس نجوم، الشوارع الخلفية، الخفافيش، باب الخلق، الصفعة، فرح العمدة، حكاية حياة، فيفا أطاطا، العملية مسي، السيدة الأولى، الصياد، مكان في القصر، بعد البداية، أريد رجلا (ج1، 2)، ألف ليلة وليلة، أوراق التوت، ولاد السيدة، ابن موت، فض اشتباك، الميزان، أهل الهوى، رأس الغول، شهادة ميلاد، الخروج، القيصر، الأب الروحي، الحصان الأسود، اختيار إجباري، الأستاذ بلبل وحرمه، قصر العشاق، وضع أمني، الجماعة (ج2)، الوتر، الشارع إللي ورانا، أهل التكية، أبو عمر المصري، رمضان كريم، خيبر، سقوط الخلافة، الفرسان، الإمام الغزالي، هارون الرشيد، عمر بن عبد العزيز، خليل الله إبراهيم عليه السلام، الإسلام حضارة، ساعة ولد الهدى، محمد رسول الإنسانية، محمد رسول الله. وذلك بخلاف عدد من السهرات والتمثيليات التلفزيونية ومن بينها: الحلقة المفقودة، الأب، العطاء.
ثالثا: أعماله الإذاعية
للأسف الشديد أننا نفتقد لجميع أشكال التوثيق العلمي بالنسبة للأعمال الإذاعية، وبالتالي يصعب حصر جميع المشاركات الإذاعية (في غياب القوائم والفهارس الاسترجاعية) لهذا الفنان القدير الذي ساهم في إثراء الإذاعة المصرية ببعض برامج المنوعات والأعمال الدرامية على مدار ما يزيد على نصف قرن تقريبا، شارك خلالها ببطولة عدد كبير من المسلسلات الاجتماعية والدينية، خاصة وأنه يجيد التمثيل باللغة العربية الفصحى بنفس كفاءة تمثيله باللهجة العامية، وذلك بخلاف تميزه بصوته الهادئ الرصين ومخارج ألفاظه السليمة وإجادته لفن الإلقاء مع الالتزام بجميع قواعد النحو. وتضم قائمة المسلسلات والتمثيليات الإذاعية التي شارك في بطولتها الأعمال التالية: هذا الوجه الآخر، رحلة الليل، رد قلبي، الحادثة، بالحب نحيا سعداء، العودة، قصة حبي، حب لا يموت، فرقة سيكا، أوراق رسمية، أغرب القضايا (أكثر من قضية)، وذلك بالإضافة إلى مشاركته في بطولة عدد كبير من المسرحيات العالمية التي يقدمها «البرنامج الثقافي» (البرنامج الثاني) ومن بينها: القصة المزدوجة للدكتور بالمي.

رابعا: أعماله المسرحية
ظل المسرح لسنوات طويلة هو المجال المحبب للفنان د.سناء شافع ومجال إبداعه الأساسي، وهو الذي قضى في العمل به كممثل محترف ما يقرب من ثلاثين عاما، وكمخرج ما يقرب من نصف قرن شارك خلالها بإخراج عدد من المسرحيات المتميزة بعدة فرق مسرحية مهمة (ومن بينها: المسرح القومي، المسرح الطليعة، المسرح الكوميدي)، هذا ويمكن تصنيف مجموعة أعماله المسرحية - وجميعها بفرق مسارح الدولة - طبقا لاختلاف الفرق المسرحية وطبيعة الإنتاج وطبقا للتسلسل الزمني كما يلي:
1 - في مجال التمثيل:
شارك الفنان سناء شافع في بطولة عدد من المسرحيات العالمية المهمة وتعاون خلالها مع نخبة من كبار المخرجين والنجوم، وتضم قائمة إسهاماته بالتمثيل المسرحيات التالية:
 - المتحذلقات: المسرح العالمي (1964)، إخراج محمد مرجان.
 - الحيوانات الزجاجية: المسرح العالمي (1965)، إخراج نور الدمرداش.
 - أنتيجونا: المسرح العالمي (1965)، إخراج سعد أردش.
 - قاتل الزوجة: مسرح الطليعة (1975)، إخراج شاكر عبد اللطيف.
 - السيرك الدولي: مسرح الغد (1993)، إخراج محمد صديق.
 - صباح الخير يا وطن: المسرح الحديث (1994)، إخراج أحمد زكي.
2 - في مجال الإخراج:
 - «المسرح الكوميدي»: إللي رقصوا على السلم (1972).
 - «المسرح القومي»: سقوط بارليف (1974)، أنتيجون (1978)، روميو وجوليت (2008).
 - «مسرح الطليعة»: دون كيشوت (1975)، السهرة - «مين يخاف فيرجينيا ولف» (2012).
كما أخرج عدة عروض موسيقية ومن بينها: «الشخص» (1989) إنتاج وزارة الثقافة وأكاديمية الفنون، و«بترفلاي» (1978)، «توسكا» (1979) لفرقة أوبرا القاهرة والتي قدمت العرضين على مسرح «أبو الهول».
وجدير بالذكر أنه قد تعاون من خلال المسرحيات السابقة التي قام بإخراجها مع نخبة من كبار النجوم والمسرحيين الذين يمثلون أكثر من جيل وفي مقدمتهم الأساتذة: حمدي غيث، جلال الشرقاوي، عبد السلام محمد، فاروق الفيشاوي، فردوس عبد الحميد، أحمد مرعي، حمدي أحمد، عزيزة راشد، ناهد جبر، أحمد راتب، صبري عبد المنعم، خالد زكي، فاتن أنور، محمد أحمد المصري، محمود القلعاوي، أحمد فؤاد سليم، منال سلامة، نيفين رفعت، يحيى أحمد.
كان من المنطقي أن يتم تتويج تلك المسيرة العطرة والمشوار الفني الثري لهذا الفنان القدير بحصوله على بعض الجوائز والأوسمة وشهادات التقدير عن بعض أدواره ومشاركاته المتميزة، وكذلك على بعض مظاهر التكريم ولعل من أهمها: حصوله على درع مهرجان «زكي طليمات» بالمعهد العالي للفنون المسرحية عام 2004، وأيضا تكريمه من خلال مهرجان «المسرح العربي» (الذي تنظمه الجمعية المصرية لهواة المسرح) في دورته الثانية عشر عام 2014، وذلك بخلاف حصول على الميدالية الذهبية بأيام «الشارقة المسرحية» عام 2014، وإن كان أعظم تكريم يحظى به ويسعده دائما - كما صرح أكثر من مرة - هو تألق أبنائه وتلاميذه فنيا وحصول بعضهم على أعلى الشهادات الأكاديمية، كما تظل جائزته الكبرى التي يعتز بها هي إعجاب وتقدير الجمهور لأعماله الفنية.
وأخيرا لا يسعني إلا أن دعو الله أن يمن على هذا الفنان القدير والأستاذ القدوة بطول العمر والصحة وأن يستمر في إسعادنا بإبداعاته ورعاية الأجيال التالية بدماثة خلقه ونصائحه، فهو بالفعل القدوة الحسنة والأب الحنون لجميع الفنانين، وخير مثال مشرف للفنان العربي المثقف الذي يعي أهمية دوره في التنوير ونشر الوعي.


د.عمرو دوارة

esota82@yahoo.com‏