السعيد منسي: عرض «يوتيرن» غير نمطي ومجازفة كبيرة

السعيد منسي: عرض «يوتيرن» غير نمطي ومجازفة كبيرة

العدد 550 صدر بتاريخ 12مارس2018

المخرج السعيد منسي أحد المخرجين الذين حققوا نجاحا ملحوظا في الفترة الأخيرة، حصل علىى الكثير من الجوائز المسرحية سواء بالجامعات أو الثقافة الجماهيرية، وكان آخرها جائزة أفضل مخرج بالمهرجان القومي للمسرح في دورته التاسعة، وتلك كانت تجربته الأولى في البيت الفني للمسرح، بعد أن أتاح له الفرصة رئيسه الفنان إسماعيل مختار، وكان لـ”مسرحنا” لقاء معه بعد افتتاح عرضه الجديد “يوتيرن” على مسرح الطليعة.

 
في البداية نود أن نعرف كيف عرف الإخراج طريقه إليك؟
بدأت علاقتي بالمسرح ممثلا عندما كنت طالبا بكلية التجارة جامعة المنصورة، التحقت بفريق المسرح في الكلية، وكان للمخرج القدير الراحل سلامة حسن أثره الكبير علي حيث اعتبرته مثلي الأعلى، ثم بدأت في العمل بالثقافة الجماهيرية، ومن هنا قررت أن أخوض تجربة الإخراج، فقمت بتشكيل فرقة مسرحية خاصة وقدمت من خلالها الكثير من العروض المسرحية بالمهرجانات الإقليمية، وحققت نجاحا كبيرا حينها، وهذا ما جعلني أقرر أن أواصل الإخراج وأحقق خطوات إيجابيه فيه، ومن أهم الأعمال التي قدمتها عرض “شخاليل” وهو العرض الذي اعتمدت من خلاله مخرجا بمسرح الثقافة الجماهيرية، عن قصة الليلة الكبيرة، وأيضا عرض «الزير سالم»، وحصلت به على أفضل عرض على مستوى جامعات مصر، وعرض «البيت الذي شيده سويفت» وحصلت به على نفس الجائزة، وشاركت به في أول دورة من المهرجان القومي للمسرح، وشاركت به أيضا بمهرجان الرباط المغربي، وقدمت أعمالا أخرى كثيرة آخرها عرض “القروش الثلاثة” لمنتخب جامعة طنطا، الذي حصلت من خلاله على أفضل عرض بالمهرجان القومي للمسرح في دورته التاسعة.
 حدثنا عن عرض “يوتيرن”؟
عرض “يوتيرن” يعتبر اسما على مسمى، لدرجة أنني شعرت أن الاسم يعتبر لعنة، لأننا عانينا فيه كثيرا، وكنا دائما نعود لنفس النقطة، ولكن في النهاية أنا سعيد بأن التجربة أخيرا ظهرت للنور. أحداث العرض تدور حول أسرة تمر عبر العصور منذ بداية الخلق، وتحدث كارثة وهي “الطوفان” التي تهدد بفناء الجنس البشري ولكن في النهاية ينجون بأعجوبة، وفكرة العرض تدور حول أن ما زالت الحياة مستمرة رغم كم الصعوبات والحماقات التي يرتكبها الإنسان، ولكن ما زالت العجلة تدور وما زلنا نتعلم الحروف الهجائية في محاولة لخلق كلمات تدور حولها فكرة الإنسانية، نحاول أن نبدأ ونرجع للبداية في كل مرة حتى نستطيع أن نجنب هذا العالم الدمار الذي نخلقه بأيدينا، ويجب أن نحافظ على الإنسانية داخلنا، التي تخلينا عنها منذ الخطيئة الأولى وهي قتل قابيل لهابيل، ومن يومها تطارد لعنة الدم الإنسان عبر العصور. وأضاف منسي: قمت بعمل تماس بين النص وبين أكبر المآسي التي تمر بها البشرية، وفي نهاية العرض أطرح سؤالا وهو كيف يعيش الإنسان في سلام؟ العرض دراماتورج وأشعار سامح عثمان، ديكور وملابس محمود الغريب، تأليف موسيقي صادق ربيع، أداء حركي عمرو باتريك، ماكياج إسلام عباس، جرافيك وتصميم دعايا محمد يحيي، مخرج منفذ وليد الزرقاني، مساعدا مخرج هيثم الشيخ وإبراهيم البوشي.
 ما سبب تقديم هذه الفكرة التي يناقشها العرض في الوقت الحالي؟
معظم المخرجين الذين يفكرون في تقديم عروض مسرحية نجدهم يطرحون همهم الشخصي من خلال العروض، فعرض “يوتيرن” أو “نجونا بأعجوبة” كنت أود أن أقدمه منذ أكثر من ست سنوات مضت، لأني مؤمن بقضيته جدا، ووجدت أن هذا هو الوقت المناسب والمكان المناسب له.
قضيت أكثر من عام في بروفات عرض “يوتيرن” فما سبب التأخير وما أهم العقبات التي واجهتك؟
بالتأكيد واجهت الكثير من العقوبات، ولكن بما أن التجربة ظهرت للنور فأنا لا أحب أن أتذكر تلك العقبات، ولكن يمكنني القول إن أي عقبات تواجه أي مخرج هي الروتين، فعرض “يوتيرن” من المفترض أن يقدم منذ عام، ولكن كنا حينها في نهاية العام المالي، وكانت إجراءات الإنتاج تحتاج إلى وقت كبير، فقمنا بتأجيل العرض، وانتظرنا الوقت المناسب الذي كان - من وجهة نظري - بعد انتهاء المهرجان القومي للمسرح والمهرجان التجريبي، ولكنني فوجئت ببعض الاعتذارات من قبل فريق العمل، فتم تأجيل العرض مرة أخرى، إلى أن أذن الله في الوقت المناسب أن يخرج العرض.
 هل تؤمن بأن لكل مسرح هويته الخاصة به، وهل ترى أن عرض “يوتيرن” يناسب هوية مسرح الطليعة؟
بالطبع أؤمن بهويات المسارح، فكل مسرح بالبيت الفني له هويته التي أنشئ من أجلها، فمسرح الطليعة هو الأساس للعروض الطليعية، التي تقدم رؤية جديدة ومختلفة، بالتأكيد العرض يتوافق مع هوية المسرح، ومسرح الطليعة لم يكن اختياري، ولكن عندما قدمت النص المسرحي لرئيس البيت الفني للمسرح، الفنان إسماعيل مختار، رأى أن هذا النص يتناسب مع هوية مسرح الطليعة لذلك قرر أن يكون من إنتاجه.
 كيف أثرت جائزة أفضل مخرج بالمهرجان القومي للمسرح في دورته التاسعة على مشوارك الفني؟
لقد حصلت على الكثير من الجوائز على مستوى جميع المهرجانات في مصر، ودائما أكون حريصا على أن يظهر العمل الفني في أفضل صوره، وجائزة المهرجان القومي للمسرح هي بالطبع أكبر جائزة للمسرح، وأي مخرج سيحصل عليها لا بد أن يكون حريصا جدا بعدها فيما سيقدم، ولكن عرض “يوتيرن” أعتبره مجازفة بالنسبة لي لأن درامته وأسلوبه غير نمطيين، وبه دلالات كثيرة، قد يبدو للوهلة الأولى أنه سهل ولكن في الحقيقة هو عرض معقد، لذلك كانت مجازفة بالنسبة لي، حيث يمكن أن يقع العرض في منطقة الملل، ولكنني أردت أن أقوم بتلك المجازفة لأن جوهر الفن هو المغامرة، وإن لم يغامر المخرج فهو لم يكن فنانا، فالفن متعة والمغامرة هي متعة الفن.
 هل ترى أن المهرجانات المسرحية في مصر تلبي طموح المسرحيين؟
بالتأكيد المهرجانات المسرحية مهمة، وتخلق دوافع لعمل فن جيد، ففكرة المهرجانات فكرة جيدة، ولكن الفكرة السيئة أن تكون حياتنا المسرحية كلها مهرجانات وأن تنحصر فكرة الفن في الأشخاص الذين يقيمون العرض وليس في الجمهور، لذلك لا بد أن يكون هدفي الأساسي ليس المهرجان، إنما الرسالة والهدف وهذا هو الهدف الأساسي من المسرح، فالمسرح هو أقدم فن في التاريخ ولم يكن هناك مهرجانات حينها.
 أخرجت في معظم الجهات الإنتاجية سواء في الجامعات أو الثقافة الجماهيرية وأخيرا في البيت الفني للمسرح، فما الفرق من وجهة نظرك؟
هناك بالطبع فرق بين الجهات المختلفة، أصعبها الإخراج في البيت الفني للمسرح، حيث تتعامل مع فريق عمل محترف، ومدرك تماما لما يحدث، لا يحتاجون أن يتعلموا شيئا جديدا، ولكل فنان منهم وجهة نظر مختلفة، ولكي نقوم بتوحيد وجهات النظر تكمن الصعوبة، بعكس الإخراج في الجامعات مثلا، فالمخرج يقوم بتشكيل الطلاب كما يريد، من حيث الوعي والثقافة وفهمه للمسرح عموما، ويكون هناك حماس من فريق العمل بالجامعة، وهذا الحماس أفتقده في البيت الفني للمسرح، فالعقل في البيت الفني للمسرح يغلب على القلب، بعكس المسرح في الجامعة، أما الثقافة الجماهيرية فهي جهاز مهمل وهناك الكثير يتعاملون معها على أنها شيء غير مهم على الرغم من أنها من أهم الأجهزة في وزارة الثقافة، فهي تنزل للناس في الشوارع والقرى والنجوع.
- ما أهم مشكلات المخرج في مصر؟
هي أن يقوم بعملية الإخراج نفسها؛ بمعنى أن يقوم بكل شيء بنفسه عندما يقع تحت وطأة الروتين وإنهاء الأوراق وغيرها من الأمور في ظل النظام البيروقراطي الذي نعيش فيه، وهذا لا يحدث في جهة إنتاجية معينة ولكن في كل الجهات الإنتاجية، فأنا قد أخرجت في جميع الجهات الإنتاجية ودائما ما تواجهني هذه المشكلة.
 هل ترى أن الموهبة أهم من الدراسة أم العكس؟
لا نستطيع الاستغناء عن أي منهما، فأنا أؤمن بمثل يقول “الاجتهاد نصف العبقرية” فإذا كنت تمتلك العبقرية ولم تكن مجتهدا فلا قيمة لتلك العبقرية لأنها ستكون مهدرة في أي شيء دون جدوى، إنما إذا كنت مجتهدا جدا وتعمل على نفسك جيدا وتبحث وتقرأ فستكتمل الدائرة، والدراسة ليست بالذهاب إلى الأكاديمية فقط ولكن بالبحث والقراءة.
 ما هي مشكلات الثقافة الجماهيرية من وجهة نظرك؟
مشكلة الثقاقة الجماهيرية هي مشكلة بلد بأكملها، من حيث النظام المجتمعي المختل، والنظام الاقتصادي المختل، فنحن لدينا فقر ومرض ومشكلة في التعليم، وفوق كل ذلك تجد أن معظم الأقاليم تتعامل مع المسرح على أنه انحلال أخلاقي، لذلك لا بد من غرس قيمة المسرح وأهميته في المناهج التعليمية أولا حتى نرفع الوعي لدى الإنسان البسيط.
 كيف تسير خطة الإدارة العامة للمسرح في هذا الموسم المسرحي؟
سينتج هذا العام لفرق الأقاليم 102 عرض مسرحي، بخلاف التجارب النوعية ونوادي المسرح، ومن عروض الأقاليم تم افتتاح نحو خمسة عروض إلى الآن، وأنجزنا نحو سبعين في المائة من مقايسات الإنتاج، وبالتوالي سيتم فتح بقية العروض، وسيكون هناك مهرجان ختامي لفرق الأقاليم، نطمح أن يتم في نهاية شهر مارس القادم، وسيشارك به أفضل العروض المسرحية التي قدمت، ومن أهم المميزات التي قدمها د. صبحي السيد مدير الإدارة العامة للمسرح، أنه قضى على فكرة التصنيف “بيوت أو قصور أو قوميات” واعتمد على فكرة المشروع المسرحي، ويكون الإنتاج على حسب المشروع، وتم زيادة جميع الأجور من ممثلين ومخرجين ومهندسي ديكور وملحنين، وهذا في حد ذاته يشكل عامل جذب للفنانين، ومعظم المعوقات التي تواجهنا معوقات إدارية من قبل الأقاليم.


شيماء منصور