العدد 549 صدر بتاريخ 5مارس2018
يعد مشروع مسرحة المناهج من أهم المشاريع التي تقام في مسرح التربية والتعليم لما له من أثر بالغ في تلقي الطلاب للمواد الدراسية المختلفة التي تساهم في ترسيخ فكرة التلقي المباشر والمبسط، حيث يقدم المنهج في قالب درامي مسرحي يساهم في رفع مستوى الاستيعاب لدى الطلاب في المراحل الدراسية المختلفة، إن تقديم المعلومة في قالب فني يحوي المتعة والعلم هو شيء ضروري، يخفف من صعوبة تلقي بعض المواد الدراسية التي يصعب على الطلاب استيعابها، ومن هنا سألنا مجموعة من الأخصائيين في مجال مسرحة المناهج، عن ماذا يحتاج هذا المشروع ليدخل دائرة التطوير؟ وما إيجابيات وسلبيات الفترة الماضية؟ وكيف يمكن لهذا المشروع أن يحقق المعادلة الصعبة وأن يكون مشروعا فنيا تعليميا متكاملا.
قالت رضا بكري موجه أول مسرح شرق مدينة نصر: تناول بالفعل مجموعة من الدروس والشخصيات ضمن منهج المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية ومستوى الأعمال فنيا كان جيدا، وأوضحت أن هناك بعض الأمور التي لا نستطيع أن نقول إنها سلبيات، ولكنها أثرت على مستوى نجاح المشروع ومنها التوقيت الذي قدم فيه، في بداية امتحانات العملي للطلاب والشيء الأكثر أهمية أن الدعاية لم تكن كافية ولم تكن على مستوى المشروع وتكاليفه، بمعنى أن الطالب ليس لديه وجود عرض مسرحي لمنهجه الدراسي، فأنا كموجه للمسرح لم يبلغني أحد، وعلمت بوجود عروض من خلال متابعتي لجدول المسرح القومي للطفل، وبالتالي لم يستفد أحد من هذه العروض. تابعت: ومقترحي لتطوير مشروع مسرحة المناهج أن يكون هناك «سي دي» للأعمال الخاصة بمسرحة المناهج لكل مدرسة حتى نستطيع أن نتلافى جانب التقصير الإعلامي، وأخيرا أتمنى أن يقدم الطلاب أنفسهم هذه الأعمال فتكون بذلك أوقع وأوفر وأكثر تأثيرا على زملائهم.
تعاون بين التربية والتعليم وكتاب الدراما
بينما قال المخرج والمؤلف أحمد سمير الحاصل على ثاني جمهورية بعرض «بروفه جينرال» في مسابقة الفنون المسرحية عام 2013، الذي قدم عدة أعمال في التربية والتعليم منها «الزهرة المثمرة» إنتاج إدارة غرب مدينة نصر، وعرض “4%” الذي ناقش أزمة درجات النشاط المسرحي: مشروع مسرحة المناهج مشروع فكري جيد على مستوى تحصيل الطالب للمادة العلمية وعلى مستوى ممارسة نشاط إبداعي مثل المسرح، وفي اعتقادي أن حسم مسألة تحقيقه لغايته وهدفه مسألة نسبية تختلف من عمل لآخر وفقا لجودة المسرحية المقدمة وسهولة طرحها ومدى وضوح الفكرة للطالب. أضاف: على مستوى الإيجابية، فهناك تجاوب حقيقي بالفعل من الطلاب مع المادة المسرحية المقدمة، خاصة لو تم شرح المادة المسرحية قبل العرض المسرحي نفسه. أما عن السلبيات، فهناك: عدم وجود مختصين في الكتابة المسرحية وتحويل الدرس العلمي إلى حبكة درامية، وهنا يجب التعاون بين التربية والتعليم وكتاب الدراما حتى لا يخرج لنا العمل الفني درسا منهجيا معادا دون أي محاولات مسرحية تذكر. تابع: كذلك عدم الانتشار الجماهيري للعروض المقدمة داخل الوسط التعليمي، واقتصار تقديم العرض المسرحي للجان التحكيم فقط. وعن سبل تطوير مشروع مسرحة المناهج، قال: أرى ضرورة لأن يمتزج المسرح المنهجي مع الخطة التعليمية حتى نضع تطبيقا عمليا مرئيا لما يتم تدريسه بالأنماط النظرية، بمعنى أن تكون هناك خطة تبادلية لنشر العروض بين الإدارات المختلفة بشكل دوري طوال السنة وعرض تلك المسرحيات على كل الطلاب.
وقالت المخرجة نهال القاضي التي قدمت تجارب في مسرحة المناهج وقامت بالتحكيم في مسابقاتها: إن مسرحة المناهج يعد من المشاريع الرائعة، متمنية أن يتم تفعيل المشروع على مستوى جميع المحافظات. وعن أهم إيجابيات المشروع، قالت: هو مهم لتوصيل وتبسيط المعلومة، كما أنه يحدث وعيا ثقافيا لدى الطلبة، إضافة إلى أنه يخفف من رهبة المسرح لدى الطلاب الموهوبين، بالإضافة أيضا إلى أنه يعد ضرورة هامة للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة. أما فيما يخص سلبيات المشروع، فقالت: إن مفردات العمل المسرحي تعاني من تقلص الميزانية ومن الضروري زيادة الميزانيات الخاصة بها. وعن تطوير مشروع مسرحة المناهج، قالت: يجب الوضع في الاعتبار تقديم المواد الهامة مثل العلوم والجغرافيا ولا تكون قاصرة على مرحلة معينة، وأن يقوم على المشروع مجموعة من المتخصصين بشكل أكبر كأخصائيي المسرح والمخرجين الموهبين حتى تخرج التجارب بشكل أكثر جودة فنية.
الفائدة من مسرحة المناهج ثنائية الاتجاه
من جانبه، قال المخرج والمؤلف الموسيقي محمد جمال الدين، عضو لجنة تحكيم مسابقة مسرحة المناهج: هو من أهم المشاريع التي يجب أن تطورها وزارة التربية والتعليم لما له من آثار إيجابية كثيرة؛ حيث يعتبر أحد أهم وسائل التعلم النشط البعيد عن التلقين المباشر والتعليم بوسائله المستهلكة، فمن خلال مسرحة المناهج يستطيع الطالب أن يتعلم ويفهم ويدرك دروسه بشكل فني جذاب ويساعده أيضا على إعمال العقل، مضيفا أن الفائدة من مسرحة المناهج ثنائية الاتجاه، فالطالب يتعلم درسه ويقوم بأدائه وهناك الطالب المتلقي الذي يستقبل المادة العلمية بالشكل الفني الجذاب، وعليه فإن مشروع مسرحة المناهج هو أحد أهم المشاريع التي يجب أن تهتم بها التربية والتعليم. أما عن السلبيات، فإن المشروع أصبح الآن عبارة عن مسابقة يتنافس بها مجموعة من الإدارات التعليمية والهدف هو الفوز وحصد الجوائز والمراكز والتصعيد للمهرجانات النهائية، وعليه تم تهميش الدور الأساسي لمسرحة المناهج، إضافة إلى أن مجموعة من خريجي كليات التربية النوعية أقسام المسرح المدرسي غير مؤهلة للقيام بهذا الدور، وعليه تفتقد الأعمال للشكل الفني، ونجدها مفرغة من المضمون العلمي، وهو ما يفقد المشروع هدفه الأساسي، كما أن البروتوكولات التي عقدت بين وزارة التربية والتعليم والجهات الأخرى لم يتم تفعيلها بالشكل الأمثل. وحول تطوير مشروع مسرحة المناهج، تابع: أعتقد أن تطوير التجربة يتمثل في وجود رغبة حقيقية داخل وزارة التربية والتعليم لتفعيل الدور الهام لمسرحة المناهج، إضافة إلى ضرورة عقد ورش ودورات تدريبية لخريجي كليات التربية النوعية من الأخصائيين لتوعيتهم بأهمية مشروع مسرحة المناهج وكيفية القيام بعمل مسرحي منهجي، مع ضرورة التأكيد على أن مسرحة المناهج لم يتم إنشاؤها لخوض المسابقات والتنافس على المراكز الأولى فقط، بل يجب أن يقدم العرض في عدة مدارس بل وداخل الفصول للوصول لأكبر عدد من الطلبة المستهدفين.
وقد لاحظت أثناء تحكيم مسابقة مسرحة المناهج أن هناك من يعمل من أجل تطوير المشروع بالفعل، وهناك أعمال جادة بالفعل لكنها قلة قليلة ويكتفي بعرضها أمام لجنة التحكيم فقط؛ مما أفقد المشروع هدفه.
تجربة لا تعتمد على تلقين الطلاب
بينما ذكر عصام رشوان موجه عام المسرح في محافظة الجيزة، أن مشروع مسرحة المناهج يعد من المشاريع المسرحية التي تحقق المتعة الفنية والإفادة العلمية والثقافية؛ حيث يعتمد على تبسيط المادة العلمية بوضعها في قالب درامي، تقدمه جميع الإدارات، وهو بمثابة درس بسيط لا يعتمد على التلقين. أضاف لا توجد سلبيات للمشروع سوى أن توقيتات إقامته مضغوطة؛ حيث تقام أكثر من مسابقة في وقت واحد منها مسابقات أعياد الطفولة والإلقاء، فلا نستطيع أن نلتقط أنفاسنا. وحول تطوير مشروع مسرحة المناهج، قال: من الضروري أن توضع المسابقة في بؤرة الاهتمام من الجهات المعنية، وأن تقدم عروض مسرحة المناهج في مسارح مختلفة بتذاكر مخفضة، فعروض هذا المشروع يبذل القائمون عليها من الأخصائيين المسرحيين قصارى جهدهم.
واتفق جمال طاهر موجه عام التربية المسرحية، مع الرأي السابق في أن مشروع مسرحة المناهج لا يحوي أي سلبيات، وأنه يعد من أهم المشاريع في التربية والتعليم، يقدم خدمة للطلبة؛ حيث يقدم المنهج في صورة عرض مسرحي لتوصيل المعلومة ببساطة وسهولة. وحتى يتم تطوير مشروع مسرحة المناهج، قال: هناك ضرورة لتسجيل دروس مسرحة المناهج على “سي دي” توزع على جميع المراحل التعليمية المختلفة، حتى تراه كل الفصول على مستوى المديرية، وهناك ضرورة لزيادة الميزانيات الخاصة بمشروع مسرحة المناهج.
بينما قالت أمل سعيد أخصائية المسرح في التربية والتعليم: الطلاب عندما يقدمون هذه التجارب يعيشون المتعة في صنع مفردات العمل المسرحي. ولكي نطور هذا المشروع نحتاج إلى مجموعة من المتخصصين على أعلى مستوى من المهارة، يستطيعون تحويل الدروس إلى مسرحيات، إضافة إلى ضرورة أن يكون المحتوى في متناول الجميع، وأن يصبح مرجعا.
تطوير الإمكانيات ووسائل الإيضاح
فيما قالت ملك عبد العظيم أخصائية المسرح بإدراة المعادي التعليمية، والحاصلة على المركز الأول على مستوى الجمهورية بعرض «بيئات مصرية» إعداد وأشعار أشرف أبو جليل: لا بد من أن يتم تطوير الإمكانيات المادية للمشروع، بالإضافة إلى ضرورة اختيار توقيت موحد للنشاط المسرحي داخل المدارس حتى يستطيع الأخصائي المسرحي العمل، وتقديم عروض متميزة ومن الهام استخدام وسائل إيضاحية، وخصوصا في مواد الجغرافيا والتاريخ والعلوم. وتابعت: قدمت عرضا يتحدث عن البيئات المصرية وبالأخص البيئة الزراعية والساحلية واستطاع العرض أن يوضح مميزات وخصائص هذه البيئات، وأشارت إلى أنها قدمت تجربة أخرى وهي “يحدث في الليل”، تدور أحداثها حول الأسر الفرعونية، وذكرت ملك أن أكثر إيجابيات المشروع أنه يعد أبسط طرق التحصيل ويرسخ لفكرة العمل من خلال فريق من الطلاب يقومون بالمشاركة في العرض، إن لم يكن بالتمثيل فمن خلال الديكور والملابس وبقية مفردات العمل المسرحي.
وقال أشرف أبو جليل مدير عام الثقافة العام وموجه التربية المسرحية الأسبق وأحد مؤسسي مشروع مسرحة المناهج: المشروع يعد ضمن آليات التعلم النشط، فمعظم دول أوروبا تتجه نحو فكرة الفعل المسرحي خروجا عن فكرة التلقين، فعلى سبيل المثال درس أحمس في التاريخ عندما يقدمه الطلاب سيكون أسرع في استيعاب الطلاب، ويتعرفون على معلومات من خلال التمثيل ليس فقط في مادة التاريخ فحسب وإنما في جميع المواد. وأضاف: مشروع مسرحة المناهج رغم ذلك ما زال هامشيا بالنسبة للتربية والتعليم، وتصورات المدارس وأولياء الأمور عنه أنه غير مهني، وما زالت تحاوطة بعض الأمور السلبية ومنها أن أخصائيي النشاط المسرحي في المدارس لا تصل نسبتهم إلى 7%، إضافة إلى قلة عدد المسارح الجيدة، فهناك إدارات كاملة لا يوجد بها مسرح. ومن السلبيات أيضا قال: عدم وجود نصوص مسرحية جيدة وعدم إقدام كتاب المسرح المصري على كتابة هذا النوع من المسرح، رغم أنه نوع جيد إذا ما أحسن استخدامه، مسرحة المناهج مشروع لا تؤمن به التربية والتعليم ولم يدخل في عقيدتها التعليمية كآلية من آليات الشرح.
وحول مقترحه لتطوير المشروع، قال: هناك ضرورة لأن تقيم وزارة التربية والتعليم مسابقة بين الكتاب الكبار لتأليف نصوص تقوم بتغطية جميع المناهج الدراسية، ويتم طبعها في كتب ويتم وضع هذه الكتب في مكتبات المدارس، ثانيا: تقوم وزارة التربية والتعليم بدعم المشروع بميزانية مقبولة ومعقولة، وإنتاج هذه النصوص، وقد أصدرت أول كتاب في مسرحة المناهج عن إدارة المعادي التعليمية.