مؤتمر حقيقة الأدب يكرم أدباء القاهرة

مؤتمر حقيقة الأدب يكرم أدباء القاهرة

اخر تحديث في 1/17/2020 2:04:00 PM

شيماء الطويل
كرم مؤتمر اليوم الواحد لثقافة القاهرة (أدب الحقيقة وحقيقة الأدب) برئاسة د.حسين حمودة وأمانة محمد أبو الليف: القاص أحمد رمضان، والشعراء شرقاوي حافظ، وكمال عبد الرحيم ومحمد أبو شادى بإهدائهم درع الهيئة بقاعة سعد الدين وهبة بديوان عام الهيئة.
بدأت الفعاليات بالجلسة الافتتاحية وقد أدارها الإذاعي الشاعر السيد حسن، حيث نقل خلالها د.هاني كمال رئيس الإدارة المركزية للشؤون الثقافية تحيات د. أحمد عواض رئيس الهيئة والمخرج هشام عطوة نائب رئيس الهيئة للحضور، كما أعرب عن سعادته بوجوده وسط الأدباء والمثقفين، ووجه الشكر لأعضاء أمانة المؤتمر والذين أسهموا فى إقامة هذا المؤتمر، وأوضح الفنان جلال عثمان رئيس إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافى أنه لابد من النظر إلى المتغيرات الجديدة التى تطرأ على المجتمع لإيجاد مفردات للتواصل بين القديم والحديث، وأكد على أن خطة الإقليم تعمل على إيجاد تبادل للآراء والرؤى والأفكار للتلاحم بين المجتمعات الشبابية داخل محافظات الإقليم وخارجه.
وأعرب د.حمودة عن سعادته بالمؤتمر ووجه الشكر لكل من بذلوا الجهد فيه، كما تطرق بالحديث عن موضوع المؤتمر والذى يمثل قضية كبيرة قديمة ومتجددة، لأن الحقيقة أصبحت نسبية ومتعددة ومراوغة الأوجه سؤاء في الأدب أو في العلوم الإنسانية أو حتى في العلوم البحته، مؤكداً أن أبحاث المؤتمر لا تغلق الأبواب المفتوحة على علاقة الحقيقة والأدب، وإنما تكشف عن مساحة جديدة مرتبطة بالنتاج الإبداعي الراهن.
وذكر أبو الليف أن أهمية المؤتمر تأتى كوقفة هادئة على مفرق الإبداع، يعيد فيها الأديب كشف ما قدمه من إبداعات لخلق إبداعاً جديداً، مستشهداً بمقولة "كلما ضاقت ثقوب غربال النقد، صفا الإبداع وأشرق الأدب بالأصالة والجمال".
أكدت د. جيهان حسن مدير عام ثقافة القاهرة على أن المؤتمر جاء في إطار وجود الحراك الثقافى الذى يساهم في تشكيل الوجدان الإنساني الذى يجمع بين الثقافة والفن، وأوضحت أن من وظائف الأدب نقد الحياة لأن الأدب يساهم في بناء الإنسان، وأن تلك الاستراتيجية هى التى تعمل عليها الهيئة الآن.
 * أدارت د. هدى عيد الجلسة البحثية الأولى والتي ضمت بحث السيد حسن بعنوان (الأدب والحقيقة والأسئلة المشروعة) أكد خلاله أن الأدب هو حديث من التخييل، فالخيال هو جوهر الإبداع الأدبي، فالأدب لا يحاكي الواقع ولكن يخلق واقعا موازيا. 
وهناك بعض التجليات ترتبط بفكرة أدب الحقيقة وهي:
* أولا أدب السيرة الذاتية: 
وهو لون أدبي شديد الخصوصية يقوم في جوهره على انتقاء الأحداث الحقيقية في حياة كاتبها في صورة إبداعية، وتعد رواية الأيام لطه حسين هي الأسرع تبادلا للذهن حين نتحدث عن أدب السيرة الذاتية العربية، وقد تتفاوت أعمال السيرة الذاتية في مقدار اقترابها من الحقائق مجردة، كما اختلفت في مناهج ومنطلقات الكتابة أدبا وفلسفة وسيرة.
كما أن هناك لون آخر من السير هي السيرة الغيرية التي يبادر فيها المبدع إلى كتابة سيرة خاصة بشخص آخر غيره.
* ثانيا : الأدب المأخوذ عن أحداث واقعية:
وقد اكتفى حسن بالإشارة إلى جريمة الأختين ريا وسكينة وقصة اللص  والكلاب لنجيب محفوظ حيث طرح تساؤل: إلى أي مدى تنتمي المعالجات الأدبية في هذه الأعمال وأمثالها إلى الحقيقة وإلى أي مدى تتوافر فيها عناصر الإبداع الأدبي الحقيقي الرفيع، كذلك مسرحيات الحسين، قمبيز وعلي بك الكبير وغيرهم هل كانت هذه الأحداث حاضرة بحقيقتها أم كانت ملهمة بما تحمله من عناصر درامية أو شعرية أو إبداعية بصفة عامة.
*ثالثا : أدب المناسبات:
قال أن هذا النوع من الأدب ظُلم حيث يتم النظر إليه باعتباره أدبا يفتقر إلى الصدق متناسين مدى صدق المبدع في انفعاله بالمناسبة، ثم مدى توافر عناصر الأدب الجيد في الأعمال الإبداعية التي يقدمها.
* رابعا: الصدق الواقعي والصدق الفني والأخلاقي:
قال فيها دعونا نتفق على تعبير الأدب الصادق فإن هذا الصدق لا ينصرف إلى الصدق الأخلاقي أو الواقعي وإنما إلى الصدق الفني، وطرح تساؤلًا هل صحيح أن هناك تناقض بين صدق الأدب أخلاقيا واقترابه من الحقيقة من ناحية عذوبته وجماله واقترابه من الحقيقة من ناحية أخرى؟
أم أن مرجعه إلى مهارة المبدع وتمكنه وقدرته على الموازنة المثلى بين هذه الألوان من الصدق؟
خامسا: تعدد القراءات والتأويلات وتعدد مفاهيم الحقيقة:
أشار إلى أنه أصبح هناك انحياز كبير إلى فكرة تعدد القراءات والتأويلات للنص الواحد لما يحمله من رسائل أو أفكار، وسأل هل يمكن تقييم كل تأويل أو تفسير وفقا لمدى إمساكه بهذه الحقيقة التي لا نعلمها نحن أصلا؟
* سادسا: ذاتية المبدع وموضوعية الحقيقة:
قال خلاله أن الحقيقة في الأدب تختلف عنها في العلم، فالحقيقة في العلم تدور حول الصدق والكمال بينما في الأدب تتمحور حول مفهوم الصدق الفني وقدرة الأديب على خلق عالم مواز وليس محاكاة العالم القائم بالفعل.
والبحث الثاني عن رواية الخواجا وأدب الحقيقة د.عايدي علي جمعة
والذي طرح تساؤل: ما علاقة الأدب بالواقع؟ فرغم إغراق نظرية المحاكاة في القدم فإن هذه النظرية لا زالت تتردد سواء بالرفض أو القبول، وأشار إلى أنه لا يمكن أن نتصور إنتاج أدبي دون أن يكون متصلا بالواقع، فبنية الرواية التخييلية لا تنشأ من فراغ وإنما هي ثمرة للبنية الواقعية السائدة في الحياة الاجتماعية والثقافية على حد سواء.
ثم تناول قصة الخواجا للأديب اللبناني محمد الطعام والتي بدأت بلحظة تعرف الطبيب المعالج على الخواجا ثم حدثت الارتدادات الكاشفة عن طبيعة شخصية الخواجا وطبيعة التركيبة الاجتماعية للبنان منذ القرن ال١٩ حتى ال٢٠.
فكانت المعالجة الروائية لهذا الحدث كاشفة عن أدب الحقيقة لأن المتلقي لا يجد إغراقا في الخيال عبر الأحداث.
كما أكد أن هذه الرواية لها مرجعية حقيقية، فالخواجا شخص حقيقي، وتعد هذه الرواية من أدب الحرب، فقد أظهرت الرواية أخلاق الحرب سواء الإيجابية أو السلبية، فهذه الرواية كان تركيزها الكبير على الحدث أكثر من إحساس الشخصيات لذا فهي تنتمي إلى أدب الحقيقة.   
* الجلسة البحثية الثانية :
أدارتها د. فايزة سعد تضمنت بحثين 
الأول للدكتور أبو اليزيد الشرقاوي بعنوان (سؤال الحقيقة والخيال في قصيدة《سيرة ذاتية لشخص جدير بالكراهية 》للشاعر عزمي عبد الوهاب 
حيث يري د.شرقاوي أن هذه القصيدة تصلح مدخلا مناسبا لجدلية (الحقيقة والخيال) وتفاعل هذا الجدل مع مفاهيم الواقع والحقيقة في نظريات النقد المختلفة من نظرية (المحاكاة) التي تعتبر أنه عند نقل الحقيقة من عالم الواقع إلي عالم الأدب إذا صادفت جزءا من التخييل يعتبر تشويها .. و لكن لخلق (جماله الواقعي) حتى إلى نظريات الحداثة ومابعد الحداثة.
وقدم د. أبو اليزيد تحليلا تجزيئياً في ضوء هذه المفاهيم للقصيدة، حيث تقوم القصيدة على المفارقة المعنوية والإحالات النفسية والزمنية للواقع والحقيقة والمتخيل ، ومدى تمرير المعلومة فيما بعد داخل النص من خانة (الواقعي) إلى خانة (الشعري) ..
وأن التجريد الذي قَدَّم من خلاله الشاعر  نفسه، هو لون من تقمص الغير، وهو الذي يجده المتلقي في النص، وهو جانب الجمال فيه، ويكون بذلك سؤال الحقيقة إفساد للشعرية، وفي الشعر تحديداً يتم الالتفاف علي ظاهر  اللفظ من خلال (الصدق الفني)، وهو محاولة قطع صلة النص بالحقيقة. 
ومن خلال الإيهام ينجح الشاعر في القدرة على التقمص بنفس درجة ميله جهة الخيال على حساب الحقيقة
والآخر حين تكلم أفلاطون عن نظرية المحاكاة، جعل تلك المحاكاة هي المراد من الأدب وهدفه الرئيس وهو أن يحاكي الطبيعة محاكاة تكاد تكون كمحاكاة المرآة، لكن أرسطو عدل في مفهومه للطريقة التي يحاكي بها الأدب هذا الواقع الحقيقي، وقال أن "عمل الشاعر ليس رواية ما وقع، بل ما يجوز وقوعه، وما هو ممكن على مقتضى الرجحان أو الضرورة أن يقع واستمرت الشروح التي بدأت بأفلاطون ومرت بأرسطو في تعديل وشرح حقيقة الأدب وماهيته وعلاقته بالمحاكاة فقد قال الفيلسوف الفرنسي دنيس ديدرو في 1780 عن جدلية الأدب والواقع من منظور المحاكاة : "إن الفنان الذي يحاكي الطبيعة ولكنه يجملها، فالفن يجمل الطبيعة، ويبدو كأنه يضرب المثل كي تحاكيه الطبيعة وإضافة جزء كبير من التخييل الذي يبرز مكنوناته ويعيد ترتيب مكوناته ربما يشي بجوهر الواقع المعاش بأكثر من تصويره أو محاكاته محاكاة المرآة، وعلى ذلك عملت منذ البداية على نحو يؤسطر الشخصيات والصراعات والأحداث ويجعلها than larger
life ،لكن مع الاحتفاظ بالمكونات الرئيسية للبيئة مثل: المكان والجغرافيا كمسرح للرواية، العادات والتقاليد، اللهجة واللغة 
المنطوقة 
ما هو تخييلي: مناطق التخييل في ساحة الغواية انقسمت إلى ثالثة أجزاء: تخييل الواقع : وأعني هنا أخذ مكونات الواقع الحقيقي ومن ثم التعبير عنه في بشكل تخييلي كما حدث في وصف مجلس الصيادين فمجلس الصيادين موجود وفعال وبنفس الكيفية والآلية لكنه يحدث في بيت أو ساحة وليس في البحر نفسه، وليس وسط مشاعل مغروسة في رمال البحر في ليلة مقمرة، فمسرح هذا المجلس تم تخييله وإعادة بنائه على النحو الذي ظهر في 
الرواية. 
توقع المتخيل: إن توقع المتخيل هو ما يمكن ان يحدث في الواقع فواقعة الوحي برمتها من الممكن ان تحدث واقعيا لو توائمت الظروف ونيات الشخصيات على نحو ما، بمعنى أننا لو عرضنا صورة سينمائية أمام عمال لم يعرفوا عن السينما شيء 
وأوهمناهم أن هذا وحي فنسبة إن يصدقوا ذلك كبيرة تماما 
المتخيل الأسطوري: هذا الجزء هو الجزء غير الواقعي تمام والذي لا يمت للواقع بصلة في هذه المجتمعات وغيرها 
ويتمثل هنا في رواية ساحل الغواية في "سم المضاجعة" الذي ظهر في فم الودعة لسلمى والتي قالت عنه العرافة لسلمى "ان رشفة واحدة منه تجعل جسدك مسمما على الذي يهواه قلبك، فلو تزوجك من تحبين فسيموت".
أود ان أشير إلى حكاية تخليق قصة تخييليه من حدث واقعي حدثت في مخيلتي أثناء الكتابة ربما لتدلنا على طريقة من طرائق توالد المتخيل من الواقعي، فقد كنت منذ سنوات مدعوا لحضور مسرحية من مسرحيات الغرفة تلك المسرحيات التي يلتف فيها المشاهدين حول خشبة المسرح من ثلاث أضلاع تاركين الضلع الرابع لخروج الممثلين او تغيير الديكور، وظللت في الفترة 
التي قبل العرض أتأمل القاعة والجمهور والديكور الموجود قبل بدء المسرحية وبالطبع لم يكن هناك مكان للملقن المسرحي 
الذي اعتدنا عليه في باقي المسرحيات حيث انه في مسرح الغرفة ال يمكن وضعه خلف ذلك الساتر القصير فالجمهور في كل 
اتجاه تقريبا وسوف يراه اذا ما وضع في غرفة اسفل المسرح وأطل برأسه المتخفية خلف ذلك الساتر الخشبي ممسكا بالنص 
المسرحي ليملي على الممثلين أدوارهم وأول خاطر خطر في بالي ان هؤلاء الممثلين لابد ان يكونوا حافظين للنص عن ظهر قلب فلا مجال لوجود ملقن وهنا جاءت الفكرة التخيلية وهي أيمكن أن نكون نحن والمسرح والجمهور موجودين حاليا في غرفة الملقن وأن هذه الكوة التي في السقف هي 
التي يطل منها الملقن الي خشبة المسرح، وتداعت هنا الأفكار بين فكرة أن الحياة هنا أم في مكان آخر فاذا افترضنا أن هذه الصالة على اتساعها ما هي إلا غرفة لملقن مسرحي فالمسرحية التي تقدم على خشبة 
أخرى فوق هذا السقف التي تطل منه هذه الكوة وهنا تدخلت بنية السؤال التي كثيرا ما تكون هي الباعث الحقيقي للإبداع عندي هل ما نعيشه الآن هي الحياة ام أن الحياة في مكان آخر ؟ حتى فكرت في استدعاء الملقن وجعله يصعد إلى الكوة ويطل منها إلى أعلى فيكسر هنا الجدار الخامس حتى تنتهي القصة بالمزج بين ملقن المسرح وملقن القبر.
واختتم المؤتمر بأمسية شعرية أدارها عبد الباسط الغرابلي وأحمد هاشم.

شاهد بالصور


شيماء الطويل

شيماء الطويل

راسل المحرر @