العدد 941 صدر بتاريخ 8سبتمبر2025
ضمن فعاليات مهرجان مسرح العرائس العربى فى دورته الثالثة، خطف عرض “مختار والأوتار” الأضواء برسائله التربوية العميقة، وأسلوبه الفنى الجذاب الذى يمزج بين الحكاية والاستعراض، بمشاركة فريق متنوع من مصر والأردن. العرض مأخوذ عن قصة “مختار أبو أذنين كبار” للدكتورتين سونيا نمر وسعاد ناجى، وتم تحويلها إلى نص مسرحى بإبداع المخرجة مادونا حنا، التى قادته نحو الفوز بثلاث جوائز وأربع شهادات تميز.
مسرحنا التقت المخرج مادونا حنا للتعرف على كواليس العرض ورحلته للأردن وفوزه بالجوائز.
بدايةً، كيف نشأت فكرة عرض “مختار والأوتار”؟ ولماذا اخترتِ قصة “مختار أبو أذنين كبار” بالتحديد؟
نشأت الفكرة من إيمانى بأن المسرح وسيلة فعالة لمعالجة قضايا الأطفال النفسية والاجتماعية بطريقة قريبة من عالمهم، وقصة “مختار أبو أذنين كبار” تأليف الدكتوره سونيا نمر والدكتورة سعاد ناجى.
قمت بتحويلها لنص مسرحى، جذبتنى لأنها تمس موضوعًا حساسًا يعيشه كثير من الأطفال، وهو التنمر، وشعور الطفل بالاختلاف، واخترت مختار لأنه يُمثل طفلًا يواجه الأحكام المسبقة لكنه فى النهاية يتصالح مع نفسه ويكتشف قيمته الحقيقية، وهذا ما أردت أن يصل للأطفال.
ما أبرز الرسائل التربوية والإنسانية التى يسعى العرض إلى إيصالها للأطفال؟
الرسالة الأساسية هى تقبّل الذات واحترام الاختلاف، إلى جانب تعزيز قيم التعاطف، الصداقة، وعدم الحكم على الآخرين بناءً على الشكل.
كما يحمل العرض رسالة مهمة للبالغين وهى أن يصغوا للأطفال ويدعموهم دون تقييد لخيالهم أو أحلامهم.
العمل يجمع بين السرد، الديكور الجاذب، والاستعراضات الحركية.. كيف عملتِ على تحقيق هذا التناغم بين العناصر المختلفة؟
حرصت على أن تكون كل العناصر جزءًا من السرد لا إضافات عليه. ثم تطور مع الموسيقى والأداء الصوتى للفنان الصغير يوسف مصطفى كان صوته ساحرا.
والاستعراضات كانت تمثل ألعاب الأطفال القديمة، فتعاونت مع فريق مبدع ومؤمن بالفكرة، فعملنا على خلق عالم بصرى وسمعى متناغم يشد الطفل من اللحظة الأولى.
حصد العرض ثلاث جوائز وأربع شهادات تميز… كيف استقبلتِ هذا التقدير، وما الذى يمثله لكِ شخصيًا وللفريق؟
الجوائز كانت مفاجأة جميلة، فقد حصلنا على أفضل موسيقى، وأفضل إخراج، وأفضل عمل متكامل و3 شهادات تميز للأطفال المشاركين بالاستعراضات مارى وراما ولمار.
لكن الجوائز قبل كل شىء تقدير لجهد جماعى كبير. شخصيًا، شعرت بأن هذه لحظة انتصار للحلم وللإيمان بأن الفن الصادق يصل. وبالنسبة للفريق كانت لحظة فخر، لأننا جميعًا عملنا بروح واحدة رغم اختلاف خلفياتنا.
هل واجهتِ تحديات خلال مراحل التحضير أو أثناء المشاركة فى المهرجان.. وكيف تغلبتِ عليها؟
طبعًا، كان من أبرز التحديات تنسيق العمل بين أعضاء من دولتين، وضيق الوقت، والتوفيق بين الخيال والواقع التقنى. لكن روح الفريق، والدعم المتبادل، والإيمان بالمشروع ساعدونا على تجاوز كل ذلك وطبعاً الدعم المادى إذا لم يتوافر يكون معوقا أساسيا للعمل لعدم قدرة سفر جميع أفراد فريق العمل.
كيف تصفين أجواء مهرجان مسرح العرائس العربى فى دورته الثالثة؟ وما الذى أضافته لكِ كمخرجة؟
كانت أجواء المهرجان مليئة بالمحبة والإبداع والتبادل الثقافى. كمخرجة، استفدت كثيرًا من مشاهدة تجارب عربية متنوعة، وتعلمت من الحوار مع فنانين يحملون نفس الشغف، وهذا وسّع من رؤيتى الفنية.
كيف كانت ردود فعل الجمهور – خصوصًا الأطفال – على العرض؟ وهل تواصلتِ مع بعضهم بعد العرض؟
ردود الأطفال كانت ساحرة! ضحكهم، تفاعلهم، وحتى أسئلتهم بعد العرض، كانت أكبر جائزة. نعم، تحدثت مع بعضهم، وأذهلتنى الطريقة التى فهموا بها الرسائل، بل وأعادوا رواية القصة بطريقتهم، وهذا أثبت لى أن المسرح ما زال حيًا فى قلوبهم.
ما الذى جذبكِ شخصيًا إلى العمل فى مجال مسرح العرائس ومتى بدأ شغفك به؟
جذبنى هذا العالم منذ أول مرة رأيت فيه دمية تتحرك وتُحاكى مشاعر إنسان على المسرح وليس من زمان بعيد من وقت قريب جدا. هناك شيء سحرى فى أن تمنح الحياة لجماد، وأن تحكى من خلاله قصة تصل إلى قلب طفل. شغفى بدأ بفن العرائس عندما التحقت بدراستى فى أكاديمية الفنون فى المعهد العالى لفنون الطفل، وبأول تجربة لى بالعرائس كانت مسرحية يافا والباب الأزرق حين أدركت أثر العرائس فى دعم الأطفال نفسيًا وتربويًا.
فى زمن تهيمن فيه التكنولوجيا على عقول الأطفال، ما هى أهمية مسرح العرائس اليوم؟ وهل ما زال قادرًا على التأثير فيهم؟
نعم، وربما أكثر من قبل. لأن فى زمن الشاشات الباردة، يقدّم المسرح تواصلًا حيًا ودفئًا إنسانيًا. الطفل يحتاج أن يُرى ويُسمع، ومسرح العرائس يوفّر له ذلك بشكل ساحر وبصرى مشوّق.
برأيك، كيف يمكن لمسرح العرائس أن يتطور فى المنطقة العربية ليواكب التحديات الفنية والتربوية المعاصرة؟
بإدماجه أكثر فى المدارس، وتوفير ورش تدريب متخصصة، ودعمه من الجهات الثقافية كوسيلة تعليمية وليس فقط ترفيهية. كذلك، بكتابة نصوص حديثة تعكس قضايا الأطفال اليوم بلغتهم واهتماماتهم.
العمل ضم فريقًا متنوعًا من مصر والأردن.. كيف تعاملتِ مع هذا التنوع الثقافى والفني؟ وهل أضاف بُعدًا جديدًا للعرض؟
بكل تأكيد. هذا التنوع كان مصدر قوة، فكل شخص أضاف من تجربته وبيئته شيئًا خاصًا، وهذا ما أغنى العرض. تعاملنا بروح واحدة، وجعلنا هدفنا المشترك هو الطفل.. وليس جنسية العرض.
والعرض الثانى كان معى ممثلة أردنية اسمها سارة سعيد مثلت دور الراوية باللهجة المصرية واتقنتها بشدة كأنها فنانه مصرية.
ما الذى يميز العمل مع الأطفال أو الشباب فى هذا النوع من المسرح؟ وهل يتطلب منهم مهارات خاصة؟
العمل مع الأطفال يتطلب حساسية عالية وصبر، لأنك تتعامل مع جمهور صادق جدًا.. إذا شعر بالملل سيُظهره فورًا. أما من يعمل فى هذا المسرح، فيجب أن يتحلى بالخيال، والقدرة على التواصل البصرى والحركى، والصوتى أيضًا.
ما مشاريعك القادمة بعد “مختار والأوتار”؟ وهل هناك نية لتقديم عروض جديدة بنفس الطابع أو بجمهور مختلف؟
مسرحية مختار ستعرض فى عدة مهرجانات دولية للأطفال. كما أعمل على تطوير نص جديد يعالج موضوعات تتعلق بالهوية والانتماء للأطفال فى بيئات متعددة الثقافات.
ما هو الحلم الأكبر الذى تطمحين لتحقيقه فى عالم مسرح العرائس؟
أن أؤسس مركزًا عربيًا متخصصًا فى مسرح العرائس، يكون مساحة تدريب وإنتاج وبحث، ويمنح هذا الفن الجميل حقه فى التقدير والتطور.
وأخيرًا، ما الرسالة التى تحبين توجيهها للأطفال الذين شاهدوا العرض؟ أو إلى من يعملون فى مسرح الطفل؟
للأطفال: أنتم أبطال حقيقيون.. لا تخافوا من أن تكونوا مختلفين، لأن فى اختلافكم جمالكم.
ولمن يعملون فى مسرح الطفل: أنتم تزرعون بذورًا لا تُقدّر بثمن، استمروا فى الإيمان بأن الفن قادر على أن يغيّر العالم.. من قلب طفل.
“الأطفال هم الغد، وهم العالم الجديد، وهم من سيحكم هذا العالم يومًا ما. ازرعوا فيهم بذورًا صالحة، لتحصدوا ثمارًا شهية المذاق. وهذه هى رسالتى فى نهاية الحوار.