العدد 928 صدر بتاريخ 9يونيو2025
أضاء مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائى سماء المسرح العربى فى دورته الجديدة، التى أُقيمت خلال الفترة من 23 إلى 27 مايو الماضى، برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ويرأس المهرجان الاستاذ عبد الله عويس ومدير المهرجان الاستاذ أحمد بورحيمة مدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة بالشارقة.
ويُعد هذا الحدث الثقافى محطة فنية مهمة تلتقى فيها التجارب المسرحية العربية فى فضاء من الوعى والحوار الإبداعى.
شهدت دورة هذا العام مشاركة خمسة عروض مسرحية من دول عربية مختلفة، عكست تنوّع التجارب وثراء الطروحات، كان من أبرزها: “17 ساعة” من الإمارات، تأليف يوجين يونسكو إخراج عبدالله محمد “خلاص فردي” من سوريا، تأليف وإخراج سامر محمد إسماعيل “حياة وحلم» من المغرب تأليف وإخراج بولسهام الضعيف، “لتحضير بيضة مسلوقة” من الكويت إعداد وإخراج مصعب سالم، و»بروفايل» من مصر تأليف د. ناهد الطحان إخراج إيناس المصرى
كما تميّز المهرجان بتنظيم ورش تدريبية متخصصة وندوات فكرية أعقبت كل عرض، إلى جانب محور فكرى حمل عنوان “المسرح والحياة”، ناقش علاقة المسرح بالوجود الإنسانى والتجربة اليومية ومن خلال هذا التقرير نستعرض أهم عروض وفعاليات المهرجان والتى جاءت على النحو التالى.
انطلقت فعاليات مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائى فى نسخته الثامنة برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، (23 مايو) الماضى بالمركز الثقافى لمدينة دبا الحصن بحضور عبدالله العويس، رئيس دائرة الثقافة رئيس المهرجان، وأحمد بورحيمة، مدير إدارة المسرح مدير المهرجان، والعديد من الفعاليات الفنية المحلية والعربية.
وتم خلال حفل الافتتاح التعريف بمخرجى العروض المشاركة وأبرز الأنشطة التى ستشهدها الدورة الحالية التى تستمر حتى السابع والعشرين من الشهر الجارى.
وشهد جمهور اليوم الأول العرض الإماراتى (17 ساعة) المقتبس من نص “تخريف ثنائي” للكاتب الرومانى الفرنسى يوجين يونسكو، وقدمته فرقة مسرح الشارقة الوطنى، وهو من إعداد وإخراج عبدالله محمد، وأداء نصر الدين عبيدى، وسيدرا الزول، وتدور أحداث العمل بأسلوب كاريكاتورى الخلافات المستمرة بين زوجين تزوجا منذ سبع عشرة ساعة، حول تفاصيل هامشية تبدأ من أمور مثل السكر، والملح، والعسل، كاشفًا عن صراعهما الداخلى الذى يعميهما عن حرب مدمرة تدور فى محيطهما
وتميز العرض بتنوع حلوله البصرية والسمعيّة، حيث اعتمد المخرج على توظيف شاشة عرض (بروجكتور)، وفن خيال الظل، والإضاءة، والموسيقى، والمؤثرات الصوتية، بالإضافة إلى تقنية “مسرح داخل مسرح”. وقد منح هذا المزيج العرض إيقاعًا حيويًا وتنقلًا رشيقًا بين مشاهده القصيرة، التى تميزت بالأداء الحركى الحماسى للممثلين.
وفى الندوة النقدية التى تلت العرض، وأدارها المخرج الإماراتى أحمد عبدالله راشد، اثنى المتداخلون على مهارات المخرج ومقاربته الذكية التى أضفت بعدًا فكاهيًا على نص يوجين يونسكو “العبثى”، كما أشادوا بالأداء المتقن للممثلين، والتصور السينوغرافى المبتكر الذى حصر مساحة التشخيص حول فراش الزوجية بخلفيته السوداء، وجعل من سقف الغرفة الذى كان يتداعى مع كل دوى للمدافع فى الخارج ملمحًا بصريًا مؤثرًا فى الصورة الكاملة للعرض.
وثمّن الفنان أحمد الجسمى رئيس المجلس الإدارى لفرقة مسرح الشارقة الوطنى تجربة المهرجان بصفته ملتقى لتفاعل وتواصل التجارب المسرحية المحلية والعربية، وباعتباره منصة راسخة لهذا النوع من العروض المسرحية، مشيرًا إلى الدور البناء الذى ظلت تنهض به الشارقة فى دعم الطاقات المسرحية الواعدة، من خلال ما تتيحه لها من فرص وإمكانات التدريب والتعلم والبروز، وهو ما أكده الدكتور محمد يوسف عضو مجلس إدارة الفرقة فى إفادته بالندوة، وأثنى على الأداء المتميز لفريق العرض.
وشهد جمهور اليوم الثانى للمهرجان الذى يحتفى بعروض الديودراما، العرض السورى “خلاص فردي” من تأليف وإخراج سامر محمد إسماعيل، وتمثيل رغد سليم، ومحمد شما، ويروى العمل حكاية الكاتب المسرحى الأربعينى “عادل”، الذى يعانى من اليأس والكآبة، بينما يسعى لإيجاد نهاية مناسبة لنصه المسرحى. فى أثناء ذلك، تقتحم حياته جودى، الشابة العشرينية المرحة التى تأتى لتنظيف شقته، وسرعان ما تتدخل فى شؤونه وتجادله حول عاداته غير الصحية وأسلوب معيشته الفوضوى، ونظرته المتشائمة إلى الحياة.
ومع تقدم الأحداث، تتداخل عوالم الواقع والخيال فى هذا العرض، ويبدأ عادل برؤية جودى فى صورة حبيبته “ليال” التى تركت وفاتها المأساوية فى حادثة سير أثرًا عميقًا فى نفسه. وبتواصل الحوار بين الاثنين حول مفاهيم الحب، والموت، والحياة، تبدو آراء جودى طفولية وساذجة، إلا أنها تستحوذ على اهتمام عادل، الذى يسعى لاستثمارها فى إثراء الجانب الدرامى لمسرحيته غير المكتملة، التى تدور حول انتحار كاتب نتيجة فقده لحبيبته.
فى الندوة النقدية التى أعقبت العرض، وأدارتها الكاتبة السورية أمينة عباس، أشاد أغلب المتداخلين بـالنص الذى تميز بثرائه فى الثنائيات الضدية، مثل التناقض بين شخصيتى الكاتب والمنظّفة، وتقاطع الخيال والواقع، والمرح والكآبة، والفصحى والعامية، وكذلك اللغة اليومية واللغة الشعرية، ما أضفى عمقًا على الحبكة، وزاد من كثافة وحيوية الصورة المسرحية. كما أثنى بعض المتحدثين على الرؤية الإخراجية التى قدمت العرض بوضوح وسلاسة فى تواصله مع الجمهور، من دون أن يفقد عمقه وجماليته، فقد اقتصر فضاء العرض على مكتب صغير، وخزانة للكتب، واستُخدمت الإضاءة بأبسط أشكالها فى معظم العرض، إلا فى المشاهد القليلة التى يستعيد فيها الكاتب الماضى، أو تلك التى يقوم فيها، بمساعدة جودى، بتجسيد مشهد من نصه، أو من ذكرياته مع حبيبته الراحلة.
ملتقى الشارقة للمسرح العربي
وكانت أنشطة اليوم الثانى للمهرجان بدأت عند الخامسة مساء بانطلاق جلسات اليوم الأول من ملتقى الشارقة للمسرح العربى فى نسخته العشرين، تحت شعار “المسرح والحياة”، وقدم للملتقى وأداره السينوغراف الإماراتى وليد الزعابى، الذى استهل حديثه قائلًا: “نرفع أسمى عبارات الشكر والامتنان إلى مقام صاحب السمو حاكم الشارقة على دعمه السخى لتطوير وارتقاء الحركة المسرحية فى أفقيها المحلى والعربى، وفى كل مجالاتها الفنية والفكرية والأكاديمية»، مستعرضًا أبرز الموضوعات التى تناولها الملتقى خلال العشرين سنة الماضية بمناسبة مرور عقدين على تأسيسه، لافتًا إلى تعدد وتنوع الأسئلة والتجارب والأجيال المسرحية التى استضافها، والتأثير الواسع الذى أحدثه فى المجال بأصدائه الإعلامية ومنشوراته العلمية.
وقدمت المداخلة الأولى فى الملتقى الباحثة الأردنية ميس الزعبى تحت عنوان «أبوالفنون والحياة: دراسة فى المظاهر والمتغيرات الجديدة»، وقالت إن المسرح يمثل مرآة تعكس تعقيدات الحياة الإنسانية والاجتماعية والثقافية عبر العصور، موضحة أن “أبو الفنون” ليس نشاطًا ترفيهيًا فحسب، بل يمثل أداة فعالة لنقل الواقع ومحاكاته ونقده.
وأكدت قدرة المسرح على بناء الوعى الجماعى، وتعزيز التماسك الاجتماعى، كونه يسلط الضوء على القضايا المجتمعية العامة والفردية، وهو أيضًا يعد أداة للتغيير الاجتماعى، كما يظهر فى تجربة الفنان البرازيلى أوغستو بوال ومنهجه المسرحى العلاجى، كما لفتت الزعبى إلى دور المسرح بصفته أداة تعليمية فعالة، واستعرضت نتيجة دراسة أجريت فى الأردن أثبتت تأثيره الإيجابى فى تعزيز الفهم والتحصيل الدراسى.
وذكرت الباحثة الأردنية أن المسرح يواجه اليوم تحديات عدة فى علاقته بالجمهور، بسبب انتشار المنصات الرقمية، وتعدد وسائل الترفيه الحديثة، ونقص الدعم المالى، وتأثير التغيرات فى القيم والمعتقدات الاجتماعية على موضوعاته وأساليبه، إلا أنه سيظل فنًا حيويًا قادرًا على التكيف وتجاوز الصعوبات كما فعل فى القرون والعقود الماضية.
وتحت عنوان «المسرح والحياة السالبة» جاءت مداخلة الباحث التونسى الدكتور عمر علوى، الذى ركز على تناول فكرة “الحياة العارية” التى قدمها الفيلسوف الإيطالى جورجيو أغامبين، مشيرًا إلى أنها تعنى أن الإنسان قد يفقد معنى حياته بسبب القواعد والمعايير القياسية، مبينًا أن المسرح لديه القدرة على إيقاف هذا الوضع، وجعلنا نرى جوهر إنسانيتنا الحقيقى. واتخذ علوى مسرحية “بارتلبي” نص هيرمان ملفيل، التى أخرجها دافيد جيراى، مثالًا، حيث يرفض بارتلبى – بطل العرض – القيام بأى شيء، وهذا الرفض البسيط يصبح قوة مقاومة كبيرة. هذا “اللا-فعل” يمنع الإنسان من أن يصبح مجرد آلة تعمل بلا إرادة أو رغبة. وقال العلوى إن المسرح، من خلال هذه الفكرة، يُظهر كيف يمكننا استعادة قوتنا الداخلية والحفاظ على جوهرنا، بدلًا من الانغماس فى حياة خالية من المعنى.
وقدم المداخلة الثالثة الباحث المصرى بلال الجمل تحت عنوان “المسرح بصفته مرآة للوجود.. من البدايات إلى الامتدادات”، مؤكدًا فى بداية حديثه أنه مثلما تلعب التغييرات الاجتماعية دورًا فى تشكيل أطوار الممارسات المسرحية، فإن المسرح بدوره له تأثيره الملموس فى فكر وسلوك الأفراد، وهو قادر على تحبيب العيش واستشراف مستقبل أفضل.
ومن ثم تتبع الجمل فى مداخلته، تطور علاقة المسرح بالحياة عبر ثلاث ركائز أساسية: “الوجود”، ممثلًا فى المسرح البدائى ومحاولات الإنسان الأولى لمسرحة تساؤلات الوجود وفهم العالم؛ ثم “الواقع”، بدءًا من مفهوم المحاكاة الأرسطية وصولًا إلى الانعكاس فى الواقعية، حيث تحول المسرح إلى أداة لتدعيم النظم الاجتماعية أو نقدها؛ وأخيرًا “الإنسان”، الذى تجلى فى الاتجاهات الطليعية الحديثة التى ركزت على استكشاف النفس البشرية وجذورها عبر الأسطورة والطقس.
من ثم تطرق الجمل إلى أزمة الإنسان المعاصر، المتمثلة بالاغتراب وفقدان الهوية، والشعور باللا جدوى، موضحًا أن المسرح يلعب دورًا علاجيًا وتطهيريًا فى مواجهة هذه الأزمات
ورشة الإخراج المسرحى المدرسى
ومن الأنشطة التى شهدها اليوم الثانى للمهرجان، ورشة “الإخراج المسرحى المدرسي” التى نظمت بمقر جمعية دبا الحصن للثقافة والفنون والمسرح، وأشرف عليها المخرج التونسى الدكتور حاتم المرعوب، بمشاركة نحو 40 متدربًا. وانقسمت المحاضرة على جزأين؛ نظرى وعملى، فى الأول حدد الدكتور حاتم مرعوب بعض المفاهيم ذات العلاقة بالإخراج فى المسرح المدرسى، كما بيّن للحاضرين كيفية تحويل نص مسرحى أو أدبى إلى عرض مسرحى، وركز على الاشتغال على عناصر العرض المسرحى وربطه بالألعاب الدرامية التى تمثل جوهر التعامل مع الطالب داخل أسوار المدرسة. وفى الجزء التطبيقى انتقل إلى تحديد ملامح الشخصية المسرحية وكيفية بنائها من خلال العمل على أبعاد الشخصيات. وتفاعل المشاركون مع هذه التمارين الدرامية، وعبروا عن إعجابهم بما قُدم لهم خلال الورشة. وفى الختام قدمت منسقة المهرجان عائشة الحوسنى شهادة شكر وتقدير لمشرف الورشة.
وقدم يوم 25 العرض المسرحى حياة وحلم والذى تدور أحداثه
الحكى والذاكرة حول علاقة الحكى بإنعاش الذاكرة واستعادة الماضى المفقود تمحورت وقائع العرض المسرحى المغربى الذى قدم لجمهور الليلة الثالثة من المهرجان، وقدمته فرقة مسرح الشامات، وهو من تأليف وإخراج بوسلهام الضعيف، وبطولة هند بلعولة، وسفيان نعيم.
تدور أحداث العمل قصة الأم سعيدة بنت أحمد السعيدى، التى يصدمها دخول ابنها يونس فى غيبوبة إثر حادثة تعرض لها بعد تغيير جذرى طرأ عليه خلال فترة غيابه. فى محاولة يائسة لاستعادته، تلجأ الأم إلى الحكى وسيلةً لإيقاظ ذكرياته وهويته. تستوحى سعيدة فكرتها من الفيلم الإسبانى «تحدث إليها» للمخرج بيدرو ألمودوبار، وتتحدث إلى يونس عن حياتها فى غيابه،وعن شخصية أدبية مغربية أنجزت عنها رسالة دكتوراه، آملة أن يوقظ صوتها وكلماتها شيئًا بداخله ويعيده إلى وعيه وذاته الحقيقية.
وتتقاطع فى العرض، عبر تقنيتى الاسترجاع والتوليف (المونتاج)، ثلاث حكايات رئيسة: حكاية الشاعر المغربى التى كانت موضوع الرسالة العلمية، والفيلم الإسبانى الذى يروى بدوره قصة امرأتين فى غيبوبة، وقصة غياب يونس وعودته غير الكاملة. فى هذا التداخل السردى الذى يبرز قدرة الحكى على استعادة الوعى، عمد المخرج إلى استثمار الأداء الصوتى للممثلين لإحداث تأثير سمعى يضفى عمقًا على المواقف والحالات المعنوية المروية، تجلى ذلك فى تلوين أصواتهما، وتنويع إيقاعهما، وتعديد نبراتهما. وتكامل ذلك مع لغة النص الشعرية المشبعة بالرؤى الفلسفية حول معنى الحياة، والانتماء، والاغتراب، والبحث عن هوية ذاتية.
وفى الندوة النقدية التى تلت العرض وأدارها المخرج المغربى أحمد أمين الساهل، ركزت المداخلات على تناول التحديات التى فرضها الطابع السردى للعمل، على حركة الممثلين وحضورهما فوق الخشبة، حيث تقلصت مساحة التشخيص، وغابت الأفعال، وطغى الكلام، وهو ما رد عليه المخرج بالقول إن لكل مخرج منهجه، وإن هناك ضرورة لإحياء دور السرد فى المسرح.
وضمن برنامج اليوم الثالث للمهرجان، نظمت عند الخامسة مساء جلسات اليوم الثانى والختامى لملتقى الشارقة العشرين للمسرح العربى، الذى جاء تحت شعار «المسرح والحياة»، وأدار الجلسات المخرج والممثل الإماراتى الدكتور خالد البناى.
وجاءت المداخلة الأولى للباحث الدكتور محمد العناز تحت عنوان «تأويل الحياة فى المسرح المغربي»، مركزًا على العلاقة الجدلية بين الفن والحياة، وكون الفن ضرورة وجودية لا مجرد ترف. أوضح العناز أن المسرح يفكك الحياة ويؤوّلها، مستخرجًا معانيها الخفية. وتناول مسرحية «الببوش أو أكلة الحلزون» لمحمد أنقار مثالًا يجسد تناقضات الحياة الإنسانية وهشاشة القيم المجتمعية، مؤكدًا أنها دعوة للتأمل فى المشاعر البشرية. أما الباحثة اللبنانية الدكتورة كاتيا الطويل، فقدمت مداخلتها بعنوان «علاقة المسرح اللبنانى بالواقع.. دراسة سوسيولوجية»، حيث أكدت دور المسرح اللبنانى الفعال فى عكس التحولات الاجتماعية والسياسية، وقسمت مداخلتها إلى محاور شملت توجهات وأعلام صناع المسرح اللبنانى، وطبيعة الجمهور، والفضاءات التى تُقدم فيها العروض. وأشارت إلى استقلالية صناع المسرح رغم نقص التمويل، وتنوع الجمهور من النخبة المثقفة إلى محبى الكوميديا. وشددت على أن المسرح اللبنانى لا يكتفى بعكس الواقع، بل يتجاوزه ليطرح أسئلة جوهرية ويسهم فى مقاومة التحديات وتعزيز الأمل.
واختتمت المداخلات بشهادة الفنان اللبنانى زياد عيتانى بعنوان «كيف تحيا المدن بحياة خشباتها.. بيروت نموذجًا»، وركز عيتانى على العلاقة الوثيقة بين المسرح والمدن، مستعرضًا تاريخ المسرح من أثينا إلى روما بوصفه مرآة لحياة الشعوب، وتناول فترة الستينيات فى بيروت بصفتها عصرًا ذهبيًا للمسرح الذى جسد أحلام الناس، كما تحدث عن تأثير الحرب اللبنانية التى استهدفت الخشبات، وكيف أصبح المسرح بعد الحرب «خشبة الخلاص» التى جمعت الناس لإحياء الذاكرة، وأبرز عودة الروح للمسرح البيروتى فى عام 2015، مؤكدًا أن المسرح هو «صلة الرحم الوحيدة بين الفنان والجمهور»، وأن المدن تحيا وتنتعش بحياة مسارحها.
وفى ختام الملتقى قدم أحمد بورحيمة مدير المهرجان شهادات المشاركة للفنانين والباحثين الذين شاركوا فى النسخة العشرين من الملتقى.
وفى البرنامج التدريبى استضاف المهرجان فى يومه الثانى ورشة «توظيف الدمى فى المسرح المدرسي» فى مقر جمعية دبا الحصن للثقافة والفنون والمسرح، بمشاركة 30 متدربًا وتحت إشراف الفنان اللبنانى الدكتور كريم دكروب الذى قدم فى البداية استعراضًا لمسيرة فن الدمى، لينتقل إلى إشراك الحاضرين فى تدريبات عملية لصناعة «عروسة عصا» باستخدام مواد متنوعة،ومن ثم شارك المتدربين صناعة دمية وتخيل حكاية تتحرك فى إطارها وتجسد جمالياتها ومعانيها.
وفى ختام الورشة قدمت علياء الزعابى منسقة المهرجان شهادة شكر وتقدير للمشرف
وشهد الجمهور الليلة الرابعة العرض المسرحى «لتحضير بيضة مسلوقة» من الكويت تأليف يوجين يونسكو إعداد وإخراج مصعب سالم تمثيل فاطمة أسد ومصطفى محمود والعرض معد عن نص ليوجين يونكسو وتدور أحداثه حول الفعل اليومى البسيط المتمثل فى شرح سيدة لطريقة تحضير بيضة مسلوقة إلى تجسيد للكيفية التى تم من خلالها إعداد الإنسان والتحكم فيه ليصبح هو نفسه بيضة مسلوقة.
وشهد جمهور الليلة الأخيرة العرض المصرى “بروفايل” لفرقة “ليالى المصري”، وهو من تأليف د. ناهد الطحان، ودراماتورج وإخراج إيناس المصرى، وبطولة مى رضا، ونشوى حسن.
وفى العرض تلتقى “ميديا”، التى صورتها الميثولوجيا الإغريقية امرأة قوية انتقمت لخيانة زوجها بأقسى صورة، بـ “أمينة” بطلة ثلاثية الروائى نجيب محفوظ “بين القصرين”، و”قصر الشوق”، و”السكرية”، وقد غدت امرأة مصرية معاصرة متقبلة وقانعة بمعيشتها الصعبة مع زوجها، وتكرس حياتها لخدمته ولإعداد فيديوهات طبخ على “تيك توك” وسيلةً للرزق.
يكشف اللقاء بين “ميديا” و”أمينة”، اللتين تفصل بينهما قرون وحضارات، التباين فى نظرة كل منهما إلى الحياة الزوجية، فبينما تظهر “ميديا” العدائية والمتحفزة ضد الرجل بسبب خيانته لها، تبدو “أمينة” مؤمنة بأهمية الحفاظ على بيتها ورعاية بناتها، متجاوزة أخطاء زوجها الذى تزوج امرأة أخرى بحجة أنه يريد إنجاب ولد.
ركز العمل، الذى جرت وقائعه فى فضاء واقعى، على تقنية الحوار لإبراز الاختلافات الفكرية بين المرأتين، ووظف الفيديو لاستعراض رحلة “ميديا” من الشمس إلى الأرض، وكذلك لعكس جانب من نشاط “أمينة” على مواقع التواصل الاجتماعى، كما وظفت الموسيقى والمؤثرات الصوتية للفصل بين المشاهد وتسليط الضوء على بعض المواقف.
وفى الندوة النقدية التى تلت العرض وأدارها الفنان المسرحى المصرى فادى نشأت، أثنى المتداخلون على جهود فريق العمل، وطموح العرض لمعالجة قضية مكانة المرأة فى المجتمع.