ندوة عن العرض المسرحي الرجل الذي سرقه السلم

ندوة عن العرض المسرحي الرجل الذي سرقه السلم

العدد 830 صدر بتاريخ 24يوليو2023

  تحت رعاية الاستاذ الدكتور غادة جبارة رئيس أكاديمية الفنون أقام مسرح نهاد صليحة ندوة نقدية للعرض المسرحي الرجل الذي سرقه السلم لفرقة جروتيسك ومن إخراج محمد الحضري وتحدثت في الندوة دكتور داليا همام وادارتها دكتور إيمان سمير والندوة تحت إشراف المخرج ومصمم الديكور محمود فؤاد صدقي المشرف على مسرح نهاد صليحة والمدرس المساعد بالمعهد العالي للفنون المسرحية وفي بداية العرض وقف الجمهور دقيقة حداد على روح الكاتب المسرحي محمد أبو العلا السلاموني الذي وافته المنية أثناء حضوره اجتماع مجلس إدارة المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية بعد مسيرة كبيرة حافلة بالإبداع عن عمر يناهز 82 عاماً وذلك يوم الأحد الموافق 18 / 6 / 2023م نفس يوم الندوة والتي كان مقرا أن يتحدث فيها الناقد العربي محمد الروبي الاستاذ بالمعهد العالي للفنون الشعبية ورئيس تحرير جريدة مسرحنا واعتذر عن الحضور وذلك لحضور مراسم تشيع جثمان الفقيد.
  بدأت دكتور إيمان سمير الحديث وقالت: العرض المسرحي الرجل الذي سرقه السلم للمخرج محمد الحضري يعتبر العرض الثاني الذي يقدم على مسرح نهاد صليحة لفرقة جروتيسك وكان عرض رائع وقبل ان نفتتح الندوة أسمحوا لي ان تقدم دكتور داليا همام نبذه عن الكاتب الراحل محمد أبو العلا السلاموني.
  انتقل الحديث للدكتور داليا همام وقالت: إن الكاتب الراحل محمد أبو العلا السلاموني كاتب مسرحي ومن مواليد محافظة دمياط ، حاصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة وعلم النفس من جامعة القاهرة سنة 1968م، عمل بالتدريس في التربية والتعليم، ثم انتقل ليعمل مديرا للفرق القومية المسرحية، ثم مدير عام للمسرح ، ثم مستشار المسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة، وشغل العديد من عضوية اللجان في المواقع الثقافية الخاصة بالمسرح، ورئيس العديد من لجان التحكيم، ونال العديد من الجوائز، وكتب أكثر من ثلاثين مسرحية عرضت على جميع مسارح مصر العام والخاص، ومن هذه الأعمال على سبيل المثال ( الثأر ورحلة العذاب، رجل في القلعة، تحت التهديد، المليم بأربعة، مأذن المحروسة) وقد ترجمت بعض أعماله إلى اللغات الأجنبية (الإنجليزية والفرنسية) كما كتب الكاتب الراحل للدراما التلفزيونية العديد من المسلسلات منها على سبيل المثال (البحيرات المرة، الحب في عصر الجفاف، نسر الشرق صلاح الدين، الفراشات تحترق دائما، محمد علي باشا) وفي الحقيقة كان إنتاج الكاتب ابو العلا السلاموني رحمه الله غزيراً.     
  ثم بدأت الدكتور داليا في التعليق على العرض المسرحي وقالت: سعدت بمشاهدة هذا العرض في مسرح نهاد صليحة والجميع يعلم من هي نهاد صليحة على مستوي التدريس في أكاديمية الفنون أو الكتابات النقدية، وسعيدة لما شاهدته لهذا الكم من الشباب المبدع المشارك في هذا العرض، وهذا العرض يطرح فكرة تمسنا جميعا، فهذا الشخص الذي يدعي آدم يسعي إلى فكرة الترقي في السلم الوظيفي فيهمل الجانب الإنساني تماما، ويمكن أن يخسر نفسه ليصل للسلم ويصبح مشوها، وفكرة الجروتسك واضحه تماما في العرض، ووجهت حديثها للمخرج وقالت: قد ساعدك الديكور بشكل كبير على تحقيق رؤيتك البصرية للعرض وهو الدلالة الأولى الدالة على أسم العرض وهو الرجل الذي سرقه السلم فمن الواضح التوافق الشديد بين عنوان العرض ومضمونه،  والحقيقة انك عامل حالة من العبثية والتداور طول الوقت في العرض، والفكرة الأساسية  عندك موجودة وواضحة في العرض وهي التنازل عن كل الأشياء وبالتالي تهمل أشياء كثيرة، ولعبت على ذلك من البداية بأنك قدمت كوميديا، وبها جزء من كوميديا دلارتي بشكل ما، ووضح ذلك من اختيارك للملابس، ومن الواضح أنك متمكن من أدواتك المسرحية ولذلك سألت عنك بعد مشاهدة العرض فعلمت انك متخصص وخريج أداب حلوان قسم مسرح تمثيل وإخراج ومن هنا كان التوافق والترابط في العمل حيث أن هذا النوع من العروض ليس من السهل على أي هاوي تنفيذه بهذه الدقة فمن الواضح أنك دارس العمل دراسة جيدة، وبالمناسبة أوجه التحية لمن قامت بعمل المكياج حيث أنها رسمت على كل الوجوه صورة البلياتشو فمن المفترض أنها تعبر عن البهجة، لكن كانت كل الوجوه حزينة، فأنت تفعل الشيء وعكسه، فكل الوجوه ملونه بها  كثير من العبث ماعدا بطلة العرض زوجة آدم حيث أنها ظهرت بوجهها الحقيقي دون مكياج، كذلك نجد آدم يضع مكياج بسيط لإنه مع مرور الوقت يصبح وجه شبه المجموع، وفي العرض تكرار بمعني انا كنت هنا قبل كده، أو شاهدت ذلك في الماضي، والتكرار فيه تشابه واختلاف، والتشابه يتكرر معنا جميعاً أنا وانت والجميع، والاختلاف أننا أشخاص مختلفين فانا غيرك من حيث النوع او الحالة النفسية او غير ذلك، فالتكرار ملموس جدا في العرض بأنك تنمي أشياء وتعود تكرارها بتنوعات مختلفة، وفكرة العرض المقدمة متماشية مع الجزء الأول من العرض إلى أن قال آدم (أنا لوكان فيه فرصة تانيه ماكنتش أنا أبقى هنا، عندما كان يقف بجوار من حدث له نفس الفعلة، وهي ترك منصبه، وهذا تعبير عن فكرة التشرذم والخطوط المتشابهة والمتوازية، مجموعة من الأفكار تبدو أنها مشرذمه لكن تجمعها فكرة واحدة، وهنا أحسست أن العرض سينتهي، ولكن وجدت بعد ذلك ان العرض يتجه إلى عرض دراما منتظمة بمعني أن الحبكة بدأت تظهر وهنا اختلاف عن ما تم تقديمه سابقاً، ولذلك أرجوا أن تفكر في ذلك ، ولك مطلق الحرية فيما تراه، وعندما نتأمل الموقف نجد أنه عند هذه النقطة وكأننا نبدأ في تقديم عرض جديد، ويكون له بداية ووسط ونهاية أي أننا بدأنا في حبكة كلاسيكية تماما، وعند عودتنا لبداية العرض فقد كان ما قدمته يعلن  ضمني مع المتلقي بأنك تركز على التكرار والعبث وتقول لنا: انا سأقدم في العرض خطوط متجاورة، أنا سألعب على منطقة ما بعد الحداثة بعرض حالة من التشظي والتناقض، وأيضا يوجد شخص يعلق على الأحداث وإنه ليس معنا في الحدث،  جميل أن أعرض كل ادواتي، لكن لو وصلت الفكرة فبالتالي أصبح العمل مكتمل، ولكن عندما أكرر الموضوع يؤدي ذلك إلى القلق والملل الذي يصيب المتلقي، وهذا لا يقلل من مجهودك، وأعتقد أنه لك مستقبل واعد حيث أنك مهتم بالصورة البصرية للعرض، كما يعمل معك مجموعة متميزة من الممثلين، ومن الواضح المجهود المبذول في التدريبات، ولاحظت حالة من الثراء في الملابس ولذلك التحية واجبة لمصممة الازياء، فقد وفقت في اختيارها للألوان، فنجد درجة اللون لها دلالة مختلفة، فعلى سبيل المثال اللون البرتقالي ليس لون برتقالي مبهج ، فكما قلت أنك تقدم الشيء وعكسه، وهذا ما يميز العرض، ولكنني أريد منك أن تلقي نظرة على بعض التفاصيل البسيطة  فمثلا المشهد الكوميدي الذي كان به البالون جميل ولكني شعرت انه لو تم حذفه لا يؤثر على العرض، فقد تعرف المتلقي على أن البطل سيصعد إلى السلم الاجتماعي وقد شاهدنا تفاصيل كثيرة ، عموما لا أريد تكرار ما تحدث عنه، وبالنسبة للإعداد الموسيقى كان مناسب جدا، فقد اخترت بعض أجزاء من مقطوعات عالمية معتمد  على الوتريات فتشعر أنها كانت متوافقة مع الدائرية التي تريد أن تقدمها، وفي النهاية فكرة تعدد الرؤية والاختلاف في وجهات النظر شيء صحي فنحن نقدم فن
   وتداخل المخرج محمد الحضري في الحديث وقال: أقدم كل ما يخطر ببالي حتي يكتمل العرض ثم اقوم بمشاهدة العرض في النهاية، وبالفعل هذا العرض يحتوي على الجروتسك والدائرية والعبث كما أشرت، وأحيانا عندما يشاهد الأصدقاء العرض ويهمس لي أحدهم  بملحوظة افكر فيها ومن الممكن تغيرها أو أصر على تقديمها كما هي .
  وانتقل الحديث لدكتور داليا وقالت: بلا شك نحن جميعنا نتعلم، وأن كل فنان يقدم عمل فني يكون مقتنع به تماماً وإن لم يقتنع يرفض تقديم العمل الفني من البداية، ونحن جميعا مختلفين ونري العمل الفتي من زوايا مختلفة وبالتالي تكون وجهات النظر مختلفة وألطف شيء أننا نقدم فن وخصوصا لو كان الفن جاد حتي لو قدم هذا الفن لإسعاد الأخر ورسم البهجة على شفاه فلابد أيضا من الانضباط، وبالفعل هذا ما شاهدة في العرض، وبالفعل كان العرض منضبطا، وانت قلت انك تقدم عمل جروتسك، والجروتسك أن أضخم الأشياء ، إن أرسم عمل مثل الكراكاتير بأن أرسم وجه إنسان ولكنني أضخمه بأن أكبر أنفه، أو ارسم عينه بشكل ما ، وهكذا، فكل شيء له هدف، فقد أهملنا كل ما هو إنساني وسرنا وراء كل ما هو زائل، لنصعد في النهاية ونجلس على كرسي زائل مشوه، ونضطر للتنازل عن أشياء من أهمها الجزء الإنساني الذي بداخلي، وعندما تذكرت إنسانيي كانت كل الأشياء قد انتهت، حتى انا شخصياً أصبحت غير موجود. وعن الإضاءة أقولك إنها كانت متميزة ومناسبة وعبرت بالألوان عن الحالة الدرامية، والحقيقة أنني سعيدة بهذا العرض وخاصة تمكن جميع الشباب وأنتم في بداية إبداعك الفني واشاهد عرض منضبط فيحسب لكم ذلك الأمر، واتمني لكم مستقبل باهر، وبالتوفيق واشكركم.
  وانتقل الحديث للدكتور إيمان سمير واشادت بكل المشاركين في العرض وانهم جميعاً أنكروا ذاته وكان كل همهم هو التفكير في العرض، ولذلك قبولهم خوض هذه التجربة وظهروا للجمهور بوجوه مشوه بالمكياج ولم يهتم أحد منهم، وإصرارهم على تنفيذ فكرة العرض وهم في أمس الحاجة لكي يتعرف الجمهور على وجوههم فذلك يحسب لهم واحيهم على المجهود المبذول.
  واخيرا أوجه الشكر لجميع الحضور والدكتور داليا والمخرج ومصمم الديكور محمود فؤاد صدقي.
 


جمال الفيشاوي