العدد 880 صدر بتاريخ 8يوليو2024
هناك نفاق جمعى رصده ابسن ثم بثه فى أعماله سواء بيت الدمية أو الاشباح أو البطة البرية
تبنى التعبير عن قضية انتشار الزيف و المرض المتوارث و تزييف الحقائق و تضليل الوعى و الوهم الممتلئ داخل العقول و ما يترتب عليه من كارثة ان تجد كل الازمات مفتعلة جراء أرث من الاشباح و التى تشكلت بصور متكررة فى أعمال أبسن الاشباح او بيت الدمية او البطة البرية و عبر عنها بعدة مواضيع
الاولى : علاقات حب سرية تمارسها المرآه و أخرى جنسية يمارسها الرجل و تتستر عليها زوجته !!
الثانية : و هى مترتبة على الاولى وهى مرض وراثى يسرى فى عروق الابناء
وفى النهاية نرى فى الابناء جريمة الاباء التى تسير على قدمين وهذا بشكل حقيقي ..
ربما ما ساعد آبسن على رصد هذه الامراض المنتشرة فى جسد افراد المجتمع ثم انه ما مكنه من التعرف على تقدم علم الوراثة هو ممارسته لمهنة مساعد صيدلى فتكشف له الحقائق بشكل عام بقسوة تخلع عن العقل ثوب الجهل و الوهم و الروحانيات المنافقة .. بل لعله لم يقترب من الحقيقة لولا الافلاس و الاستدانة التى تحملتها اسرته و تحديدا امه بعد تسربه من التعليم و لجوأه لهذا العمل فى الصيدليات !! ..
ومن المنتشر فى المجتمع الصيدلى أختباء أسرار وفضائح المرضي لدي اقرب صيدلية لقربهم من السكان المحليين فى الشوارع و ممارستهم للعمل خلف ابواب مفتوحة على الناس بلا حواجز..
او لعل الكارثة ان يكون الطبيب بثوبه الابيض النقى نفسه موصوم او مدنس كما فى نموذج دكتور رانك فى مسرحية بيت الدمية
دكتور رانك يشبه أوزفلد الفينج كل منهما ورث المرض اللعين من أب تلفت أخلاقه و انغمس فى المسكرات و العلاقات الجنسية غير الشرعية ...
فأصيب رانك بأنخفاض كثافة العظام و اصاب اوزفلد الفينج بمرض الزهرى الوراثي مما اثر على خلايا مخه و مكن منه نوبات الاعتلال العصبى
و اذا كان الاب الآثم غائب فى الحالتين وعند الشخصيتين فإن فى حالة مسرحية الاشباح يبرز النفاق المجتمعى على آخر مداه ، عندما تحيى الأم الأرملة ذكرى الاب المنحل اخلاقيا بتمثال داخل ملجأ للأيتام بنته بمال مشبوه وبعدها لم تشأ الأرملة ان تامن علي الملجأ و كأن لا وعيها يتمنى خرابه
و لكن لتناقضها و لآدعائها صلاح زوجها كذبا أمام أهل البلدة تكلف القس « ماندرز « بألقاء خطبة عن فضائل الميت فيقوم القس بحرق الملجأ بشكل مموه أو غير معلن ليتخلص من المأزق .. فهو لا يريد الصدام مع من كانت حبيبته و هذا ما يضع يدنا على النقطة الثانية
الحب الانثوى و التستر على علاقات الزوج الجنسية
علاقات الزواج عند أبسن متوترة ، فالزوجة غير مكتفيه عاطفيا أبدا فتختار صديق تحبه حب عذرى يلبي لديها الحب الذى لا تشعر به مع زوجها الذى غالبا ما نجده مزيف الوعى فلا يعى نفسه و لا احتياجاته ليفهم احتياجها
بالرغم من وجود حب ظاهرى بين نورا وزوجها و لكن الزوج و الزوجة الحبيبان ضحايا أكاذيب أكبر من وعيهم
نرى نورا تسد أحتياجها من الحب مع رانك كطرف ثالث فى الزواج لا يعلم به زوجها
ومسز الفينج تحب القس ماندرز وهو راهب وهب نفسه ولن يقع معها فى الرذيلة، ولكن هذه الخيانة العاطفية امتدت و اندفعت بشكل رغبة جنسية اتجاه ماندرز القس فى مسرحية الاشباح .. وان كان القس قد رفض هذا ..
ولكن الشخص المقدس هنا تم الاقتراب منه وتدنيسه سواء فى حالة الطبيب رانك أو القس ماندرز وحتى المرأة المضحية نورا أو الارملة مسز الفينج المضحية هى الاخرى !
اما بالنسبة للغريزة الجنسية وعلاقة السيد و الخادمة فى السر
فنجد تكرر علاقة السيد مع الخادمة فى الخفاء سواء فى مسرحية البطة البرية او الاب و ابنه فى مسرحية الاشباح
والفعله تتكرر بين الاب و الابن فى الاشباح و كأن السلوك يورث هو الآخر
بالرغم ان نظريات علم الوراثة فى زمن ابسن نفت توارث السلوك .. ولكن لعل أبسن لاحظ بالمراقبة ان مثل تلك السلوكيات المورثة والمفاجأة ان «بعض السلوك يورث» وهذا ما اكتشفه العلم الحديث فى ايامنا هذه !!
والعجيب ان ابسن نفسه وقع فى علاقة جنسية مع خادمته التى تكبره ب 10 سنوات ونتج عن العلاقة الجنسية ابن غير شرعى وسمى هانز جاكوب وقاطعته اسرته عدى اخته الصغيرة «هدفيج» وهو اسم بطلة مسرحيته البطة البرية التى تحمل مرضا وراثيا من ابوها وهو ما يثبت نسبها بوقوع علاقه غير شرعية بين امها الخادمة والسيد فيرله أبوها الحقيقي !!
تضحى نورا و مسز الفينج طوال العلاقة لأجل أزواجهن المزيفين و ان استفاقت نورا فأن الأرملة أختارت الزيف و النفاق حتى النهاية – حتى لا تغضب النقاد كما أغضبتهم نورا بصك الباب خلفها - فتدمر مسز الفينج الارملة حياتها و حياة ابنها حتى القت به للشكوك بأنه هو من انتقل له الزهرى جزاءا على فعلة ما ووسط الدمار النفسي و العضوى يرغب فى الموت على يد حبيبته الخادمة التى تقوم بمصارحتها بالحقيقة بانها اخته من علاقة غير شرعية بين ابوه و خادمته !! .. فتترك البيت مثل نورا !!
المرأة الحقيقية و الرجل المزيف
نورا و رجينا هما الحقيقيتين وسط الزيف و دائما يرحلن !!
و على العكس تماما هناك شخصية الرجل الحبيب المزيف
مثل القس ماندرز و زوج نورا هو نموذج الرجل المتماشي مع كذب مجتمعه فزوج نورا يثور عليها عندما يعلم انها اخفت اقتراض الاموال عنه لكى تتمكن من علاجه و اما القس فيجبر نفسه و غيره على عيش اكاذيب المجتمع الكبيرة
فى النهاية عندما تتكشف الحقائق عادة فى المسرحيتين تظهر الشمس
و ظاهرة شروق الشمس فى قرية «skine “ او شين فى جرينلند النرويج من كبد الليل هو أمر شديد الخصوصية فهى تسمى ب « أرض شمس منتصف الليل « فالظلام الدامس يحيط النرويج عدى ايام متقطعه من شهر مايو ليونيو فقط طوال السنة !!
و تخرج شمس منتصف الليل بتجلى «الشفق القطبي « أحيانا .. و لهذا فإن مشهد ظهور الشمس هو ظاهرة لها شعور مختلف فى هذه البلاد المظلمه
و لعل أبسن تأثر بالمشهد المهيب و جعل من ظهور الشمس لحظة استثنائية تتكشف فيها الحقائق و هذا ما ترتب عليه تكراره لتوظيف الثنائيات التالية :
الاولى: ثنائية النور والظلام والتى عبر بها استعاريا عن الثنائية الثانية
الثانية: الحقيقة والزيف فنهاية الاشباح تأتى بتكشف الحقيقة و بزوغ الشمس
ومشهد نورا مع دكتور رانك يحدث فى الظلام بعيدا عن النور!!
والظلام تكثر فيه الاشباح والتى يظنها القس اشباح الفينج والخادمة أم رجينا ولكننا نكتشف انهما ليسا اشباح بل الاثنان هما الخادمة رجينا «الابنة» والفينج “الابن” فى المطبخ يحاول مراودتها عن نفسها مثل أبوه و أمها الراحلة !!
وحتى لو أفترضنا ان ابسن يعبر عن ايدولوجية تدعم الخروج عن زيف المجتمع او قيد المجتمع ككل فسنظل واهمون لأنه هاجم هذا النموذج لشخصية «عدو المجتمع» فى مسرحيته «عدو الشعب» و«جريجرز» فى البطة البرية.
فالبشر لديه أضعف من تحمل نور الشمس، بل ان شروقها قد يقتلهم ، وحقيقة واحدة قد تهدم حياتهم كلها بالكامل !!