ياسر صادق: غيرت الفكرة وقدمت الليالي المحمدية في شكل درامي

ياسر صادق: غيرت الفكرة وقدمت الليالي المحمدية في شكل درامي

العدد 868 صدر بتاريخ 15أبريل2024

ضمن برنامج هيئة قصور الثقافة «ليالي رمضان الثقافية والفنية»، وتحت إشراف الإدارة المركزية للشئون الفنية برئاسة الفنان تامر عبد المنعم، قدم مسرح السامر عرض «الدر المكنون» لفرقة السامر المسرحية، فكرة وإخراج إهداء الفنان القدير ياسر صادق، تأليف وأشعار سراج الدين عبد القادر، وألحان محمد عزت، بطولة هاني كمال، ياسر الزنكلوني، جلال عثمان، محمد النبوي، خالد محروس، إيهاب عز العرب، أحمد شعراوي، عبدالله مهنا، عبد الغني السعيد، جنا خليل، محمد عاشور، نجلاء عامر، لمياء العبد، هبة سليمان، همام تمام، إسماعيل شعراوي، خالد عبد الموجود
“ الدر المكنون “ عرض مسرحي استعراضي غنائي في حب رسول الله، والصحابة الكرام. والعرض يقدم ثلاث شخصيات من الصحابة الكرام السابقين في الإسلام، والذين عُذبوا ليتركوا الإسلام ولكنهم صبروا فكان لهم عظيم الأثر وهم: بلال بن رباح (صاحب مقولة “أحد أحد”)، و صهيب الرومي و سلمان الفارسي.
الفنان القدير ياسر صادق صاحب رسالة سامية تهدف إلى تقديم صحيح الاسلام من خلال عروض دينية مسرحية تقدم بشكل درامي، وهو ممثل ومخرج ووكيل وزارة الثقافة سابقا، ورئيس المركز القومي للموسيقى والفنون الشعبية سابقا، مدير المهرجان القومي للمسرح المصري ، قدم العديد من العروض على مسرح الدولة والقطاع الخاص والثقافة الجماهيرية والجامعة، كانت بدايته المسرحية في المدرسة تمثيلا، وإخراجا في الجامعة ومسرح الدولة والثقافة الجماهيرية وقطاع الفنون الشعبية، له العديد من الأعمال المسرحية وأخرج أوبريتات الليالي المحمدية في قطاع الإنتاج منذ عام 2008 
عن الدر المكنون والليالي المحمدية كان لمسرحنا معه هذا اللقاء
- حدثنا عن الدر المكنون ؟ وفكرته وكواليس العمل؟
 جاءت الفكرة عندما كنت أشاهد عرضا في افتتاح مسرح السامر، وكان معي تامر عبد المنعم وعمرو البسيوني، وأعجبني المسرح بتجهيزاته وسعته وطلبت أن أقدم عملا مسرحيا عن النبي ( ص ) ولأني أعلم أن الدخول مجانا في الثقافة الجماهيرية ، فأردت أن يحضر أكبر نسبة من المشاهدين، ووقتها لم أكن جاهزا بشيء لأقدمه، وعندما كنت أقرأ في الأحاديث لفت نظري حديث يرد على المسيئين للنبي، حيث اتهموا رسول الله المنزه (ص) أنه منحاز للعرب، فوجدت الواقعة التاريخية والحديث الذي يرد على هذا الاتهام لتبرئة ساحة سيدنا النبي(ص)، حيث عاتب أبو بكر وهو القرشي العربي قائلا : « يا أبا بَكرٍ لعلَّكَ أغضبتَهم لئن كنتَ أغضبتَهم لقد أغضبتَ ربَّك « ، والثلاثة الذين قال النبي عنهم ذلك هم صهيب الرومي وبلال بن رباح وسلمان الفارسي، وهم ليسوا عربا، وخاصة أن السيرة لم تذكرهم بالقدر الكافي، فيما عدا بلال لأنه مؤذن الرسول، وطرحنا السيرة على مسرح السامر، واستعنا بممثلين محترفين من الخارج لتقديم العمل على أعلى مستوى مثل الفنانين ( هاني كمال وجلال عثمان وياسر الزنكلوني)، بمشاركة من فناني فرقة السامر.

- هل تعد الأعمال الدينية التي تقدم على خشبة المسرح رافدا دينيا لا يعتد به كثيرا في مسرحنا؟
 الأعمال الدينية في المسرح المصري لم تكن موجودة بالقدر الكاف، كانت عبارة عن أمسيات وقصائد ومدائح لسيدنا النبي وآل البيت، كبردة البوصيري، وقد غيرت الفكرة وقدمت شكلا دراميا لليالي المحمدية، وقد كنت المخرج الأكثر تقديما لليالي المحمدية، ومعظمها تم تصويرها واذاعتها في التلفزيون والقنوات المصرية والفضائية، نحن لن نوفي الرسول الشريف قدره وقد مدحه الله بقوله: « وإنك لعلى خلق عظيم «، فلم يبق لي إلا أن أقدم القدوة والانسان الكامل سيدنا محمد، فهو عين الوجود والنموذج الذي نحاول ونسعى جاهدين  لاتباعه حتى ننال رضا الله عز وجل، حيث قال: «إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله « ، وهو الأسوة الحسنة التي نتأسى بها، كان هذا شاغلي الشاغل وهمي، وقد وجدت أن الصورة المحمدية للأسف شوهت من خلال بعض المسلمين قبل الأعداء والديانات الأخرى، فأحببت أن أقدم الصورة المحمدية الصحيحة، والإسلام الوسطي الحنيف كما أنزل على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، كان من المهم أن نقدم هذه الصورة خاصة وأن لدينا قصورا في الثقافة الدينية.  لذا حاولنا أن نقدم الصورة السمحة للدين، وكله من كتاب الله ولا خروج عنه، لنصحح المفاهيم على قدر استطاعتنا، والحمد لله كل العروض التي قدمتها نالت رضا واستحسان الجمهور.

- في رأيك لماذا لم يعد الإنتاج التلفزيوني يهتم بتقديم الأعمال الدينية الكبرى مثل مسلسل محمد رسول الله على الرغم من شعبيته؟
 بالطبع هناك قصور في إنتاج الدراما التلفزيونية نظرا لتكلفتها الباهظة، وللأسف الجمهور لم يكن يتابعها بالقدر الكافي، وبالتالي لم تستقطب الاعلانات بالقدر الكافي، فالعرض الناجح والغير ناجح يعرف بكثرة الاعلانات وكثافتها، كان الاعتماد على الإنتاج والبيع والتوزيع الخارجي، ولم يكن يحقق مردودا ماليا جيدا، فكانت معظم الأعمال التي يقدمها التلفزيون المصري أو قطاع الإنتاج، لا تحقق رواجا، والدولة تتحمل ذلك على أساس أنه نوع من أنواع الدعم التثقيفي للبلد، و بعد انهيار قطاع الإنتاج والتلفزيون بدأ الانتاج يتحول للقطاع الخاص بشكل كامل، وتحول إلى (بيزنس) ولم يستطيعوا ان يقدموا الأعمال الدينية بالشكل الذي نتمناه، وإن بدأوا هذه الأيام بشكل قليل.

- قدمت العديد من أوبريتات الليالي المحمدية، متى بدأتم تلك المرحلة؟  
بدأت تقديمي الليالي المحمدية والمسرحيات الدينية منذ أن توقف الانتاج في التلفزيون، أحببت أن أسد هذه الفجوة في المسرح، فقدمنا العديد من الأعمال في السيرة والصالحين والصحابة ونجحت نجاحا كبيرا والحمد لله.

- وهل نجاحكم في تقديمها في البدايات هو سبب استمراركم في تقديمها؟
بالطبع نجاحي في الأعمال السابقة هو سبب استمراري في تقديمها، ونجاح هذه النوعية بالتحديد دليل على رضا المولى ورضا الرسول صلى الله عليه وسلم، فلولا رضاهم ما تقبلها الجمهور بهذا الشكل وهذا الاستحسان، وما نالت هذا الصدى، فالنجاح يكون دافعا للعمل الذي يليه، وهذا العمل قدمته بلا أجر وأجري عند الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.

- وهل تعد هذا النوع من العروض تنفيسا للنفس الإنسانية من ضعفها وهمومها ومآزقها؟
 هذه العروض نوع من أنواع التطهير للمُلقي والمتلقي، فعندما نقضي ساعة ونصف في حضرة ذكر كاملة سواء مديحا أو إنشادا أو تمثيلا، وصلاة على رسول الله بصفه مستمرة طوال العرض؛ فهو ما يشكل حالة من حالات الصفاء والسمو الروحي للملقي والمتلقي،  فهذا الوقت نخرج به من الدنيا ونحلق به في السماء بأرواحنا،  بالطبع مهم جدا للتطهير، وأنا أعتبر هذه العروض بالنسبة لي زكاة فني، اقدمها طوعا وبكل الحب في سبيل الله ورسوله.

- بمناسبة اليوم العالمي للمسرح، كيف ترى المسرح العربي عامة والمصري خاصة؟
 بمناسبة اليوم العالمي للمسرح أدعو للمسرح في كل العالم بالازدهار والتقدم، وأخص بدعائي مسرح بلدي مصر أن يتقدم ويزدهر، وإن شاء الله الأيام القادمة تشهد حركة مسرحية ونهضة كبيرة، حتى وإن غابت عنا الامكانيات التي تحقق التقنية العالية، إلا أننا نتمتع بميزة لم تكن موجودة في أي دولة من دول العالم وهي الموهبة البشرية، فنحن بلد ( ولادة )، وكل فترة تظهر مواهب غير عادية، وهو ما يعطينا القدرة على المنافسة والاستمرار، وإن شاء الله هناك شباب قادم يحملون راية المسرح وينهضون به بالقدر الكافي.

- يرى البعض أنَّ الدراما التلفزيونية طغت على السينما والمسرح، ما رأيك ؟
 الدراما التلفزيونية طغت على المسرح، حتى على مستوى الفنانين، فالفنانين يأخذون أجورا عالية سواء في السينما او التلفزيون، وأجورا متدنية جدا في المسرح، خاصة لو كان موظفا،  فالأجور لا تغني ولا تسمن من جوع، وهؤلاء الذين يعملون في المسرح يحتاجون أن تشفق عليهم، فهم يقدمون أعمالهم بحماس وجهد بحب؛ فلا يوجد دافع اخر.

- كيف ترى العلاقة بين المسرح والحرية ؟
المسرح قرين الحرية،  كلما اتسعت مساحه الحرية كلما ازداد المسرح قوة وازدهر وأصبح منبرا فنيا عظيما، ومتنفسا كبيرا للفنانين والمتفرجين، فالمسرح يرتبط ارتباطا وثيقا بالحرية.

- ما ردكم على من يقولون أن هناك مسرحا جادا وآخر غير جاد؟ 
لا يوجد ما يسمى بالمسرح الجاد وغير الجاد، فالفن فن والمسرح مسرح، المسرح قائم بذاته بكل انواعه، والجاد وغير الجاد ينطبق على المبدع نفسه فهو من يحدد ما يقدمه، الفن مطلق، والفنان مقيد بظروفه وبيئته ودرجة تعليمه ووعيه وثقافته، وهو ما يحدد جديته من عدمه.

- المسرح أسلوب حياة، ما التقنية التي تنتهجها في الاخراج؟
أنا أحب البساطة، ولا أحب أسلوب فرد العضلات إلا فيما يستدعي، فالنص والعمل هما ما يحددان المنهج الذي ينتهجه المخرج، أما في ( الدر المكنون ) فالمنهج الإخراجي كان على طريقة السامر والملحمة الشعبية التي عملت عليها.

- هل المسرح المصري يعكس هموم وآمال المجتمع ؟ أي هل يؤدي دوره المطلوب ؟
لا اعتقد ذلك، فالرقابة يجب أن تكف ايديها عن المنع والحذف لمجرد اشتباهات، كما قلنا ( المسرح قرين الحرية) ، وكلما كان المسرح حرا كلما علت قيمته وعظم تأثيره على الناس.
ودوره المطلوب يتم في حدود المتاح، خاصة أننا دولة فقيرة تفتقر للإمكانيات، ولكن مواهبنا كبيرة، وبقدر الإمكان نقدم ما في استطاعتنا، فهو بالنسبة لدول أخرى شيئا عظيما، أما بالنسبة لمصر أقل  بكثير من إمكانياتنا.

- أتؤمن بالتخصص؟ خاصة مع انتشار ظاهرة تداخل التخصصات الفنية في العمل المسرحي ؟
 تداخل التخصصات في المسرح مفيد جدا، أما في الفيديو والمجالات الأخرى قد تكون صعبة، إنما في المسرح المخرج يجب أن يكون فاهما في الدراما حتى يستطيع اختيار نص جيد، ويجب أن يكون على قدر من الوعي والالمام بالسينوغرافيا والإضاءة والديكور وغيرهم، فالمخرج تحديدا يجب أن تتوفر لديه الثقافة والرؤية، وأن يكون لديه وجهة نظر أيديولوجية معينة، مهموم بها يريد أن يقدمها، بالإضافة إلى الموهبة، فيجب أن يكون لديه الالمام والثقافة بحيث يكون دارسا لكل التخصصات بالقدر الكافي؛ المثقف ينهل من كل شيء شيئا، بينما العالم يأخذ كل شيء عن شيء واحد،  المخرج شرط أساسي أن يكون مثقفا، وكلما ازدادت ثقافته وعلمه كلما ازدادت قيمته، أما الممثل إذا كان لديه الإلمام بفن التمثيل وكان ممثلا، فهذا أفضل ، وإنما ليس شرطا ان يكون المخرج الجيد ممثلا جيدا، ولكن من الممكن أن يكون الممثل الجيد على قدر عال من الثقافة والالمام بالتخصصات الأخرى في المسرح فيستطيع أن يكون مخرجا جيدا.

- ما مشاريعك الفنية في المستقبل؟
 مشاريعي القادمة في التمثيل، لأنه الموهبة الأساسية لدي وأنا عاشق له، التمثيل هو الأساس بالنسبة لي، وهو ما قصرت فيه سابقا بسبب الإخراج والإدارة، والآن أحاول استعادته، وادعو الله ان يوفقنا ويكرمنا بأدوار جيدة نستطيع تقديمها، بينما في الإخراج فأنا أحاول جاهدا ان يكون بقدر الامكان في خدمة الله ورسوله، وندعو إلى الله زيادة في الاعمال القادمة برغم صعوبة ذلك؛ لأن الانتاج لا يقدم على تلك العروض إلا في أضيق الحدود واقل الميزانيات وفي المناسبات الدينية فقط، وأدعو الله ان يتم تقدير ذلك ونستعيد الإنتاج بشكل محترم، مع توافر ميزانيات لائقة، حتى نستطيع تقديم صورة جيدة للمسرح، وللتثقيف الديني بشكل جيد، فنحن في أحوج ما نكون لذلك، نظرا للأفكار المتطرفة والسلبية التي نجدها حاليا.


سامية سيد