مخرج الجريمة والعقاب عماد علواني: ليس لدينا أزمة مبدعين ولكنا نفتقر للمناخ الجيد

مخرج الجريمة والعقاب  عماد علواني: ليس لدينا أزمة مبدعين ولكنا نفتقر للمناخ الجيد

العدد 827 صدر بتاريخ 3يوليو2023

عماد علواني ممثل ومخرج شاب، حاصل على بكالوريوس الدراما والنقد المسرحي ،شارك في تأسيس العديد من الفرق المسرحية الحرة، وأخرج لها مجموعة من العروض المسرحية، كما أسس فريق كرنفال ألوان لمسرح العرائس والطفل، وقام بإخراج مجموعة من العروض المسرحية لكلية الهندسة، وفرق نوادي المسرح، بالهيئة العامة لقصور الثقافة. قدم المخرج الشاب عماد علواني مؤخرا العرض المسرحي الجريمة والعقاب على خشبة مسرح نهاد صليحه بالمعهد العالي للفنون المسرحية.
حدثنا عن العرض، ولماذا الجريمة والعقاب تحديدا؟
 اختيار الجريمة والعقاب، بسبب حبي الشديد للأدب الروسي، وكنت أتمنى تقديم هذه التجربة عام 2019 تقريبا، كنت اقرأها وأحاول إعدادها لتقديمها كعرض مسرحي، ذاكرت كثيرا، وحاولت أن أبحث في كل المصادر وكل الأعمال التي قدمت من قبل، سواء العرض الذي قدمه الأستاذ والمخرج الكبير جلال الشرقاوي، أو الاعداد الذي قدمه الأستاذ فتوح نشاطي للبرنامج الثقافي، ثم بعد ذلك عثرت على الإعداد الذي قدمته في العرض، وهو إعداد مارلين كامبل، وكيرت كولومبوس، وما لفت نظري في هذا الإعداد هو أنه يقدم الرواية كلها من خلال ثلاث ممثلين، ويعتمد عليهم في تجسيد جميع شخصيات الرواية، وذلك كان المدهش وكان التحدي في تقديم النص.

- ما أسباب تقديرك الخاص للجريمة والعقاب؟
لأن شخصية راسكولينكوف، تتماس مع شخصيات كثيرة موجودة في المجتمع، تعاني من الفقر والقهر، وتبحث طوال الوقت عن غد أفضل، ليس لنفسها فقط، ولكن للمجتمع وللإنسانية كلها، راسكولينكوف الطالب، وهو بطل المسرحية الذي يدرس في كلية الحقوق، ولا يمتلك أي مصدر للدخل، ويعول أسرته، قرر ترك كلية الحقوق، وبدأ يبحث عن فرصة ووسيلة لإنقاذ نفسه، وإنقاذ حياته، ولم يجد شيئا غير أن يحاول أن ينفذ أفكاره التي يري من خلالها أن موت واحد لا يساوي شيئا في مقابل مئة حياة، فهو في مواجهة المرابية العجوز، من تملك المال، وتبخل به، فقرر أن يقتلها، ليس بسبب الجوع، ومساعدة والدته وشقيقته، ولكن قتلها دون أن يعلم السبب، أو قتلها لمجرد تحقيق فكرته، وفكرته هذه ترتكز على تصنيف البشر إلى صنفين: الناس العاديون، وهؤلاء عليهم أن يعيشوا في خضوع، وأن يحترموا القوانين، أما غير العاديين، فمن حقهم ارتكاب الجرائم لتحقيق خططهم وأفكارهم خاصة إذا كانت هذه الخطط مفيدة للإنسانية والبشرية، ولذلك قتل المرابية العجوز لتحقيق فكرته.

- ما معايير اختيارك لعناصر العرض؟
 مجموعة كبيرة من الفنانيين شاركوني التجربة، بداية من الممثلين: عبدالله سعد، هو طالب بالمعهد العالي للفنون المسرحية، قدم العديد من الأدوار وله مسرحيات كثيرة، وتعاونا من قبل في أعمال عديدة، وكان هو الأنسب لدور راسكولينكوف، فهو ممثل قوي جدا، بالإضافة إلي أن شكله وهيئته الجسمانية النحيفة كانت هي الأنسب للدور، والممثلة نغم صالح، هي أيضا طالبة بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وهي ممثلة قوية ومعروفة، ومطربة وقادرة على تقديم الدراما الحركية بتميز شديد جدا، وممثلة قادرة على التلون وعلى التشخيص والتجسيد لشخصيات الرواية، فهي تقدم أربع شخصيات داخل العرض المسرحي: الأم،وسونيا، والمرابية العجوز، وأختها، ويكمل المثلث داخل العرض الممثل كريم أدريانو، طالب أيضا بالمعهد، وشارك في العديد من الأعمال التلفزيونية، والمسرحيات وهو ممثل موهوب ولديه القدرة العالية على التشخيص والتقمص، فهو طاقة هائلة من التمثيل والإبداع.
شاركني أيضا في الأشعار محمود البنا، والدراما الحركية الفنان مناضل عنتر، والموسيقي لأحمد نبيل، والإضاءة وليد درويش، والأزياء رحمة عمر، ومكياج روان علاء، والأكسسوارات سهيلة الهواري، وديكور هشام عادل.
وعن معايير اختيار العناصر فأنا طوال الوقت أبحث عن  العناصر الجيدة المتميزة وأفضل أن يكون الفنانين الذين يشاركوني التجربة على مستوى عال من الاحتراف، والتميز والانضباط، والالتزام، وتميزهم الشديد، جعلني أضع ثقتي بهم ومنحهم الفرصة للعمل معا.

- كيف رأي النقاد والجمهور العرض، وكيف كان استقبالهما؟
لم أتابع كل أراء النقاد والبعض مازال يكتب عن العرض، لكن رأيت حفاوة شديدة جدا، ولمست إعجاب الجمهور بالتجربة وخروجه من العرض مستمتعا، وبعد كل ليلة  كان الجمهور يقدم لنا آيات من الشكر والامتنان، ويأخذ بعض افراده  صورا تذكارية مع صناع العمل.

- كيف بدأ المشروع، وهل سيتم عرضه مرة أخرى، وأين؟
المشروع كان معدا للمشاركة في المهرجان العالمي بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وحصل على جائزة أفضل ممثلة، وأفضل اضاءة ، ونحضر لتقديم ليال عرض أخرى على مسرح نهاد صليحه.

- لماذا لجأت إلى نص عالمي بدلا من الاستعانة بنصوص جديدة؟
لأني كما ذكرت في البداية، مغرم بالأدب الروسي، وهذه الرواية تحديدا، كنت أتمنى تقديمها منذ سنوات، ومكثت على العمل عليها إلى أن حانت اللحظة المناسبة لتقديمها، وشاركت بها في مهرجان المسرح العالمي، وكان ضروريا أن نشارك بمسرحية عالمية، ثم بعد ذلك عرض علينا مسرح نهاد صليحه استضافة العرض، وبالفعل استضافه، ولازال لدينا ليال عروض أخرى على مسرح نهاد صليحه.

- هل لدينا أزمة في الكتابة المسرحية وكتاب المسرح؟
 لدينا أزمات في أشياء كثيرة، ولكن فيما يخص الكتابة المسرحية، لا أري أن لدينا أزمة كبيرة، ولكن الأزمة في المناخ نفسه، في إتاحة الفرص، ودعم الحركة المسرحية من الدولة،  فإذا كان هناك مناخ جيد للإبداع المسرحي، وإذا اهتمت الدولة بالمسرح ودور المسرح، وقتها يمكننا أن نقول أن هناك نهضة وحركة مسرحية جديدة، بتكاتف جميع عناصر العمل المسرحي، فالأزمات كثيرة ليست في الكتابة فقط، ولكني أظل أؤكد أن لدينا مبدعين كثيرين، ومؤلفين على مستوى عال جدا ومخرجين وممثلين، ولكن ينقصنا العمل في مناخ جيد، فلابد أن يكون هناك وعي من الدولة تجاه المسرح وتأثيره وأهميته ودوره في تشكيل الوعي والثقافة للجمهور.
الأزمة كلها تتبلور في المناخ العام، فلابد من وجود مناخ جيد يتيح الفرصة للفرق الحرة، والمستقلة أن تتكون وتقدم عروضا مسرحية جيدة، وكذلك مسرح الثقافة الجماهيرية والبيت الفني للمسرح، والدور الذي تقوم به وزارة الثقافة بكل أذرعها، لكن هل لدينا مسرح مدرسي في كل مدرسة، وفرق مسرحية في المدارس؟ فلو تكونت بذور لفرق مسرحية في المدارس، وقتها نستطيع أن نقول إنه في سنوات قليلة جدا سيكون لدينا حركة مسرحية ليس لها مثيل في العالم كله.

- هل في خطتك مشاركة العرض في المهرجانات المسرحية؟
لدي خطط كثيرة، أتمنى أن اشارك بهذا العمل في المهرجان القومي للمسرح القادم، وتقدمنا للمشاركة في المهرجان التجريبي، وأتمنى أن يكون لدينا نصيب في المشاركة في هذين المهرجانين داخل مصر، وسوف أتقدم للعديد من المهرجانات خارج مصر، وأتمنى في الفترة القادمة أن يقدم العرض ليالي أخرى، وأستمع إلى أراء جديدة ومختلفة من الجمهور والنقاد.

- ما رأيك في العروض الشبابية التي قدمت في الفترة الأخيرة؟ وما هي احتياجات الشباب لتقديم عروض مسرحية جيدة؟
أتابع عروضا كثيرة يحتويها ويقدمها مسرح نهاد صليحه، فهذا المسرح تقدم عليه عروض غاية في الجمال والإبداع، لدينا مسرحيون على درجة عالية جدا من الإحتراف، والوعي، والثقافة، ولكن ينقصنا مناخ جيد قادر على ضم هذه التجارب وتمهيد الطريق للفنانين ليبدعوا بدون قيود سواء كانت مادية أو رقابية، وما إلى ذلك.

- حدثنا عن مسرح نهاد صليحه، واستضافته للعروض الجديدة؟
مازلت أؤكد أن مسرح نهاد صليحه يقوم بدور كبير تجاه الفرق الحرة والمستقلة، والعروض الجيدة التي يستضيفها على خشبته، تجاه ثقافة المسرح التي ينشرها في الموقع الجغرافي، الذي يقع بشارع خاتم المرسلين والعمرانية، فهذا المسرح يقوم بدور كبير جدا، ويرجع الفضل للمشرف العام عليه وهو الدكتور محمود فؤاد صدقي الذي لديه طوال الوقت أفكار جديدة للمسرحيين الشباب، ويحتوي التجارب الناشئة وعروض أكاديمية الفنون والمستقلين والهواة، مسرح نهاد صليحه سيكون له دور كبير جدا في السنوات القادمة طالما ظل يعمل بهذا المنهج، فالمسرح مضئ طوال الوقت، سواء من خلال تقديم عروض مسرحية، أو إقامة ورش، أو تقديم فعاليات أو حفلات موسيقية، على عكس مسارح كثيرة حولنا إما أن تكون مغلقة  أو إنها تعمل بشكل روتيني سنوي مثل أغلب مسارح قصور الثقافة.

- ما خطتك القادمة كمخرج؟
أجهز لمشروع جديد، ومازلت أعمل على عرض الجريمة والعقاب، فلدينا أكثر من عرض لأكثر من مسرح لإنتاج العرض واستضافته، لكن لم أستقر حتى الأن على عرض من العروض المقدمة، وفي الختام أود أن أشكر كل من دعم تجربة الجريمة والعقاب، أساتذتي في المعهد، ومسرح نهاد صليحه، والدكتور محمود فؤاد، وأوجه جزيل الشكر لفريق العمل الذي ظل إلى جواري عاما كاملا من مارس 2022، إلى مايو 2023 .


صوفيا إسماعيل