مسرح الثقافة الجماهيرية هل هو بحاجة لبرنامج تدريبي وتثقيفي متكامل؟

مسرح الثقافة الجماهيرية هل هو بحاجة لبرنامج تدريبي وتثقيفي متكامل؟

العدد 838 صدر بتاريخ 18سبتمبر2023

المسرحيون، أبناء الثقافة الجماهيرية، ملح الأرض، ما زالوا يعانون هناك بعيدا عن دائرة الضوء، ولأن الموهبة لا تنفع وحدها تعالت الأصوات لمنحهم فرصة في التدريب والتثقيف المسرحي، ولكن هل ستجد هذه الأصوات صدى على أرض الواقع؟ حيث أوصت لجنة تحكيم المهرجان القومي بالتدريب والتثقيف فما مردود هذه التوصية لدى مسرحيي الثقافة الجماهيرية وهل أبناء هذا المسرح بحاجة لإقامة ورش طويلة المدى لخروج منتجهم المسرحي بجودة فنية عالية.. خصصنا تلك المساحة لنتعرف على آراء فناني ومخرجي مسرح الثقافة الجماهيرية في  الفكرة
استبيان إلكتروني
فيما قال الشاعر والكاتب المسرحي  سيد عبد الرازق : المسرح فن شامل، تندرج تحته جميع الفنون والمعارف والتقنيات، من كتابة، وموسيقى، وإضاءة، وديكور، وتعبير حركي، ومرئيات، وأزياء، ومكياج ...إلخ، وعليه فإن تطوير الفعل المسرحي كبنية كبرى يتوقف على تطوير جزئياته وبنياته الصغرى، وفعل التطوير فعل مستمر، وليس فعلا موسميا، وهنا لن أناقش أسبابا أو تمظهرات يعرفها القاصي والداني، لكن سأحاول وضع تصور للخروج .. إن حل المسألة يتوقف على معرفة أبعادها، ويتم ذلك ببساطة عبر استبيان إلكتروني يشارك فيه المسرحيون على مستوى الجمهورية لدراسة مشكلات مسرح الثقافة الجماهيرية، وحاجات المسرحيين الفعلية على أرض الواقع ووفقا للنطاق الجغرافي، لأن لكل إقليم ثقافي خصوصية في مشكلاته إضافة إلى المشكلات العامة المشتركة بين الجميع، وبناء على هذا الاستبيان يتم وضع فلسفة تقويم، ومن ثم خطة لتطوير الفعل المسرحي تتلاءم مع طبيعة الإقليم، عبر تحديد العوامل البشرية والمادية اللازمة لإحداث هذا الفعل، وتحديد النماذج الأولية للتطبيق، ومن ثم التقييم والتقويم والتعميم حال نجاحها، والاستمرارية
 وتابع قائلاً :أما على مستوى التدريب والتثقيف المسرحي، فلماذا لا يكون للمسرح نواد تشبه آلية عمل نوادي الأدب، فإن لكل نادي أدب عدد من العضويات العاملة والمنتسبة، ولكل ناد ميزانية سنوية، يتم الصرف من خلالها على أنشطة النادي، وجزء كبير منها يقوم على التطوع أيضا، فكما يقدم أدباء النادي ورشا في كتابة الشعر، والقصة وورش النحو والصرف والعَروض والنقد ... إلخ، لماذا لا يقام ناد للمسرحيين أو أكثر في كل محافظة، تتكون عضوياته ومجالس إداراته، ويقومون بعملية التثقيف المسرحي، بجلسة أسبوعية، يقدم من خلالها المسرح بجزئياته المختلفة.
وأضاف :هناك دراسة قدمت في جامعة دمياط عن دور مقررات المسرح في التوعية المسرحية عام 2021- 2022م، تم تنفيذها على 400 طالب وطالبة، كان من نتائجها أن 66.5 % الطلاب المشاركون أفادوا بأن دراسة مقررات المسرح تساعدهم على الاهتمام بمتابعة العروض الجماهيرية، ونسبة 63.25 % تدفعهم هذه المقررات للمشاركة في العروض المسرحية الجامعية، وهذا الدور يمكن أن تقوم به نوادي المسرح، ولأن أهل مكة أدرى بشعابها فإن كل ناد سيحدد احتياجات أعضائه وسيوجه ميزانية النادي في تغطيتها، مرة لورشة، ومرة لمحاضرات، مرة يستقدمون علما من أعلام المسرح، مرة يناقشون عملا مسرحيا، وهكذا..
وإستطرد: هذا الأمر سيوفر الوقت الملائم والمستمر لتطوير البنيات الصغرى كالكتابة والتمثيل والإخراج والإضاءة والديكور والأزياء، أيضا بعد عملية الشحن هذه لا يمكن أن تقتصر الفرق على عرض واحد في العام ويظل الأمر موسميا، تتجهز الفرق للعروض خلال ثلاثة أو أربعة أشهر، ثم تعرض سبع ليال أو أكثر أو أقل، وانفض السامر، لأن المسألة برمتها تقوم على التسابق والفوز، وليس استمرارية الفن، وهذه مضيعة، لأنها تصدر لك معوقات تتعلق بالتسابق مثل تخصيص مكان للبروفات – تخصيص مكان للعروض المسرحية – عدم وضوح معايير مالية للعروض – تكوين اللجان – التقييم – الوصول للمهرجانات – كفاءة التصوير – الصوتيات - ... إلخ، ولأن المسألة مجرد «تسابق» تتدخل الإمكانيات بصورة كبيرة تدهس تحت أرجلها الفن، وتنفر أكثر ما تجذب، إن فكرة التسابق لا تبني ثقافة مسرحية ولا تطويرا للفعل المسرحي، الأدباء مثلا لا يتسابقون في نوادي الأدب، لكنهم يتسابقون خارجه في مسابقات محلية أو دولية لكن المسألة لا تتعلق بـ»بنية الكيان التثقيفي التفاعلي» أعنى «نادي الأدب» ذاته، ومن هنا ووفق قدرات أعضائه يتفاوتون في القوة والضعف، أما فكرة التسابق الموسمية هذه ففكرة شوهاء، ماذا لو استمر المسرح طوال العام بتتابع عروض الفرق لا توازيها، وحسب جاهزية الفرق، بدلا من ضغط ست أو سبع أو عشر فرق في الفرع الثقافي الواحد في شهر، لماذا؟ لأن هناك تقييم ولجنة ونتيجة، هل هذا يصنع ثقافة أو فنا، ماذا لو اعتمدنا فكرة الأقسام المشتركة بمعنى أن يكون هناك قسم للمسرح مشترك في الفرع الواحد يتم تدعيمه بالعناصر المادية والبشرية (ستوديو، ديكور، إضاءة، صوتيات ... إلخ)، يقوم على تنفيذ كافة عروض الفرع على مدار العام بالتوالي، ماذا لو ألغينا فكرة التسابق المنبنية على روتين مشاركة المواقع، وحولناها لمنح لتنفيذ العروض المسرحية بناء على مشروعها المقدم لنيل المنحة في أي وقت من العام وفق جاهزية الفرقة وليس وفق الموسم المحدد، ماذا لو أنشأنا مكتبة مسرحية إلكترونية للعروض والمؤلفات المسرحية بعد تذليل عقبات الملكية الفكرية وخلافه وجعلها متاحة للجميع على موقع رسمي حكومي، ماذا لو خصصنا موقعا للتثقيف المسرحي مثل الأكاديميات المنتشرة على الشبكة تقدم دورات تثقيفية بشهادات معتمدة من وزارة الثقافة المصرية، تكون متاحة للمهتمين، ويمكن من خلالها اكتشاف مواهب يمكن التركيز عليها، والعمل على تطويرها ومن ثم الإفادة منها، قد تتفاوت هذه الأفكار وغيرها في قوتها أو حتى سذاجتها، لكنها بكل الأحوال ستكون أفضل من فكرة المسابقة الموسمية التي تجهز على ما تبقى من مسرح الثقافة الجماهيرية

التدريب هو اصل اللعبة
الناقد د. محمود سعيد قال: بكل تأكيد يمثل لفظ التدريب في أي شيء مرحلة البداية أو التمهيد، ففي لعبه كره القدم نرى الفريق دوما هو في حاله تدريب مستمرة، واذا دخلنا عالم المسرح البروفات في حد ذاتها ماهي إلا حالات من التدريب المتقن المستمر، ولو دخلنا إلى عالم قصور الثقافة وعروضها المسرحية سنجد انفسنا بالفعل أمام فريق مسرحي يتدرب قليلا جدا واكرر قليلا جدا إذ يكتفي الفريق بوجود الموهبة المزعومة  ظنا منهم انهم افضل أفراد المجتمع في مدينتهم..أفراد المسرح تحديدا
وتابع قائلاً :هنا تبدو المعضلة فقد شاهدت العديد من تجارب المسرح بقصور الثقافة منذ عام 1997 تقريبا ، واؤكد أن هناك خطأ قاتل أصبح ملازما لمعظم فرق قصور الثقافة وهو الاستسهال والاستعجال في إعداد الطبخه المسرحية، لذلك كان طبيعيا أن نري عناصر كثيره في اللعبة المسرحية تختفي وتتجه إلى مسار عمل مختلف تماما أو نجد اسماء تعمل منذ ربع قرن وهي مازالت تقف في نفس المكان بلا حراك أو نضج حتي بفعل مرور السنوات
 وأضاف :لذلك أجد أن التدريب هو الحل، تدريب هذه الطاقات المحبة للمسرح ولأن حب الشيء وحده لا يكفي، ايضا الموهبة وحدها لا تكفي ..ففن المسرح علم اصيل له قواعد وكل يوم به الجديد، وتمتلك مصر طاقات وخبرات وأساتذه اكاديمين علي درجة عاليه من العلم والخبره يجب استغلال هذه الطاقات، ونشرها في ربوع مصر للتدريب والتثقيف.. وايضا ياحبذا لو تم تعيين القيادات الثقافيه بقصور الثقافة وبأقاليم الثقافة  من الاساتذه المتخصصين.. ياساده ياكرام نحن حقا بحاجة إلى وجود قيادات تفهم قيمة الفن والمسرح والثقافة؛ لأنه في تلك الحالة سنري أن القيادة توفر كل الطاقات لرفعة الشأن المسرحي؛ إذن اللعبة في الأصل هي لعبه قياده واعيه تقدر قيمه المسرح، وأهمية لعبه التدريب والتثقيف..علي عكس قيادة أخرى كل همها مجرد المشاركة؛ كي ينجو من العقاب القانوني لتتحول المشاركات الإقليمية في أغلبها إلى تسديد خانه هربا من المساءلة القانونية، فقط التدريب هو الحل يا ساده يا كرام.
وأضاف: همسة أخيرة، توجد في كل محافظة طاقات علمية مسرحية، وخبرات مهمة يجب الاستفادة منها داخل بلدها، وهذا لن يكلف أي أعباء مادية بل بالعكس كل إنسان داخل بلده يعرف كل مفردات وسلبيات وإيجابيات اللعبة ..لذا استعينوا بهذه الطاقات يرحمكم الله.

خطة للاستفادة من خريجي «أبدا حلمك»
قال الفنان والمخرج القدير عزت زين بشأن توصية المهرجان القومي والتي تخص التدريب والتثقيف: هناك عروض شاركت من مسرح الثقافة الجماهيرية، وحصلت على جوائز من المهرجان القومي للمسرح وهو أمر ليس بالضرورة أن يحدث كل دورة، أن تحصل عروض الثقافة الجماهيرية على جوائز وتكون عروضها متميزة، وذلك لأن الظروف الإنتاجية تختلف من عام لعام آخر.
وتابع قائلاً : هناك مشروع يسمى «ابدأ حلمك» أقيم في عدة محافظات وكان إنتاجه جيد جداً ولكنه لم يوضع على خريطة الإنتاج حتى الآن، وهي مشكلة إدارة المسرح، فمن المفترض أن يكون هناك خطة للاستفادة من خريجي هذا المشروع؛ وإلا ستكون المسـألة في النهاية نوع من أنواع إهدار المال العام حيث يتم إنفاق مبلغ ضخم على هذا المشروع، وفي النهاية يتحول خريجو المشروع لقوة معطلة لا يستفيدون من الورش والتدريبات التي حصلوا عليها، مع الأخذ في الاعتبار أن الفرق التقليدية داخل الإقليم لا تقوم باستيعابهم داخل الإقليم وتعمل بمناهج تختلف عن ما تدربوا عليه.                                                                                     واستطرد : ينبغي أن تبدأ هيئة قصور الثقافة خطتها مبكراً حتى يكون هناك فرصة لإنتاج العروض، وفرصة لأن تنضج قبل المشاركة في أي مهرجان، فحتى الآن لم يتم مخاطبة الفرق أو ترشيح مخرجين أو تقديم مشاريع،  وهذا يعنى أننا نكرر نفس المأزق الخاص بعنصر الزمن وهو لن يؤدي إلى خروج إنتاج جيد .

وفقاً لمشروع واضح الهدف
المخرج عادل بركات قال : الموضوع ليس مجرد تدريب أو ورش، ولكن الأمر لمن تمنح؟ ومن يكون قائماً على هذه الورش والتدريبات،  نحن تراجعنا سنوات ضوئية للخلف بسبب غياب المشروع، للأسف الهيئة العامة لقصور الثقافة والإدارة العامة للمسرح هناك طنطنه وقرع فارغ وجعجعة بلاطحن، وادعاء بأن الإدارة العامة للمسرح تعمل وفق مشروع، ولكن هناك غياب للمشروع،  وغياب لفلسفة الثقافة الجماهيرية التي هي التأثير في الجماهير،  وأصبح الكل يعمل من أجل الجائزة،  وعلى الرغم من أهمية الجوائز؛ فإنها ليست الدلالة الوحيدة لإثبات أنك مبدع؛  هناك مجموعة من العناصر إذا توافرت من الممكن أن يحصد المخرج الجائزة أو لا يحصدها وبنفس المعايير الخاصة بالتقييم وهناك أساسيات لا يختلف عليها أحد .
تابع قائلاً: قدمت للإدارة والهيئة ولأكثر من رئيس ونائب رئيس ورئيس إدارة مركزية تصورنا عبر خبراتنا من حلايب وشلاتين وسيوة وفرق الأقاليم كلها، بدءاً من حضوري مؤتمر» سقارة» للنظر في قضايا المسرح ومسرح الثقافة الجماهيرية، والمؤتمرات العلمية للمسرح والموائد المستديرة، ووجهت دعوة للمسرحيين في الأقاليم احتضنتها الهيئة عام 2013 للوقوف أمام العديد من الأشياء وكان من الممكن أن ننجو من أشياء كثيرة، وفكرة وجود مشروع للهيئة التي تمثل الوزارة، و تمثل الدولة غايته الرئيسية: ماذا نريد من مسرح الثقافة الجماهيرية، وهو سؤال يجب أن نجيب عليه وهو أحد محاور وفلسفة وغايات المشروع،
والموضوع الثاني هو مشروع الفنان وهو ليس مجرد تقديم عرض مسرحي، ويمكن أن يكون هو: ماذا يريد وماذا يأمل أن يقدم للمسرح وللناس، وهو يسعى لأن يطور من أدواته ، لكي يحقق هذا المسعى، ثم مشروع المكان، فكل إقليم في مصر له خصوصية، والمحور العام هو تنمية هذه الخصوصية ،وعلينا أن نجيب عليه جميعاً :ماذا نريد من هذا المسرح؟ ولأى غاية نريد أن نصل ، وكيف نصل للجمهور بقضايا حقيقة، وما المحاور والقضايا التي سنتكئ عليها والظواهر المجتمعية التي سنعمل من أجلها ولأجلها، والبعض يقول أن المسرح لايقدم حلولاً،  ما هو أحياناً يقدم حلولا ويضع القضية أو الظاهرة أمام الجدل، والنقاش، فيجد حلاً من جهات الدولة والمؤسسات المعنية، فليس شرطاً أن يكون الحل لدى الفنان، من الممكن طرح القضية أو الظاهرة التي من شأنها تحريك الكيانات والمؤسسات ومن الممكن أن نجد الحل عند الجمهور الذي يتفاعل مع هذه الظواهر والقضايا حينما يرى نفسه فيها
وأضاف: المشروع ليس اختلاف نوعي وبيني في الميزانيات، المشروع أن يكون لدى الفنان هم حتى لو كان هم مشروعه تقديم البسمة للخروج من ضغط الواقع، ولكن في نفس الوقت باحترام العقل والأخلاق، فيكون مسرحا جادا نقدم من خلاله كل أشكال المسرح وفنون الأداء، وكذلك نحاكي طبيعية مواقعنا، حتى وأن كان على ساحة أو سطح أحد المباني، وبعد ذلك يذهب لمسرح العلبة أو القاعة للمسابقة، فليست الجائزة هى المحك، إنما الجمهور هو الجائزة الحقيقة، وخاصة في الثقافة الجماهيرية ثم لجنة النقاد والحكام، وهذا لا ينفي أن نقدم عروضا بشكل تقني وحرفي .
أضاف: غياب الندوات وحلقات النقاش خاصة بعد العروض والملتقيات الفنية أفقدها الكثير من لغة التواصل واكتساب المعرفة والوقوف على المفاهيم، خاصة المفاهيم الحديثة وأيضا الوصول لغايات أسمى، كانت الندوات تصنع حالة حراك ثقافي ونقدي جيدة، وتساهم في تثقيف المبدع والجماهير،وخلقت لدينا جمهورا مثقفا واع.
وعن التدريب أضاف : لابد أن يكون التدريب في ظل وجود مشروع حقيقي، واضح الهدف، دائم، كذلك من الممكن أن يتم إبرام بروتوكولات مع المخرجين والشباب الموهوب في الأقاليم ومن الممكن أن تكون المحاضرات أونلاين بشكل دائم بعد وجود مدربي هذه الورش لمدة أسبوع حسب خطة العمل التي تقوم بها المؤسسة، ويشرف على الأمر الطاقات الإبداعية الكبيرة التي لها باع وخبرة تؤهلها لذلك، وعدم الاعتماد على «بطاقات التموين» دون النظر لطبيعة الإقليم وجغرافيا المكان ونمط وطبيعة الشخصية، وماذا تحتاج للتدريب ولأى مدى وعلينا العودة لإستراتيجية الثقافة الجماهيرية، وقضية الوعي ويكون للمبدع هم وقضية ، كذلك فلابد أن نهتم بالمخرج فليس الأمر مجرد حصد جائزة، ولابد أن يكون هناك معايير ثابتة لاختيار مدربي الورشة والمنح الدراسية

ورش دائمة بالأقاليم
المخرج القدير سمير زاهر قال : لابد من إعادة الورش والتدريب والتثقيف في الإدارة العامة للمسرح،  ووضع برنامج لتدريب للمخرجين الجدد حيث لوحظ أن هناك عددا ليس بالقليل من المخرجين الذين تم اعتمادهم  خلال الخمس سنوات الأخيرة ليس لديهم الخبرة في اختيار النصوص أو اختيار الممثلين أو التعامل مع العملية الإنتاجية من الناحية المالية والميزانية المخصصة للإنتاج،  وغياب الثقافة المسرحية لديهم، لذا أرى تشكيل لجنة من قبل إدارة المسرح من الأساتذة وذوي الخبرة من المخرجين وأصحاب الخبرات، ووضع هذه التوصية موضع التنفيذ على أن يراعى أن تكون هذه الورشة في كافة عناصر العرض المسرحي،
وتابع قائلاً : واقترح أن تقام هذه الورشة بشكل دائم لكافة الأقاليم لمدة شهر على الأقل؛  وذلك لصقل المهارات ولاكتساب الخبرات من خلال منهج يقوم على التثقيف العملى والنظري القابل للتحاور، وحول كيفية صياغة النص للعرض، وخصوصيته البنائية وتفكيكه واستخلاص الرؤية الإخراجية التي تتسق مع موضوع النص المسرحي، حتى تكتمل التجربة الإخراجية ونصل للحالة الإبداعية المبتغاة والتكامل الفني في العرض المسرحي.

التدريب المستمر محفز لعلمية الأبداع
المخرج والناقد محمد النجار قال : لا شك أن التدريب المستمر هو أكسير الحياة الإبداعية للفنان، محفز أساسي وحقيقي لاستمرار منظومة الإبداع بشكل عام وزيادة إمكانات الفنان بشكل خاص، وهو أمر شبه متوقف بالنسبة لمبدعي الثقافة الجماهيرية لأسباب عدة، قد يكون لغموض الخطة الزمنية لعروض الثقافة الجماهيرية، ما يؤدي لامتداد الموسم الإنتاجي، وفي لحظات عدة لتداخل المواسم فتخلو الأجندة الزمنية للأسف من مواعيد ثابته لتنمية قدرات المبدعين بشكل دوري مستمر، أما عن الموسم المنقضي فقد يرجع اهتزاز المستوي العام لعدم إقامة مهرجان إقليمي يضمن ظروف عرض متطابقة، و إقامة مهرجان ختامي يصقل العروض المرشحة للمهرجانات الأخرى، عروض الثقافة الجماهيرية كانت وستظل من الجمهور والي الجمهور وقاعدة إبداعها تغطي ربوع الجمهورية بقدرة وكفاءة واقتدار.

خطة طويلة الأجل
وقال المخرج خالد العيسوي : أولا هناك الكثير من الشباب لديهم الرغبة والهواية والموهبة في كافة عناصر العرض المسرحي من تمثيل وغناء ورقص وديكور وتأليف إلخ ، وبالفعل عند معرفتهم بوجود ورش في أي مكان للتعلم ينضمون إليها،  ولكن هناك معوقات عديدة منها: من القائم علي هذه الورش ؟ المتخصصون هم من يستطيعون بالفعل إكساب الخبرة لهؤلاء الشباب الواعد يحجمون عن ذلك؛  بسبب ضعف الأجر وارتباطهم بأعمال أخري تحقق لهم الربح المادي الذي يعادل مجهودهم، وتابع قائلاً : ثانيا حتى عندما تقام الورش لا يكون هناك هدف واضح منها فهي ليست مجرد دروس نظرية وبعض التمرينات ثم لا شئ، لابد من الجزء العملي لتطبيق ما تعلمه المتدربين بإقامة سلسله من العروض بنفس مجموعة المتدربين،  قد يكون ذلك تحقق في ورشة «ابدأ حلمك»، ولكن هذا  ليس كافيا..  ثالثاً: في الغالب لا يستطيع المتدرب في ظل الظروف الاقتصادية أن يكمل هذه الورش، رابعا: لابد من وجود خطة طويلة الأجل في كل قصور الثقافة لإقامة هذه الورش وليس في قصور بعينها.

ضرورة عودة الورش
المخرج أشرف النوبي قال: مما لا شك فيه أن الموهبة تحتاج إلى صقلها وتنميتها ولما كان مسرح الثقافة الجماهيرية الممتد من شمال مصر إلي جنوبها ومن شرقها إلى غربها هو المعني بنشر الوعي الثقافي  والفني، كان لزاما عليه أن يحتوي أصحاب الموهبة والمبدعين في كل الفنون، وفي المسرح بشكل خاص إذ أنه يجمع غالبيه الفنون ويصهرها معا علي خشبه المسرح، وهذا الاحتواء لا يتحقق بتقديم ميزانيات لإنتاج العروض فقط،  وإنما بدعم الكفاءات وبناء القدرات وتنمية المهارات ولن يتم ذلك إلا من خلال ورش متخصصة ودورات تثقيفية ، ومنح تدريبية من شأنها الارتقاء بمستوى الموهوبين والمبدعين فنيا وثقافيا علي يد مدربين ومتخصصين في كل مفردات العرض المسرحي، وبذلك يكون مردود هذا الاحتواء من قبل الهيئة العامه لقصور الثقافة واضحا وجليا من خلال عروضها المسرحية في كل قصور الثقافة المنتشرة في كل بقعه من ارض الوطن، واذكر أن مركز إعداد القادة بالهيئة العامة لقصور الثقافة كان يقيم مثل هذه الورش، ويستعين بمدربين متخصصين وبحضور متدربين من كل المحافظات.

ظلم
ومن وجهة نظر مغايرة رأى المخرج حمدى طلبة إن فكرة التدريب حاضرة  في مسرح الثقافة الجماهيرية، ولكن العروض التى شاركت في المهرجان القومي للمسرح تم مشاهدتها من خلال سى دى أو فلاشة، ومن الصعب الحكم على عرض بهذا الشكل، والشىء الثاني هو أن إقامة المهرجان الختامي كان يفرز العروض التي تمثل الهيئة في المهرجان القومي والتجريبي، ولكن في الثلاث سنوات الأخيرة كان اختيار أعضاء لجان تحكيم المهرجانات الإقليمية يدعو للاستغراب خاصة أن في السابق كانت هذه اللجان تضم في عضويتها مجموعة كبيرة من الأساتذة والمتخصصين، الذين كانوا يدربون بأنفسهم المخرجين، ويختارون عروضاً جيدة لتمثل مسرح الثقافة الجماهيرية في المهرجانات، وكذلك أصبح بعض أعضاء اللجان تقوم بعمل تصفية حسابات، كما أن عدم إقامة مهرجان ختامي لفرق الأقاليم ظلم عروض الهيئة العامة لقصور الثقافة، كذلك كلاً من عروض الجامعات، وعروض البيت الفني تم اختيارها للمشاركة في المهرجان القومي للمسرح عن طريقة لجان مشاهدة،  ولكن للأسف هناك إشكالية كبيرة في اختيار لجان تحكيم مسرح الثقافة الجماهيرية وهو أمر يدعو للمراجعة


رنا رأفت